ملخّص تنفيذي
استقبلت مصر منذ العام ٢٠١١ مئات آلاف السوريين، لكنّ عدداً كبيراً منهم واجه تحدّيات قانونية في سعيه إلى إيجاد عمل في مصر، فيما اشتكى رجال الأعمال السوريون من القوانين المعقّدة التي أثّرت على إنشائهم المشاريع وتطويرها. مع ذلك، لم تحُل هذه التحدّيات القانونية والتنظيمية دون إنشاء رجال الأعمال السوريين شركاتهم وتوسيعها في مصر، حيث استثمروا في قطاعات اقتصادية متعدّدة، من الصناعات التحويلية وصولاً إلى قطاع الخدمات.
عموماً، لا ينتظم المستثمرون السوريون في مصر، ومعظمهم من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة، في أيّ شكلٍ من أشكال الرابطات. إلا أن عدداً صغيراً من أصحاب المؤسسات الكبيرة من السوريين نسج علاقات ودّية مع السلطات السورية والمصرية، وينشط في مصر من خلال عدد صغير من التجمّعات. أما رجال الأعمال السوريون المعروفون فأنشأوا تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر.
وفي حين أن رجال الأعمال المعروفين أبقوا على روابطهم الاقتصادية بسوريا واستثماراتهم فيها، حَدَّ أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة صِلاتهم بسوريا، إلى أن أصبحت تقتصر على الزيارات العائلية والمساعدة المالية لأفراد أُسَرهم ومجتمعاتهم المحلية. هذا ويعيق كلٌّ من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة وغياب الضمانات القانونية والأمنية في سوريا عودة العديد من رجال الأعمال السوريين إليها.
وإذا كان تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر ليصبح وسيطاً جدّياً يساهم في انتعاش اقتصادي محتمل وعملية إعادة إعمار في سوريا، فلا بدّ من حصول مزيد من التقارب السياسي بين القاهرة ودمشق. وعليه، يرتبط مستقبل أوساط رجال الأعمال السوريين في مصر بالتطوّرات الاقتصادية والسياسية في وطنهم الجديد، أكثر منها في سوريا، حيث لا يزال المستقبل قاتماً، والعوائق التي تحول دون عودتهم على نطاق واسع آخذةً في الازدياد.
مقدّمة
استقطبت مصر، منذ اندلاع الحرب في سوريا في العام ٢٠١١، عدداً كبيراً من السوريين، بمَن فيهم رجال الأعمال والصناعيون. وتألّف أول الوافدين السوريين إلى مصر في العام ٢٠١٢ بصورة رئيسة من أفرادٍ ذوي الروابط العائلية أو العلاقات التجارية أو الشبكات الشخصية في البلاد. ويبدو أن العدد الإجمالي للاجئين السوريين في مصر ارتفع من ١٣ ألفاً في العام ٢٠١٢، إلى ١٢٢١٧٩ في العام ٢٠١٣.[1] وبعد أن كانت مصر قد اعتمدت في البداية سياسة الباب المفتوح، طلبت الحكومة المصرية، عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح الرئيس محمد مرسي في تموز ٢٠١٣، من السورين التقدّم بطلب الحصول على تأشيرة وتصريح أمني قبل السفر إلى مصر.[2] وفي العام ٢٠٢٢، قُدّر عدد السوريين في مصر بـ٥٠٠ ألف سوري، بمَن فيهم حوالى ١٤٤ ألفاً من اللاجئين المسجّلين،[3] الذين استقرّوا في غالبيتهم في المناطق الحضرية، خصوصاً في منطقة القاهرة الكبرى والإسكندرية.
وكانت مصر قد استقطبت في السنوات الأخيرة عدداً كبيراً نسبياً من رجال الأعمال والمستثمرين السوريين، الذين ينشط العديد منهم في قطاع الصناعات التحويلية، ولا سيما في إنتاج الأنسجة والملابس، وفي قطاعَي التجارة والخدمات، مثل خدمات المطاعم وتجارة التجزئة. تتناول هذه الورقة فئتَين رئيستَين من رجال الأعمال السوريين بحسب عدد الموظفين في مؤسساتهم. تضمّ الفئة الأولى أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة، الذين يشكلّون الغالبية العظمى من رجال الأعمال السوريين في مصر. وتوظّف المؤسسات الصغيرة إجمالاً ما يقلّ عن ١٠ موظفين، فيما تضمّ المؤسسات المتوسطة ما بين ١٠ موظفين و٥٠ موظفاً. أما الفئة الثانية فتتكوّن من أصحاب المؤسسات الكبيرة، التي توظّف في المتوسّط ما يزيد عن ٥٠ شخصاً، وتشكّل نسبةً صغيرةً من المؤسسات السورية في مصر. وقد نظّم بعض مالكي هذه المؤسسات الكبيرة أنفسهم ضمن رابطة تجارية هي تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر، الذي أصبح الممثّل الرئيس لهم في مصر. وإذ أخذ عدد رجال الأعمال الذين غادروا سوريا إلى مصر في الازدياد، أجرى مسؤولون في الحكومة السورية زيارات إلى مصر بغية حثّهم على العودة إلى البلاد التي مزّقتها الحرب والاستثمار فيها، إلا أن هذه المساعي باءت في معظمها بالفشل.
يتناول معظم الأبحاث وضعَ السوريين في مصر من منظور إنساني، أو ينظر في ظروفهم المعيشية أو التحدّيات القانونية التي يواجهونها عند سعيهم إلى إيجاد عمل،[4] أو يقدّم لمحةً عامةً عن الجالية السورية في مصر وأنشطتها الاقتصادية.[5] كذلك جرى التطرّق في العقد الأخير إلى حدّ كبير إلى هجرة السوريين المتواصلة إلى مصر، ولا سيما رجال الأعمال الناجحون منهم.[6] وبينما ينظر كلٌّ من الأبحاث الموجودة وهذه الدراسة في الأسباب التي تدفع رجال الأعمال السوريين إلى الاستقرار في مصر، تسعى هذه الدراسة أيضاً إلى تقصّي مسألتَين أساسيتَين إضافيتَين: الأولى هي الأسباب الرئيسة التي تدفع بعض أصحاب المؤسسات السوريين الكبار إلى إنشاء تجمّعات خاصة بهم؛ والثانية هي ما إذا كان أصحاب المؤسسات الكبيرة والمتوسّطة سيعودون إلى سوريا في المستقبل المنظور، ويضطّلعون بدور في انتعاش اقتصادي محتمل في البلاد في المستقبل. يستند هذا التقرير البحثي إلى سلسلة مقابلات مع سوريين عاملين في قطاع الأعمال مقيمين في مصر، بمَن فيهم رئيس تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر، وإلى تقارير صادرة عن المنظمات الدولية، ومقالات أكاديمية، وتغطية إعلامية رسمية، وصفحات تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر على الفايسبوك.
تبحث الورقة أولاً في التحدّيات القانونية التي يواجهها السوريون عند العمل في مصر، والقواعد المفروضة على أرباب العمل، كما تنظر في أنشطتهم الاقتصادية. ثم تبحث الورقة في علاقة رجال الأعمال السوريين في مصر بسوريا، خصوصاً تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر. أخيراً، تحلّل الورقة العقبات والتحدّيات التي تعيق عودة هؤلاء إلى سوريا، واضطّلاعهم بدور مهمّ في انتعاش اقتصادي محتمل فيها.
الجزء األول: رجال الأعمال السوريون في البيئة المصرية
لقي رجال الأعمال السوريون على العموم ترحيباً من الدولة المصرية والشعب المصري، فكان أن ساهمت هذه البيئة المضيافة في ازدياد عدد المؤسسات المملوكة من سوريين منذ العام ٢٠١١. بيد أن أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة من السوريين يواجهون تحدّيات قانونية عند سعيهم إلى تسجيل شركاتهم رسمياً، ما يدفع العديد منهم إلى العمل بشكل غير رسمي. أما السوريون أصحاب المؤسسات الكبيرة، وإن كانوا لم يواجهوا مثل هذه التحدّيات، فاضطّروا إلى الخوض في مسارات بيروقراطية معقّدة من أجل إنشاء مؤسساتهم وتوسيعها.
