مقدمة
في حين تم تناول الوضع الاجتماعي-الاقتصادي في سوريا بشكل جزئي ضمن الأبحاث المعنية باندلاع انتفاضة ١٥ آذار ٢٠١١ وتطورها،[1] ظلت القوى العاملة[2] ودورها وظروف انخراطها غائبةً بصورة شبه كليّة عن التحليلات، أو اقتصر حضورها على التحليلات السابقة للأحداث الأخيرة.
أثّر التحول في طبيعة التشكل الطبقي وبناء الدولة منذ استحواذ حافظ الأسد على السلطة عام ١٩٧٠ –وهو بداية عصر الانفتاح الاقتصادي– وعلاقتهم بالممارسة السياسية للدولة على الديناميات الاجتماعية-السياسية للانتفاضة ومسارها.[3] إذ صارت الدولة تستجيب بشكل متزايد لاهتمامات لمجتمع أصحاب الأعمال في مختلف المجتمعات الدينية –من لديهم روابط اجتماعية و/أو سياسية و/أو مالية وثيقة مع النخبة الحاكمة- في حين عانت القوى العاملة الأوسع، إلى جانب قطاعات عريضة من المجتمع، من الفقر وتدهور الظروف المعيشية.
كان العمّال الريفيّون المهمّشون والموظفون المدنيون وأصحاب الأعمال الحرّة في طليعة الانتفاضة، لكن هذه الشريحة من السكان لم تكوّن تنظيمات على أساس هويتها الطبقية. بل بقي النشاط الجمعي الذي يقوده العمّال محدوداً، حتى حين تردّى وضعهم الاجتماعي نتيجة النزاع المسلّح. وحتى الآن في ٢٠٢٠ ما زال غياب تنظيمات العمال المستقلة أمراً واقعاً، رغم تصاعد الانتقادات والاحتجاجات ضد السياسيات الاقتصادية للحكومة منذ بداية العام.
تحاول هذه الدراسة الإحاطة بأوضاع العمال في سوريا والأسباب التي منعت نشوء حركة عمالية أو فعل عمالي جمعي أثناء الانتفاضة أو في الأعوام اللاحقة لها. ما هي الوسائل التي استخدمها النظام لمنع حدوث تحرّك جماعي للعمال؟ وما هو دور النقابات العمالية في إعاقة هذا المسعى؟
تقدّم الورقة أولاً نظرة عامّة على تطور سوق العمل خلال السنوات العشرين لحكم بشار الأسد، مع تقييم خاص لوضع النساء. وتدرس لاحقاً الدور القمعي لنقابات العمال والفلاحين والنقابات المهنية، وتحولها إلى أداة للحشد والهيمنة في يد النظام. وفي هذا السياق، تتناول الورقة على وجه الخصوص الاتحاد العام لنقابات العمال،[4] ثم تنظر على حدة إلى حالات المعارضة العمّالية، التي ظهرت بشكل ملحوظ في بعض الشركات التي تديرها روسيا في سوريا. وتشير الدراسة بشكل موسع إلى التقارير الإعلامية والمقالات الصحفية المنشورة في سوريا حول هذه القضايا.
الجزء الأوَّل: تـ(دهـ)طور سوق العمل (٢٠٠٠-٢٠٢٠)
في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، أدخل الجناح الجذري لحزب البعث سياسات (كالإصلاح الزراعي والتأميم وخلق قطاع عام واسع) وضعت حداً للتفاوت الطبقي الراسخ، وأوجدت نظاماً للضمان الاجتماعي والخدمات الحكومية المجانية، والتعليم والطبابة المجانيين. ومع وصول حافظ الأسد إلى السلطة عام ١٩٧٠ أُنهيت تلك السياسات وتم التوجّه نحو كسب دعم وتأييد القطاع الخاص، عبر تطبيق إجراءات تدريجية لتحرير الاقتصاد. وفي الوقت ذاته، فُرضت إجراءات تقشفية حادة، ووُضع سقف للتوظيف في القطاعين العام والإداري، ولم ترتفع الأجور بما يتناسب مع التضخم. انخفض الدعم عن مستهلكي المواد الزراعية والصناعية بشكل كبير في الثمانينيات والتسعينيات.[5] وتراجعت نسبة الإنفاق الحكومي من الناتج المحلي الإجمالي من ٤٨ بالمئة عام ١٩٨٠ إلى ٢٥ بالمئة عام ١٩٩٧.[6] وهكذا تم تسريع الانتقال من الاقتصاد الرأسمالي الموجّه إلى رأسمالية المحاسيب في الثمانينيات والتسعينيات بسبب التخلّي التدريجي عن الاقتصاد الموجّه مركزيّاً. وشهدت نهاية التسعينيات تفاقماً في المشاكل الاجتماعية-الاقتصادية: إذ ارتفع معدّل الفقر إلى ١٤.٣ بالمئة عامي ١٩٩٦-١٩٩٧، وانخفضت القوة الشرائية لدى العمّال السوريين بنسبة ١٢ بالمئة سنوياً بين عامي ١٩٩٤ و٢٠٠٠.[7]
الأرباح مقابل العمالة في العقد السابق للحرب
أدى تسارع تحرير الاقتصاد خلال العقد الأول من حكم بشار الأسد إلى زيادة تضرر القوى العاملة الرسمية، ودفع إلى توسيع نطاق العمل في السوق السوداء.[8] وانخفض معدل المشاركة في القوة العاملة لمن تبلغ أعمارهم ١٥ عاماً فما فوق من ٥٢.٣ بالمئة عام ٢٠٠١ إلى ما بين ٣٩ و٤٣ بالمئة عام ٢٠١٠. وارتفعت نسبة البطالة والبطالة المقنّعة، لا سيما بين الشباب، ولم تتمكّن سوق العمل الحكومية من استيعاب القوى العاملة الجديدة، خاصة من الخريجين الشباب. فقبل عام ٢٠١١، زوّدت الجامعات والمعاهد التقنية السورية سوق العمل بـ٢٠٠ ألف عامل جديد من ذوي المهارات العالية كل عام، فيما لم تتمكّن الدولة من توفير سوى ٦٠ ألف وظيفة سنوياً، ولم يكن بمقدور القطاع الخاص فعل شيء يُذكر لتعويض الفارق الذي بلغ ١٤٠ ألف شخص.[9]
وفي الوقت ذاته، تقلّصت القوة العاملة الزراعية بنسبة ٤٠ بالمئة بين عامي ٢٠٠٢ و٢٠٠٨، لتنخفض من ١.٤ مليون عامل إلى ٨٠٠ ألف عامل. وبالتوازي مع ذلك، تمت خصخصة الأراضي ما أضرّ بآلاف الفلاحين في الشمال الشرقي. واتضحت قسوة هذا الأمر خاصة مع فترة الجفاف بين عامي ٢٠٠٧ و٢٠٠٩، حيث اضطرّ مليون فلاح إلى اللجوء إلى المساعدات الدولية والإمدادات الغذائية، وهاجر ٣٠٠ ألف شخص من الشمال الشرقي إلى دمشق وحلب ومدن أخرى. وساهمت عدة قوانين أخرى تعود بالفائدة على مُلّاك الأراضي على حساب الفلاحين في إضعاف القوى العاملة الزراعية. فالقانون رقم ٥٦، الصادر عام ٢٠٠٤ والذي ينظم العلاقات في قطاع الزراعة، سمح لمُلّاك الأراضي بإنهاء جميع عقود الإيجار بعد مرور ثلاث سنوات على توقيعها، وأتاح لهم ذلك طرد الفلاحين من الأراضي التي عملوا بها على مدى جيلين مقابل تعويضات هزيلة (وحدث ذلك دون تعويضات في معظم الأحيان) واستبدالهم بعمال مؤقتين. وأسفر هذا القانون الذي نُفذ عام ٢٠٠٧ عن طرد مئات آلاف المستأجرين والعمال، خاصة في المدن الساحلية كطرطوس واللاذقية.[10] وانخفضت حصة الزراعة من العمالة من نحو ٣١ بالمئة عام ٢٠٠٠ إلى ١٣.٥ بالمئة فقط عام ٢٠١١.[11]
قُدّرت نسبة البطالة العامة مع حلول عام ٢٠١٠ بنحو ٢٥ بالمئة، خلافاً لإحصاءات الدولة الرسمية التي قالت إنها تبلغ ٨.٦ بالمئة، فيما بلغت نسبة البطالة بين الشباب ٤٨ بالمئة في العام التالي.[12] وانعكس الانكماش في معدل مشاركة القوى العاملة في المناطق الريفية والحضرية، لكنه كان أكثر وضوحاً في المناطق الريفية، حيث اختار العمّال ذوو المهارات الهجرة في معظم الأحيان للبحث عن أجور أفضل.
