Home page

انتخابات مجلس الشعب السوري ٢٠٢٠: نحو انكماش القاعدة الاجتماعية للنظام

  • الكاتب: زياد عواد وأغنيس فافييه
  • التاريخ: الإثنين, 19 تشرين الأوَّل 2020
  • تحرير: فريق دوكستريم

تحميل الملف pdf

ملخّص تنفيذي

في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة، أُجريت انتخابات مجلس الشعب السوري في تموز 2020 بعد أن تأجلت مرتين عن موعدها السابق احترازاً من تفشي جائحة كورونا. وبالرغم من أن شعارات الحملة الانتخابية التي أطلقها المرشحون، لا سيما المستقلون منهم، تركزت حول الهم الاقتصادي، واقترنت بمساهمات خيرية دعائية من المرشحين، إلا أنها لم تجعل الانتخابات محل اهتمام لدى أغلبية السكان في مناطق سيطرة النظام.

وكما المعتاد، سيطر حزب البعث على أغلبية المقاعد في المجلس المتشكل، وبحضور ضئيل إلى جانبه تمثلت بعض الأحزاب الهامشية المتحالفة معه ضمن ما يعرف بالجبهة الوطنية التقدمية التي يقودها البعث نفسه، في حين احتل المستقلون المرتبة الثانية من حيث عدد المقاعد بعد أعضاء البعث، مع التذكير بأن الفرز على أساس الانتماء السياسي لا يُحيل إلى معانٍ سياسية متباينة في الموقف تجاه النظام، فالولاء له شرط بديهي يجب أن يتحقق في حالة جميع الأعضاء الـ٢٥٠ بل وحالة جميع المرشحين.

بالرغم من احتفاظ حزب البعث باحتكار العدد الأكبر من مقاعد مجلس الشعب، إلا أن الانتخابات أظهرت عجز قيادته عن إحياء الحزب كأداة سياسية فاعلة وقادرة بقواها الذاتية على التأثير. فقد كشفت تجربة الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشحي الحزب ضآلة المشاركة فيها، فضلاً عن اتهامات الفساد والاعتراضات الواسعة التي طالتها داخل الحزب من جهة، وعجز الحزب عن دفع الناس إلى التصويت وفق ما تثبت نسب المشاركة – الأدنى من أي انتخابات سابقة – من جهة أخرى. وأفرزت محاولات تجديد أعضاء مجلس الشعب المزيد من التناقضات، التي تجسدت باتساع الطيف العسكري وشبه العسكري في كتلة أعضاء الحزب (مع صعود الضباط المتقاعدين من الجيش والشرطة) وتصاعد تأثير رأس المال (مع المزيد من رجال الأعمال) وتأثير مراكز قوى خارج الحزب (مع دخول ناشطين في الحقل الخيري والتنموي مدعومين من أسماء الأسد)، ما خلق كتلاً غير متجانسة ضمن كتلة البعث النيابية التي تعبر إلى حد كبير عن واقع الحزب كله اليوم، ليبدو أضعف مما كان قبل اندلاع الثورة.

وفق المؤشرات التي أظهرتها الانتخابات، لم تكن مقاربة النظام نحو مُواليه واحدة، فبينما أبدى حرصاً واضحاً على تمثيل النخب التقليدية من الأقليات، وتمثيل الناشطين في قضايا جرحى الحرب وعائلات القتلى من الجنود منها، إلا أنه لم يكن مبالياً بتمثيل النخب التقليدية الموالية من العرب السنّة، حيث تناقص عدد شيوخ العشائر، وغاب التيار الديني السني نهائياً عن المجلس، رغم الأدوار التي ما يزال يؤديها القادة الرسميون لهذا التيار. ويبدو أن أثرياء الحرب وقادة الميليشيات والضباط المتقاعدين هم البديل الذي اختاره النظام ليقود الأوساط الموالية في المجتمعات العربية السنية في المناطق الخاضعة لسيطرته.