التحدّيات القانونية
يستطيع السوريون البقاء في مصر من خلال خمسة سُبُل إدارية رئيسة: تجديد تأشيرة سياحية كل ثلاثة أو ستة أشهر؛ أو الحصول على رخصة عمل؛ أو الحصول على رخصة دراسة؛ أو تسجيل أنفسهم على أنهم لاجئين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.[7] يُذكَر أن العديد من السوريين الذين وصلوا إلى مصر، بين العامَين ٢٠١١ و٢٠١٣، استطاعوا البقاء في البلاد إما بموجب تأشيرة سياحية، وإما بعد أن تسجّلوا بصفتهم لاجئين. غير أن الأشخاص الذين يتمتّعون بهاتين الصفتَين لا يمكنهم الوصول إلى خدمات معيّنة، مثل فتح حسابات مصرفية وتسجيل أرقام الهواتف المحمولة بأسمائهم.[8]
يُعَدّ الاستحصال على رخصة عمل للأجانب، وهي رخصة يمكن إصدارها لمدّة سنة أو أقلّ، مهمّةً شاقةً إلى حدّ ما. فوفقاً للقوانين المصرية، على أرباب العمل أن يضمنوا ألا يشكّل الأجانب أكثر من ١٠ في المئة من عدد الموظفين الإجمالي في مشروعٍ استثماري، وألا ينافسوا المصريين في فرص العمل.[9] هذا وتحظّر وزارة القوى العاملة والهجرة، المسؤولة عن منح رخص العمل، على الأجانب العمل في العديد من المهن، بما في ذلك الإرشاد السياحي، وشركات الاستيراد والتصدير. أضِف إلى ذلك أن رسوم الحصول على رخص العمل مرتفعة، إذ تبدأ من ٣٠٠٠ جنيه (ما يعادل حوالى ١٠١ دولار بحسب سعر الصرف الرسمي البالغ ٢٩،٦ جنيهاً مقابل الدولار في كانون الثاني ٢٠٢٣) في السنة، ثم ترتفع كل سنة لتصل إلى ٥٠٠٠ جنيه (١٦٩ دولاراً) في السنة الرابعة، بزيادةٍ سنويةٍ قدرها ١٠٠٠ جنيه (٣٤ دولاراً)، وصولاً إلى ١٢ ألف جنيه (٤٠٥،٤ دولارات) كحدّ أقصى.[10]
يصعب على معظم السوريين، ولا سيما اللاجئون منهم، استيفاء هذه الشروط القانونية، ولذا يبقى العديد منهم عاطلاً عن العمل أو يختار العمل في القطاع غير الرسمي. وعلى النحو نفسه، تعمل المؤسسات السورية الصغيرة والمتوسّطة إلى حدّ كبير بشكل غير رسمي، نظراً إلى أن أصحابها دخلوا البلاد بتأشيرة سياحية، أو لا يزالون مُسجَّلين بصفتهم لاجئين. لا يملك هؤلاء إذاً أيّ رخص إقامة، وهي رخص ضرورية عادةً للحصول على رخصة عمل.[11] فعلى سبيل المثال، شرح شاب سوري يملك مؤسسة متوسّطة الحجم، في مقابلةٍ لنا معه، أنه لا يزال بدون رخصة عمل أو رخصة إقامة منذ وصوله إلى مصر في صيف العام ٢٠١٣، ولا يزال مُسجَّلاً رسمياً على أنه لاجئ. ومع ذلك، يملك الشاب حوالى ١٥ متجراً في ٦ محافظات مختلفة، ويوظّف ٥٠ شخصاً تقريباً (٤٠ سورياً و١٠ مصريين)، علماً أن شركاته مُسجَّلة بأسماء شركائه السوريين الذين تسمح لهم السلطات المصرية قانوناً بإدارة أعمال تجارية في البلاد.
في المقابل، كان من الأسهل إجمالاً على أصحاب المؤسسات السورية الكبيرة التعامل مع القواعد القانونية لأنهم قاموا باستثمارات كبيرة في مصر، فحصلوا إثر ذلك على رخص الإقامة. ومع ذلك، يشتكي هؤلاء من الإجراءات الإدارية والتنظيمية البيروقراطية المعقّدة اللازمة لإنشاء مؤسسة وتطويرها. فقد أوضح رئيس تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر، خلدون الموقّع، أن الآليات والإجراءات اللازمة للاستثمار وتأسيس شركة وتوسيعها في مصر ليست واضحةً تماماً، إذ تتطلّب كل مرحلة من المراحل تصريحاً أمنياً، في غياب مهلة زمنية محدّدة للحصول عليه. وأضاف أنه دعا إلى إنشاء قناة تواصلٍ بين رجال الأعمال السوريين وصانعي القرار الاقتصادي في مصر بغية تسهيل عمليات الاستثمار والإجراءات القانونية.[12]
الحوافز والأنشطة الاقتصادية
يتحدّر أصحاب معظم المؤسسات السورية الصغيرة والمتوسّطة من مختلف المناطق السورية، بما فيها حلب، ودمشق وريفها، وحمص، ودرعا، في حين أن أصحاب المؤسسات الكبيرة عادةً ما يتحدّرون من دمشق وحلب. ويعمل في مصر ٣٠ ألف مستثمر سوري تقريباً، أكثر من نصفهم صناعيون، ويوظفون مئات آلاف الأشخاص.[13] فعلى الرغم من التحدّيات القانونية، ظلّت مصر أحد أكثر البلدان جذباً لرجال الأعمال السوريين لتأسيس شركاتهم وتوسيعها، ولا سيما أصحاب المؤسسات الكبيرة، خصوصاً بالمقارنة مع البلدان المجاورة لسوريا (الأردن، ولبنان، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة).
أولاً، تتمتّع مصر بسوق محلية كبيرة، وسكان يبلغ عددهم ١٠٠ مليون نسمة، ووصول سهل إلى الأسواق الأفريقية والخليجية والأوروبية. في المقابل، تُعَدّ السوقان الأردنية واللبنانية صغيرتَين نسبياً، فيما السوق الإماراتية هي سوق تنافسية للغاية للمستثمرين السوريين الوافدين حديثاً. أما تركيا، فاستطاعت جذب أعداد كبيرة من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة في السنوات التي تلت اندلاع الانتفاضة السورية في العام ٢٠١١، ولا سيما من شمال سوريا، وهي تتمتّع بسوق محلية كبيرة، وسكان يتخطّى عددهم الـ٨٠ مليون نسمة.
ثانياً، تبقى تكلفتا اليد العاملة والمعيشة منخفضتَين نسبياً في مصر، ناهيك عن أن البنية التحتية فيها ملائمة. في المقابل، لطالما كانت تكلفة المعيشة في الأردن والإمارات العربية المتحدة مرتفعةً عموماً، ولا تزال كذلك، في حين أنها ارتفعت ارتفاعاً كبيراً في السنوات القليلة المنصرمة في كلّ من لبنان وتركيا، مقرونةً بمشاكل اقتصادية أخرى، في ظلّ تضخّم كبير يشهده البلدان.
