Home page

يمكن تنزيل منشورات المشروع لأغراض البحث الشخصية فقط. إن أيّ استنساخٍ إضافيّ لأغراض أخرى، سواء على شكل نسخ مطبوعة أم إلكترونية، يتطلّب موافقة المؤلّفين.
أما في حال الاستشهاد بالنص أو اقتباسه، فيجب الإشارة إلى الأسماء الكاملة للمؤلّفين والمحرّرين، إضافةً إلى العنوان، والسنة التي نُشِر فيها، والناشر.

حروب الدّاخل: المحفّزات المحلّيّة للنّزاعات في سوريا وليبيا

تحميل الملف pdf

تمرّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تحولات عميقة. وقد اجتمعت التغيرات البنيوية الطويلة الأمد ذات الطابع الاجتماعي الاقتصادي والديموغرافي بالديناميات التي أطلقتها نزاعات تغيير الأنظمة و/أو النزاعات المسلّحة التي أتت نتيجة لثورات سنة 2011. 

فالنظام الإقليميّ الذي كان سائدًا قبل 2011 ما عاد مقبولا، الأمر الذي أدّى إلى تكاثر المواجهات الجيوسياسية وتكثيفها في ما بين القوى الإقليميّة والدوليّة، ما زاد في خطر قيام حالة من عدم الثبات غالبًا ما تحوّلت إلى نزاعات مسلّحة. ونتيجة لهذا، ثمّة إعادة تشكيل للتركيبة الإقليميّة وللأوضاع الداخليّة لكلّ من الدول المعنيّة في الصراع. وقد نشأت خطوط تصدّع جديدة وأحلاف جديدة. وأصبحت الحدود نقاطا لافتة على خريطة المنطقة السياسية المتحوّلة، وذلك بإعادة تفعيل التوتّر الحدوديّ، وانعدام سيطرة الدولة المركزيّة على المناطق الحدوديّة، وحتى في أعادة النظر في الحدود الوطنيّة التي قامت بعد عصر الاستعمار سوريا – العراق - ليبيا.

في المناطق التي تحوّلت فيها النزاعات إلى مواجهات مسلّحة، قامت أشكال جديدة للحكم محليّة، غالبًا ما تأسست على السيطرة العسكريّة أو الانقسامات الإثنية أو الطائفيّة أو القبلية أو الدينيّة، التي كسرت وحدة الأراضي الوطنيّة. وهي تشكّل تهديدًا طويل الأمد لإعادة بسط السيادة الوطنيّة، وتزيد من الصعوبات المتصلة بحلّ مقبول للأزمات.  فالمجموعات الجهادية تستغلّ هذه الأوضاع لتوسيع رقعة نشاطها، مهددة بهذا المنطقة برمّتها.

على هذه الخلفية، تشكل سوريا وليبيا منطقتين للصراع مهمّتين. ولهذه النزاعات الدراماتيكيّة عواقب على المنطقة وعلى أوروبا القريبة.

إنّ الثمن البشريّ والاقتصاديّ لخمس سنوات من النزاع المسلّح في سوريا باهظ جدًا. وفق تقدير الأمم المتّحدة زاد عدد ضحايا هذا النزاع في سوريا على 400 ألف نسمة. وبحسب أبحاث المركز السوري لبحوث السياسات فإنّ البلد يواجه خسارة اقتصاديّة بنسبة 468 % من إجمالي الناتج المحليّ، ونسبة بطالة تتخطى 52 %. في نهاية 2015 ، بلغت نسبة النازحين من السكان 45 %. وثمةّ 6.4 ملايين سوريًا يعيشون في حالة من النزوح الداخليّ المستمرّ.

غير أنّ نتائج الصراع السوري تجاوزت حدود البلد. فقد دفعت الحرب الأهلية بأكثر من 5.4 مليون نسمة إلى الهرب إلى البلدان المجاورة كلبنان، والأردن، وتركيا، مع ما لهذا النزوح من دور في زعزعة للاستقرار في هذه البلدان على المستوى السياسيّ وعلى مستوى نسيجها الاجتماعيّ وبناها الاقتصاديّة. وقد تسرّب تدفّق اللاجئين السوريين إلى أوروبا، وخلق أكر أزمة لاجئين منذ الحرب العالميّة الثانية، ووضع على المحكّ التضامن ضمن الاتحاد الأوروبيّ.