وانخفضت حصة الأجور في الدخل القومي من ٤١ بالمئة عام ٢٠٠٤ إلى ٣٣ بالمئة بين عامي ٢٠٠٨ و٢٠٠٩.[13] وبالتالي مثّلت الأرباح والإيجارات أكثر من ٦٧ بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي قبل عام ٢٠١١. وقد أصدر الاتحاد العام لنقابات العمّال التابع للدولة بياناً استنكر فيه حقيقة أن "الأثرياء ازدادوا ثراءً، والفقراء ازدادوا فقراً… فيما يبحث أصحاب الدخل المحدود، الذين يشكّلون ٨٠ بالمئة من السكان السوريين، عن أعمال إضافية لتأمين احتياجاتهم".[14]
انعكست هذه الديناميات أيضاً في ميدان حقوق العمال وقوانينهم في القطاع الخاص. فبعد سنوات عديدة من التحضير والمناقشات، أصدرت الحكومة القانون رقم ١٧ عام ٢٠١٠، الذي ينظّم العلاقة بين العمال وأصحاب العمل في كل من القطاع الخاص، والخاص-الحكومي، والتعاوني، ويتحيّز لأصحاب العمل على حساب العمّال. أظهر القانون تفضيل السلطات السورية لحماية رأس المال والأرباح على حساب حماية العمّال، وأعطى أصحاب العمل، بشكل واضح، الحق في فصل موظفيهم دون تقديم أي تبريرات وبتعويضات محدودة. ووفقاً للإحصاءات الرسمية، فُصل ١٠٠ ألف سوري من وظائفهم منذ تطبيق القانون.[15] وفي عام ٢٠٢٠، ذكر المرصد العمالي للدراسات والبحوث، وهو مركز أبحاث تابع للاتحاد العام لنقابات العمال، أن معظم العاملين في القطاع الخاص، باستثناء قطاعي المالية والتأمين، لا يتمتعون بأبسط الحقوق المنصوص عنها في القانون رقم ١٧، مثل الزيادات الدورية في الأجور، والتأمين الصحي، والشمول في برامج التأمين الاجتماعي.[16]
وبصورة أعمّ، ورغم الاعتراف بحق المفاوضة الجماعية في قانون العمل رقم ١٧ لعام ٢٠١٠، تحتفظ وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بسلطات واسعة لمعارضة ورفض تسجيل الاتفاقات الجماعية المُبرمة. علاوة على ذلك، ورغم السماح بالإضرابات على المستوى الرسمي في القطاع الخاص، ولكن غالباً ما يتم التنازل عنها خوفاً من العقوبة أو الغرامات. ففي قطاعات كالنقل والاتصالات، يُعاقب على الإضرابات التي يشارك فيها أكثر من ٢٠ عاملاً بغرامات، وحتى بأحكام بالسجن. بينما قد تؤدي إعاقة الموظفين الحكوميين لعمل خدمات الدولة إلى حرمانهم من حقوقهم المدنية.[17]
القوة العاملة بعد تسع سنوات من الدمار
أدى تدمير قطاعات كبيرة من الاقتصاد وعسكرة المجتمع والتهجير القسري لملايين السوريين، إلى تقليص حجم القوى العاملة في البلاد. فبين عامي ٢٠١١ و٢٠١٩، انخفض إجمالي عدد الموظفين المسجلين من ٥.١٨٤ مليون إلى ٣.٠٥٨ مليون،[18] بينهم ما يزيد قليلاً عن مليون موظف حكومي، بما في ذلك العاملين في قطاع الصناعة العامة، مقابل نحو ٧٦٠ ألف موظف مؤهل في القطاع الخاص، و١.٢ مليون يعملون لحسابهم الخاص.[19] وتراجع دور الأجور في إنتاج الثروة في سوريا طيلة فترة الحرب، حيث أشارت تقديرات إلى أن حصة الأجور من الدخل القومي بلغت نحو ٢٠ بالمئة، بينما شكّلت الأرباح والإيجارات النسبة المتبقّية (٨٠ بالمئة) عند كتابة هذه الدراسة في تموز ٢٠٢٠.[20]
الخريطة ١: توزّع العمال في قطاعات الاقتصاد الخاصة (٢٠٢٠)
المصدر: المرصد العمالي للبحوث والدراسات التابع للاتحاد العام لنقابات العمال.[21]
استمر النظام بسياسته التي تُهمل الظروف المعيشية للقوى العاملة. وحدثت زيادات رمزية فقط في الأجور في القطاع العام، بينما عدّلت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، عام ٢٠١٩، ٢٦ مادة من قانون العمل رقم ١٧ لعام ٢٠١٠، ما أدى إلى تغيّرات طفيفة للغاية: زيادة قليلة في الأجور (نحو ٩ بالمئة) وضمان استحقاق إجازة الأمومة.[22] إضافة إلى رفع الحد الأدنى للأجور الشهرية في جميع القطاعات من ١٦,١٧٥ ليرة سورية إلى ٤٧,٦٧٥ ليرة سورية في كانون الأول ٢٠١٩. إلا أن هذه الإجراءات لم تعالج تدهور الظروف المعيشية للعمال.
تستمر القدرة الشرائية بالانخفاض لدى القوى العاملة، ولدى جميع السكان بوجه عام، إذ تُشير التقديرات إلى انكماش صاعق، بلغ ٩٣ بالمئة بين أيار ٢٠١٠ وأيار ٢٠٢٠، وقد ازدادت النفقات الشهرية لعائلة من خمسة أفراد في دمشق من ٣٨٠ ألف ليرة سورية في كانون الثاني ٢٠٢٠ إلى ٥٥٠ ألف ليرة سورية بداية حزيران ٢٠٢٠، وذلك بسبب الانخفاض الهائل في قيمة الليرة السورية.[23] ويتراوح متوسط الأجر الشهري في القطاع العام عام ٢٠٢٠ بين ٨٠ ألف و١٠٠ ألف ليرة سورية (بين ٣٢ و٤٠ دولاراً أمريكياً)، مقابل ١٢٠ ألف إلى ١٥٠ ألف ليرة سورية في القطاع الخاص (بين ٤٨ و٦٠ دولاراً أمريكياً).[24] وفي منتصف حزيران ٢٠٢٠، قدّر تقرير نُشر في سوريا أنه يجب رفع متوسط الراتب الشهري إلى ٣١٠ آلاف ليرة سورية (١٢٤ دولاراً أمريكياً) للوصول إلى القدرة الشرائية التي كانت موجودة عام ٢٠١٠، الأمر الذي يتطلب زيادة مستوى الأجور الحالي بنسبة ٤٢٠ بالمئة، وهي زيادة، إن حدثت، ستُكلّف الحكومة ٥٠٠ مليار ليرة سورية إضافية (٢٠٠ مليون دولار أمريكي) شهرياً.[25]
يُجبر هذا الوضع العمال على البحث عن مصادر بديلة للدخل بغية ضبط ميزانيتهم الشهرية، عائدين بذلك إلى الدينامية السابقة لعام ٢٠١١. إذ يعمل كثير من موظفي القطاع العام في وظائف إضافية، فيما تزداد تكلفة الرشوة، ويهاجر عدد كبير من العمال ذوي المهارات العالية أملاً بظروف أفضل في المعيشة والعمل.
أدّت جائحة كوفيد-١٩ إلى مزيد من التدهور في الظروف المعيشية للغالبية العظمى من القوى العاملة، حيث أُصيبت قطاعات الاقتصاد (السياحة والتجارة والبناء.. وغيرها) بشلل فعلي. ولم يحصل العمال في هذه القطاعات على أي رواتب أثناء انتشار الوباء، حيث توقفت أعمالهم، فيما خفّضت بعض الشركات الخاصة رواتب موظّفيها. ومن هذه الناحية، كان الموظفون الحكوميون أفضل حالاً، وكانت أجورهم مضمونة بوجه عام.