أخيراً، تبقى البيئة السياسية العامة في مصر، بدءاً من السلطات السياسية ووصولاً إلى وسائل الإعلام الرئيسة، مرحّبةً جداً بالسوريين.[14] وقد انعكس ذلك بين العامَين ٢٠٢٠ و٢٠٢٢ بوفود أعدادٍ جديدةٍ من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة والعمّال من السوريين، الذين استقرّوا في مصر مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في سوريا.[15] هذه كانت خصوصاً حال الكثير من السوريين الذين كانوا يتنقّلون بين دمشق والقاهرة، حيث كانت لهم مؤسسات أو وظائف، ثم نقلوا عائلاتهم إلى القاهرة بشكل نهائي، وباعوا ممتلكاتهم في سوريا. فهم قادرون على تحمّل تكاليف سكن أفضل، والحصول على خدمات أكثر فعالية في العاصمة المصرية مقارنةً بدمشق، حيث تكاليف العقارات والإيجارات مرتفعة للغاية.[16] في المقابل، شهد كلٌّ من تركيا ولبنان، وهما البلدان المجاوران لسوريا اللذان يضمّان العدد الأكبر من السوريين، حملات وإجراءات عدائية متزايدة ضدّ السوريين، بما فيها سياسات لإعادة اللاجئين قسراً إلى سوريا، الأمر الذي هدّد مستقبل أعداد كبيرة منهم في هذين البلدَين. أضِف إلى ذلك أن الموقف العدائي الذي أبدته أنقرة إزاء النظام السوري منذ بداية الانتفاضة تقريباً في العام ٢٠١١، شكّل عائقاً أمام كبار رجال الأعمال الذين يُبقون على علاقاتهم الاقتصادية مع سوريا، وأنشطتهم الاقتصادية فيها.
تجدر الإشارة إلى أن بعض أصحاب المؤسسات السورية الكبيرة استثمروا في أنشطة اقتصادية قائمة في مصر وطوّروها، خصوصاً في مجال صناعة النسيج، على غرار محمد كامل صباغ شرباتي (أنظر أدناه)، وعمار صباغ، صاحب "مجموعة صباغ للصناعة والتجارة" في سوريا وشركة "قطن آند مور" في مصر. على النحو نفسه، عمدت الدكتورة هالة الشاش، وهي أستاذة جامعية في سوريا، ومالكة شركة متوسّطة الحجم في مصر، إلى نقل أنشطة عائلتها التجارية إلى مصر في العام ٢٠١٢ عقب اندلاع الحرب السورية، وإغلاق منشآت العائلة في سوريا. وكان قرار العائلة الاستقرار في مصر مرتبطاً بمعرفتها السابقة بالسوق المصرية وخبرتها فيها، وبشبكة المعارف التي تحظى بها في البلاد.[17]
قُدّرَت الاستثمارات السورية في مصر بين العامَين ٢٠١١ و٢٠١٨ بحوالى ٨٠٠ مليون دولار،[18] وإن كان المجموع على الأرجح أعلى بكثير، نظراً إلى أن كثيرين من رجال الأعمال السوريين يعملون بشكل غير رسمي، أو سجّلوا شركاتهم بأسماء مواطنين مصريين. في هذا السياق، أشار خلدون الموقّع إلى أن الاستثمارات السورية في مصر تخطّت على الأرجح المليار دولار حتى الآن.[19] وقدّر الموقّع عدد الورش الصناعية والمعامل (الرسمي منها وغير الرسمي)، التي يملكها سوريون، بـ٥ آلاف تقريباً في العام ٢٠٢٢، وإجمالي إنتاجها الشهري بـ١٠٠ إلى ١٢٠ مليون وحدة.[20]
يُذكَر أن الاستثمارات جاءت في شتّى القطاعات الاقتصادية، بدءاً من الصناعات التحويلية، التي تنتج بشكل أساسي المواد الغذائية، والملابس، والأنسجة، والمفروشات، وصولاً إلى قطاع الخدمات، وبصورة خاصة المطاعم والمتاجر وصالونات التجميل. هذا واكتسب المطبخ السوري والمأكولات السورية شعبية كبيرة لدى المصريين مع وجود العديد من المطاعم السورية التي لديها فروع عدّة في البلاد، مثل مطعمَي روستو وبركات الحلبي، ومطعم سلوره الذي يشتهر بإنتاج الحلويات السورية. كما إن بعض السوريين افتتحوا في مدينة السادس من أكتوبر، الواقعة في القاهرة الكبرى والمعروفة بـ"دمشق الصغرى"، مؤسسات تعمل في مجال تصنيع المواد الغذائية ومنتجات الحليب والمعجّنات الشرقية.[21]
فضلاً عن ذلك، يستمرّ أصحاب الشركات السورية، ولا سيما الكبيرة منها، في استيراد اليد العاملة من سوريا لتوظيفها في شركاتهم وورشهم. وعادةً ما يدفع هؤلاء رسم التصريح الأمني للعمّال، الذي يبلغ حالياً ١٢٥٠ دولاراً للسوريين الذين تزيد أعمارهم عن ١٢ عاماً،[22] إضافةً إلى تذكرة السفر لاستقدامهم إلى مصر، بما يتراوح مجموعه بين ١٤٠٠ و١٦٠٠ دولار. إلا أن هذا المبلغ يُسترَدّ لاحقاً عبر اقتطاعه من أجور العمّال.
على الرغم من ذلك، قد يمثّل النطاق الكبير للأزمة الاقتصادية في مصر، التي فاقمتها الحرب في أوكرانيا، عقبةً أمام دينامية الهجرة من سوريا إلى مصر، وأمام مزيد من الاستثمارات في البلاد من جانب السوريين، أو قد يؤدّي على الأقل إلى تباطؤ فيهما. فالاقتصاد المصري يعاني من انخفاض قيمة الجنيه المصري (بنسبة ٧٠ في المئة بين آذار وكانون الأول ٢٠٢٢)، ونقص في الدولار الأميركي، وتضخّم كبير. وما كان من ذلك إلا أن أسفر عن ارتفاع كبير في تكلفة المعيشة، ولا سيما في أسعار المأكولات والمشروبات، بنسبة بلغت ٣٠،٩ في المئة في عام واحد بين كانون الأول ٢٠٢١ و٢٠٢٢.[23] في الوقت عينه، بدأت المصارف المصرية في تشرين الأول ٢٠٢٢ بتقييد السحوبات بالعملات الأجنبية، بما فيها الدولار الأميركي، نتيجة تضاؤل احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية.
الجزء الثاني: أوساط الأعمال السورية وتجمّعاتها في مصر
لا تنتظم الغالبية العظمى من المستثمرين السوريين في مصر، ومعظمهم من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة، في أيّ شكل من أشكال الرابطات أو المنظمات. ومع ذلك، أقام عدد قليل من أصحاب المؤسسات السورية الكبيرة علاقاتٍ جيدةً بالسلطات السورية والمصرية، ونشطوا في مصر من خلال جمعيات مختلفة، وإن كانوا لم يسعوا إجمالاً إلى تسجيلها بشكل قانوني لدى الدولة المصرية. أما التجمّع الوحيد الذي يمثّل رجال الأعمال السوريين في البلاد، فهو تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر.[24] أُنشئ هذا الأخير في حزيران ٢٠١٣ عقب حلّ مجلس الأعمال السوري-المصري،[25] وبتشجيعٍ من السلطات المصرية ليكون لها جهة مُحاوِرة تمثّل أصحاب المؤسسات السورية الكبيرة في مصر.