أمّا في ليبيا، فقد أدّى سقوط القذّافي إلى تفتّت عميق للأراضي الليبيّة، وإلى انقسام عاموديّ بين معسكرين متنافسين، وإلى عدد من النزاعات الأصغر ذات الحدة المتفاوتة تستعر على مدى البلاد. وتسبّب عجز القوى السياسيّة عن تحقيق انتقال جديّ للسلطة في نشوء مواجهة مسلّحة بين القوى المتنافسة على السلطة وعلى موارد البلاد. وتأجّجت حدّة النزاع بتدفّق غير مضبوط للمهاجرين واتجار من شتى الأنواع، وهي عوامل سيكون لها دور أساسيّ في خلق مزيد من الزعزعة في استقرار ليبيا في المستقبل. إنّ محولات الدولة الإسلاميّة )داعش( في تمتين حضورها في ليبيا وتوسيعه هي السبب الآخر للقلق، وقد يكون لتمتين هذا الحضور آثار تردديّة على البلدان المجاورة، وتهديدات مهمّة لأمن أوروبا.

نقلت أزمة الهجرة المستمرّة والهجمات الإرهابيّة على أوروبا مسألة اللاجئين والتطرّف الجهاديّ إلى الواجهة. ويبدو أنّ هذين الموضوعين متصلان اتصالاً وثيقًا بالتطورات والعنف المستمرّ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. من هنا أنّ هذه النزاعات الإقليميّة قد جذبت الاهتمام المتزايد للمحلّلين الغربيين والأوروبيين.

الحرب السوريّة والصراع المعقّد في ليبيا موضوع نقاش مستفيض. معظم التحليلات تركّز على المررات والآثار الجيوستراتيجيّة والجيوسياسيّة، أوعلى التفسيرات الإيديولوجيّة والدينيّة، أو على العمليات الدبلوماسيّة على المستوى الوطنيّ، أو على دور العوامل الدوليّة، أو على التطورات العسكرية المستمرّة على الأرض. وغالبًا ما يقال إنّ المستوى الذي وصل إليه التفتّت على مستوى أرض الوطن، وحدّة الانقسامات المناطقيّة والقبليّة في ليبيا، والانقسامات الإثنية والطائفية في سوريا، تحتّم علينا أن ندخل الفاعلين المحليين ليلعبوا دورًا محوريًا في إيجاد حلّ مستدام للصراعات. ولكن، عمليًا، هذه الديناميات المحليّة مغيّبة على العموم، أو يتمّ تجاهلها، ذلك لأنّ المعلومات حول الفاعلين المحليين والمشاهد المحليّة المتعدّدة الأشكال والسريعة التبدّل، من الصعب جمعها، هذا بالإضافة إلى أنّ العمل على الأرض في المناطق التي تمزّقها الحرب صعب على الأغلب.

إنّ هذا الكتاب الإلكترونيّ - حروب الداخل: الديناميّات المحليّة للنزاع في سوريا وليبيا – يهدف إلى الإسهام في فهم بعض الديناميات المحليّة في النزاعين السوريّ والليبيّ والتي لم يبحث فيها بعد بما يكفي. إنه نتاج مناقشتين متخصّصتين خلال الاجتماع البحثيّ الذي تمّ في افتتاح مركز روبرت شومان للدراسات العليا وبرنامج "مسارات الشرق الأوسط"، في المعهد الأوروبي الجامعيّ، في فلورنسا في 10-11 آذار 2016.

الهدف من هذا الكتاب الإلكترونيّ أن يخلق رواية جديدة لهذه الصراعات تلقي ضوءًا على الأبعاد المحليّة وذلك بإمعان النظر في التحولات الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والدينيّة التي أتت نتيجة للثورات والنزاعات المسلّحة الي تلتها. وحده الفهم الصحيح لهذه الديناميّات يمكننا من إطاق عمليّة شاملة ومفيدة لحلّ النزاع وللإعداد لمرحلة انتقالية تلي حلّ النزاع.

ففي ما يختصّ بسوريا، إنّه يبحث في مسائل مثل التّأثيرات السّياسيّة والاقتصاديّة على انهيار سوريا، ومحفّزات السّلطة المحلّيّة في المناطق الخاضعة للمعارضة والأكراد، وحدود التّأثير الخارجيّ في ضمان نجاح المجموعات المسلّحة في ما يُنظَر إليه غالباً على أنّه حربٌ بالوكالة بين القوى الخارجيّة. أمّا في ما يخصّ ليبيا، فيركّز على دراسة حالةٍ محلّيّةٍ من الحوار والوساطة والمصالحة، وتفاعلها مع المسار الوطنيّ السّياسيّ والعسكريّ الشّامل، بالإضافة إلى دور الأفرقاء المحلّييّن المنخرطين في التّهريب والإتجار في المناطق الحدوديّة، ونموّ المساحات الاقتصاديّة عبر الحدود وحجمها السّياسيّ، ودور ثقافة الشّباب في نموّ الفكر الجهادي ، وأخيراً حول استرتيجيّة تغلغل الدّولة الإسلاميّة وواقعها على الأرض. هذا وتسعى المقالات المختلفة لترجمة نتائج البحث القائم على عملٍ ميدانيٍّ إلى توصياتٍ سياسيّةٍ بلغةٍ يمكن أن تكون ذات فائدةٍ للزّعماء السّياسيّين. 

