Home page

يمكن تنزيل منشورات المشروع لأغراض البحث الشخصية فقط. إن أيّ استنساخٍ إضافيّ لأغراض أخرى، سواء على شكل نسخ مطبوعة أم إلكترونية، يتطلّب موافقة المؤلّفين.
أما في حال الاستشهاد بالنص أو اقتباسه، فيجب الإشارة إلى الأسماء الكاملة للمؤلّفين والمحرّرين، إضافةً إلى العنوان، والسنة التي نُشِر فيها، والناشر.

التجربة السورية لحزب الله اللبناني

  • الكاتب: مازن عزي
  • التاريخ: الثلاثاء, 03 آذار 2020
  • تحرير: مايا صوّان

تحميل الملف pdf

ملخّص تنفيذي

يختلف الغرض من انتشار حزب الله اللبناني في سوريا وطبيعته، بحسب المنطقة وأهميّتها الاستراتيجية للحزب، كما تختلف من منطقة إلى أخرى طريقة بناء الحزب تحالفاته وعلاقاته بالمجتمعات المحلية ومؤسسات الدولة. ففي حين ركّز حزب الله على الحدود السورية-اللبنانية والجنوب السوري، عبر تواجده العسكري المباشر هناك، أو عبر خلايا أمنية وميليشيات سورية وكيلة، عمل أيضاً على إنشاء مظلّة واسعة للميليشيات الشيعية السورية، تُعرَف باسم حزب الله السوري، وتنتشر بشكل رئيسي في مناطق سكن الشيعة السوريين في دمشق وحمص وحلب. وقد أتاح ضمُّ تلك الميليشيات إلى صفوف الجيش السوري، بصيغة قوات الدفاع المحلي، فرصةً للحزب لتقوية نفوذه في المؤسسة العسكرية السورية.

ومع تطوّر انخراط حزب الله في الحرب، أخذ باستكشاف الآفاق الاقتصادية لنفوذه السياسي-العسكري، وبدأ برعاية أنشطة اقتصادية كالتهريب وتجارة المخدرات، لتمويل تجربته السورية. فاستفاد من سيطرته على الحدود السورية-اللبنانية لاحتكار تهريب البضائع، ورعى مع شريكه المحلي، الفرقة الرابعة في الجيش السوري، افتتاح سوق الديماس لإمداد مناطق النظام بمختلف أنواع السلع التي تفتقدها السوق السورية. فضلاً عن ذلك، استخدم شبكاته العسكرية والأمنية في تسويق المخدرات المُنتَجة في لبنان ضمن السوق المحلية السورية، وتهريبها إلى الأردن، ومنه إلى الخليج. واستثمر الحزب جزءاً من تلك العائدات المالية في تمويل أنشطة عدّة، منها عمليات شراء الأراضي في أماكن محدّدة كالقصير في ريف حمص، والسيدة زينب جنوب دمشق.

ويلجأ حزب الله لتقوية موقعه ونفوذه في سوريا، واستدامة بقائه فيها، إلى ما يمكن وصفه بشبكة علاقات اجتماعية لا تنحصر فقط بالطائفة الشيعية في سوريا. فهو يعمل برعايةٍ إيرانيةٍ على إنتاج مشروع اجتماعي وثقافي واقتصادي متكامل في سوريا، علماً أن صغر حجم الطائفة الشيعية دفعه إلى استكشاف خيارات جديدة، منها محاولة مدّ التشيّع إلى أوساط اجتماعية أخرى، مستعيناً في ذلك بالعلاقات والروابط العشائرية، وبالوجهاء المحليين والقبليين، الذين يعمل على ضمّهم إلى شبكة المنتفعين الزبائنية المرتبطة به.

مقدّمة

بدأ حزب الله تدخّله العسكري في سوريا منذ الأيام الأولى للثورة السورية في آذار ٢٠١١، على شكل استشارات قدّمها لقوات النظام وأجهزته الأمنية، ومن خلال التدخّل المباشر على الأرض عبر مجموعات من وحدة النخبة الخارجية ٩١٠، في كلّ من درعا ودمشق. ومع تصاعد عدد قتلى الحزب أثناء تنفيذ "الواجب الجهادي" في سوريا، اضطّر إلى الإعلان رسمياً عن مشاركته العسكرية، في أيار ٢٠١٣، قُبيل معركته الهجومية الأولى في بيئةٍ حضَريةٍ ضدّ المعارضة في مدينة القصير في ريف حمص. آنذاك برّر الأمين العام للحزب، حسن نصرالله، التدخّل العسكري بالقول: "سوريا ظهر المقاومة وسندها"، "وإذا سقطت سوريا في يد الأميركي والإسرائيلي والتكفيري، وأدوات أميركا في المنطقة، فستحاصر المقاومة وسوف تدخل إسرائيل الى لبنان لتفرض شروطها عليه"، وتحيي أهدافها من جديد، و"إذا سقطت سوريا، ضاعت فلسطين".[1]

انطلاقاً من تلك التصريحات تدخّل الحزب لمنع سقوط النظام السوري، وتأمين طريق إمداد الحزب البرّي بالأسلحة من إيران، وحماية معسكرات تدريب قواته، ومخازن أسلحته في سوريا. بيد أن الأعوام السبعة التي انقضت على إعلانه التدخّل العسكري، كانت كفيلةً بتحويله من لاعب محلي لبناني، إلى قوة إقليمية قادرة على إرسال وحدات قتالية أشبه بجيش نظامي للقتال على أرض غريبة، خدمةً لأهداف لم تَعُد تتعلّق بالضرورة بـ"مقاومة" إسرائيل، أو مواجهة أحلاف إقليمية. ومع ذلك، عرّضه هذا التدخّل لتكاليف باهظة، عسكرياً وسياسياً.

غالباً ما يتم الانطلاق من الأهداف الاستراتيجية والجيوسياسية التي حقّقها حزب الله من تدخّله العسكري في سوريا، لتفسير طريقة عمله على الأرض السورية.[2] أما هذه الورقة فتعتمد مقاربةً جديدة، تنطلق من المعطيات على الأرض لتفسير طرق عمل الحزب المختلفة بحسب أهدافه الاستراتيجية والجيوسياسية، ولرسم خريطة جديدة لتموضع الحزب في سوريا عسكرياً، واقتصادياً، وثقافياً.

في ضوء ذلك، تبحث هذه الورقة في كيفيّة تطوير حزب الله اللبناني أدواته للحفاظ على بقاء طويل الأمد في سوريا، وإن كانت تجربته السورية أنتجت ما يمكن وصفه بحزب الله السوري، باعتباره مشروعاً مستقلّاً يقوده الشيعة في سوريا. وتنظر الورقة في ملامح المشروع المتكامل اقتصادياً واجتماعياً، الذي يحاول الحزب تكريسه في الواقع السوري.

استند الباحث إلى ١٦ مقابلةً أجراها مع باحثين، ومختصّين، وصحافيين متابعين لأنشطة حزب الله في سوريا، بين تشرين الأول ٢٠١٩، وكانون الثاني ٢٠٢٠. كما جمَعَ عدداً كبيراً من المقالات ذات الصلة، وعمل على تحليلها، والتدقيق في المعلومات الواردة فيها بمقارنتها مع مصادر الإنترنت المفتوحة، والأرشيف الشخصي. كذلك استند الباحث إلى أدبيّات متاحة ذات صلة، لوضع الإطار العام لبحثه هذا، وصياغة أسئلته المركزية.[3]

الجزء الأول: الانتشار العسكري لحزب الله في سوريا، وأهميّته، ووظيفته

تختلف طبيعة وجود حزب الله في سوريا بحسب مناطق تدخّله ووظائفها. فقد أنشأ شبكةً من الميليشيات الشيعية السورية، يمكن تسميتها بحزب الله السوري، وأدار الميليشيات الشيعية العراقية الوافدة، كما انتشر إلى جانب الحرس الثوري الإيراني لتأمين الحماية له، وعمل وسيطاً بينه وبين السوريين. فضلاً عن ذلك، درّب الحزب وأدار شبكةً من الميليشيات الوكيلة،[4] المنضوية إلى قوات الدفاع الوطني والدفاع المحلي، وقوات النظام. هذا وحافظ على انتشارٍ بحتٍ لقواته في مناطق استراتيجية له، حيث أقام قواعد عسكرية، ونقاط رصد، ونشرَ مجموعات أمنية.

يصعب تمييز حدود عمليات الميليشيات الموالية لإيران في سوريا، ولكن يُلاحَظ أن حزب الله ينشط في مناطق أساسية ثلاث: عبر الميليشيات الشيعية السورية في مناطق تمركزها؛ وفي الجنوب السوري؛ وعلى الحدود السورية-اللبنانية. هذا التقسيم يستند إلى أنماط وجود الحزب المختلفة، التي تتوافق مع الضرورات العسكرية، والاقتصادية، والثقافية، في كل منطقة على حدة.

أما حضور حزب الله في المنطقة الشرقية السورية فيبقى ضعيفاً نسبياً، إذ إن هذه الأخيرة تخضع لإدارة إيرانية مباشرة عبر الحرس الثوري.[5] في المقابل، يُلاحَظ حضورٌ مختلطٌ للحزب والحرس الثوري في حلب، يكاد يصعب فيه التمييز بينهما، حيث تشكّلت تجربة مميّزة مختلفة عمّا عداها في سوريا. فانتشار الحزب العسكري هناك يبدو مكمّلاً وحمائياً لقوات الحرس الثوري، التي أقامت في جبل عزان أكبر قواعدها، وأكثرها تحصيناً واستراتيجيةً في سوريا، بعيداً نسبياً عن الملاحقة الإسرائيلية المباشرة، رغم تعرّضها لغارات إسرائيلية مطلع العام ٢٠١٩. وتتألّف مراكز القيادة، وغرفة العمليات المشتركة للحزب والحرس الثوري، من الأكاديمية العسكرية، والكليات العسكرية الثلاث، في أحياء حلب الغربية بمحاذاة نقاط المراقبة الإيرانية.[6]

الخريطة ١: أهم مناطق انتشار حزب الله اللبناني والمليشيات السورية الموالية له

 

المصدر: مقابلات أجراها الباحث

 