يضمّ التجمّع حوالى ٥٥ عضواً، يملك كلٌّ منهم مؤسسة كبيرة توظّف أكثر من ١٠٠ عامل. ولا توجد أيّ شروط أو إجراءات رسمية للانتساب إلى التجمّع، بل إن أعضاءه غالباً ما ينضمّون إليه عبر أعضاء آخرين. أما الهدف الرئيس الذي يتوخّاه التجمّع، فهو مساعدة رجال الأعمال السوريين الوافدين حديثاً إلى مصر، من خلال تزويدهم بالتوجيه والمشورة حول مسائل عدّة، منها ما يرتبط بالقواعد القانونية والأصول الصناعية المتاحة. كذلك يستخدم التجمّع صلاته وعلاقاته الجيدة بمسؤولين كبار في الحكومة المصرية لحشد التأييد والدعم للشركات السورية،[26] ناهيك عن أن التجمّع فتح مؤخّراً قنوات تواصل مع المسؤولين الأردنيين انطلاقاً من القاهرة. فقد عقد خلدون الموقّع وأعضاء آخرون في التجمّع اجتماعاً مع قصي مكاحلة،[27] المسؤول عن ترويج "إقامة المشاريع الاستثمارية الصناعية" وتشجيعها،[28] أثناء زيارته القاهرة في تشرين الأول ٢٠٢٢. وبعد هذا الاجتماع، كان وفدٌ من التجمّع يخطّط لزيارة الأردن في أوائل العام ٢٠٢٣.[29]
تجدر الإشارة إلى أن رجال الأعمال الأعضاء في التجمّع يتحدّرون في أغلبهم من دمشق وريفها، ومن حلب. ولا تزال نسبة كبيرة منهم تملك استثمارات ومصانع في سوريا، وإن كانت في غالب الأحيان لا تعمل بكامل طاقتها، ولا تمثّل إجمالاً مصدر الربح الرئيس لمالكيها. ويتألّف معظم أعضاء التجمّع من أصحاب الصناعات التحويلية الكبيرة، الذين يتحدّرون في الغالب من حلب، وينشطون في صناعة الأنسجة والملابس. أما الأعضاء الآخرون فيعملون في القطاع التجاري، مثل قطاع استيراد المواد الأولية والقطن، أو يملكون مراكز تسوّق.[30]
وكان لأعضاء التجمّع أيضاً تأثير كبير في إنشاء رابطة الجالية السورية في مصر في العام ٢٠١٧. يرأس هذه الرابطة رجل الأعمال المعروف باسل سماقية،[31] الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر، في حين أن ٨ من أصل ١٣ عضواً في مكتب الرابطة هم أيضاً أعضاء في التجمّع.[32] ونذكر من الجمعيات الأخرى جمعية الصداقة المصرية السورية التي يرأسها رجل الأعمال طلال عطار المعروف بتأييده الصريح للنظام السوري. وأبرز الأنشطة التي نظّمتها الجمعية كان حفلاً موسيقياً، في القاهرة في أيار ٢٠٢١، بعنوان "من مصر إلى الشام"، دعماً لانتخابات النظام السوري الرئاسية، وقد حضره العديد من رجال الأعمال والفنانين السوريين والمصريين.[33] واللافت أيضاً أن سماقية وعطار شاركا من خلال جمعيتيهما في تنظيم زيارة الفنان المصري الشهير هاني شاكر إلى دمشق في أيلول ٢٠٢٢، ورافقاه أثناء جولته.[34]
لم ينضمّ جميع رجال الأعمال السوريين المقيمين في مصر إلى تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر أو جمعية الصداقة المصرية السورية، ولا سيما مَن منهم أبدى مواقف داعمة للحركة الاحتجاجية السورية في بدايتها في العام ٢٠١١. وفي أعقاب الانقلاب العسكري الذي شهدته مصر في تموز ٢٠١٣، توقّفوا عموماً عن التعبير علناً عن أيّ مواقف انتقادية للنظام السوري، مُبدين موقفاً أكثر حياداً وبُعداً إزاء الانتفاضة السورية التي تحوّلت بشكل متزايد إلى صراع مسلّح وعنيف. فعلى سبيل المثال، بقي محمد كامل صباغ شرباتي، أحد أبرز الصناعيين السوريين في مصر، الذي اتُّهِم بدعمه الحركة الاحتجاجية في السنوات الأولى، بعيداً إجمالاً عن جميع الأنشطة التي نظّمتها الجمعيات السورية والجالية في مصر.[35] ومع ذلك، وسّع شرباتي استثماراته في مصر في العام ٢٠١٨ مع إنشائه الشركة الرباعية للنسجيات "فورتكس" في مدينة السادات بقيمة قُدّرَت بـ٢٠٠ مليون دولار.[36]
ويبدو أن تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر يحافظ على علاقات وثيقة بالحكومة السورية، ويروّج أشكال التطبيع مع دمشق عبر تشجيعه التبادلات الاقتصادية والاستثمارات في البلاد. فقد احتفل التجمّع على وجه الخصوص بـ"انتصار" بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية في أيار ٢٠٢١ على صفحة التجمّع على الفايسبوك،[37] في حين أنه يتولّى تنظيم عملية إرسال المساعدات الإنسانية إلى سوريا منذ أربع سنوات. وكانت الأمانة السورية للتنمية برئاسة أسماء الأسد الشريك الرئيس للتجمّع في هذه المبادرات الإنسانية، والجهة المنفّذة لها.[38] هذا ولا يزال رئيس التجمّع، خلدون الموقّع، يزور سوريا بانتظام حيث يلتقي مسؤولين سوريين، كما يُستضاف بانتظام في برامج تفلزيونية على القنوات السورية. كذلك تولّى الموقّع الترحيب بمختلف الوفود السورية الرسمية التي زارت مصر، مثل أعضاء اتحاد غرف التجارة السورية عند زيارتهم مصر للمشاركة في مؤتمر اتحاد غرف التجارة العربية الذي عُقِد في القاهرة في شباط ٢٠٢٢.[39] إضافةً إلى ذلك، التقى الموقّع ممثّلين عن منظمات الأمم المتحدة، ومنظمات دولية وإقليمية، لمناقشة وتشجيع مرحلة إعادة الإعمار المستقبلية في سوريا.[40] أما سماقية، نائب رئيس تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر، فاتُّهِم بدعمه النظام السوري لأنه موّل عدداً من الأنشطة والمؤتمرات التي نظّمتها السفارة السورية في مصر، واستقبل السفير السوري في فيلاته في مناسبات مختلفة.[41]
كذلك شارك كلٌّ من الموقّع وسماقية في تأسيس منظمة تجمّع رجال الأعمال السوريين في العالم، التي أُنشِئَت في رومانيا في العام ٢٠١٨، وضمّت مستثمرين مقيمين في ٢٣ بلداً، بما في ذلك سويسرا، وألمانيا، وبلجيكا، وإيران، ومصر، والسودان. لقد أوضح الموقّع، الذي يتولّى أيضاً منصب رئيس هذه المنظمة، أن أحد أهداف المنظمة الرئيسة "توفير مساحة للسوريين للتبادل في ما بينهم، وإيجاد الحلول للمحافظة على الروابط مع سوريا، وتشجيع الاستثمارات المستقبلية المحتملة في البلاد".[42]
بيد أن رئيس تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر أصرّ على حياد التجمّع، وعلى أن لا توجّهاً سياسياً لديه لصالح جهة معيّنة. وأكّد أن التجمّع يسعى فقط إلى صون مصالح رجال الأعمال السوريين في مصر، واستثماراتهم المتبقّية في سوريا، مع احترام سيادة كل دولة وقوانينها ومؤسساتها الرسمية، بما في ذلك الحكومة السورية. وأضاف أن رجال الأعمال السوريين خارج البلاد لا تزال لديهم مصالح اقتصادية وروابط عائلية في سوريا، ولذا يرغبون في رؤية الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد يتحسّن.[43] ومن الاعتبارات الأخرى التي يضعها كلٌّ من التجمّعَين في الحسبان على الأرجح تشكيلُ مجموعة ضغطٍ من رجال الأعمال المقيمين خارج البلاد، تكون قادرة على مناقشة مطالبهم مع الحكومة السورية، والتعبير لها عنها، في مواجهة الجيل الجديد من رجال الأعمال من أمراء الحرب الساعين إلى الهيمنة على اقتصاد البلاد (أنظر أدناه).
وعلى الرغم من عقد مذكّرة تفاهم مع غرفة تجارة القاهرة، لتطوير العلاقات الاقتصادية المصرية السورية من خلال التبادل التجاري والشراكة،[44] ومذكّرة تفاهم أخرى مع هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات، لتحسين نوعية المنتجات المُعَدّة للتصدير إلى مصر،[45] لا يزال التعاون الاقتصادي لتجمّع رجال الأعمال السوري في مصر مع التجمّعات والمؤسسات السورية الأخرى، واستثماراته فيها، مقيّدَين للغاية جرّاء العقبات الاقتصادية والسياسية. هذا التقييد يطال أيضاً محاولات التجمّع الآيلة إلى تشجيع الجهات الفاعلة الأجنبية على التعاون مع السلطات في دمشق أو على الاستثمار في سوريا. وقد لقيت أنشطة منظمة تجمّع رجال الأعمال السوريين في العالم بدورها المصير نفسه.