تفتقر الدولة السورية إلى الإمكانيات المالية لتعويض الخسائر الاقتصادية التي تكبّدها مئات آلاف العمال كنتيجة مباشرة للوباء. وقد أطلقت الحكومة في منتصف نيسان "الحملة الوطنية للاستجابة الاجتماعية الطارئة"، برعاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بهدف مساعدة العمال المتضررين جرّاء الجائحة. وبعد عدة أسابيع، تم تعليق التسجيل على موقع الوزارة بعد تقدّم أكثر من ٤٥٠ ألف شخص.[26] ومع حلول نهاية شهر أيار حصل أقل من ٥ آلاف شخص –خلافاً للتوقّع السابق باستفادة ٢٠ ألف– على مخصصات لمرة واحدة، بلغت١٠٠ ألف ليرة سورية (ما يعادل ٥٤ دولاراً أمريكياً بسعر الصرف حينها، والبالغ ١٨٦٠ ليرة سورية للدولار الأمريكي).[27] ووفقاً لوزارة الشؤون الاجتماعية، من المتوقع أن يتلقّى نحو ٨٠ ألف عامل مبلغاً مماثلاً في الأشهر الخمسة المقبلة، وذلك بعد أن تلقّى ١٨,٥٠٠ عامل مخصصاتهم في بداية تموز ٢٠٢٠.[28]
بالإضافة إلى ذلك، تتسم القوة العاملة بوجود مستويات عالية من البطالة وانخفاض الأجور ونقص ذوي المهارات في صفوفها. وإن كان ممكناً إرجاع سبب ارتفاع معدلات البطالة إلى تدمير قطاعات كبيرة من الاقتصاد وقلة الفرص، إنّما لا يصحّ نسيان دور التهديدات بالاعتقال بتهمة التخلّف عن الخدمة العسكرية، التي تؤدي إلى التزام كثير من الشبان منازلهم، أو بحثهم عن عمل يومي غير آمن ولا رسمي وبأجر منخفض بغية تجنب الخدمة العسكرية القسرية. وقد اتّضح النقص في فرص العمل المجزية في منتصف شهر حزيران ٢٠٢٠، حين تقدم ١١ ألف مواطن لشغل ١٨٠ وظيفة في القصر العدلي في طرطوس.[29] ويواجه العمال المياومون في القطاع العام أيضاً ظروف عمل مزعزعة للغاية، ويتضمّن ذلك غياب مزايا اجتماعية محددة. ففي تموز ٢٠٢٠، على سبيل المثال، أصدر مسؤولو محافظة دمشق قراراً يقضي بعدم تجديد عقود أكثر من ١٠٠٠ عامل مياوم بسبب الوضع المالي الصعب للمحافظة وارتفاع الحد الأدنى للأجور. وبعد انتقادات شديدة، تم إلغاء القرار بعد أيام قليلة في بيان لمحافظ دمشق المهندس عادل العلبي، الذي أوضح أنه تم تحويل الأموال إلى الميزانية لتعويض هذه الوظائف وحماية سبل عيش الموظفين.[30] بيد أن ذلك كشف عن الظروف المتقلّبة والهشة التي تسود في قطاع العمل، رغم قدرة الاتحاد العام لنقابات العمال بين عامي ٢٠١٥ و٢٠٢٠ على تحويل وضع ٨٠٠٠ عامل –من أصل إجمالي ١٣ ألف عامل– في مؤسسات وكيانات الدولة من عمال مياومين إلى متعاقدين سنوياً.[31]
فضاء جديد للنساء؟
أثّر تحرير الاقتصاد التدريجي في العقود القليلة الماضية على مشاركة النساء في سوق العمل. ففي بداية السبعينيات ارتفع عدد النساء في القوى العاملة باطّراد، وظهر ذلك بشكل ملحوظ في القطاع المملوك للدولة، لكن هذه النسبة تراجعت كثيراً مع نهاية الثمانينيات. وحدث الأمر ذاته في قطاع الخدمات، الذي ارتفعت فيه نسبة مشاركة النساء من ١٨ بالمئة عام ١٩٧٠ لتصل إلى ٤٧.٢ بالمئة عام ١٩٨١، لكنها انخفضت إلى ٣٠.٢ عام ١٩٩٥.[32] وكانت نسبة مشاركة النساء في القطاع العام أعلى على الدوام من نسبة مشاركتهن في القطاع الخاص، لكن مساهمتهنّ وإنتاجيتهنّ الاقتصادية في القطاع الخاص كانت أعلى بكثير في العقد الأول من القرن الحالي، حيث وصلت إلى ٧٠ بالمئة عام ٢٠١٠، في حين بلغت ٣٠ بالمئة فقط في القطاع العام. وانخفضت نسبة مشاركة النساء فوق ١٥ عاماً من نحو ٢٠.٥ بالمئة عام ٢٠٠١ إلى ١٣ بالمئة عام ٢٠١٠، لتكون بذلك من أقل النسب عالميّاً. وحتى في القطاع الخاص الذي نشط مجدداً، انخفض عدد النساء. وتعكس آليةُ عمل القطاع الخاص المفتقر إلى الرقابة، طبيعةَ النظام الأبوي السائد في المجتمع السوري، والذي ازدهر على حساب الوضع الاقتصادي للنساء السوريات.[33]
وأدى النقص المفاجئ في عدد الرجال في المجتمع السوري بسبب الحرب و/أو الهجرة، ونقص الرجال المؤهلين للعمل بسبب الإصابة أو السجن، إلى خلق مساحة جديدة للنساء لشغل مجالات معينة في المجتمع والقوى العاملة عادةً ما كان يشغلها الرجال أو يتعذّر على النساء الوصول إليها.[34] على سبيل المثال، وفقاً لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، شكّلت النساء نسبة ٦٥ بالمئة من السكان النشطين اقتصادياً في الزراعة عام ٢٠١٥، بزيادة قدرها ٦ بالمئة عن عام ٢٠٠٩. وفي بعض المجالات، قد تشكّل النساء نسبة تصل إلى ٩٠ بالمئة من القوة العاملة الزراعية. ونتيجة لذلك، بحلول عام ٢٠١٦، شكّلت الأسر التي تقودها النساء نسبة ١٢-١٧ بالمئة من السكان في سوريا، ونسبة تصل إلى الثلث بين السوريين في بلدان اللجوء،[35] وقد استمرت هذه الظروف على امتداد السنوات الفائتة. وفي نيسان ٢٠١٨، أعلن مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن عدد النساء مقابل الرجال في سوق العمل بلغ أربعة أضعاف. فيما قُدّرت هذه النسبة بـ٣.١ امرأة مقابل كل رجل في القطاع العام.[36]
بيد أن المشاركة بين الجنسين في الاقتصاد هي أبعد ما تكون عن المساواة، حيث تحصل النساء على أجور أقل بكثير ويواجهن تمييزاً وحواجز كبيرة في مكان العمل. ويغلب على دخل الأسر التي تقودها النساء كونه "أقل من دخل الأسر التي يقودها الرجال"، وفقاً لبحث نُشر عام ٢٠١٦.[37] علاوة على ذلك، أثّرت الجائحة بدرجات متفاوتة على النساء، إذ ارتفعت احتمالات عملهنّ في السوق السوداء أو في وظائف منخفضة الأجر.[38]
الجزء الثاني: سياسيات دمشق: قمع وتمييز وتحكّم بالقوى العاملة.
كان النشاط الجماعي للنقابات المهنية واتحادات الفلاحين محدوداً أثناء الانتفاضة.[39] ومن بين هذه المجموعات العمّالية المختلفة، كان المشاركون الأكثر نشاطاً في بدايات حركة الاحتجاج هم أعضاء في نقابة المحامين من مختلف المحافظات. أما في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، اقتصرت الأهداف الرئيسية للنقابات المهنية المُنشأة حديثاً ونقابات العمال في معظم الأحيان على المطالب الديمقراطية، وخدمة مؤسسات المعارضة المحلية، واستنكار انتهاكات حقوق الإنسان، وسط غياب أو محدودية المطالب الاجتماعية-الاقتصادية أو الخطاب الطبقي عن برامجها.[40] ويعكس ذلك التوجه السياسي للفاعلين الرئيسين العرب في المعارضة، لا سيما المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، اللذين حصرا مطالبهما في إضفاء الطابع الديمقراطي على النظام السياسي ولم يتطرقا إلى القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي كانت أولوية الغالبية العظمى من سكان البلاد، خاصة في ظل تزايد التفاوت الاجتماعي والبطالة والفقر العام. ولم تطرح المعارضة أي برامج أو أنشطة لحشد القوى العاملة أو التشجيع على إنشاء نقابات عماليّة مستقلة. وفي الوقت نفسه، تبنّى هؤلاء الفاعلون في المعارضة، إلى جانب الفصائل المسلّحة، بشكل متزايد، خطابات وممارسات إقصائية على أسس طائفية وإثنية، وساهمت في ترسيخ الخلافات والانقسامات العميقة بين السوريين وتوسيعها.[41] ولم تؤدّ العسكرة والحضور المتزايد للقوى الأصولية الإسلامية والجهادية إلّا إلى تقويض العمل الجماعي المدني، بما في ذلك أنشطة النقابات المهنية المنُشأة حديثاً.