التنظيمات الشيعية السورية في مناطق استقرار الشيعة ونزوحهم

حزب الله السوري

منذ مطلع العام ٢٠١٢، أنشأ حزب الله مظلّة حصرية للميليشيات الشيعية السورية، عُرِفَت باسم حزب الله السوري، إلا أن أزمات عدّة واجهت هذا التشكيل. فعلى الرغم من خضوع الطائفة الشيعية السورية لعسكرة واسعة النطاق منذ العام٢٠١١، لم تتشكّل قيادة موحّدة لحزب الله السوري بسبب صغر حجم الطائفة، التي كانت تمثّل حوالى ١-٢ في المئة من عدد السكان قبل العام ٢٠١١، وبسبب تشتّتها الجغرافي، وتعدّد مرجعياتها الأهلية والثقافية. فحزب الله السوري هو عملياً عبارة عن مجموعات شيعية سورية لها قيادات لبنانية، وفي بعض الأحيان قادة سوريون تلقّوا تدريباتهم في إيران، وانضووا تحت لواء القيادة اللبنانية.[7] وقد استطاع الحزب بفضل القرب الجغرافي بين لبنان وسوريا، وروابطه الاجتماعية الوثيقة بشيعة سوريا، الحفاظ على السيطرة المباشرة على جماعاته السورية المستنسخة.[8]

تنتشر ميليشيات حزب الله السوري بشكل رئيسي في مناطق سكن الشيعة السوريين، وتؤمّن الحماية لها، علماً أنها شاركت بفعالية في عمليات النظام والحزب العسكرية خارج مناطقها. لكن التغيّرات الديمغرافية التي رافقت الحرب السورية، تسبّبت بإعادة انتشار بعض تلك الميليشيات، كما حصل في الفوعة وكفريا في إدلب، بعد إخلائهما ضمن اتفاق المدن الأربع،[9] وانتقال معظم سكانهما إلى السيدة زينب في دمشق، وأيضاً بعد النزوح الكثيف من نبل والزهراء، في ريف حلب، باتجاه السيدة زينب. وفي درعا، ركّز الحزب انتشاره في البداية في أوساط شيعة بصرى، إلا أنهم هُجّروا عنها مع سيطرة المعارضة عليها في العام ٢٠١٥، وانتقل قسم كبير منهم إلى السيدة زينب.[10] أما في الساحل السوري وحماة، فينتشر حزب الله السوري في أوساط محدودة وصغيرة من العلويين المتشيّعين، في حين لم تثمر محاولاته لتشكيل ميليشيا صافية له في محافظة السويداء الدرزية. في المقابل، يشكّل لواء الباقر في ريف حلب حالةً خاصةً لحزب الله السوري، إذ يتألّف بشكل أساسي من فرعٍ متشيّعٍ من عشيرة البقارة السنّية.

يجدر ذكره أن الميليشيات الشيعية كافة التي أسّسها حزب الله في سوريا، تدين بولاية الفقيه، وراياتها تحمل رموز حزب الله نفسها، من الذراع والبندقية والكوكب خلفهما. وعموماً، إن نماذج الميليشيات التي استنسخها الحزب في سوريا متشابهة، يتزعّمها رجال دين شيعة لبنانيون، وبنسبةٍ أقلّ رجال دين سوريون وعراقيون، ممَّن يُطلَق عليهم لقب حاج. وتتألّف هذه الميليشات من عناصر سوريين مُوزَّعين على ألويةٍ وكتائب وسرايا.

 

الخريطة ٢: أبرز ميليشيات حزب الله السوري

 المصدر: مقابلات أجراها الباحث، ومصادر الإنترنت المفتوحة ووسائل التواصل الاجتماعي، ومدوّنة أيمن جواد التميمي[11]

 

لكن بعض المؤشّرات يدلّ على استياء الطائفة الشيعية السورية من هيمنة الحزب اللبناني على قراراتها، ناهيك عن الحساسية القائمة إزاء عدم مساواة السوريين باللبنانيين. والمثال الأبرز على ذلك هو الوثيقة المُسرَّبة الصادرة عن "اللجنة الإسعافية المُشكَّلة لمعالجة وضع أهلنا في حمص"، التابعة لقوات الرضا، فرع حزب الله السوري في قرى أم العمد ومحيطها، في ريف حمص، في شباط ٢٠١٧. فقد أشارت الوثيقة إلى الفوقية التي يتعامل بها الحجاج اللبنانيون مع نظرائهم السوريين، والغبن اللاحق بالميليشيا السورية بخصوص رواتب عناصرها، ووضعهم الأمني والعسكري والاجتماعي، وعدم إعطائها "منفذاً إلى الدولة السورية يتناسب مع تضحياتها".[12]

وقد فسّرت قراءاتٌ تحليليةٌ عدّة الوثيقة المُسرَّبة بأنها رفض ضمنيّ من النظام السوري لنفوذ حزب الله المتزايد، ودعوة إلى احتواء وتحجيم ميليشيات حزب الله السوري ضمن قوات النظام.[13] ويعود سبب هذا التفسير إلى الأهمية الزائدة التي أعطاها المحلّلون لدور القيادي اللبناني في حزب الله، حمزة إبراهيم حيدر، الذي قُتِل في الخالدية في حمص، في العام ٢٠١٣،[14] باعتباره مؤسس قوات الرضا. إلا أن مَن أسّسها فعلياً، ولا يزال يقودها، بوصفها تنظيماً عقائدياً يدين بولاية الفقيه، ويجمع العسكريين السوريين الشيعة، هو العقيد زين الدين من قوات النظام، بإشراف حزب الله.[15] هذا التناقض الذي تحمله قوات الرضا كمتلازمة تأسيسية، هو نفسه الذي رافق الولادة المتعثّرة لحزب الله السوري، الذي يخدم سيّدَين في الوقت نفسه، حزب الله اللبناني والدولة السورية، ويجمع بين العقلية الجهادية الشيعية الملتزمة بخطّ ولاية الفقيه، وبين الحرص على "الوطن الغالي" والجيش العربي السوري.[16]

والواقع أن هذه العلاقة بين الطرفَين تتوضّح أكثر في الوثيقة السرّية المُسرَّبة في نيسان ٢٠١٧،[17] وهي عبارة عن مقترح صادر عن "شعبة التنظيم والإدارة/فرع التنظيم والتسليح"، حمل توقيع وموافقة القائد العام للجيش والقوات المسلحة، بشار الأسد.  تشير الوثيقة إلى دمج الميليشيات الإيرانية في سوريا ضمن أفواج الدفاع المحلي، بما يضمن تنظيم علاقة "السوريين المدنيين والعسكريين في القوات العاملة مع الجانب الإيراني". يُذكَر أن العدد الإجمالي لتلك القوات هو ٨٨٧٣٣ مقاتلاً، وأن الجانب الإيراني يتولّى "التأمين القتالي والمادي بكافة أنواعه"، و"تأمين الحقوق المادية للشهداء والجرحى والمفقودين".[18]

لقد باتت كل الميليشيات السورية الموالية لإيران، ومنها ميليشيات حزب الله السوري، على سجلات وزارة الدفاع السورية المختصّة بالميليشيات الشيعية السورية البحتة. لكن ذلك لا يعني تذويباً لحزب الله السوري في الجيش السوري و"عقيدته الوطنية"، بقدر ما يعني تمدّداً إيرانياً إضافياً في المؤسسات السيادية السورية.

أبرز الميليشيات الدائرة في فلك حزب الله، والعاملة في دمشق

حافظ حزب الله اللبناني على وجود مباشر له في السيدة زينب جنوب دمشق، إضافةً إلى التشكيلات الميليشياوية للشيعة السوريين النازحين إليها، الذين أصبحوا يشكّلون مع الأجانب، أكثر من ٧٠ في المئة من سكانها، بعد موجات النزوح الكثيفة إليها. ومع أن منطقة السيدة زينب سكنية مكتظّة، أقام الحزب فيها مخازن أسلحة، ومراكز استخبارات، وغرف عمليات، وسجوناً، علماً أن عشرات الميليشيات الشيعية التي تتّخذ منها مقرّاً لها، هي على علاقة وثيقة جداً بحزب الله، الذي يتكفّل وحده بحماية مقام السيدة زينب.[19]

وعلى خلاف إغلاق السيدة زينب، يترك حزب الله حي الشاغور، مركز ثقل الشيعة الدمشقيين، مفتوحاً أمام الناس بلا حواجز تقطعه، وإن كان يتحكّم به أمنياً عبر غرفة عمليات تدير شبكةً من كاميرات المراقبة، الموزّعة على أحياء دمشق القديمة، ومحيط مقام رقية والجامع الأموي. لكن نموذج السيدة زينب يتكرّر في محيط مقام رقية في دمشق، الذي يُعتبَر منطقةً أمنيةً مغلقةً تنتشر فيها ميليشيات شيعية متعدّدة الجنسيات، لحماية الوفود الشيعية القادمة لزيارة المقام وتربة باب الصغير. وتقع في محيط مقام رقية أيضاً مقرّات لحزب الله، ومستودعات للأسلحة الخفيفة، كما يُشاهَد فيها مسلّحون بلباس الباسيج الإيراني. كذلك يغلق الحزب منطقة البحصة التي تنتشر فيها فنادق للزوار الشيعة، ويستخدمها لعقد اجتماعات أمنية وعسكرية لقيادات الصف الأول من ميليشياته.[20]

الجدول ١: أبرز الميليشيات الدائرة في فلك حزب الله، والعاملة في دمشق

 

إسم الميليشيا

تاريخ التأسيس

منطقة العمل الرئيسية الحالية

ملاحظات

١

كتائب سيد الشهداء

٢٠١٣

دمشق

أسّسها العراقي فاتح الخزعلي باعتبارها واجهةً عسكريةً في سوريا لحركة سيد الشهداء. انضمّ إليها لواء السيدة رقية - القوة الجعفرية في أواخر العام ٢٠١٤، ثم لواء أسد الله الغالب في العام ٢٠١٦.

٢

لواء أبو الفضل العباس

٢٠١٣

السيدة زينب/دمشق

الشبكة الأولى من الميليشيات الشيعية في سوريا. عمل لفترة ضمن الدفاع الوطني. يقوده السوري ماهر عجيب جظه،"أبو عجيب"، من بلدة نبّل في حلب. ضمّ في فترات مختلفة لواء الإمام الحسين، ولواء ذو الفقار، ولواء أسد الله الغالب. وهو حالياً يتبع للكتيبة ١٤٢١ في اللواء ١٠٤ حرس جمهوري.

٣

لواء ذو الفقار

٢٠١٣

السيدة زينب/دمشق

لواء عراقي أضاف إلى اسمه عبارة "المدافع عن المقدّسات في العراق والشام"، بعد سقوط الموصل بيد داعش. وهو مسؤول عن مجزرة النبك في العام ٢٠١٣. يقوده أبو شهد الجبوري، تحت راية الحرس الجهوري - اللواء ١٠٤ مشاة.