الجزء الثالث: أيّ دور لرجال الأعمال المغتربين في مستقبل سوريا؟
قدّمت السلطات الحكومية السورية منذ العام ٢٠١٧ للصناعيين السوريين في المهجر، ولا سيما أولئك المقيمون في مصر، الكثير من الحوافز ليعودوا إلى سوريا ويستثمروا فيها، و/أو ليستأنفوا الإنتاج في مصانعهم.[46] غير أن هذه القرارت والأنشطة لم تدفع الغالبية العظمى من رجال الأعمال السوريين في مصر إلى العودة أو توسيع أنشطتهم الحالية في البلاد، ما خلا بعض الاستثناءات. وقد أصبحت علاقة العديد من رجال الأعمال السوريين في مصر، خصوصاً أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة، مع سوريا تتسّم أكثر فأكثر بالجفاء، وتقتصر على الزيارات العائلية متى أمكن، وعلى تقديم المساعدة المالية للشبكات العائلية والمجتمعات المحلية.
تتعدّد الأسباب الكامنة وراء ذلك. فبينما لا يزال بعض رجال الأعمال في تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر يحتفظ باستثمارات ومصانع في سوريا، لم تُبقِ نسبةٌ كبيرةٌ من رجال الأعمال السوريين المقيمين في مصر روابط اقتصادية متينة مع سوريا. في هذا الصدد، أوضح رجل أعمال سوري مقيم في دبي أن العديد من نظرائه السابقين في حلب، العاملين في قطاع الصناعات التحويلية، والمقيمين الآن في مصر، لا يسافرون إلى سوريا إلا في مناسبات نادرة للزيارات العائلية. وقد توقّفت مصالح أغلبهم الاقتصادية واستثماراتهم في سوريا أثناء الصراع، أو تضرّرت نتيجة الدمار الهائل الذي أصاب حلب.[47] على نحو مماثل، غادر سوريا العديد من رجال أعمال دمشق، ولا سيما الصناعيون الكبار منهم، بسبب تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد.
هذا التدهور المتواصل على الصعيدَين الاجتماعي والاقتصادي في البلاد يشكّل أيضاً عائقاً كبيراً، مع استمرار الارتفاع في تكلفة الإنتاج، والنقص في السلع الأساسية وموارد الطاقة (خصوصاً زيت الوقود والكهرباء)، وسوء إدارة السياسات، وعدم استقرار الليرة السورية، والعقوبات. وكان رئيس تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر انتقد الحكومة السورية لعدم اتّخاذها إجراءات جدّية لتوطيد علاقاتها برجال الأعمال السوريين في الخارج، ولعدم توفيرها الظروف الملائمة لإتاحة عودتهم إلى البلاد. فالصناعيون السوريون أشاروا بشكل خاص إلى ضرورة تزويدهم بالحوافز، مثل ضمان متطلّبات الإنتاج كافة (الكهرباء والوقود والمواد الأولية)، والتسهيلات المالية للحصول على الائتمانات والقروض، والقدرة على تحويل الأموال من دون قيود. هذا وقلّل خلدون الموقّع من أهمية اللجنة التي شكّلها وزير الصناعة السوري في العام ٢٠١٩، لتشجيع عودة الصناعيين السوريين المقيمين في مصر، مشيراً إلى أنها تفتقر إلى صانعي قرار حقيقيين، وأن النقاشات مع رجال الأعمال المعيّنين في اللجنة ظلّت تقنية للغاية، ولم تتح المجال لأيّ تحسينات فعلية.[48]
تُضاف إلى هذه العقبات أوجهُ قصورٍ أخرى مرتبطة ببيئة الأعمال غير الآمنة البتّة في سوريا، حيث يخشى السوريون أصحاب المؤسسات بمختلف أحجامها أن يلاحقهم ويضايقهم مسؤولو وزارة الصناعة أو سلطات مراقبة الحدود بشتّى أنواع الاتهامات في حال عادوا إلى سوريا، كأن يُتَّهموا بعدم تسديد الضرائب على فواتير الكهرباء أو المنتجات المستوردة في السابق. هذا ويخشون أن يضطّروا إلى دفع رشاوى كبيرة لمختلف الأجهزة الأمنية من أجل تشغيل أنشطتهم التجارية ومتابعتها.[49]
فضلاً عن ذلك، يخشى هؤلاء أن يُلزَموا بإقامة شراكة مع شخصية من الشخصيات الجديدة في مجال الأعمال، التي برزت خلال الحرب وتربطها صلات بمراكز القوة، والتي قد تهيمن في نهاية المطاف على أعمالهم.[50] في هذا السياق، رأت الدكتورة هالة الشاش أن المساحة المتاحة لرجال الأعمال التقليديين والمستقلّين في سوريا تتقلّص باستمرار مع توسيع "رجال الأعمال من أمراء الحرب" هيمنتهم على الفرص الاقتصادية كافة.[51] على النحو نفسه، اشتكى الموقّع من أن رجال الأعمال الذين برزوا أثناء الحرب يسعون إلى السيطرة على الاقتصاد بأكمله، من دون إفساح أيّ مجال لرجال الأعمال الآخرين. واتّهمهم الموقّع بإقامة الاحتكارات من خلال تأثيرهم في السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية،[52] وأدانهم علناً بوصفهم "دخلاء" يعيقون عودة رجال الأعمال المغتربين والانتعاش الاقتصادي في سوريا. وفي إشارةٍ واضحةٍ إلى رجال الأعمال أمراء الحرب هؤلاء، دعا إلى معارضة أيّ محاولاتٍ للتدخّل في العلاقات بين السوريين والمصريين أو استثمارات السوريين في مصر، أو الإضرار بها، إذ إنها تشكّل "خطوطاً حمراء" لا يجوز تجاوزها.[53]
على الرغم من هذه التحدّيات، حاول رجال الأعمال تقديم الدعم المالي لأفراد أُسَرهم ومجتمعاتهم المحلية عن طريق إرسال الحوالات المالية. فعلى سبيل المثال، يرسل رجل الأعمال الشاب المقيم في مصر، المذكور أعلاه، المال كل شهر تقريباً لقريبته المقيمة في مسقط رأسه، والتي استطاعت في العام ٢٠٢٢ توزيع حوالى ٥٠ ألف ليرة (ما يعادل ١٦،٦ دولاراً بحسب سعر الصرف الرسمي البالغ ٣٠١٥ ليرة مقابل الدولار) على أُسَرٍ محتاجة، تراوح عددها بين ٢٠ وأكثر من ٢٠ أسرة بحسب كل شهر. على نحو مماثل، أوضحت الدكتورة هالة الشاش، في مقابلةٍ لنا معها، أنها كانت جزءاً من شبكةٍ من رجال الأعمال السوريين في مصر الذين جمعوا التبرّعات لأغراض معيّنة، مثل تسديد تكاليف عملية جراحية، أو تعليم طالب، أو زفاف، أو أدوية، إلخ. وفي الحالتَين حُوّلَت الأموال بواسطة أفراد سافروا إلى سوريا من مصر، وهي الطريقة المفضّلة في أغلب الحالات. في المقابل، لم تُنظَّم أيّ مساعدات للمشاريع الأكبر حجماً كإعادة تأهيل مبنى أو بنية تحتية.