ظلت الاحتجاجات العمالية وغيرها من أشكال المعارضة في مناطق سيطرة النظام مقيّدة للغاية، رغم استمرار تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي. ويرتبط ضعف النشاط والمنظمات العمالية المستقلة بغياب الحركة العمالية أو أي شكل من أشكال المعارضة في الاتحادات العمالية الرسمية والنقابات المهنية القائمة. كان ذلك نتيجة لقمع النظام التاريخي وتحكّمه بالنقابات، إلى جانب عقود من السياسات القائمة على تقسيم المجتمع عبر المحسوبية والولاءات السياسية والتمييز الطائفي والإثني -بما في ذلك في وظائف الدولة– ما أدى إلى خلق عقبات أعاقت تنظيم النشاط الجماعي المعارض. وفي هذا السياق، أضحى الاتحاد العام لنقابات العمال رمزاً لاستغلال النظام للمنظمات "الشعبية" بغية السيطرة على القوى العاملة.
القمع التاريخي والتحكّم بالنقابات
تحسّنت الظروف المعيشية للعمال والفلاحين مع وصول حزب البعث إلى السلطة عام ١٩٦٣، ولكن لم يُسمح لهم بالاستقلالية. وحارب النظام النزعة التمرديّة داخل النقابات العمالية وحركات المعارضة ضد النظام البعثي في الستينيات، والتي مثّلها الشيوعيون والناصريون في معظم الأحيان.[42] لم تُمنح الطبقة العاملة تمثيلاً سياسياً مستقلاً في الدولة البعثية ولم يكُن بإمكانها المشاركة في عملية صنع القرار السياسي.
وبطريقة مماثلة، استبعد حزب البعث بعد تأسيسه عام ١٩٦٤ غير البعثيين من الاتحاد العام للفلاحين،[43] ما أدى إلى تنحية القطاعات الأكثر نشاطاً في الحركة الفلاحية،[44] وفي عام ١٩٦٩ قمعت الحكومة البعثية بعنف انتفاضةً للفلاحين استنكرت نظام المديونية للبنك الزراعي، الذي تأسس لتعويض رجال الأعمال في منطقة الغاب.[45] كانت معظم الكوادر القيادية للتعاونيات والاتحاد العام للفلاحين، في سنوات التأسيس، تتكون من فلّاحي الطبقة الوسطى، الذين كانوا يستغلون مناصبهم في معظم الأحيان للتفاوض من أجل مصالحهم الخاصة للحصول على القروض والآلات والبذور وغير ذلك. تقلّصت الفجوة بين هذه الطبقة المتوسطة الفلاحية وكثير من مُلّاك الأراضي الواسعة في الستينيات، بينما ازداد الانقسام في المقابل بين المُزارعين ومُلّاك الأراضي متوسطة المساحة بشكل كبير. وبفضل مناصبهم في التعاونيات والاتحاد العام للفلاحين، وفي حزب البعث نفسه، أصبح فلّاحو الطبقة الوسطى يشكّلون الطبقة القيادية في الريف من الناحية السياسية، ولكن دون أن يكونوا، أو يُصبحوا، الطبقة الاجتماعية الأكثر ثراءً.[46] كان الاتحاد العام للفلاحين يقدّم خدماته بشكل متزايد إلى أعضائه الأكثر ثراءً –أي الفلاحين ذوي الأراضي متوسطة المساحة– بينما تُرك الفلاحون الريفيون الذين لا يملكون أرضاً، وأصحاب الأراضي الصغيرة، دون أي منظمات للدفاع عن مصالحهم بشكل منظّم.
في نيسان ١٩٨٠، تم حلّ جميع النقابات المهنية (كالنقابات التي تُمثّل المهندسين والمحامين والأطباء) بمرسوم أصدره النظام، ثم أسس جمعيات مهنية جديدة وعيّن قادتها.[47] وفي الوقت نفسه، اشتدّت حملات القمع ضد النقابيين المنتسبين إلى أحزاب المعارضة أو الذين يرتبطون بها، والذين فازوا في انتخابات ١٩٧٨ و١٩٧٩ بعد التنافس مع مرشحين بعثيين رسميين.[48] تم استهداف هؤلاء لأنهم لعبوا دوراً هامّاً في مواجهة السياسات الاستبدادية للحكومة في السبعينيات وبداية الثمانينيات عبر تنظيم الإضرابات والمظاهرات، وبسبب تعاطفهم الصريح مع المعارضة اليسارية والديمقراطية أو انتمائهم إليها.
عزز الاتحاد العام لنقابات العمال والاتحاد العام للفلاحين، على امتداد العقود الماضية، قدرتهما على حشد عضوياتهما لاستمرار الجهود الإنتاجية وتأمين الدعم لسياسات النظام الخاصّة بالطبقة العاملة، ولتوفير الحماية للنظام كلما لزم الأمر. على سبيل المثال، تعاون الاتحاد العام لنقابات العمال مع الأجهزة الأمنية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي لقمع العديد من النشاطات والتحركات العمالية غير المنظمة في القطاعين العام والخاص ضد ظروف العمل المتردية،[49] بينما حشد الاتحاد العام للفلاحين أعضاءه للالتحاق بالقوى المسلّحة بغية سحق التمرّد في عدة مدن في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات.
بيد أن الاتحاد العام لنقابات العمال والاتحاد العام للفلاحين كانا يُقدّمان خدمات اجتماعية لافتة لأعضائهما ولشرائح أخرى من السكان، وهي خدمات تكون في العادة مجانية أو بتكلفة ضئيلة مقارنة بالبدائل المؤسسية. وكان الاتحاد العام لنقابات العمال، على وجه الخصوص، فعالاً جداً فيما يخصّ خدمات الصحة العامّة.
خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أضعف بشار الأسد، بقرار مقصود، الاتحاد العام لنقابات العمال والاتحاد العام للفلاحين، لأنه اعتبرهما عقبة أمام عملية الإصلاح الاقتصادي النيوليبرالي. وقطع النظام الأموال عن المنظمات الفئوية "الشعبية" بشكل متزايد، وهاجم سلطات المحسوبية التابعة لها. ومع بداية الانتفاضة عام ٢٠١١، لم تتمكن المنظمتان من التعبئة بشكل فعال، بسبب التهميش السياسي الذي عانتاه في العقد السابق.[50] لكن هذا الوضع تغير مع إعادة حزب البعث النظر في دور المنظمات الفئوية "الشعبية" في شبكات النظام السوري في فترة ما بعد ٢٠١١.
لقد تحول الاتحاد العام لنقابات العمال والاتحاد العام للفلاحين ونقابات المهنيين بالمُجمل إلى أداة بيد الدولة، وكان حزب البعث يمارس عليهم سياسة تحكّم صارمة. إذ يتم اختيار رؤساء الاتحادات والنقابات المهنية –حتى اليوم– على يد قياديي حزب البعث.
تزوّد الامتيازات الممنوحة للاتحاد العام للفلاحين دمشق بسلطة خاصة لتعزيز شبكات المحسوبية والزبائنية، عبر تفضيل الفلاحين والمزارعين الموالين للاتحاد والحكومة السورية.[51] ويتصرف الاتحاد العام للفلاحين بناءً على عدد من الصلاحيات الممنوحة له، كإدارة توزيع القروض والمنتجات الزراعية الأولية (مثل الأسمدة والأعلاف) وتسويق بعض المحاصيل الزراعية، بينما يقدّم لأعضائه خدمات متنوعة عبر المراكز والوحدات التي تدير بيع المنتجات الزراعية والأدوية والغاز وغيرها من المنتجات الضرورية للفلاحين. وتُقدر قاعدة عضوية الاتحاد رسمياً بأقل من مليون عضو فاعل (٩٩٤,٨٢٠)، منهم نحو ٩٧ ألف امرأة، إلى جانب ٥٦٢١ جمعية تعاونية.[52]
تم "انتخاب" العديد من الشخصيات في النقابات المهنية والاتحاد العام للفلاحين نواباً في السابق، وترشح العديد منهم في الانتخابات التشريعية في حزيران ٢٠٢٠، بينما يلعب البعض أدواراً أكثر أهمية في الوفود الحكومية المختلفة إلى المؤتمرات الدولية.