في وقت تراجعت فيه حدة النزاع المسلح وتصاعدت التحديات الاقتصادية، عكست نتائج الانتخابات سعي النظام لتوسيع شراكته مع أثرياء الحرب، الذين أضفوا على مجلس الشعب ٢٠٢٠ صبغة أموال الحرب. فقد تزايد عدد رجال الأعمال إلى ٤٣ عضواً في دورة ٢٠٢٠، بينهم ٣٠ يدخلونه لأول مرة. ومع استبعاد رجال أعمال بارزين في دمشق وحلب، لم يكن معظم رجال الأعمال الفائزين يحظون بشهرة واسعة في وسط الأعمال قبل ٢٠١١ أو قبل وصولهم إلى مجلس الشعب، فقد راكم هؤلاء ثرواتهم أو الجزء الأكبر منها خلال الحرب، بالاتكاء على العلاقات الوثيقة التي تربطهم بمراكز القرار في دوائر النظام، ومن خلال العمل بأربعة مجالات رئيسية غير منتجة ازدهرت في ظل الحرب، هي أعمال التهريب، ومقاولات البناء وتجارة الغذائيات، والوساطة المالية. وبالمقارنة مع الانتخابات السابقة عام ٢٠١٦، حين كان انخراط بعض رجال الأعمال في الأنشطة العسكرية والأمنية الرصيد الأهم الذي أهّلهم للوصول إلى مجلس الشعب، أصبحت الخدمات الاقتصادية التي قدمها الطامحون منهم بالفوز بعضوية مجلس ٢٠٢٠ في المقدمة. فقد شارك معظمهم في الحملات الوطنية التي أطلقتها الحكومة لمواجهة جائحة كورونا أو لدعم الليرة السورية، أو في تقديم الخدمات المتنوعة في مناطقهم، في وقت تعاني فيه مؤسسات الدولة من العجز عن تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان. قد تشير الزيادة الكبيرة في تمثيل رجال الأعمال بمجلس ٢٠٢٠ إلى عزم النظام على إشراكهم في محاولات النجاة من تأثيرات الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.

أخيراً، كشفت انتخابات ٢٠٢٠ عن جانب من التغيرات التي حدثت في الحلقة الحاكمة العليا المحيطة ببشار الأسد، فقد غاب عنها تأثير رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال الأسد، وتصاعد بوضوح دور أسماء الأسد زوجة بشار، ولا سيما من خلال وصول ناشطين في الحقل الخيري والتنموي محسوبين عليها إلى المجلس، بالإضافة لانتخاب أو إعادة انتخاب أعضاء آخرين مرتبطين مباشرة بموظفي القصر الجمهوري أو بالزوجين الرئاسيين. وبرز تأثير أسماء الأسد في دوائر دمشق وطرطوس وريف دمشق على وجه خاص، في حين حافظ ماهر الأسد، شقيق بشار وقائد الفرقة الرابعة، على نفوذه بكتلة متجددة من التجار والمهربين المرتبطين بالشبكة الاقتصادية الخاصة بهذه الفرقة، وبما يتناسب مع خريطة انتشارها في ريف دمشق وأجزاء من محافظتي الرقة ودير الزور. وبأهداف ومصالح متنوعة، تجدد التدخل الإيراني، حيث تلقى ما لا يقل عن ١١ عضواً دعماً واضحاً من الإيرانيين لدخولهم مجلس الشعب عام ٢٠٢٠ (ليصعد من ٨ أعضاء تقريباً في دورة ٢٠١٦). وتركز التأثير الإيراني في المناطق المحاذية لنهر الفرات، في دائرة مناطق حلب خصوصاً ثم الرقة ودير الزور شمال شرقي البلاد.

للإطلاع على كامل التقرير البحثي الرجاء

 تحميل الملف pdf.

 

من نحن

  •  

    أسَّسَ مركز روبرت شومان للدراسات العليا في معهد الجامعة الأوروبية برنامج مسارات الشرق الأوسط في العام ٢٠١٦، استكمالاً للبرنامج المتوسّطي الذي وضع المعهد في طليعة الحوار البحثي الأورومتوسّطي بين العامَين ١٩٩٩ و ٢٠١٣.

    يطمح برنامج مسارات الشرق الأوسط إلى أن يصبح جهة مرجعية دولية للأبحاث التي تتعلّق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تنظر في التوجّهات والتحوّلات الاجتماعية-السياسية، والاقتصادية، والدينية. ويسعى البرنامج إلى تحقيق هدفه هذا من خلال تشجيع البحث متعدّد التخصّصات بناءً على نتائج العمل الميداني، والتعاون مع باحثين من المنطقة. ويفيد البرنامج من خبرة باحثين ناطقين بلغات المنطقة الرئيسة، بما فيها العربية الفصحى والعامية، والفارسية، والطاجيكية، والتركية، والروسية.

    للمزيد ...
Funded by the European Union