وفي سياقٍ حيث التبادل الاقتصادي والتجاري بين مصر وسوريا لا يزال ضعيفاً،[54] سيكون من الصعب على تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر أن يضطّلع بدورٍ فاعلٍ أكثر في انتعاش اقتصادي سوري محتمل في المستقبل، ما لم يحصل تحسّن سياسي بين البلدَين. إذا كان موقف القاهرة إزاء التطبيع الإقليمي مع دمشق قد تغيّر منذ العام ٢٠١٣، فإن موقفها الأخير ضدّ إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية يرتبط بعلاقاتها المتينة مع السعودية واعتمادها المتزايد عليها.[55] غير أن الأزمة الاقتصادية المتواصلة في مصر لن تؤدّي إلا إلى زيادة اعتماد هذه الأخيرة على السعودية.[56] وعليه، ليس تعزيز التطبيع السياسي مع دمشق بأولويةٍ للقاهرة، بل إن أهميته ثانوية.
خاتمة
تنامت أنشطة رجال الأعمال السوريين في مصر بشكل كبير في العقد الأخير عقب اندلاع الانتفاضة السورية في العام ٢٠١١، ووصول مئات آلاف السوريين إلى مصر. ولا تترقّب الغالبية العظمى من رجال الأعمال السوريين المقيمين حالياً في مصر أيّ عودةٍ لهم إلى سوريا، إذ يمكن وصف أحوالهم المعيشية وأعمالهم في بلدهم المضيف بالجيدة والمرحّبة عموماً. وقد ذكر رجال الأعمال السوريون الذين قابلناهم أيضاً التشابه الكبير في التقاليد والخلفيات الثقافية والاجتماعية، الذي سهّل اندماجهم واختلاطهم في المجتمع المصري. يُضاف إلى ذلك أن الوجود السوري في مصر عادةً ما يُنظَر إليه على نحو إيجابي من الشعب المصري ووسائل الإعلام المحلية، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع البلدان الإقليمية الأخرى مثل لبنان وتركيا، حيث المشاعر المناهضة للسوريين آخذة في التنامي باستمرار، جنباً إلى جنب مع الإجراءات السلطوية لإجبارهم على العودة إلى سوريا. مع ذلك، قد يشكّل تفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر مشكلة متنامية لرجال الأعمال السوريين، وحجر عثرة أمام الوافدين الجدد من سوريا.
والواقع أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية في سوريا تبقى غير ملائمة لعودة رجال الأعمال من مصر والبلدان الأخرى. فإضافةً إلى أوجه القصور في البنية التحتية، والعقوبات، ونقص سلع الطاقة، تكمن المشكلة الرئيسة في الطبيعة الضارية لبيئة الأعمال في سوريا، حيث تسعى جهات فاعلة جديدة في مجال الأعمال، تابعة لمراكز السلطة، إلى الهيمنة على قطاعات الاقتصاد كافة، ولا ترغب في رؤية جهات فاعلة أخرى تدخل السوق السورية، بما فيها رجال الأعمال الذين يحافظون على علاقات ودّية مع الحكومة السورية. وهذا السياق العدائي هو أيضاً أحد الأسباب التي تحول دون تمكُّن كلّ من تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر ومنظمة تجمّع رجال الأعمال السوريين في العالم من تشجيع الاستثمارات والتبادلات الاقتصادية مع سوريا، أو تأدية دور أكثر أهمية في البلاد. أضِف إلى ذلك أن غياب المزيد من التقارب السياسي بين القاهرة ودمشق، مع عدم وجود زيارات للمسؤولين بين البلدَين، وغياب التبادل الاقتصادي، يحول دون اضطّلاع تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر بأيّ دور أكثر أهمية في سوريا.
وعليه، ستكون مغادرة مجتمع رجال الأعمال السوري مصر مرتبطةً على الأرجح بالتطوّرات الاقتصادية والسياسية في بلدهم الجديد أكثر منها في سوريا، حيث لا يزال المستقبل قاتماً، والعقبات التي تحول دون عودتهم على نطاق واسع آخذةً في الازدياد. وحتى في حال حصل التطبيع السياسي مع دمشق، إلى جانب رفع تدريجي للعقوبات، من المستبعد أن تحصل عودةٌ واسعة النطاق لرجال الأعمال وأنشطتهم الاقتصادية في المديَين القصير والمتوسّط. ربما تشهد مصر نشوء وترسّخ جالية أعمال سورية جديدة فيها، بعد الجالية الأولى في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، التي عملت في التجارة الشرق أوسطية، وتوسّعت بشكل كبير. كانت مغادرة الغالبية الكبرى من رجال الأعمال السوريين مصر في منتصف خمسينيات القرن الماضي مرتبطةً بالتطورات السياسية التي شهدتها البلاد عقب وصول جمال عبد الناصر إلى سدّة الحكم، وسياسات التأميم التي جرّدت مجتمعات الأعمال الأجنبية من ممتلكاتها.[57]
* جوزيف ضاهر أستاذ منتسب بدوام جزئي في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا (إيطاليا)، حيث يعمل في المشروع البحثي "المسارات السورية" في برنامج مسارات الشرق الأوسط. ضاهر حائز على دكتوراه في دراسات التنمية من معهد الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن (٢٠١٥)، ودكتوراه في العلوم السياسية من جامعة لوزان (٢٠١٨).
[1] مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، "التقرير الإحصائي الشهري لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن مصر بدءاً من ٣١ تشرين الأول ٢٠٢٢" (بالإنكليزية)، تشرين الأول ٢٠٢٢، https://bit.ly/٣Au٠lTy
[2] مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، "المفوضية تعبر عن قلقها إزاء القيود الجديدة المفروضة على اللاجئين السوريين في مصر"، ١٢ تموز ٢٠١٣، https://bit.ly/٣TbOpOw
[3] مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، "صحيفة وقائع مصر" (بالإنكليزية)، حزيران ٢٠٢٢، https://bit.ly/٣hS٢Atv
[4] نادين الشقيري، "استجابة مصر ما بعد العام ٢٠١٢ لأزمة اللاجئين السوريين: نقد نظري للمقاربات العملية" (بالإنكليزية)، سلسلة أوراق العمل الصادرة عن قسم السياسات العامة والإدارة، العدد رقم ١، كانون الأول ٢٠١٦، الجامعة الأميركية في القاهرة، https://bit.ly/٣XxALqw؛ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة العمل الدولية، وبرنامج الأغذية العالمي، "فرص العمل تحدث الفرق في توسيع الفرص الاقتصادية للاجئين السوريين والمجتمعات المحلية المضيفة: مصر – العراق – الأردن – لبنان – سوريا – تركيا" (بالإنكليزية)، ٢٠١٧، https://bit.ly/٣V٧cXIe؛ الأمانة المشتركة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، "تحسين سبل العيش والفرص الاقتصادية للاجئين السوريين والمجتمعات المحلية المضيفة" (بالإنكليزية)، ٢ تموز ٢٠١٨، http://bit.ly/٣XmAmrk؛ مي علي حسن، "إدراج اللاجئين السوريين في سوق العمل المصري: مع تركيز خاص على قطاع الأغذية والمطاعم" (بالإنكليزية)، ٢٠٢١، الجامعة الأميركية في القاهرة، أطروحة ماجستير، Knowledge Fountain – الجامعة الأميركية في القاهرة، https://bit.ly/٣XQFYJE
[5] فراس حاج يحيى، "السوريّون في مصر: استثمارات كبيرة في جوّ متقلّب"، مبادرة الإصلاح العربي، ٥ كانون الأول ٢٠١٨، http://bit.ly/٣mQrI٦A؛ علا نور الدين، "المهاجرون السوريون يحفّزون الانتعاش الاقتصادي" (بالإنكليزية)، غرفة التجارة الأميركية في مصر، نيسان ٢٠١٩، https://bit.ly/٣VsQ٤٢y
[6] سبوتنيك، "هجرة الصناعيين السوريين إلى مصر.. أسطورة أم حقيقة؟"، ٧ تشرين الأول ٢٠١٧، https://bit.ly/٣tdAOKz؛ أشرف عبد الحميد، "هرب من جحيم الأسد.. وافتتح أكبر مصنع للنسيج في مصر"، العربية، ٢١ كانون الثاني ٢٠١٨، https://bit.ly/٢VcvRlA؛ الوسيلة، "باسل سماقية.. حكاية رجل الأعمال السوري الذي يحتفل بزفافه كل عامين بكلفة نصف مليون دولار!"، ٤ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/٣E١CjR٨
[7] نادين الشقيري، "استجابة مصر ما بعد العام ٢٠١٢ لأزمة اللاجئين السوريين: نقد نظري للمقاربات العملية" (بالإنكليزية).