الجدول ١: قياديو النقابات المهنية والاتحاد العام للفلاحين (حزيران ٢٠٢٠)
الشخصية |
الموقع الحالي |
الوصف العام |
نذير علي سكيف |
نقيب المحامين السابق حتى تشرين الثاني ٢٠١٩. |
عضو في حزب البعث وانتُخب نائباً عن محافظة اللاذقية في الدورة التشريعية ٢٠١٦-٢٠٢٠. كان في السابق مندوباً عن الحكومة إلى مؤتمر سوتشي.[53] وعضو اللجنة الدستورية السورية من جانب الحكومة.[54]
|
الفراس فارس |
نقيب المحامين منذ تشرين الثاني ٢٠١٩.
|
عضو اللجنة المركزية للنقابة المهنية للمحامين منذ ٢٠١٤. كما أنه نجل ضابط المخابرات العسكرية العميد مظهر فارس المنحدر المتهم بارتكاب جرائم في عهد حافظ الأسد.[55]
|
د.غياث القطيني |
نقيب المهندسين. |
عضو في حزب البعث وانُتخب نائباً عن محافظة إدلب في دورة ٢٠١٦ و٢٠٢٠ عن قائمة الوحدة الوطنية.[56]
|
د. فادية ديب |
نقيبة أطباء الأسنان منذ تشرين الأول ٢٠١٩. |
عضو حزب البعث ونائبة مُنتخبة منذ ٢٠٠٧.[57] وانتُخبت عن قائمة الوحدة الوطنية في حمص عام ٢٠٢٠. |
وفاء كيشي |
نقيبة الصيادلة منذ شباط ٢٠١٩.
|
مرشحة عن حزب البعث في حمص للانتخابات التشريعية في تموز ٢٠٢٠، ولم يتم اختيارها في قائمة الوحدة الوطنية، فقدمت نفسها كمرشحة بعثية.[58]
|
أحمد صالح ابراهيم |
رئيس الاتحاد العام للفلاحين منذ ٢٠١٦. |
انتُخب نائباً عن قائمة الوحدة الوطنية في محافظة حلب للانتخابات التشريعية في دورة ٢٠١٦-٢٠٢٠. وقبل ذلك شغل منصب أمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في محافظة حلب بين عامي ٢٠١٣ و٢٠١٦، ورئيس فرع 'الاتحاد العام للفلاحين' في محافظة حلب.[59]
|
خالد خزعل |
نائب رئيس الاتحاد العام للفلاحين. |
انتخب نائباً في الدورة التشريعية ٢٠١٦-٢٠٢٠ وأميناً عاماً للاتحاد العام للفلاحين العرب والتعاونيات الزراعية. هو عضو اللجنة الدستورية في قائمة الحكومة السورية.[60] وكان مرشحاً عن حزب البعث في القنيطرة في الانتخابات التشريعية في تموز ٢٠٢٠، ولم يتم اختياره على قائمة الوحدة الوطنية.
|
الاتحاد العام لنقابات العمال: أداة للتحكم والحشد
بعد انقلاب حافظ الأسد عام ١٩٧٠، أصبحت النقابات العمالية تدريجياً أداة تساعد النظام في تنفيذ السياسات الاقتصادية الليبرالية والسيطرة على القوى العاملة، بدلاً من الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة. وفي عام ١٩٧٢، وصف مؤتمر الاتحاد العام لنقابات العمال دور النقابات العمالية في دولة البعث بأنه دور "سياسي". بعبارة أخرى، تم تقييد أي دور سياسي مستقل للنقابات وأصبحت المطالب المادية خاضعة للضرورة العليا المتمثلة في زيادة الإنتاج والمساهمة في النضال من أجل التحرر وبناء الأمة. أصبح النضال المطلبي عملاً سلبياً في قاموس (ما يسمى) النظام "الاشتراكي" الموجود في سوريا، وأصبح يندرج كعمل "تخريبي" ضمن النهج الاشتراكي.[61]
في عام ١٩٨٥، دعم الاتحاد العام لنقابات العمال قانوناً خاصاً بالموظفين في القطاع العام، فرض عليهم الالتزام بأهداف دولة البعث، وحظر الإضرابات المخالفة للقانون.[62] وفي عام ٢٠٠٤، صدر قانون خاص بموظفي الدولة يتضمن التوجّه السياسي ذاته. يتكون الاتحاد العام لنقابات العمال من ثماني نقابات (الرسم ٢). وتُعدّ عضوية الاتحاد إلزامية تقريباً على موظفي القطاع العام، لكن تأثير الاتحاد محدود جداً في القطاع الخاص. ولكن على جميع منظمات العمال، من ناحية أخرى، الانتساب إلى الاتحاد العام لنقابات العمال.
الرسم ٢: تكوين الاتحاد العام للنقابات العمالية، ويتضمن ثماني نقابات في القطاع العام
المصدر: الجبهة التقدمية الوطنية[63]
الجدول ٢: رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، ورؤساء النقابات وبعض أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد (حزيران ٢٠٢٠)
الشخصية |
المنصب الحالي |
معلومات إضافية |
جمال القادري |
رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال منذ عام ٢٠١٥، وانُتخب مجدداً في شباط ٢٠٢٠. |
عضو في حزب البعث، وانتُخب نائباً عن قائمة الوحدة الوطنية في محافظة ريف دمشق ٢٠١٦- ٢٠٢٠. وهو عضو اللجنة الدستورية في قائمة الحكومة السورية.
|
رفيق علوني |
نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال ورئيس الاتحاد المهني للصناعات المعدنية والكهرباء. |
مرشح عن حزب البعث في اللاذقية في الانتخابات التشريعية لتموز ٢٠٢٠، ولم يتم اختياره في قائمة الوحدة الوطنية.[64]
|
نبيل عقل |
رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال الخدمات العامة (من قبل ٢٠١١) |
الأمين العام لنقابة عمال الخدمات والسياحة.
|
عماد الدغيم |
رئيس الاتحاد المهني لعمال النقل. |
انتُخب أميناً عاماً للاتحاد الدولي لعمال النقل في آذار ٢٠١٩.[65] |
خلف الحنوش |
رئيس الاتحاد المهني لعمال البناء والاستصلاح والسدود.
|
عضو حزب البعث. ومرشح عن حزب البعث في حلب في الانتخابات التشريعية لتموز ٢٠٢٠، ولم يتم اختياره في نهاية المطاف على قائمة الوحدة الوطنية.[66] |
طلال علاوي |
رئيس اتحاد عمال دير الزور منذ شباط ٢٠٢٠، وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال. |
مرشح عن حزب البعث في دير الزور في الانتخابات التشريعية لتموز ٢٠٢٠، ولكن لم يتم اختياره على قائمة الوحدة الوطنية. |
برهان عبد الواحد |
عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العامل لنقابات العمال ٢٠٢٠، وأمين شؤون الخدمات في الاتحاد. وهو الرئيس السابق لاتحاد عمال دير الزور. |
عضو في حزب البعث انتُخب نائباً عن قائمة الوحدة الوطنية في محافظة دير الزور في عامي ٢٠١٦ و٢٠٢٠.[67] |
مارييت خوري |
عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال وأمين الشؤون الثقافية والمعلومات[68] |
عضو حزب البعث في حلب، وانتُخبت على قائمة الوحدة الوطنية عن محافظة حلب عام ٢٠٢٠. |
بشير سليمان الحلبوني |
عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال، وأمين الشؤون القانونية والتشريعية[69] |
عضو في اللجنة الدستورية على قائمة الحكومة السورية. |
مصطفى ابراهيم خليل |
عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد العام لنقابات العمال ورئيس اتحاد عمال محافظة حماة. |
انتُخب نائباً على قائمة الوحدة الوطنية عن محافظة حماة عام ٢٠٢٠. |
يُدير الاتحاد معظم جوانب الأنشطة النقابية، بما فيها تنظيم القطاعات والمهن التي قد تُمثّلها النقابة، إلى جانب القرارات المتعلقة بشروط وإجراءات استخدام الأموال النقابية. ولديه الصلاحية لحل اللجنة التنفيذية في أي نقابة.[70] وقبل عام ٢٠١١، كان لدى الاتحاد ما يقدر بنحو ١.٢ مليون عضو عامل. وفي عام ٢٠١٨، انخفض عدد أعضائه إلى نحو ٩٥٠,٠٠٠ عضو.[71]
وبعد اندلاع الانتفاضة في آذار ٢٠١١، انخرط الاتحاد العام لنقابات العمال في شبكات النظام، ولا سيما في المنظمات بين النقابية البعثية والشعبية، بغية قمع المجتمع والسيطرة عليه، إلى جانب تقديم بعض الخدمات والمساعدات الإنسانية.[72] ازدادت أهمية هذا الدور لدى حزب البعث في ٢٠١٣-٢٠١٤. وكما هو الحال في الاتحادات المهنية الأخرى والاتحاد العام للفلاحين، تم "انتخاب" الأعضاء البارزين في الاتحاد العام لنقابات العمال نواباً عام ٢٠١٦ أو ٢٠٢٠، وعملوا كممثلين في مختلف الوفود الحكومية إلى المؤتمرات الدولية والمنظمات الإقليمية والدولية.