٤

لواء الإمام الحسين

٢٠١٢

 

السيدة زينب/دمشق

تابع للفرقة الرابعة وفقاً للسجلّات. يحافظ على علاقة بجماعة الصدر في العراق، ويقوده العراقي أسعد البهادلي، خلفاً لشقيقه أمجد البهادلي.

٥

لواء أسد الله الغالب

٢٠١٣

دمشق

يضمّ مستشارين عراقيين من عصائب أهل الحق، وله شبكة تجنيد في العراق، حيث أسّس فرعاً له في العام ٢٠١٤. في كانون الثاني ٢٠١٦، أعلن الانضمام إلى حركة الأبدال العراقية المرتبطة بكتائب سيد الشهداء، ومنظمة بدر في العراق.

٦

لواء عمار بن ياسر

 

دمشق وحلب

واجهة سورية لحركة حزب الله النجباء العراقية. يُعرَف أيضاً باسم النجباء. معظم مقاتليه من الفوعة وكفريا وشيعة دمشق.

٧

قوات الوعد الصادق

٢٠١٢

السيدة زينب/دمشق

مجموعة مهام خاصة، قيادتها الميدانية من سوريين. لا ظهور لها مؤخّراً.

٨

فوج التدخّل السريع

 

السيدة زينب/دمشق

عراقي

 

٩

حرّاس المقام

٢٠١٣

السيدة رقية/دمشق

يتألّف من عناصر سورية وعراقية ولبنانية. يتولّى مهام حماية محيط مقامات زينب ورقية في دمشق.

المصدر: مقابلات أجراها الباحث، ومصادر الإنترنت المفتوحة ووسائل التواصل الاجتماعي، ومدوّنة أيمن جواد التميمي

 

تجدر الإشارة إلى أن الميليشات الأولى التي انتشرت في دمشق، كانت فروعاً لميليشيات عراقية تدين بولاية الفقيه، ساهم حزب الله اللبناني في تشكيلها بعد الغزو الأميركي للعراق في العام ٢٠٠٣، ومنها عصائب آل الحق، وحزب الله النجباء. وقد ضمّ جزء من تلك الميليشيات عناصر عراقية في البداية، لكنه سرعان ما احتوى الشيعة السوريين، في مختلف مناطق انتشارهم، علماً أن تركّز الميليشيات في دمشق وريفها الجنوبي يتناسب مع تركّز موجات نزوح الشيعة السوريين إليها. فضلاً عن ذلك، شهدت تلك الميليشيات عمليات إعادة تشكيل، وانشقاقات واندماجات متواصلة، إلى أن أصبحت عموماً تتألّف من سوريين شيعة على مستوى العناصر وبعض القيادات.

الحدود السورية اللبنانية: حماية خطوط الإمداد

كان حزب الله قد أعلن أن تدخّله في سوريا جاء، في البداية، لحماية المواطنين من ذوي الجنسية المزدوجة اللبنانية-السورية، الذين يقطنون في بعض القرى، في محيط بلدة القصير في ريف حمص، على الجانب السوري من الحدود.[21] بيد أن الحزب سرعان ما وسّع انتشاره ليشمل المنطقة الحدودية السورية-اللبنانية بأكملها، التي باتت تشكّل حزاماً يحافظ فيه الحزب بشكل رئيسي على وجود قواته الرسمية التي يقودها حجاج لبنانيون، ويتألّف قوامُها من العناصر السوريين من أبناء المنطقة.

فقد أخذ الحزب مؤخّراً يركّز تواجده في القلمون، حيث يقيم طرقاً وأنفاقاً ومخازن أسلحة، تُعَدّ آمنة نسبياً بفضل الطبيعة الجبلية الوعرة التي تقيها من الغارات الإسرائيلية، وبُعدها عن المراكز الحضرية، الذي يقلّل فرص التجسّس عليها، ناهيك عن قلّة الانتشار الروسي فيها. ويشكّل الحضور المباشر لحزب الله نسبةً تتجاوز الـ٥٠ في المئة من مجموع القوات العسكرية في القلمون الغربي، و٢٠ في المئة من مجموع القوات في القلمون الشرقي،[22] حيث توجد قاعدة للحرس الثوري الإيراني في الناصرية التي ينتشر الحزب فيها لحماية القاعدة.[23]

أما في الغوطة الغربية ومنطقة الحدود السورية-اللبنانية، فيركّز الحزب على الدور الاستخباراتي للسوريين من عناصره، بهدف التخابر على مجموعات المعارضة، والأنشطة المناهضة لوجوده. وتبدو قبضة الحزب شديدة في الغوطة الغربية، حيث يتشارك في بعض المواقع مع الفرقة الرابعة من قوات النظام. يُذكَر أن الحزب لا يزال يمنع الأهالي من العودة إلى بعض المواقع في حارة الزبداني الغربية التي تُعَدّ مربّعاً أمنياً.[24]

وفي مدينة القصير وريفها في ريف حمص على الحدود السورية-اللبنانية، ينفرد الحزب وحده بقواعد عسكرية، ومخازن أسلحة، ومعسكرات تدريب لعناصره. وكان قد شنّ، في ١٩ أيار ٢٠١٣، حملة عسكرية بدعمٍ من سلاح الجوي السوري، ضدّ المعارضة في مدينة القصير، واستولى عليها بعد ١٧ يوماً من القتال. تمثّل القصير المدخل الذي بدأت منه قوات حزب الله تدخّلها العسكري المباشر في سوريا، بوصفها الرابط ما بين سهل البقاع اللبناني وحمص السورية، وتتيح السيطرةُ عليها تحكّماً بالمنطقة الواصلة بين دمشق والساحل السوري، مروراً بحمص. كما إن الطريق البرّي بين طهران وبيروت يمرّ فيها، عبر تدمر في البادية السورية، ومنها إلى البوكمال على الحدود السورية-العراقية.

وقد تجلّت أهمية القصير بالنسبة إلى حزب الله من خلال العرض العسكري العلني الوحيد الذي أقامه فيها بمناسبة "يوم الشهيد"، في تشرين الثاني ٢٠١٦، وشارك فيه المئات من مقاتليه وفوج المدرّعات. فالحزب يعتقد أنه بسيطرته على القصير قد أضحى جيشاً عابراً للحدود.[25] هذا ولا يبدو أن ثمة عودة حقيقية ممكنة للنازحين إلى مدينة القصير في المدى المنظور، نظراً إلى الدمار الذي لحق بمنازلهم، ولأن المنطقة "مستملكة عسكرياً"، يملك فيها الحزب القاعدة العسكرية الأبرز، أي مطار الضبعة الذي تهبط فيه أحياناً طائرات الشحن الصغيرة العسكرية.[26]

الجنوب السوري: الوجود الأمني وتهديد إسرائيل

يعكس وجود حزب الله في درعا، والقنيطرة، ومثلث الموت،[27] وريف دمشق الجنوبي، الأهمية التي يوليها لهذه المنطقة الاستراتيجية، التي تشكّل منفذاً له على الحدود السورية-الإسرائيلية، يتيح له الفرصة لتهديد إسرائيل. ولذا أقام الحزب قواعد عسكرية، ومعسكرات تدريب ثابتة، شرق الطريق الدولي دمشق-عمان. كذلك عمد إلى اختراق كلّ من ريف درعا الغربي والقنيطرة بالمجموعات الأمنية من أبناء المنطقة، في ما يبدو أنه التزام شكلي بالاتفاقات الروسية-الإسرائيلية على إبعاد ميليشيات إيران ٨٠ كيلومتراً عن الحدود السورية-الإسرائيلية. ويُذكَر أن هذه المواقع تتعرّض لغارات إسرائيلية متكرّرة منذ نهاية العام ٢٠١٨.

فضلاً عن ذلك، عمل الحزب على تشكيل العديد من المجموعات ممَّن تبقّى من الشيعة في درعا، مثل لواء العرين ٣١٣ من شيعة بصرى، ولواء الإمام المهدي الذي يتالّف معظم عناصره من شيعة بصرى، وقرفا، والشيخ مسكين،[28] ولواء حضرة العباس، الناشط في إزرع. وبعد نزوح شيعة بصرى إلى السيدة زينب في دمشق، دفعت قلّةُ عدد الشيعة المتبقّين في الجنوب السوري الحزبَ إلى الاعتماد على الميليشيات الوكيلة، مثل فوج الجولان الذي كان سابقاً لواء المعتصم بالله المعارض، وأصبح تابعاً للحرس الجمهوري بعد تسويةٍ قديمةٍ مع النظام في العام ٢٠١٤. ومنذ اتفاق المصالحة في منتصف العام ٢٠١٨، يعمل لصالح حزب الله في درعا والقنيطرة، وبقيادة حجاج لبنانيين في الغالب، حوالى ٢٥٠٠ مقاتل من أبناء المنطقة، معظمهم كان في صفوف المعارضة سابقاً.[29]

وأقام الحزب أيضاً أربع قواعد عسكرية كبيرة ثابتة في المنطقة الجنوبية، ثلاث منها في درعا، وواحدة في القنيطرة، لتكون بمثابة مراكز تدريب وإعداد للمتطوّعين الجدد، ومستودعات للأسلحة والذخائر. كذلك يعمل الحزب على تشكيل مجموعات مقاتلة وخلايا أمنية من أبناء المنطقة، مهامها رصد القوات الإسرائيلية على الجانب الآخر من السياج الحدودي، والتدريب والتحضير لعمليات ضدّها.[30] وتتولّى هذه الخلايا أيضاً التخابر على فصائل التسوية من المعارضة سابقاً، وملاحقة معارضي الوجود الإيراني، واستهداف مَن سبق أن تعامل مع إسرائيل.[31] فعلى سبيل المثال، اعتقلت المخابرات الجوية خليل حليحل، قائد ما كان يُعرَف بلواء السبطين، المنضوي سابقاً تحت لواء جبهة ثوار سوريا المعارضة، ثم أُطلِق سراحه بعد أشهر في أواخر العام ٢٠١٨، بشرط تشكيل مجموعة في الرفيد على الحدود مع الجولان، تتولّى رصد الشريط الحدودي. وبالفعل قادت المعلومات التي قدّمتها مجموعة حليحل، إلى اغتيال القيادي السابق في جبهة ثوار سوريا، إبراهيم العر، المتّهم بالتعامل مع إسرائيل، في أواخر العام ٢٠١٨.[32]

منذ منتصف العام ٢٠١٨، أصبح الوجود العسكري المكثّف لحزب الله في مثلث الموت، محاولةً لتكريس معادلة ردعٍ مع إسرائيل. فقد ثبّت الحزب هناك قواعد صواريخ أرض-أرض متوسّطة المدى، ومنصات إطلاق الدرونز أو المسيّرات، وقواعد صواريخ مضادّة للطيران، كما أقام قواعد عسكرية في تلول فاطمة، وتل الشعار، وتل غرين، وتل الشحم. هذا ويلتفّ الحزب على التفاهم الروسي-الإسرائيلي بالانتشار ضمن اللواء ٩٠ من قوات النظام. وتوجد في مثلث الموت أيضاً ميليشيا فاطميون، وقوات الرضوان، وقوات المهدي الشيرازي الصاروخية.[33]

في المقابل، يزداد تواجد الحرس الثوري الإيراني كلّما اقتربنا شمالاً نحو دمشق. فمنذ خمسة أعوام، أقام الحرس في الكسوة جنوب دمشق واحدةً من أضخم قواعده العسكرية تحت الأرض في سوريا، في منطقة تتبع عسكرياً للفرقة الأولى المدرّعة في قوات النظام، التي تعرّضت للكثير من الغارات الإسرائيلية. وينتشر حزب الله بكثافة في المنطقة لتأمين الحماية للقاعدة الإيرانية،[34] حتى إنه نقل جزءاً كبيراً من أسلحته الثقيلة باتجاه تل المانع القريب من القاعدة.