[8] علا نور الدين، "المهاجرون السوريون يحفّزون الانتعاش الاقتصادي" (بالإنكليزية).
[9] يمكن زيادة نسبة الأجانب في شركة ما حتى ٢٠ في المئة، إذا تعذّر توظيف عمّال وطنيين بالمؤهلات المطلوبة. أنظر الهيئة العامة للاسثتمار والمناطق الحرة، "قانون الاستثمار رقم ٧٢ للعام ٢٠١٧" (بالإنكليزية)، ٢٠١٧، http://bit.ly/٣OX٤A٠٧
[10] الموارد القانونية لموقع HG، "رخصة العمل في مصر" (بالإنكليزية)، ٢٠٢٢، https://bit.ly/٣VJAdMW
[11] يتطلّب كلٌّ من الرخصتين تصريحأً أمنياً يجب تجديده كل ستة أشهر، وهو عموماً مكلفٌ للغاية ومعقّد. الأمانة المشتركة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، "تحسين سبل العيش والفرص الاقتصادية للاجئين السوريين والمجتمعات المحلية المضيفة" (بالإنكليزية).
[12] مقابلة مع خلدون الموقّع، رئيس تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر، تشرين الثاني ٢٠٢٢.
[13] المرجع السابق.
[14] حظي السوريون في صيف العام ٢٠١٩ بدعم كبير على وسائل التواصل الاجتماعي المصرية، بما في ذلك حملة على تويتر بعنوان "السوريين منورين مصر"، أُطلِقَت بعد أن تقدّم المحامي سمير صبري بدعوى لدى المحاكم للتحقيق في مصدر تمويل الاستثمارات السورية في البلاد، وحاول الربط بين اللاجئين والإرهاب. وقد اضطّر صبري إلى التراجع بعد التعاطف الجماهيري مع السوريين في البلاد.
[15] هذه كانت الحال بشكل خاص بين منتصف العام ٢٠٢١ وأوائل العام ٢٠٢٢، حينما خُفّضَ رسم الموافقة الأمنية من ٣٠٠٠ دولار تقريباً إلى ما بين ٣٠٠ و٤٠٠ دولار، الأمر الذي شجّع العديد من السوريين على الهجرة إلى مصر بشكل قانوني عبر مطار دمشق. أنظر عبدالله الجباصيني، "الهجرة من جنوب سوريا بعد الحرب: الدوافع والطرق والوجهات" (بالإنكليزية)، تقرير مشروع بحثي، (فلورنسا: معهد الجامعة الأوروبية، برنامج مسارات الشرق الأوسط، مشروع زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا، كانون الثاني ٢٠٢٢)، https://bit.ly/٣fy٦mE٤
[16] مقابلة مع هالة الشاش، أستاذة جامعية وسيدة أعمال تملك شركة للصناعات التحويلية في مصر، تشرين الثاني ٢٠٢٢.
[17] عمدت الشركة العائلية، التي كانت تنتج في سوريا العلامة التجارية United Colors of Benetton، إلى تصدير إنتاجها إلى مصر. وكان لدى الشركة العديد من المتاجر والشركاء التجاريين في البلاد حتى العام ٢٠١٠. المرجع السابق.
[18] الأمانة المشتركة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، "تحسين سبل العيش والفرص الاقتصادية للاجئين السوريين والمجتمعات المحلية المضيفة" (بالإنكليزية).
[19] أضاف أيضاً أن السوريين أودعوا أكثر من ٢٠ مليار دولار في المصارف المصرية منذ العام ٢٠١١، وفقاً لتقرير غير منشور لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ذكره أثناء المقابلة. أنظر يوتيوب، "المصري أفندي: لقاء مع رئيس تجمع رجال الأعمال السوري بمصر خلدون الموقع"، ٨ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/٣TCgBJf
[20] مقابلة مع خلدون الموقّع، تشرين الثاني ٢٠٢٢.
[21] عبير جلال، وسارة العريان، ومها عبد الستار، "تأثير أنشطة السوريين التجارية على صلاحية السكن في مراكز الأحياء الحضرية – دراسة حالة مدينة السادس من أكتوبر، مصر" (بالإنكليزية)، مجلة المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء، ١٦:١، ١٧٩-٢٠٥، https://bit.ly/٣ZmQQQZ
[22] ثمّة أيضاً إجراء "التأشيرة السريعة" التي تكلّف ١٥٠٠ دولار. أنظر شام، "كم سعر فيزا مصر للسوريين ٢٠٢٢"، ١٥ كانون الثاني ٢٠٢٣، http://bit.ly/٣Vy٢Tsv
[23] سيوبان أوغرايدي وهبة فاروق محفوظ، "مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر، أصبح الحصول على وجبة طعام بسعر معقول أمراً صعباً" (بالإنكليزية)، واشنطن بوست، ٢٦ كانون الأول ٢٠٢٢، https://bit.ly/٣ZEIhkS
[24] من التجمّعات الأخرى لرجال الأعمال السوريين جمعية المستثمرين السوريين في مصر، التي وُلِدَت ميتة. كانت الجمعية برئاسة عمار صباغ، وقد نظّمات في كانون الأول ٢٠١٦ نشاطاً وحيداً، لم تنظّم بعده أيّ أنشطة أخرى. ضمّت الجمعية أعضاء مشابهين لأعضاء تجمّع رجال الأعمال السوري في مصر، وتوخّت أهدافاً مماثلة لأهدافه.
[25] كان الموقّع رئيس مجلس الأعمال السوري-المصري حتى العام ٢٠١٣. حلّت وزارة الاقتصاد مجالس الأعمال الثنائية كافة في حزيران ٢٠١٣. وكانت مجالس الأعمال الثنائية بين سوريا والدول الأجنبية قد أُنشِئَت في البداية بين العامَين ٢٠٠٩ و٢٠١٠، لتطوير العلاقات الاستثمارية والتجارية. ومنذ العام ٢٠١٧، سعت دمشق إلى إعادة إنشاء عددٍ من مجالس الأعمال مع ما تشير إليه بالدول الصديقة.
[26] مقابلة مع خلدون الموقّع، تشرين الثاني ٢٠٢٢.
[27] خلدون الموقع، "لقاء المدن الصناعية الأردنية والتجمع"، فايسبوك، ٢٩ تشرين الأول ٢٠٢٢، https://bit.ly/٣iXIFdf
[28] شركة المدن الصناعية الأردنية، "لمحة موجزة عن الشركة"، ١٤ كانون الأول ٢٠٢٢، http://bit.ly/٣TfxcUm
[29] مقابلة مع خلدون الموقّع، تشرين الثاني ٢٠٢٢.
[30] المرجع السابق.
[31] يُعَدّ واحداً من أبرز رجال الأعمال السوريين في مصر وأكثرهم ثراءً. هاجر إلى القاهرة مع أسرته في ثمانينات القرن الماضي، وهو يعمل في مجال الغزل والنسيج منذ ثلاثين عاماً. مُنِح الجنسية المصرية في شباط ٢٠٢١.
[32] مقابلة مع خلدون الموقّع، تشرين الثاني ٢٠٢٢.