يُقيم الاتحاد لأعضائه حفلات زفاف جماعية مجانية،[73] ويقدم تعويضات مالية لأسر القتلى والمصابين من العمال، وإمدادات من المواد الغذائية والسلع الضرورية والمساعدات الإنسانية والإعانات المالية للعاملين المحتاجين في مناطق متعددة، كما يشارك في الحملات الخيرية والاجتماعية بالتعاون مع مؤسسات الدولة.[74] يتم تقديم هذه الخدمات للأعضاء إلى جانب الترويج لبروباغندا النظام، خاصة في تواريخ محددة، كاحتفالات ١ أيار السنوية.
ومع بداية جائحة كورونا، شكّل الاتحاد العام لنقابات العمال فرق طوارئ تطوعية في كافة المحافظات لدعم شبكات النظام. وقامت هذه الفرق بحملات لتوزيع المنتجات الصحية والسوائل المُطهّرة، وقيّمت آثار الوباء الاجتماعية والاقتصادية على العمال ومعدل البطالة. وفي الوقت نفسه، أبدت استعدادها للمشاركة الكاملة إلى جانب الحكومة في جميع الجهود المبذولة لمكافحة الوباء.[75]
ويروّج الاتحاد لبروباغندا النظام لدى الاتحادات والنقابات الدولية والإقليمية الأخرى في المؤتمرات المُقامة خارج البلاد أو التي تستضيفها سوريا. ففي أيلول ٢٠١٩، على سبيل المثال، شارك أكثر من ١٠٠ ممثل للنقابات العمالية العربية والأجنبية، إلى جانب صحفيين، في المنتدى النقابي الدولي الثالث بعنوان "التضامن مع العمال والشعب السوريين ضد الإرهاب والحصار الاقتصادي والتدخل الإمبريالي". وفي هذه المناسبة، أعرب كل من اتحاد النقابات العالمي، ومنظمة وحدة النقابات الإفريقية والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب عن دعمهم للحكومة السورية.[76]
يستخدم النظام الاتحاد العام لنقابات العمال، كبقية الشبكات، في الشمال الشرقي لإضعاف نفوذ الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. ونظّم موظفو الدولة في الشركة العامة للكهرباء والمؤسسة السورية للحبوب في مدينة الحسكة، على سبيل المثال، اعتصاماً منذ نهاية حزيران حتى منتصف تموز ٢٠٢٠ أمام مباني هذه الشركات العامة، بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية عليها ومنعها الموظفين من العودة إلى العمل.[77] استمر الاعتصام ١٦ يوماً حتى سمحت لهم قوات سوريا الديمقراطية بالعودة إلى المباني. ومن المُحتمل أن يكون الاتحاد العام لنقابات العمال قد شجع (وربما نظم بشكل جزئي) تحركات ومطالب موظفي الدولة، والتي حظيت باهتمام وتغطية كاملة في وسائل الإعلام الحكومية والموالية للنظام.
وكما ذكرنا أعلاه، لا يُسمح بالقيام بأي شكل من أشكال المعارضة أو الانتقاد للنظام، وتُعدّ هذه أفعالاً تستلزم العقاب. على سبيل المثال، منع الاتحاد العام لنقابات العمال، في مناسبات عدة، صحيفة قاسيون المرتبطة بحزب الإرادة الشعبية الذي أسسه النائب والوزير السابق قدري جميل،[78] من تغطية جلسات اتحاد النقابات.[79] إضافة إلى ذلك، انتشر في حزيران ٢٠٢٠ تسجيل على مواقع التواصل الاجتماعي لموظف في وزارة التربية والتعليم ينتقد السلطات علناً بعد فصله من عمله وإيقاف راتبه بسبب مشاركته في احتجاج (أمام مجلس مدينة السويداء في نهاية أيار ٢٠٢٠)[80] وندد الموظف في التسجيل بالظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة، وفشل السياسات الحكومية في مواجهتها. ويشير كل ذلك إلى أن أشكال المعارضة داخل الاتحاد تبقى معزولة ومحدودة للغاية.
وبشكل أعمّ، دعم الاتحاد العام لنقابات العمال سياسة النظام باستغلال التوظيف في الخدمات العامة كأداة لبناء وشراء الولاءات، إلى جانب مكافأة الأفراد والمجموعات الموالية. وانعكس ذلك في المراسيم والقوانين التي أصدرتها الحكومة. ففي كانون الأول ٢٠١٤ مثلاً أعلنت الحكومة أن ٥٠ بالمئة من الوظائف الجديدة في القطاع العام ستذهب إلى عائلات "الشهداء".[81] وفي تشرين الأول ٢٠١٨، استثنى مجلس الوزراء من لم يؤدّ الخدمة العسكرية أو الاحتياطية من التقديم على الوظائف، رغم المرسوم الرئاسي الصادر قبل أسابيع من ذلك، والذي يتضمن العفو عن المتخلّفين عن الخدمة إذا قاموا بتسوية أوضاعهم مع السلطات.
أشكال المعارضة العمّالية (٢٠١٩-٢٠٢٠): دراسة حالة للشركات التي تسيطر عليها روسيا
مع استعادة قوات النظام السوري –بمساعدة حليفتيه روسيا وإيران– مساحات شاسعة من الأراضي، واجهت دمشق انتقادات متزايدة بسبب ترسيخها الأزمة الاقتصادية في البلاد. وقد عبّرت مظاهرات في السويداء ودرعا في حزيران ٢٠٢٠ عن هذا الإحباط المتزايد. وبالإضافة إلى هذه الاحتجاجات الأخيرة، بدأت أشكال أكثر اعتدالاً من المعارضة العمالية على ظروف العمل بالظهور، على خلفية سياسات تحرير الاقتصاد التي انتهجتها الحكومة.
ويُعدّ قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والصادر في كانون الثاني ٢٠١٦، حجر أساس لهذه السياسة، إذ سمح للقطاع الخاص بإدارة وتوسيع كافة الموارد والممتلكات العامة باستثناء النفط. ودعا عدد من المسؤولين ورجال الأعمال علناً إلى تطبيق هذا القانون بشكل واسع. ووفقاً لذلك، أصحبت المزايا التي يحصل عليها موظفو الدولة مهددة بسبب القانون وعملية الخصخصة، لأنهم صاروا بذلك مشمولين بالقانون رقم ١٧، الذي لا يؤمّن لهم الحماية ذاتها التي يؤمّنها قانون العمل لموظفي القطاع العام الذين كانوا يحصلون على ضمان صحي مجاني، فضلاً عن مزايا أخرى.
وفي أواسط نيسان ٢٠١٩، بدأ العمال إضراباً في الشركة العامة للأسمدة ومجمّع إنتاج الأسمدة القريب من حمص،[82] واللذين تديرهما شركة "ستروي ترانس غاز" منذ تشرين الثاني ٢٠١٨ بناءً على عقد تجدّد مع الحكومة وفقاً لقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. طالب العمال بشروط عمل أفضل، منددين بساعات العمل الطويلة والأجور المنخفضة.[83]
واحتج نحو ٣٦٠٠ عامل أيضاً على إدارة الشركة ذاتها في مدينة طرطوس الساحلية في تشرين الأول ٢٠١٩، بعدما ضغطت عليهم الشركة لإبرام عقود جديدة غير مواتية من حيث ظروف العمل والحقوق.[84] وظهرت مشكلة أخرى في تموز ٢٠٢٠، حين رفض الموظفون استلام رواتبهم احتجاجاً على عدم احترام الشركة الروسية لعقودهم وظروف عملهم، والافتقار لوثائق رسمية تتعلق برواتبهم، وانخفاض قيمة المخصصات الغذائية من ٧٠٠ إلى ١٠٠ ليرة وتأجيل دفع الحوافز للعمال.[85]
وانتقد بعض العمال كون هذه المؤسسات والموارد وطنية، ويجب أن تدار من جانب الدولة، لا من جانب كيانات خاصة أجنبية. كان هذا شعوراً مشتركاً لدى قطاعات أكبر من السكان، بما في ذلك المجتمعات التي تعتبر "موالية".