بعد اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، في ٣ كانون الثاني ٢٠٢٠ في بغداد، أعاد حزب الله نشر وتوزيع بعض قواته في درعا، والقلمون، وغوطة دمشق الغربية، فاستبدل راياته بالأعلام السورية، فيما غيّرت قواته مواقعها ضمن المكان نفسه، وحصّنتها. وبات الحزب يحرص على عدم الثبات في مكان واحد، بل أصبح يغّيرمواقعه بشكل دوري، ويركّز على حفر الأنفاق، وإقامة المواقع تحت الأرض. أما التغيير الأبرز فحصل في جبعدين في القلمون الغربي، حيث دخل الحزب للمرة الأولى، وتمركز في كتيبة تل الدفاع الجوي برشاشات ثقيلة، ومضادات طيران محمولة على الكتف.[35]

 

الجزء الثاني: النشاط الاقتصادي للحزب والتباينات الجغرافية

لم يتوانَ حزب الله أثناء انخراطه في الحرب السورية، عن اكتشاف الفرص الاقتصادية المرافقة لذلك، فعمل على رفد ميزانيته بمصادر تمويل ذاتي في ظلّ الأزمة المالية التي تعيشها إيران، ممولّه الرئيسي، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في أيار ٢٠١٨، وما رافقه من إعادة فرضٍ للعقوبات عليها. وكانت التوجّهات التجارية للحزب قد تطوّرت وتغيّرت خلال مراحل الحرب، من بيع السلاح الخفيف للمعارضة،[36] إلى تجارة السيارات مع المناطق المحاصرة، وشراء السلاح من المعارضة بعد اتفاقيات المصالحة والإخلاء.

وما استجدّ خلال فترة تدخّل الحزب هو احتكاره لعمليات التهريب عبر الحدود السورية-اللبنانية بالاتجاهين، وسيطرته على سوق تجارة المخدرات في سوريا، ومنها إلى الأردن فالخليج. وقد استغلّ حزب الله جزءاً من المردود المادي لأنشطته غير الشرعية، في تمويل عمليات شراء أراضٍ وعقارات في منطقتَين أساسيّتَين لنفوذه في سوريا: القصير في ريف حمص، ومحيط السيدة زينب في ريف دمشق.

التهريب عبر الحدود السورية-اللبنانية

منذ ثمانينيات القرن الماضي، شكّلت الحدود السورية-اللبنانية متنفّساً لإمداد أسواق العاصمة دمشق والمنطقة الوسطى السورية بالبضائع الأجنبية المُهرَّبة من لبنان،[37] نظراً إلى القيود الحكومية السورية على استيراد بضائع تعتبرها "كمالية"، بما في ذلك الأدوات الكهربائية، والتبغ، والمواد الغذائية، والأدوية.[38] في المقابل، زوّدت تجارةُ التهريب الأسواقَ اللبنانية بالمنتجات الغذائية السورية رخيصة الأسعار من الخضار واللحوم والمحروقات. تواصلت آليات التهريب منذ نشوب الحرب اللبنانية الأهلية في العام ١٩٧٥، وخلال فترة الوصاية السورية على لبنان،[39] وكانت الجمارك السورية التابعة لوزارة المالية تغضّ الطرف عن السوق الرئيسية للتهريب في بلدة مضايا، في غوطة دمشق الغربية، لقاء حصص من التجارة. وقد بدأ نطاق حضور حزب الله في التهريب يتّسع على الجانب اللبناني من الحدود، منذ حرب تموز ٢٠٠٦، وصولاً إلى العام ٢٠١١، بالشراكة مع الفرقة الرابعة، والأمن العسكري على الجانب السوري.[40] في العام ٢٠١٩، بلغ حجم تجارة التهريب إلى سوريا من لبنان، حوالى ٢،٥ مليار دولار، بحسب تصريحات رسمية لوزير الدفاع اللبناني آنذاك.

يتحكّم حزب الله بكامل شريط الحدود السورية-اللبنانية، الممتدّ على طول ٣٧٥ كيلومتراً، والذي يضمّ عشرات المعابر غير الرسمية التي يستخدمها لتمرير قواته وشحنات أسلحته، ومدّها بالدعم اللوجستي والعسكري، ولإمداد مناطق سيطرته في لبنان بالبضائع والمنتجات السورية من دون إخضاعها للجمارك. كما يستخدم الحزب بعض تلك المعابر في دعم أنشطة اقتصادية غير شرعية، بما في ذلك تهريب البشر على جانبَي الحدود.[41]

وفي حين تجد معظم البضائع المُهرَّبة طريقها من لبنان إلى أسواق البلدات الحدودية السورية للتوزيع المحلي، يبقى سوق الديماس في ريف دمشق الغربي أحد أبرز الأمثلة على حيوية عمليات التهريب ومركزيّتها، والديناميّات المحلية المُكرّسة لها. أقيم السوق في بلدة الديماس في العام ٢٠١٢، على بُعد ١٥ كيلومتراً من نقطة المصنع الحدودية، بالتزامن مع عزل حزب الله والنظام مدينتَي الزبداني ومضايا، اللتين كانتا تشكّلان أبرز سوقَين للبضائع المُهرَّبة من لبنان قبل العام ٢٠١١. فبينما خرجت الزبداني ومضايا عن سيطرة النظام منذ أواخر العام ٢٠١١، ثم خضعتا طوال سنوات لحصار مزدوج من النظام وحزب الله، لم تشهد الديماس والبلدات المحيطة بها، أي الصبورة وراس العين والجديدة، حراكاً معارضاً للنظام، بل تطوّع عددٌ كبيرٌ من أبنائها في تشكيلات محلية تابعة للفرقة الرابعة، والأمن العسكري، وحزب الله.

منذ العام ٢٠١١، نجح أبناء المنطقة المتطوّعون في الفرقة الرابعة وحزب الله، في تحويل سوق الديماس إلى مركز توزيعٍ بالجملة للسلع المُهرَّبة إلى مختلف المناطق السورية، عبر إقامة مستودعات ومخازن، وتجهيز عشرات المحال الجديدة، مع ازدياد الإقبال على السوق. أما البضائع المُهرَّبة فتشمل الأدوات الكهربائية، والأغذية، والألبسة، والمحروقات، والسجائر، والمشروبات الروحية، وقطع تبديل السيارات. وقد سيطرت على السوق مجموعة عائلاتٍ من المنطقة، معروفة بعلاقاتها القديمة بحزب الله، من آل نقرش، والكردي، والعرساني، وأبو صبحة، وطالب.

وتفرض حواجز الفرقة الرابعة على تجّار التهريب من لبنان، ما يُعرَف بـ"جمركة الطبون"، وهي إتاوة غير قانونية تُدفَع على حمولة السيارة بحسب نوع البضاعة. لكنها في المقابل تحصر تجارة التهريب بيد تجّار سوق الديماس، عبر التراخي معهم، حيث يدفعون فقط إتاوات شهرية لاستدامة "الشراكة". هذا وأقام تجّار وصناعيّو دمشق وريفها روابط مع تجّار الديماس، لتأمين المواد الأوّلية اللازمة لتشغيل منشآتهم من لبنان، عبر شبكةٍ من سائقي سيارات الأجرة.[42]

إضافةً إلى ذلك، تؤمّن الفرقة الرابعة حركة البضائع في سوريا من سوق الديماس وإليه، بواسطة الترفيق أو عبر "شراء" التجّار طرق التجارة منها،[43] حتى إن ضبّاطاً من الرابعة، وعناصر متنفّذين من الحزب، دخلوا بعد فترة في أعمال سوق الديماس، وأداروا مباشرةً مستودعات ومخازن خاصة بهم.[44] فعلى سبيل المثال سهّلت الفرقة الرابعة وحزب الله، في مرحلة لاحقة من العام ٢٠١٥، للتاجر عبده غليون من بلدة مضايا، المقرّب من الحزب والفرقة الرابعة، تأسيس شركة شحن تعمل بين سوريا ولبنان. هذا ولم تُنفَّذ أيّ حملةٍ لمكافحة البضائع المُهرَّبة في الديماس خلال السنوات الثلاث الماضية، التي شهدت تشديد الجمارك السورية قبضتها، وملاحقتها السلع المُهرَّبة على امتداد مناطق سيطرة النظام.