[33] المدن، "حفلات داعمة لانتخابات الأسد.. بالتنسيق مع النظام"، ١١ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/٣PvJ٤٢H
[34] سارة سلامة، "هاني شاكر في المؤتمر الصحفي: الجمهور السوري مقبل على الحياة والفن الراقي"، الوطن، ١٥ أيلول ٢٠٢٢، https://bit.ly/٣FvQq١t
[35] كان شرباتي في عداء مع النظام السوري قبل العام ٢٠١١، خصوصاً مع رامي مخلوف. تعرّض لضغوط من سلطات النظام في العام ٢٠٠٩ كي يتنحّى عن منصب رئاسة غرفة صناعة حلب، الذي كان يشغله منذ العام ٢٠٠٥، من خلال الانسحاب من الانتخابات قبل إجرائها. حلّ محلّه فارس الشهابي الذي حظي بدعم رامي مخلوف.
[36] أنظر جوزيف ضاهر، "قطاع التصنيع في سوريا: نموذج الانتعاش الاقتصادي قيد البحث" (بالإنكليزية)، تقرير مشروع بحثي، (فلورنسا: معهد الجامعة الأوروبية، برنامج مسارات الشرق الأوسط، مشروع زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا، أيار ٢٠١٩)، http://bit.ly/٣٥aClEk
[37] تجمع رجال الأعمال السوري بمصر، "تجمع رجال الأعمال السوري بمصر يبارك لسورية إجراء انتخابات الرئاسة"، فايسبوك، ٢٨ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/٣UJu٩U٨
[38] قناة سما، "قناة سما الفضائية: الحوار الاقتصادي"، ٩ تشرين الأول ٢٠٢٢، http://bit.ly/٣UOrskd
[39] تجمع رجال الأعمال السوري بمصر، "وفد إتحاد غرف التجارة السورية في زيارة عمل إلى مصر"، فايسبوك، ٢٦ شباط ٢٠٢٢، https://bit.ly/٣To٧v٢k
[40] تجمع رجال الأعمال السوري بمصر، "كان اللقاء الأول الذي تشرفت به باستقبال سعادة السفير عماد طارق الجنابي"، فايسبوك، ١١ آب ٢٠٢٢، https://bit.ly/٣ToY٦b٠
[41] الوسيلة، "باسل سماقية.. حكاية رجل الأعمال السوري الذي يحتفل بزفافه كل عامين بكلفة نصف مليون دولار!".
[42] مقابلة مع خلدون الموقّع، تشرين الثاني ٢٠٢٢.
[43] المرجع السابق.
[44] سلمى الوردجي، "’غرفة القاهرة’ توقع مذكرة تفاهم مع ’رجال الأعمال السوريين’"، بوابة الأهرام، ١٨ نيسان ٢٠١٨، http://bit.ly/٣X٧ExH٠
[45] سانا، "مذكرة تفاهم بين هيئة دعم وتنمية الصادرات وتجمع رجال الأعمال السوري في مصر لتحسين جودة المنتجات المعدة للتصدير إلى مصر"، ٢٨ شباط ٢٠١٧، http://bit.ly/٣NRyAtO
[46] أنظر جوزيف ضاهر، "قطاع التصنيع في سوريا: نموذج الانتعاش الاقتصادي قيد البحث" (بالإنكليزية).
[47] مقابلة مع رجل أعمال سوري مقيم في دبي، تربطه علاقات برجال أعمال سوريين في مصر، أيلول ٢٠٢٢.
[48] لجين سليمان، "رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين في مصر والعالم خلدون الموقع لـ’هاشتاغ’: ’نريد تواصلاً مع صاحب قرار قادر على التغيير’"، هاشتاغ، ٢٨ كانون الثاني ٢٠٢٢، http://bit.ly/٣WPLsol
[49] مقابلة مع رجل أعمال سوري مقيم في دبي، تربطه علاقات وثيقة برجال أعمال سوريين في مصر، أيلول ٢٠٢٢، ومقابلة مع رجل أعمال سوري مقيم في حلب، أيلول ٢٠٢٢. أنظر أيضاً سنان حتاحت، "البقاء أم الرحيل؟ معضلة رجال الأعمال السوريين المستقلّين"، موجز سياسات، (فلورنسا: معهد الجامعة الأوروبية، برنامح مسارات الشرق الأوسط، مشروع زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا، تشرين الثاني ٢٠٢١)، https://bit.ly/٣ZKDVbB
[50] مقابلة مع رجل أعمال سوري مقيم في مصر منذ صيف العام ٢٠١٣.
[51] مقابلة مع هالة الشاش، تشرين الثاني ٢٠٢٢.
[52] مقابلة مع خلدون الموقّع، تشرين الثاني ٢٠٢٢.
[53] خلدون الموقع، "الموقّع: الاستثمارات السورية ومجتمع السوريين بمصر خط أحمر"، فايسبوك، ١٠ كانون الأول ٢٠٢٢، https://bit.ly/٣YhKnpQ
[54] ظلّت التجارة بين مصر وسوريا ثابتة ومتواضعة إلى حدّ ما منذ العام ٢٠١٦، وترواحت قيمتها بين ٣١٢ مليون دولار كحدّ أدنى في العام ٢٠١٦، و٤١٢،٣ مليون دولار كحدّ أقصى في العام ٢٠١٨. وبينما كانت مصر سادس أكبر شريك تجاري لسوريا في العام ٢٠٢١، بحجم إجمالي للتجارة قدره ٣٥٨،٧ مليون دولار، بقيت دمشق شريكاً صغيراً جداً للقاهرة. وقُدّر إجمالي حجم التجارة المصري بـ١٣٤،٤ مليار دولار في العام ٢٠٢١. أما الشركاء التجاريون الرئيسون لمصر فهم الصين (١٩،٩٧ مليار دولار)، والمملكة العربية السعودية (٩،١ مليارات دولار)، وتركيا (٦،٧ مليارات دولار)، والولايات المتحدة (٦،٥ مليارات دولار)، والإمارات العربية المتحدة (٣،٧ مليارات دولار).
[55] قبل انعقاد قمة جامعة الدول العربية في الجزائر في تشرين الثاني ٢٠٢٢، استبعد وزير الخارجية المصري سامح شكري استعادة سوريا مقعدها في الجامعة، وشدّد على ضرورة أن تتّخذ دمشق الخطوات اللازمة لضمان عودتها. دعا شكري أيضاً إلى إيجاد حلّ سياسي استناداً إلى قرار الأمم المتحدة رقم ٢٢٥٤، في تناقض صارخ مع التصريح الذي أدلى به في آذار ٢٠١٩، عندما قال إن القاهرة ليس لديها أيّ شروط على عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
[56] في العام ٢٠٢٢، كانت السعودية ثاني أبرز مستثمر في مصر، حيث بلغ إجمالي استثماراتها ٦،١٢ مليارات دولار. وفي تشرين الثاني ٢٠٢٢، مدّدت السعودية أيضاً فترة وديعة قيمتها ٥ مليارات دولار كانت أودعتها في البنك المركزي المصري، في خطوةٍ ترمي إلى دعم الاقتصاد المصري. يُذكَر أن الاحتياطيات الأجنبية المصرية تقلّصت من ٤١ مليار دولار في شباط ٢٠٢٢، إلى ٣٣،٥ مليار دولار في كانون الأول ٢٠٢٢، بما في ذلك ٢٨ مليار دولار على شكل ودائع من دول الخليج. وفي سياق وضع اقتصادي متفاقم، سعت الدولة المصرية إلى تخفيف حدّة الأزمة عبر جذب المزيد من الاستثمارات من دول الخليج الغنية، بما فيها السعودية. وإلى جانب هذه الديناميات، تتفاوض القاهرة مع الرياض حول قضايا أساسية مثل قضية جزيرتَي تيران وصنافير، اللتين يشكّل نقل ملكيّتهما إلى السعودية خطوة أساسية في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
[57] أنظر روبرت تيغنور، "الأنشطة الاقتصادية للأجانب في مصر، ١٩٢٠-١٩٥٠: من ملّة إلى برجوازية راقية"، الدراسات المقارنة في المجتمع والتاريخ، تموز ١٩٨٠، المجلّد ٢٢، رقم ٣، ٤١٦-٤٤٩.