لم يشكّل الاتحاد العام لنقابات العمال التابع للدولة، بدوره، أي معارضة لتلك الديناميات الاقتصادية والسياسية. وقد أكد القادري، رئيس الاتحاد، الخطاب النيوليبرالي التقليدي حول ضرورة تحسّن أداء المؤسسات والشركات الحكومية، عبر خلق مرونة وآلية عمل أفضل، ومراجعة اللوائح والتشريعات التي تعمل بموجبها. واعتبر القادري أن الخطوة الأهم في عملية الإصلاح هي إزالة "الإجراءات البيروقراطية" من قطاع التصنيع العام وإجراء إصلاح مالي في الشركات لتكون قادرة على التعامل مع كل وحدة إنتاجية كإدارة مستقلة تمتلك حرية اتخاذ القرار، وتتحمل في الوقت ذاته مسؤولية إنتاجها.[86] إلا أن القادري اعترض على استكمال عمليات الخصخصة التي تستهدف الكيانات العامة المدرّة للأرباح. معلناً أن قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص يجب أن يشمل فقط الشركات العامة التي تعاني من العجز (التي تضررت أو تدمّرت)، ودعا إلى إيجاد حل طويل الأمد للوضع الحالي.[87] إذن، يدعم الاتحاد سياسات الحكومة، مهما كانت أهدافها وأغراضها، ويحاول السيطرة على أي شكل من أشكال المعارضة العمالية وقمعها.
وفي العموم، لم يتمكن القادري، الذي أُعيد انتخابه رئيساً للاتحاد في شباط ٢٠٢٠، من الوفاء بالوعود التي قطعها في ولايته، والتي تضمنت رفع المخصصات اليومية للغذاء من ٣٠ ليرة سورية إلى ٣٠٠ ليرة سورية (رغم الموافقة الرسمية على هذا الإجراء عام ٢٠١٩)، وتعديل قانون عام ٢٠٠٤ بشأن موظفي الدولة وتقديم عقود سنوية لجميع العاملين المياومين في الدولة.[88]
خاتمة
لقد أدى قمع النظام لخصومه، وللنقابيين والمستقلين والفاعلين السياسيين اليساريين الذين يدافعون عن مصالح الطبقة العاملة، إلى جانب سياساته التي توظّف وتتحكم بالاتحاد العام لنقابات العمال والاتحاد العام للفلاحين والاتحادات المهنية، إلى خلق عوائق كبيرة أمام التعبئة العمالية المحتملة والعمل الجماعي أثناء الانتفاضة. وترافقت هذه الإجراءات مع سياسات تستخدم المحسوبية والهويات الضيّقة في سوريا لتغذية الانقسامات. لقد لعب استخدام الولاءات السياسية، والزبائنية، والطائفية، والقبلية، والتمييز الإثني والمناطقي، من جانب النظام، دوراً رئيسياً في تقسيم القوى العاملة والمجتمع السوري بشكل عام، وتعزيز قوة النظام. واستخدم النظام السوري هذه العوامل ذاتها لترسيخ سلطته والسيطرة على المجتمع وضمان تراكم رأس المال والأرباح.
وتوفر هذه الأدوات للنظام آلية سيطرة فاعلة على مسار الصراع الطبقي، عبر خلق روابط تبعية بينه وبين الطبقات العاملة. وتُحرم الطبقة العاملة بذلك من وجودٍ سياسيٍ مستقل لها، وتُصنّف (وتتصرف سياسياً) وفقاً لوضعها الخاص (الزبائني أو الطائفي أو القبلي أو الإثني). وبدلاً من تحدي هذه الانقسامات الاجتماعية أثناء الانتفاضة، ساهمت قطاعات كبيرة من قوى المعارضة في ترسيخها.
وفي هذا السياق، يكافح أي نشاط جماعي عمّالي منظم ذاتياً لإيجاد أرضية له. ويُعدّ غياب الحراك العمالي المستقل والمشجّع على التعبئة نقطة ضعف كبرى أمام حماية مصالح العمال وظروف معيشتهم، ويزيد قدرة القوى الأمنية القمعية على تقييد قدرة العمال في التنظيم الذاتي والتحرّك الجماعي، فيما تزداد الضغوط على سوق العمل بمعدلات البطالة المرتفعة في ظل أزمة اجتماعية واقتصادية مستمرة. وتخلق هذه العوائق جميعها وضعاً يحول دون قدرة العمال على المعارضة الفاعلة أو معالجة تدهور ظروف معيشتهم أو مواجهة هياكل الدولة الاستبدادية. وليس ثمة خيار أمام الكثيرين سوى الهجرة لبدء حياة أفضل، إذا كان ذلك متاحاً.
إبّان السنوات المنصرمة، لم يكن الدور المؤثر، الذي منحه النظام للاتحاد العام لنقابات العمال والاتحاد العام للفلاحين عبر التنسيق مع حزب البعث، محاولةً لتعزيز مصالح العمال والفلاحين، بل كان يهدف إلى تعزيز شبكات النظام وزيادة نفوذه والسيطرة على المجتمع. لم تفعل هذه المؤسسات شيئاً يُذكر للدفاع عن مصالح العمال والفلاحين بشكل عام، مع تدهور ظروف عملهم ومعيشتهم. بل على العكس تماماً، سعت السياسات التي فرضتها إلى الدفاع عن بروباغندا النظام في مختلف المؤسسات والمؤتمرات المحلية والأجنبية.
علاوة على ذلك، كان غياب الحركة العمالية المنظمة نقطة ضعف رئيسية في الانتفاضة السورية. بينما شكّلت الإضرابات مع العمل الجماعي للعمال والعاطلين عن العمل عنصراً أساسياً في الإطاحة برؤساء النظامين التونسي والمصري عام ٢٠١١، والنظام السوداني عام ٢٠١٩. وفي السودان وتونس، تُظهر الحركات التي يقودها الاتحاد العام التونسي للشغل مثلاً، أو النقابات المهنية في كلا البلدين، أهمية التنظيم النقابي في توليد نضال جماهيري متماسك وناجح. ولعبت المنظمات النسوية أيضاً أدواراً حاسمة في تونس والسودان لتعزيز حقوق المرأة، وكسبها المزيد من الحقوق الديمقراطية والاجتماعية والاقتصادية. وقد حققت الحركة الاحتجاجية مكاسب ديمقراطية كبيرة في كلا البلدين، رغم أنها لا تزال معرضة للخطر وليست متماسكة بشكل كامل. لم يكن لدى الحركة الاحتجاجية السورية تلك القوى المنظمة الجماهيرية، وقد أضعف ذلك من إمكانياتها. وسيكون بناء منظمات جماهيرية كهذه أمراً ضرورياً في النضالات المستقبلية لتحسين ظروف المعيشة والعمل للقوى العاملة في سوريا.
*جوزيف ضاهر هو أستاذ منتسب بدوام جزئي في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا (إيطاليا)، ويعمل تحت رعاية المشروع البحثي "زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا" ضمن برنامج مسارات الشرق الأوسط. وضاهر حائز على دكتوراه في دراسات التنمية من معهد الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن (٢٠١٥)، ودكتوراه في العلوم السياسية من جامعة لوزان في سويسرا (٢٠١٨).
نشرت هذه الورقة البحثية أولاً باللغة الإنجليزية بتاريخ ٣٠ تموز ٢٠٢٠. تولى كل من آليكس رويل ومصعب النميري ترجمتها إلى اللغة العربية.
[1] عمر ضاحي وياسر منيف، "الثورات في سوريا: تتبع التقارب بين الاستبداد والنيوليبرالية" (بالانكليزية)، مجلة الدراسات الآسيوية والأفريقية ٤٧ (٤)، آب ٢٠١٢، ٣٢٣-٣٣٢؛ جلبير أشقر، الشعب يريد: بحث جذري في الانتفاضات العربية، آكت سود ٢٠١٣.
[2] تتألف القوة العاملة من جميع الأشخاص في سن العمل، الذين يمثلون اليد العاملة المنتجة للسلع والخدمات خلال فترة مرجعية زمنية محددة. وتشير القوة العاملة إلى مجموع من هم في سن العمل، سواء كانوا يعملون أو عاطلين عن العمل.
[3] إليزابيث لونغونيس، "التصنيع ومعناه الاجتماعي" (بالفرنسية)، آ. رايموند، لا سيري أوجوردوي، ١٩٨٠، ٣٢٧–٣٥، https://bit.ly/30PUohh؛ حنا بطاطو، فلاحو سوريا، أبناء وجهائهم الريفيين الأقل شأناً وسياستهم، مطبعة جامعة برينستون،١٩٨١؛ فولكر برثيس، الاقتصاد السياسي في سوريا تحت حكم الأسد، آي.بي تورس، ١٩٩٥.