إلا أن اتّجاه حركة التهريب بدأ ينعكس مؤخّراً بعد قيام الاحتجاجات الشعبية في لبنان، في تشرين الأول ٢٠١٩، بالتزامن مع الأزمة المالية، والصعوبات التي ترافق استيراد البضائع من لبنان، فبات حزب الله معنيّاً بإمداد حواضنه الشعبية في لبنان بالسلع الغذائية السورية.[45]

تجارة المخدرات

أصبحت سوريا في السنوات الأخيرة مُصدّراً ومستهلكاً رئيسياً للمخدرات والمنشّطات، إذ أدّت الحرب إلى زيادة الطلب عليها، وأفسح غياب الملاحقة القانونية المجال أمام المنتجين والتجّار. ولا يزال الإنتاج المحلي السوري للقنب والحشيش في إطار الحدود التجريبية، وبرعايةٍ من الحزب، في سهل حوران، ومحيط بلدة القصير، وصولاً إلى تلكلخ. هذا ويضطّلع الحزب بدور رئيسي في إمداد السوق السورية بالمخدرات، معتمداً على زراعتها التاريخية في سهول البقاع اللبنانية، التي لم تشهد أيّ حملة إتلاف خلال السنوات الماضية، على عكس ما درجت عليه العادة قبل العام ٢٠١١. فضلاً عن ذلك، يستخدم الحزب النازحين السوريين في لبنان كيدٍ عاملة في مزارع الحشيش، بعدما جنّد جزءاً كبيراً من اليد العاملة اللبنانية الشيعية للقتال في سوريا.[46]

يصعب تقدير كمّيات المخدرات التي يورّدها حزب الله للاستهلاك المحلي في سوريا، أو تلك المخصّصة للتهريب إلى الأردن، ومنها إلى دول الخليج، وبالتالي يصعب تقدير نسبة إسهام اقتصاد المخدرات في تمويل عمليات الحزب في سوريا. وبينما يميل بعض المحلّلين إلى اعتبار هذه النسبة هامشية، لا تتجاوز الـ٥ في المئة،[47] تشير التقديرات المبنيّة على رصد شحنات المخدرات التي ينقلها الحزب عبر المعابر غير الشرعية بين سوريا ولبنان، إلى قرى القلمون الغربي، والمُخصَّصة للاستهلاك المحلي فقط، إلى أن تلك الشحنات تتراوح ما بين شحنتَين و٣ شحنات أسبوعياً بقيمة مليون دولار للواحدة منها.[48] ويبدو أن متوسّط حجم السوق المحلية السورية من المخدرات يصل إلى ٩٦ مليون دولار سنوياً، تُوزَّع على مختلف المحافظات السورية، بما في ذلك مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ومناطق درع الفرات، وغصن الزيتون، وإدلب. كما إن حجم هذه التجارة يمثّل تقريباً ١٢ في المئة من ميزانية الحزب الإيرانية، التي بلغت بحسب تقديرات إسرائيلية ٨٣٠ مليون دولار في العام ٢٠١٧.[49]

تتألّف تلك الشحنات بشكل رئيسي من الحشيش والكبتاغون، ولا يتدخّل الحزب في ترويجها وتجارتها المحلية، بل تتولّى ذلك ميليشيات عائلية في قريتَي فليطة وقارة في القلمون الغربي، مقابل حصّة لها من التوزيع. وإضافة إلى طريق القلمون الغربي، يهرّب الحزب شحنات المخدرات عبر طريقَين آخرَين: من بلدة سرغايا على طريق بيروت-دمشق، ومن معابر شبعا ورخلة في جبل الشيخ.[50]

أما المخدرات المُعَدّة للتهريب إلى الأردن والعراق، ومنها إلى الخليج العربي، فتمرّ عبر طريق القلمون إلى البادية السورية، ومنها إلى محيط منطقة التنف، أو عبر خط القنيطرة-درعا، إلى الحدود السورية-الأردنية. وقد ازدادت وتيرة التهريب إلى الأردن بعد افتتاح معبر نصيب-جابر الحدودي، الذي أُغلِق بضع مرّات منذ افتتاحه في تشرين الأول ٢٠١٨، بسبب اكتشاف شحنات مخدرات مُعَدّة للتهريب.[51] ولا يكاد يمرّ أسبوع من دون إعلان السلطات الأردنية عن ضبطها كمياتٍ كبيرةً من المخدرات وإتلافها على حدودها الشمالية.[52]

فضلاً عن ذلك، ضبطت السلطات اليونانية، في تموز ٢٠١٩، ما وصفته بأكبر كمّية مخدرات يتمّ ضبطها في العالم، قادمة من سوريا، وقالت إن قيمتها تربو على نصف المليار يورو من الكبتاغون.[53] وعلى الرغم من وجود مكابس كبتاغون محلية في أكثر من موقع في ريف دمشق ودرعا، إلا أن المواد الأوّلية تصلها من لبنان، عبر خطوط تهريب يحميها حزب الله والفرقة الرابعة، وهي مخصّصة للإنتاج والاستهلاك المحلي.[54] هذا ناهيك عن أن الحزب يتشارك مع ضبّاط روس في قاعدة حميميم العسكرية، في الساحل السوري، حيث السيطرة المُطلَقة لروسيا، في تهريب المخدرات عبر مرفأ اللاذقية بحراً إلى روسيا، وربما منها إلى الأسواق الأوروبية.[55] ووفقاً لإدارة مكافحة المخدرات الأميركية، استخدم حزب الله عائداته من المخدرات لشراء أسلحة لمقاتليه بالنيابة عن نظام الأسد، حيث يُعتقَد أن القائد البارز في الحزب علي فياض، وشخص آخر، قاما بعمليات الشراء.[56]

تجارة العقارت والتغيير الديمغرافي

فضلاً عن المناطق التي يسيطر عليها حزب الله عسكرياً، يصبّ اهتمامَه العقاري على منطقتَين رئيسيّتَين، هما القصير في ريف حمص، ومحيط السيدة زينب في ريف دمشق. وهذا الاهتمام إنّما يدلّ على رغبة الحزب في البقاء طويلاً في المنطقتَين، ولهذه الغاية، يعمد إلى الاستيلاء بالقوة على الأملاك، ويسعى حتى إلى إيجاد أرضية قانونية تتيح له البقاء "الشرعي" في مناطق سورية محدّدة. والواقع أن هذا السياق "الشرعي" في استملاك العقارات، لا يشير إلى استراتيجية شاملة للحزب في سوريا، بل هو سياسة موضعية تُستخدَم في أماكن محدّدة يراها الحزب حيويةً له، لتوسيع امتداده ونسيجه الاجتماعي.

وهكذا يستفيد الحزب من تسهيلات حصرية تقدّمها له الدوائر الرسمية السورية في مصلحة العقارات، والبلديات، والأجهزة الأمنية، من أجل الحصول على رخصٍ لترميم العقارات المهدّمة، والقيام بإجراءات حصر الإرث، ونقل الملكية، ونَيل الموافقات الأمنية بسهولة، في حين تتعقّد تلك الإجراءات في الحالات الطبيعية، وتكاد تكون مستحيلة خصوصاً للسكان السنّة في بعض المناطق.[57]

يركّز حزب الله في القصير وريفها، على شراء العقارات المُهدَّمة في مدينة القصير، والأراضي الزراعية على طول الطريق الممتدّة بين المدينة وقرية حوش السيد علي، التي تُعَدّ معقلاً رئيسياً لقوات الحزب على الحدود السورية-اللبنانية، والتي نزح سكّانها السنّة إلى لبنان عقب استيلاء الحزب عليها عسكرياً في أيار ٢٠١٣. الواقع أن ٧٠ في المئة من سكان القصير وريفها لم يعودوا، لا بل إن الحزب يختار مَن يوافق على عودتهم على أساس طائفي، حيث أتاح للمسيحيين والشيعة العودة من دون موافقة أمنية مسبقة، في حين لا يزال يمنع عودة السنّة.[58] ومع أن الأمين العام لحزب الله كان أعلن، في ٢٠ أيلول ٢٠١٩، عن السماح بعودة أهالي القصير بالترتيب مع السلطات السورية واللبنانية، لا تزال هذه العودة شكليةً أشبه بتنظيم زياراتٍ جماعيةٍ إلى منطقةٍ مُدمَّرة.[59] إن انفتاح الحزب على عودة بعض السكان، نظرياً ومن دون تنفيذ، يتطابق مع مفهوم النظام السوري للعودة الطوعية للموالين له، حتى ولو كانوا من السنّة.[60]

كذلك جرى توثيق بيع العقارات والأراضي الزراعية في قرى حاويك، وجوسية الخراب، والمنقطع في ريف مدينة القصير، عن طريق وسطاء سوريين يعرضون على النازحين شراء أراضيهم الزراعية بعد إقناعهم بأن "العودة إليها مستحيلة". ويساعد مجلس مدينة القصير، الموالي لحزب الله، في تسهيل إجراءات البيع ونقل الملكية بشكل قانوني باسم عناصر الحزب السوريين.[61] ولمّا كان القانون السوري يمنع تملّك الأجانب للعقارات، تدخَّلَ الحزب لدى النظام لإعطاء الجنسية السورية لعائلات بضع مئات من مقاتليه اللبنانيين من المناطق الحدودية القريبة من القصير، وإسكانهم على الجانب المقابل من الحدود.[62]

أما في محيط السيدة زينب جنوب دمشق، فتختلف نوعية المُشتَرين، إذ يشجّع حزب الله أغنياء الشيعة اللبنانيين الموالين له على الاستفادة من تدنّي قيمة العقارات نسبياً، مستغلّاً قربها من مقام السيدة زينب. وبهذا المعنى، لا يمكن النظر إلى نفوذ الحزب الاقتصادي في سوريا على أنه مجرّد انعكاس مباشر لوجوده العسكري، بل إنه صار مُعبّراً عن مصالح قطاعات برجوازية شيعية في لبنان.[63] فبفضل الاستثمار المكثّف في قطاع العقارات، بدأ محيط السيدة زينب في دمشق يتحوّل إلى منطقة سياحية للحجّاج والزوّار الشيعة. كذلك تنشط حركة شراء العقارات على أغلب الطريق المؤدّية إلى منطقة السيدة زينب، بغية توسيع هذه الأخيرة وتجهيزها لاستقبال المزيد من الزوّار والحجّاج الشيعة الأجانب في موسمَي عاشوراء وأربعينية الحُسين. وهنا أيضاً يحظى المشترون بإمكانية الحصول على أذون ترميم، وموافقات أمنية لتوثيق عملية الشراء، حتى في حال وجود حجز احتياطي على العقار.[64]

 

الجزء الثالث: شبكة العلاقات الاجتماعية كأداة للسيطرة

خلال السنوات الأخيرة الماضية، لم يعمد حزب الله، ومن خلفه إيران، إلى تأسيس ميليشياتٍ لعسكرة الشيعة السوريين فحسب، بل إلى نشر التشيّع والتمدّد في الأوساط الطائفية الأخرى أيضاً. فهو يسعى إلى الاندماج في النسيج الاجتماعي المحلي، لضمان الدعم الأهلي له على المدى الطويل، عبر ربط أوسع شرائح مجتمعية ممكنة بشبكة مصالحه، وإنشاء بيئة تدافع عنه مهما كانت التغيّرات الكبرى المقبلة.[65]

ويبدو من الصعب التمييز بين أنشطة الحزب الهادفة إلى مدّ التشييع، والتقرّب من المجتمعات المحلية السورية، وتقريبها من مبادئ المذهب الجعفري الإثني عشري، وبين الأنشطة الإيرانية المكثّفة في هذا المضمار، والآيلة إلى "تطويع" المجتمع السوري، وتخليصه من "آفة الإرهاب".[66] مع ذلك، يبدو نشاط حزب الله واضحاً أكثر في مناطق انتشار الشيعة السوريين، ولا سيما في السيدة زينب في دمشق، حيث يحضر في الاحتفالات الدينية رجالُ دين شيعة ومعمّمون مقرّبون منه، فيلقون كلمات تركّز على دور الحزب ومحور المقاومة في "دحر الإرهاب".[67] كما إن للحزب نفوذاً يتجلّى في مجموعةٍ من الهيئات الدينية الشيعية التي أُنشئَت مؤخّراً في سوريا، وفي شبكةٍ من الجمعيات الخيرية.