إنّ مؤتمر أبحاث برنامج مسارات الشّرق الأوسط - The Middle East Directions Research Meeting تحت عنوان: "إعادة التّفكير في الشّرق الأوسط:  التّحوّلات والتّدفّقات والنّظام (الاضطرابات)" - Rethinking the Middle East: Transformations, Flows and (Dis)orders جمع أكثر من أربعين باحثاً وزعيمٍ سياسيٍّ وناشطٍ يعملون على منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكان هذا الحدث الافتتاحيّ للبرنامج الجديد لقسم الشّرق الأوسط في مركز روبرت شومن للدّراسات العليا. ويطمح هذا البرنامج ليصبح مرجعاً للباحثين حول منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما أنّه سيدعم التّبادل والتّعاون الطّويل الأمد بين الباحثين والنّاشطين من شاطئَي البحر الأبيض المتوسّط، مشدّداً على النّتائج العمليّة بهدف وضع تحليلاتٍ أكاديميّةٍ ذات صلةٍ للزّعماء السّياسيّين. والهدف الرّئيسيّ هو تحفيز مقارباتٍ جديدةٍ وردود فعلٍ سياسيّةٍ على المشاكل الكثيرة الّي تؤثّر على المنطقة، وتملك وقعاً مباشراً على أوروبا.

تحرير:

LUIGI NARBONE - لويجي ناربوني

AGNÈS FAVIER - أغنيس فافيير

VIRGINIE COLLOMBIER - فرجينيه كلومبية

فهرس المحتويات:

  • مقدّمة
  • لويجي ناربوني – الدّيناميّات المحلّيّة للنّزاعات في سوريا وليبيا
  • الجزء الأوّل: الصّراع السّوريّ
  • جهاد يازجي – انهيار سوريا: التّأثيرات السّياسيّة والاقتصاديّة
  • أغنيس فافيير – محفّزات السّلطة المحلّيّة في المناطق السّوريّة الخاضعة لسيطرة المعارضة
  • دريوس الدّرويش – السّلطة المحلّيّة في منطقة الإدارة الذّاتيّة الدّيمقراطيّة الكرديّة في شمال سوريا
  • طوماس بييريت – الدّول الرّاعية والتّمرّد السّوريّ: حدود النّفوذ الخارجيّ
  • الجزء الثّاني: الصّراع اللّيبيّ
  • فرجينيه كلومبية – الحوار والوساطة والمصالحة في صراعات ليبيا المحلّيّة
  • حمزة المؤدب – المهرّبون والقبائل والميليشيات: بروز القوّات المحلّيّة على منطقة الحدود اللّيبيّة – التّونسيّة
  • ماري فيتزجيرالد – الجهاديّة وعلاقتها بثقافة الشّباب وايديولوجيّتهم: قضيّة أنصار الشّريعة في ليبيا
  • سيف الدّين طرابلسي وفرجينيه كلومبية – الدّولة الإسلاميّة في ليبيا: الاستراتيجية والواقع على الأرض
  • خلاصة
  • لويجي ناربوني وأغنيس فافيير و فرجينيه كلومبية – حروب الدّاخل:ما هي العِبَ الّتي يمكن أخذها عند النّظر إلى المحفّزات المحلّيّة للنّزاعات في سوريا وليبيا؟

من نحن

  •  

    أسَّسَ مركز روبرت شومان للدراسات العليا في معهد الجامعة الأوروبية برنامج مسارات الشرق الأوسط في العام ٢٠١٦، استكمالاً للبرنامج المتوسّطي الذي وضع المعهد في طليعة الحوار البحثي الأورومتوسّطي بين العامَين ١٩٩٩ و ٢٠١٣.

    يطمح برنامج مسارات الشرق الأوسط إلى أن يصبح جهة مرجعية دولية للأبحاث التي تتعلّق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تنظر في التوجّهات والتحوّلات الاجتماعية-السياسية، والاقتصادية، والدينية. ويسعى البرنامج إلى تحقيق هدفه هذا من خلال تشجيع البحث متعدّد التخصّصات بناءً على نتائج العمل الميداني، والتعاون مع باحثين من المنطقة. ويفيد البرنامج من خبرة باحثين ناطقين بلغات المنطقة الرئيسة، بما فيها العربية الفصحى والعامية، والفارسية، والطاجيكية، والتركية، والروسية.

    للمزيد ...
Funded by the European Union