الهيئات الدينية الشيعية والتشيّع

شهدت الأعوام الأخيرة ظهور أجسام دينية متعدّدة لتمثيل الطائفة الشيعية الإثني عشرية في سوريا، الأمر الذي يدلّ على حاجة القوى العسكرية إلى مظلّة دينية مرجعية تعمل على تمكين الشيعة، وإبراز دورهم. وإن كان حضور هذه الهيئات لا يزال محدوداً، ومحصوراً بالجماعات الشيعية السورية المتفرّقة جغرافياً في سوريا، يبدو ترسيخُها مُصمَّماً لزيادة تمثيل الطائفة الشيعية السورية، وإعطائها حجماً أكبر من عددها ولكن يتناسب مع "التضحيات الكبيرة" التي تزعم أنها قدّمتها للحفاظ على النظام.

في العام ٢٠١٢، تأسّس المجلس الإسلامي الجعفري الأعلى في سوريا على نهج ولاية الفقيه، برئاسة الشيخ الدمشقي، محمد علي المسكي، الذي يتصدّر احتفالات الشيعة في دمشق إحياءً لذكرى وفاة الإمام الحسين، ويتنقّل بين مختلف البلدات الشيعية السورية. يشكّل المجلس الذي يجاهر بالولاء للإمام الخامنئي، المظلّة الدينية المشتركة لمختلف ميليشيات حزب الله السوري.[68] ويدلّ تلقيب الشيخ المسكي بـ"آية الله" على أنه حاز على "مَلَكة الاجتهاد" في المذهب الشيعي الإثني عشري، وبات بإمكانه استخراج الأحكام الدينية، وله الحقّ في الإفتاء. يزور المسكي أيضاً بشكل متكرّر الحوزات الشيعية والأماكن المقدّسة في إيران والعراق، حيث يلتقي كبار علماء الدين الشيعة، لينوب عن "مقام وحرم عقيلة بني هاشم حامية الشام مولاتنا السيدة زينب عليها السلام".[69] بيد أن أيّاً من المنشورات الرسمية السورية لا يشير إلى تأسيس المجلس الإسلامي الجعفري، أو ما إذا كان مؤسسةً رسميةً مُعترَفاً بها من قبل الدولة السورية، مع أن صفحات الفايسبوك وبعض وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى الشيخ المسكي بوصفه رئيساً للمجلس.[70]

ويتألّف المجلس من هيئة دينية تضمّ ١٢ عالم دين من مختلف المناطق الشيعية السورية، ويُنتخَب من بين أعضائها الرئيس وهيئةٌ عامة. ويعمل المجلس الذي رعت إيران تشكيله، على حصر تمثيل الطائفة الشيعية الإثني عشرية السورية به، و"التحدّث باسمها وتشخيص مواقفها".[71] وكانت إيران نجحت خلال سنوات الحرب السورية، في تحويل الطائفة الشيعية السورية بمعظمها إلى الحالة الخمينية، وإلى الاعتقاد بولاية الفقيه، ما يعني الولاء المباشر لمرشد الثورة الإسلامية في إيران، ولذا يأتي تأسيس المجلس الجعفري لإضفاء نوعٍ من الطابع الوطني السوري على الحالة الشيعية الاثني عشرية في سوريا.

لكن المجلس ليس الهيئة الدينية الشيعية الوحيدة في سوريا، إذ سرعان ما ظهرت مجموعة من الزعامات الدينية الشيعية الأخرى، على غرار "الهيئة العلمائية الإسلامية لأتباع مذهب آل البيت في سوريا"، برئاسة المرجع الشيعي الأهمّ في البلاد، عبدالله نظام، وهو دمشقي يخطب الجمعة أحياناً في مقام رقية، وتجمعه علاقة مباشرة بأمين عام حزب الله، حسن نصرالله. ونظام يُعَدّ حالياً وسيطاً بين مؤسسات الدولة السورية والطائفة الشيعية، في قضايا يومية كالتوظيف، والمناقلات، والإعفاء من الخدمة العسكرية، وتسوية الوضع.[72] يشرف نظام أيضاً على المدرسة المُحسنية في حي العمارة الدمشقي، ويترأّس فرع مجمع السيدة رقية في جامعة بلاد الشام للعلوم الشرعية. وتهدف الهيئة العلمائية إلى توحيد الخطاب الديني بما ينسجم مع "الوحدة الإسلامية والوطنية"، "ورعاية شؤون علماء أهل البيت".[73]

إضافةً إلى نظام، يُعتبَر رجل الدين الشيعي من الزبداني، فادي برهان، مُقرَّباً أيضاً من حزب الله، وهو يصف نفسه بأنه "سفير سلام بين الطوائف"، مع أنه أدّى دوراً في تنفيذ اتفاق المدن الأربع، الذي اعتُبِر أول عملية هندسةٍ ديمغرافيةٍ رسميةٍ في سوريا. يتولّى الشيخ برهان منصب مدير العلاقات الخارجية في حوزة الخميني في السيدة زينب، وهو من المشرفين على توثيق أنساب آل البيت، ويصف نفسه بنقيب الأشراف[74] في سوريا، ناهيك عن أن علاقةً وطيدةً تربطه بأهمّ رجال النظام السوري. يُذكَر أن صعوده السريع، بفضل علاقته الممتازة بحزب الله، أثار غضب رجال دين شيعة أعلى منه مرتبةً في السيدة زينب.[75]

فضلاً عن ذلك، تعمد إيران إلى مدّ التشيّع، خصوصاً في الأوساط العشائرية السنّية، عن طريق دعاوى الانتساب إلى آل البيت. وهنا تبرز أهمية "مراكز ومجامع آل البيت"، التي تتّخذ من السيدة زينب في دمشق مقرّاً لها، وتعمل على حصر الأنساب وإحصائها، ومنها المجمع العالمي لآل البيت، ومركز أبناء الإمام علي، ومجمع المراجع الشيعية، إضافةً إلى نقابة الأشراف في سوريا بزعامة فادي برهان.[76] هذا ويسعى حزب الله عبر نشاطه في المجال العشائري، وتأسيسه مجلساً للقبائل العربية في العام ٢٠١٥، وعقده ملتقيات متكرّرة للعشائر، إلى إيجاد إطار عشائري مختلط المذاهب، يساعد في خفض حدّة الرفض الشعبي لحضوره في سوريا.[77]

الاندماج في المجتمعات المحلية

بعد سنوات من الحرب السورية الطاحنة التي شهدت أقصى درجات التحريض الطائفي، يعمل حزب الله على كسر النفور بين السنّة السوريين والشيعة الإمامية، وتقريبهما بطرق مختلفة. ويستند الحزب في مساعيه إلى المجتمعات الشيعية القائمة، مُنطلِقاً منها إلى محيطها الاجتماعي الأوسع، فيعمد إلى توزيع المساعدات المالية والغذائية على الأوساط الأشدّ فقراً، وتأمين الحماية لمعارضي النظام في مناطق التسويات. فعلى سبيل المثال، تمكّن الحزب من تجنيد قرابة الـ٣ آلاف عنصر من أبناء درعا في صفوفه، الأمر الذي يعكس قدرته على الوصول إلى عائلات أولئك المقاتلين عبر بعض الجمعيات الخيرية،[78] بغرض تقريبهم من المذهب الشيعي الإثني عشري.[79]

والواقع أن حزب الله يستهدف شرائح سكانية متنوّعة، غالباً ما تكون من الأقليّات ضمن منطقة ما، إذ يسعى مثلاً إلى استقطاب عشائر البدو في قرى كمونة وعالقين، عبر مختار بلدة بير السبيل، في مثلث الموت على طريق-دمشق درعا القديم. كذلك يركّز على التمدّد بين الفلسطينيين في بلدة المزيريب في ريف درعا، ويعمل على مدّ التشييع بين أهالي عشيرة الويسية المنحدرين من الجولان السوري، والمقيمين في السيدة زينب في دمشق.

ناهيك عن ذلك، أنجز حزب الله بالتعاون مع الحرس الثوري الإيراني، تجربةً مميّزةً في مدينة حلب، بالتقرّب من المجتمعات المحلية والاندماج فيها، عبر فيلق المدافعين عن حلب، الذي يقدّم الخدمات الإغاثية لجميع الأهالي، كالخبز والمحروقات، ويساهم في ترميم المدارس. وطبعاً، يولي الفيلق اهتماماً خاصاً بالشيعة الحلبيين في نبل والزهراء، والشيعة من نازحي الفوعة وكفريا، ومن عائلات المقاتلين الأفغان والباكستانيين والعراقيين في حلب، وقد أشرف على توزيعهم وإسكانهم في بيوت المهجّرين من حلب الشرقية. لكن الفيلق يشارك أيضاً في احتفالات الأرمن والسريان والمسيحيين في حلب، وفي الموالد الصوفية، واحتفالات الحلبيين السنّة.

وقد شُكّل فيلق المدافعين عن حلب في شباط ٢٠١٧، بصفته مظلةً تجمع الميليشيات المحلية التابعة للدفاع الوطني، ولكنه يضطّلع أيضاً بدور في الحياة المدنية. فهو حالياً لا يسيطر فقط على ميليشيات الدفاع المحلي بكاملها، ومنها لواء الباقر المحسوب على حزب الله السوري، بل يتمتّع أيضاً بسطوةٍ على المخاتير ومجالس الأحياء، وتمثيلٍ في مجلسَي المحافظة والمدينة. هذا ويملك كلُّ مربّع من مربّعات الفيلق مكاتب فرعية تُعنى بالتعليم، والثقافة، والخدمات، والشؤون الدينية.[80] ومع أن قائد الفيلق الحاج محسن، لا يُعرَف عنه سوى اسمه، إلا أنه يُعتبَر الحاكم الفعلي في حلب.

ينتمي معظم قادة القطاعات ومربّعات الفيلق الفعليين إلى حزب الله اللبناني، ويبدو تأثّرهم واضحاً بتجربة الحزب كمشروع متكامل. لذا عملوا على جعل منظومة عمل الفيلق متكاملة، تُعنى بتقديم خدمات دعوية متنوّعة، بما في ذلك رعاية أُسَر القتلى، وإقامة أنشطة الدعوة والأنشطة الدينية، والمشاركة في الاحتفالات الدينية والرسمية. وتضمّ المنظومة مئات العمّال، والمتطوّعين، والموظّفين والموظفات، كما تملك آليات ثقيلة، من جرّافات، وسيارات إطفاء وإسعاف، إضافةً إلى نوادٍ للأطفال، ومستوصفات صحّية.[81]

خاتمة

تتفاوت طبيعة انتشار حزب الله في المناطق السورية المختلفة، بحسب تصوّره للأهمية الاستراتيجية لكلّ منطقة على حدة. فقد حافظ على انتشار واسع في مناطق توزّع الطائفة الشيعية السورية قليلة العدد، ودفَعَ بميليشيات الشيعة السوريين للانضمام إلى قوات النظام، ما أتاح له نفوذاً إضافياً في المؤسسة العسكرية السورية. كذلك يركّز الحزب على الحدود السورية-اللبنانية لتأمين الطرق البرّية، ومخازن الأسلحة، ومعسكرات التدريب، كما على الجنوب السوري، أمنياً وعسكرياً، استعداداً لأيّ مواجهة محتملة مع إسرائيل.

ومع تطوّر انخراط الحزب في الحرب السورية، استكشف الأبعاد الاقتصادية-السياسية المحتملة للمحافظة على تمويل ذاتي، في ظلّ العقوبات المفروضة على إيران وعليه. فبدأ باحتكار سوق التهريب، والسيطرة على تجارة المخدرات، لتمويل جزء من تجربته السورية، وعزّز دوره في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا. وقد استثمر جزءاً من تلك العائدات المالية في تمويل عمليات جزئية للتغيير الديمغرافي، وشراء الأراضي، ولا سيما في القصير في ريف حمص، والسيدة زينب جنوب دمشق، لبناء حاضنته الشعبية فيها وتوسيعها.

بالنظر إلى الأبعاد المتكاملة لوجود حزب الله في سوريا، يبدو أن هذا الأخير مصمّمٌ على البقاء على المدى الطويل، لا عبر إقامة القواعد العسكرية الدائمة فحسب، بل أيضاً عن طريق ربط الناس بشبكة مصالحه الاقتصادية، وإنشاء مظلّات وتشكيلات مختلفة، عسكرية ومدنية، لتمكين الشيعة السوريين، وللتقرّب من بقية السكان السوريين على أُسُس مذهبية وإثنية-عشائرية.

ليست تجربة حزب الله في سوريا قصة نجاحٍ كامل، بل تعرّضت لكثير من النكسات على الصعيدَين التكتيكي والاستراتيجي، وخضعت لإعادة تقييم مستمرة. فالحزب إن تمكّن من تحقيق أهداف تدخّله، فذلك بعد أن تعرّض لخسارات كبيرة في صفوف مقاتليه، ولانكشاف مواقعه في سوريا أمام الاستهداف الإسرائيلي المتكرّر، ناهيك عن الخسارة السياسية التي تكبّدها على صعيد صورته العامة في العالمَين العربي والإسلامي، إذ تحوّل من مقاوم ضدّ إسرائيل إلى طرف مسلّح في صراع مذهبي بين السنّة والشيعة. كما إن تدخّل الحزب العسكري في سوريا لم يكن كفيلاً بتحويله إلى ندّ سياسي مؤثّر، إذ لم يجد نفسه على أيّ طاولة مفاوضات حول الملفّ السوري، بل ظلّت إيران هي المفاوض الرئيسي باسم المحور الذي يقاتل تحت رايته.

 

*مازن عزي باحث سوري يعمل ضمن المشروع البحثي "زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا"، في برنامج مسارات الشرق الأوسط، الذي يشرف عليه مركز روبرت شومان للدراسات العليا التابع للجامعة الأوروبية في فلورنسا. يركّز عزي عمله على اقتصاد الحرب في سوريا، ومناطق سيطرة النظام.

 

[1] المقاومة الإسلامية، "السيد نصر الله لجمهور المقاومة: أعدكم بالنصر مجدداً"، ٢٧ أيار ٢٠١٣، https://bit.ly/37qXkSG

[2] ماريسا ساليفان، "حزب الله في سوريا" (بالإنكليزية)، معهد دراسة الحرب، نيسان ٢٠١٤، https://bit.ly/2UWvIT1. أنظر أيضاً: مهنّد الحاج علي، "أي علاقات أمس واليوم بين حزب الله وسورية؟"، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، ٧ أيار ٢٠١٩، https://bit.ly/2UY4wmE

[3] وضاح شرارة، دولة حزب الله: لبنان مجتمعا إسلامياً، دار النهار، ٢٠٠٦؛ جوزيف ضاهر، الاقتصاد السياسي لحزب الله في لبنان، منشورات بلوتو، ٢٠١٦.

[4] ميليشيات موالية للنظام ومندرجة ضمن شبكة الدفاع الوطني أو المحلي، وعناصرها من خلفيات مذهبية وإثنية مختلفة، وليس بالضرورة من الشيعة.

[5] زياد عواد، "إيران في دير الزور: الاستراتيجية والتمدد وفرص التغلغل"، تقرير مشروع بحثي، (فلورنسا، إيطاليا: مشروع "زمن الحرب وما بعد الصرع في سوريا"، معهد الجامعة الأوروبية)، ٧ تشرين الأول ٢٠١٩، https://bit.ly/3725Png

[6] مقابلة عبر الواتساب مع الصحافي خالد الخطيب، ٢٣ كانون الأول ٢٠١٩.

[7] مقابلة عبر الواتساب مع مهنّد الحاج علي، الباحث في معهد كارنيغي للشرق الأوسط، ١٣ كانون الأول ٢٠١٩.

[8] فيليب سميث، "المقاومة الإسلامية التابعة لـ’حزب الله’ اللبناني في سوريا"، معهد واشنطن، ٢٦ نيسان ٢٠١٨، https://bit.ly/2RKaEvD

[9] نصَّ الاتفاق المُوقَّع، في نيسان ٢٠١٧، بين تحرير الشام وأحرار الشام، وبين الحرس الثوري الإيراني، على إخراج مَن يرفض البقاء من مقاتلي وأهالي مضايا والزبداني في غوطة دمشق الغربية إلى الشمال، مقابل إخراج كامل أهالي كفريا والفوعة على دفعتين، وإطلاق سراح ١٥٠٠ معتقل في سجون النظام. أنظر: عنب بلدي، "ملف ’المدن الأربع’ يغلق بإجلاء كفريا والفوعة"، ١٩ تموز ٢٠١٨، https://bit.ly/37cFXoR

[10] وصل عدد سكان درعا قبل العام ٢٠١١ إلى مليون نسمة، منهم حوالى ١٠ آلاف من الشيعة الموزّعين على قرى ومدن بصرى الشام، وإزرع، والشيخ مسكين، وغباغب، وموثبين، وطفس، وبئر السبيل، وعالقين.

[11] مدوّنة أيمن جواد التميمي، https://bit.ly/3cftB2S

[12] المدن، "مليشيا الرضا: الحساسية المزدوجة من النظام و’حزب الله’"، ٢٢ نيسان ٢٠١٧، https://bit.ly/2vjqPsp

[13] مهنّد الحاج علي، المرجع السابق.١٦٢٠١٧

[14] أيمن جواد التميمي، "قوات الرضا: حزب الله السوري" (بالإنكليزية)، مدوّنة أيمن جواد التميمي، ٣١ تموز ٢٠١٥، https://bit.ly/37igY46

[15] مقابلة عبر الواتساب مع العقيد إسماعيل أيوب، ٦ كانون الثاني ٢٠٢٠.

[16] "مليشيا الرضا"، المرجع السابق.

[17] هي عبارة عن مقترح صادر عن "شعبة التنظيم والإدارة/فرع التنظيم والتسليح"، حمل توقيع وموافقة القائد العام للجيش والقوات المسلحة بشار الأسد.

[18] المدن، "كيف يتم دمج المليشيات الإيرانية بقوات النظام"، ٤ أيار ٢٠١٧، https://bit.ly/2Ro9s1Z

[19] مقابلة عبر الواتساب مع الصحافي رائد الصالحاني، ٢٤ كانون الأول ٢٠١٩.

[20] مقابلة مع رائد الصالحاني.

[21] مهنّد الحاج علي، المرجع السابق.

[22] استبيان أجراه الباحث مع صحافيين من شبكة صوت العاصمة.

[23] مقابلة عبر السكايب مع الصحافي أحمد الشامي، ١٧ كانون الأول ٢٠١٩.

[24] مقابلة مع أحمد الشامي، المرجع السابق.

[25] الجزيرة، "أول استعراض عسكري لحزب الله في سوريا"، ١٤ تشرين الثاني ٢٠١٦، https://bit.ly/37u7Qto

[26] مقابلة مع العقيد إسماعيل أيوب، المرجع السابق.

[27] المنطقة الواقعة عند تقاطع المحافظات الجنوبية: ريف دمشق ودرعا والقنيطرة. سُمّيت بمثلث الموت بعد الخسائر الكبيرة التي تكبّدها لواء فاطميون الأفغاني في العام ٢٠١٥.

[28] أيمن جواد التميمي، "لواء الإمام المهدي: مجموعة سورية تابعة لحزب الله" (بالإنكليزية)، مدوّنة أيمن جواد التميمي، ٢٣ تموز ٢٠١٦، https://bit.ly/30MBk39

[29] مقابلة عبر السكايب مع مصدر مطّلع رفض الكشف عن اسمه، ٢٧ كانون الأول ٢٠١٩.

[30] امتدّ التجنيد في المنطقة الحدودية من الجولان إلى بعض دروز بلدة حضر، وعشيرة النعيم السنّية المقرّبة من الحزب على أساس وجود جذر شيعي لها. المرجع السابق.

[31] مقابلة عبر الواتساب مع الصحافي سمير السعدي، ١٤ كانون الأول ٢٠١٩.

[32] مقابلة عبر الواتساب مع مصدر مطّلع رفض الكشف عن اسمه، ١٣ شباط ٢٠٢٠.

[33] مقابلة عبر الواتساب مع الصحافي سيباستيان الحمدان، ٨ كانون الأول ٢٠١٩.

[34] المرجع السابق.

[35] مقابلة مع الصحافي رائد الصالحاني، المرجع السابق.

[36] في ريف دمشق الغربي والقلمون ضمن المناطق الحدودية السورية-اللبنانية، كان الحزب المصدر الثاني للأسلحة الخفيفة التي تشتريها المعارضة، بعد قوات النظام، ما بين العامَين ٢٠١٣ و٢٠١٥. مقابلة عبر السكايب مع الصحافي أحمد الشامي، ١٦ كانون الأول ٢٠١٩. أنظر أيضاً: علي الأمين، "سوريا ولبنان وتجارة الحرب من السلاح إلى المخدرات"، العرب، ٢٦ نيسان ٢٠١٦، https://bit.ly/2OAifvX

[37] إليزابيت بيكار، لبنان-سوريا، غريبان حميمان: قرن من التفاعلات الاجتماعية-السياسية (بالفرنسية)، (فرنسا: منشورات "سيندباد أكت سود"، نيسان ٢٠١٦).

[38] نشطت عمليات التهريب في ثمانينيات القرن الماضي مع اتّباع سياسات تقشفية حادة، إثر تراجع التمويل الخليجي لنظام الأسد بعد موقفه المؤيّد لإيران في الحرب الخليجية الأولى، وما أعقب ذلك من حصار اقتصادي أميركي.

[39] سناء الجاك، "التهريب على الحدود مع سوريا يفتك بالاقتصاد اللبناني"، الشرق الأوسط، ٢٠ أيار ٢٠١٩، https://bit.ly/2vWm9Jb

[40] مقابلة عبر السكايب مع مصدر محلي رفض الكشف عن اسمه، ٧ شباط ٢٠٢٠.

[41] أحمد الشامي، "بين سوريا ولبنان: تهريب البشر يتزايد برعاية ’الرابعة’ و’الحزب’"، المدن، ٢٠ آذار ٢٠١٩، https://bit.ly/2UWGdpp

[42] المدن، "التهريب من لبنان إلى سوريا: ’الفرقة الرابعة’ و’جمركة الطبون’"، ١٠ آذار ٢٠١٩، https://bit.ly/36zzWSt

[43] للمزيد عن الترفيق وأنشطة الفرقة الرابعة الاقتصادية، أنظر: أيمن الدسوقي، "شبكة اقتصاد الفرقة الرابعة خلال الصراع السوري"، تقرير مشروع بحثي، (فلورنسا، إيطاليا: مشروع "زمن الحرب وما بعد الصرع في سوريا"، معهد الجامعة الأوروبية)، ١٣ كانون الثاني ٢٠٢٠، https://bit.ly/3blqg1C

[44] مقابلة مع أحمد الشامي، المرجع السابق.

[45] المدن، "الساحل السوري: ’حزب الله’ يُهرّب الأغذية إلى لبنان؟"، ١٩ تشرين الثاني ٢٠١٩، https://bit.ly/2tLvxPk

[46] مازن عزي، "حزب الله’: إرهاب الحشيش وحروبه"، المدن، ١٣ حزيران ٢٠١٦، https://bit.ly/3aOPEfQ

[47] مقابلة عبر السكايب مع الباحث جوزيف ضاهر، ١٣ كانون الأول ٢٠١٩.

[48] مقابلة عبر الواتساب مع مصدر عشائري من المنطقة مُطّلع على طبيعة عمليات التهريب، ٣ كانون الثاني ٢٠٢٠.

[49] مهنّد الحاج علي، "٨٣٠ مليون دولار"، المدن، ٢٥ أيلول ٢٠١٧، https://bit.ly/2UtUgCF

[50] مقابلة عبر السكايب مع رئيس تحرير صحيفة صوت العاصمة، ١٣ كانون الأول ٢٠١٩.

[51] مقابلة مع سمير السعدي، المرجع السابق.

[52] مقابلة مع سيبستيان الحمدان، المرجع السابق. للمزيد أنظر: الغد، "المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل وتهريب مخدرات"، ٢٣ كانون الثاني ٢٠٢٠، https://bit.ly/37AAaKA؛ أنظر أيضاً: الغد، "إحباط تهريب ٢،٦ مليون حبة مخدرة داخل شحنة فاكهة في حدود جابر"، ٨ تشرين الثاني ٢٠١٩، https://bit.ly/37xQ0pp

[53] جورج جورجيوبولوس، "اليونان تصادر كمية قياسية من الحبوب المخدرة قادمة من سوريا"، رويترز، ٥ تموز ٢٠١٩، https://bit.ly/38CH16i

[54] مقابلة مع رائد الصالحاني، المرجع السابق.

[55] عبد السلام حاج بكري، "من البقاع إلى اللاذقية.. هذه رحلة المخدرات إلى روسيا"، المدن، ١١ آب ٢٠١٩، https://bit.ly/2uGM2fl

[56] جون فرنانديز، "’إدارة مكافحة المخدرات’ تستهدف الشبكة العالمية للدعم الجنائي لـ’حزب الله’"، معهد واشنطن، ١٠ كانون الثاني ٢٠٢٠، https://bit.ly/2S17FPR

[57] مقابلة مع رائد الصالحاني، المرجع السابق.

[58] خافيير غونزاليز، "الأراضي، واحتلال المنازل، والدمار، في منطقة حدودية استراتيجية: حالة القصير في سوريا" (بالإنكليزية)، في "استعادة الديار: النضال من أجل الإسكان العادل اجتماعياً، والأرض، وحقوق الملكية في سوريا والعراق وليبيا" (بالإنكليزية)، ليلى فينيال، ونور هرستاني وإدوار حنا، وسليمان إبراهيم، وخافيير غونزاليز، وإينا ريهيما يان وعمرو شنان، وسنغار يوسف صالح وكيفي مغديد قدر، وتوماس ماكغي، مؤسسة فريدريش إيبيرت، ٢٠١٩، https://bit.ly/36uR5wY

[59] مقابلة عبر الواتساب مع باحث سوري مطّلع من القصير، رفض الكشف عن اسمه، ١٦ كانون الثاني ٢٠٢٠؛ مقابلة عبر الواتساب مع الناشط الصحافي سامر السليمان من حمص، ٢٦ كانون الثاني ٢٠١٩.

[60] أحمد الشامي، " القصير: ’حزب الله’ يسمح بعودة مشروطة لبعض الأهالي"، المدن، ٨ تموز ٢٠١٩، https://bit.ly/2U2arGZ

[61] فارس الرفاعي، "بالوقائع والأرقام.. هكذا استولى حزب الله على عقارات وأملاك أهالي القصير"، اقتصاد، ٢٤ كانون الثاني ٢٠١٩، https://bit.ly/315Z828

[62] مقابلة مع سامر السلمان، المرجع السابق.

[63] مقابلة مع جوزيف ضاهر ، المرجع السابق.

[64] رائد الصالحاني، "لماذا تشتري ’أم علي’ العقارات على طريق ببيلا-السيدة زينب؟"، المدن، ١٤ كانون الأول ٢٠١٨، https://bit.ly/2O4nmEE

[65] مقابلة عبر الواتساب مع الباحث والناشر لقمان سليم، ١٩ كانون الثاني ٢٠٢٠.

[66] مجد الخطيب، "إيران وتطويع المجتمع السوري: مجلس العشائر"، المدن، ٢٦ شباط ٢٠١٧، https://bit.ly/2StIXJk

[67] يوتيوب، قناة المجلس الإسلامي الجعفري الأعلى في سورية، https://bit.ly/39vMbBF

[68] مهنّد الحاج علي، "انبعاث الشيعة"، ديوان، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، ٤ آيار ٢٠١٧، https://bit.ly/30OexUo

[69] وكالة إيران اليوم الإخبارية، "رئيس المجلس الإسلامي الجعفري الأعلى في سورية في زيارة إلى إيران"، ٢٩ آب ٢٠١٨، https://bit.ly/2SpFfPE

[70] فايسبوك، المجلس الإسلامي الجعفري الأعلى في سورية، https://bit.ly/2SzsRxO

[71] مهنّد الحاج علي، "المجلس الإسلامي الجعفري في سوريا"، المدن، ٢٤ نيسان ٢٠١٧، https://bit.ly/2TVj722

[72] مقابلة مع رائد الصالحاني، المرجع السابق.

[73] "حوار مع سماحة السيد عبدالله نظام رئيس الهيئة العلمائية في سوريا"، موقع Iuvmpress، ١٨ كانون الثاني ٢٠١٧، https://bit.ly/2tb9fWS

[74] الشريف هو المدّعي نسبه إلى نسل النبي محمد، عن طريق ابنته فاطمة.

[75] مقابلة عبر الواتساب مع الصحافي ضياء محمد، ٧ كانون الثاني ٢٠٢٠.

[76] علي محمد طه، "مراكز إيرانية في سوريا لتسهيل الانتساب إلى آل البيت"، الراصد، ١٧ أيلول ٢٠١٧، https://bit.ly/36GYyJr

[77] مقابلة عبر السكايب مع باحث مقيم في كندا، رفض الكشف عن اسمه، ٢٧ كانون الأول ٢٠١٩.

[78] مثل أحباب القائد الخالد، وجمعية الزهراء، وجمعية إمداد، والبستان، وأيادي الخير.

[79] مقابلة مع سمير السعدي، المرجع السابق.

[80] خالد الخطيب، "’فيلق المدافعين عن حلب’: أربعة ’مربعات’ للنفوذ الايراني"، المدن، ٣٠ حزيران ٢٠١٩، https://bit.ly/38O0ssT

[81] مقابلة مع خالد الخطيب، المرجع السابق.

من نحن

  •  

    أسَّسَ مركز روبرت شومان للدراسات العليا في معهد الجامعة الأوروبية برنامج مسارات الشرق الأوسط في العام ٢٠١٦، استكمالاً للبرنامج المتوسّطي الذي وضع المعهد في طليعة الحوار البحثي الأورومتوسّطي بين العامَين ١٩٩٩ و ٢٠١٣.

    يطمح برنامج مسارات الشرق الأوسط إلى أن يصبح جهة مرجعية دولية للأبحاث التي تتعلّق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تنظر في التوجّهات والتحوّلات الاجتماعية-السياسية، والاقتصادية، والدينية. ويسعى البرنامج إلى تحقيق هدفه هذا من خلال تشجيع البحث متعدّد التخصّصات بناءً على نتائج العمل الميداني، والتعاون مع باحثين من المنطقة. ويفيد البرنامج من خبرة باحثين ناطقين بلغات المنطقة الرئيسة، بما فيها العربية الفصحى والعامية، والفارسية، والطاجيكية، والتركية، والروسية.

    للمزيد ...
Funded by the European Union