[4] تم تأسيس الاتحاد العام لنقابات العمال عام ١٩٣٨، بعد نحو عقد من تطور وإعادة هيكلة الحركة العمالية. وبعد صدور مرسوم تشريعي عام ١٩٦٨، توجّب تنظيم جميع النقابات داخل الاتحاد العام لنقابات العمال.
[5] بيرتس، الاقتصاد السياسي لسوريا تحت حكم الأسد، ٣٧.
[6] روبرت غولدن، "الإسكان وعدم المساواة والتغيير الاقتصادي في سوريا"، المجلة البريطانية لدراسات الشرق الأوسط، المجلد ٣٨، العدد ٢، ٢٠١١، ١٩٢.
[7] ليندا مطر، الاقتصاد السياسي للاستثمار في سوريا (بالإنكليزية)، بالغريف، ٢٠١٥، ١٠٩.
[8] جوزيف ضاهر، "السياق السياسي الاقتصادي لإعادة الإعمار في سوريا: الآفاق في ظل إرث تنموي غير متكافئ"، تقرير مشروع بحثي (فلورنسا: معهد الجامعة الأوروبية، مسارات الشرق الأوسط، زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا، كانون الأول ٢٠١٨)، https://bit.ly/2wQ43Jn
[9] سبوتنيك عربي، "رئيس اتحاد عمال سوريا: إعادة الإعمار ستتم بأيد سورية، ولسنا بحاجة لأحد"، ٣٠ نيسان ٢٠١٨، https://bit.ly/2Y72aTU
[10] مريم عبابسة، "نهاية الجفاف العالمي والتحول الزراعي شمال شرقي سوريا (٢٠٠٧-٢٠١٠)" في رايموند هينيبوش (محرر)، سوريا: من صعود الاستبداد إلى الثورة؟، منشورات جامعة سيراكيوز، ٢٠١٥، ٢٠٠.
[11] مجموعة البنك الدولي، "خسائر الحرب: التبعات الاقتصادية والاجتماعية للصراع في سوريا"، ١٠ تموز ٢٠١٧، ٩-١٠، https://bit.ly/2z3zxx9
[12] المصدر السابق
[13] نبيل مرزوق، "التنمية المفقودة في سوريا.. بلا رؤية"، عزمي بشارة (محرر)، جذور الثورة السورية، دراسات سورية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ٢٠١٣، ٤٢.
[14] رايموند هينبوش وتينا زنتل، "الانتفاضة السورية والعقد الأول للأسد في السلطة"، رايموند هينيبوش وتينا وزينتل (محرران)، سوريا من الإصلاح إلى الثورة. المجلد ١: الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية، مطبوعات جامعة سيراكيوز، ٢٠١٥، ٢٩٦.
[15] تشرين، "حكومة النظام تعدل قانون العمل في القطاع الخاص"، المرصد السوري، ١٣ آذار ٢٠١٩، https://bit.ly/2N326Ov
[16] رشا سيروب، "صدمة كورونا... والعاملين في القطاع الخاص"، المرصد العمّالي للدراسات والبحوث التابع الاتحاد العام لنقابات العمال، ٢ نيسان ٢٠٢٠، https://bit.ly/2YOUBQK
[17] اتحاد النقابات الدولي، "المسح السنوي ٢٠١٢ لانتهاكات الحقوق النقابية - سوريا"، ٦ حزيران ٢٠١٢، https://bit.ly/2N8zofj
[18] المركز السوري لبحوث السياسات، "العدالة لتجاوز النزاع في سوريا"، ١ حزيران ٢٠٢٠، ٩، https://bit.ly/3dA3iEI
[19] سيروب، "صدمة كورونا".
[20] قاسيون، "افتتاحية قاسيون ٩٧١: زيادة الأجور ضرورة... إنسانية ووطنية"، ٢١ حزيران ٢٠٢٠، https://bit.ly/2NqIjJ6
[21] سيروب، "صدمة كورونا".
[22] تشرين، "حكومة النظام تعدل قانون العمل في القطاع الخاص"، المرصد السوري، ١٣ آذار ٢٠١٩، https://bit.ly/2N326Ov
[23] قاسيون، افتتاحية قاسيون ٩٧١.
[24] ما لم يتغير الأمر حتى اللحظة، فإن سعر الصرف المُفترض هو ٢٥٠٠ ليرة سورية للدولار الأمريكي الواحد.
[25] الاقتصاد اليوم، "تقرير: ٣١٠ آلاف ليرة الأجر الشهري المطلوب لزيادة القوة الشرائية للأسرة السورية"، ٢٤ حزيران ٢٠٢٠، https://bit.ly/3duVLWV
[26] تم تخفيض عدد الأشخاص المسجلين لدى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في نهاية المطاف إلى أقل من ٤٠٠ ألف في تموز ٢٠٢٠ بعد تسريب قائمة أولية بالأسماء، ما تسبب في جدل وانتقاد لأن العديد من الأفراد المدرجين في القائمة لم يُعتبروا بحاجة إلى مساعدة مالية.
[27] كان من المقرر دفع المخصصات قبل عيد الفطر، لكن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل واجهت العديد من المشاكل، بما في ذلك الحاجة إلى إعادة تقييم قائمة الأشخاص المؤهلين لتلقي المساعدة المالية.
[28] نبال إبراهيم، "فيه ١٨٥٠٠ مستفيد... القادري لـ’الوطن‘..."، الوطن، https://bit.ly/3ffHPSc
[29] الوطن، "١١ ألف مواطن تقدموا لإشغال ١٨٠ وظيفة في عدلية طرطوس!"، ١٥ حزيران ٢٠٢٠، https://bit.ly/2YHrBu5
[30] البعث ميديا، "محافظ دمشق يحسم قضية أكثر من ألف عامل بعدم فصل أي منهم وتأمين استثمارات إضافية"، ٨ تموز ٢٠٢٠، https://bit.ly/2ZoSi8x
[31] سناك سوري، "رئيس اتحاد العمال يعد العمال المياومين بإنهاء ملفهم"، ٥ شباط ٢٠٢٠، https://bit..ly/395JBn3
[32] فولكر بيرتس، سوريا في عهد بشار الأسد: التحديث وحدود التغيير، منشورات جامعة أكسفورد، روتليدج، ٢٠٠٤، ١٠.
[33] لين الخطيب، النهضة الإسلامية في سوريا: صعود العلمانية البعثية وسقوطها، دراسات روتليدج في الإسلام السياسي، ٢٠١١، ٩٩.
[34] وفقاً لدراسة نشرها مركز دمشق للأبحاث والدراسات في أيار ٢٠١٧، فإن ٨٢ بالمئة من القتلى في الحرب السورية هم من الرجال، وغالبيتهم في سن العمل. بالإضافة إلى ذلك، أُصيب ١.٢ مليون رجل بإعاقة أو إصابة نتيجة الحرب، وقد صعّب ذلك عليهم العودة إلى القوى العاملة. "تداعيات الأزمة والحرب على واقع المرأة السورية"، مركز دمشق للأبحاث والدراسات، ٢٠١٧، ٥، https://bit.ly/37zSkwW
[35] بياتريكس بوشر وجيمس روامبيجي أنياموزالا، "النساء والعمل والحرب: المرأة السورية والكفاح للبقاء على قيد الحياة بعد خمس سنوات من الصراع" دراسة بحثية (عمان: منظمة كير الدولية، مارس ٢٠١٦) ٤ +٣١، https://bit.ly/2WXMTnu.
[36] سيريا ريبورت، "الشركات المملوكة للدولة تشير إلى نقص في القوى العاملة"، ١٦ تشرين الأول ٢٠١٨، https://bit.ly/3fCxAHH
[37] بوشر وأنياموزالا، "النساء والعمل والحرب"، ٥.
[38] ماريا العبده وشامبا باتيل،"كوفيد-١٩ والنساء في سوريا: تفاقم عدم المساواة"، مؤسسة فريدريش إيبرت، تموز ٢٠٢٠، https://bit.ly/3j4EEz9
[39] في النصف الثاني من كانون الأول ٢٠١١، دعت حملة "إضراب الكرامة" إلى إضرابات عامة وعصيان مدني، وشلّت أجزاء كبيرة من البلاد. واستهدفت في الغالب أصحاب المتاجر والعاملين لحسابهم الخاص بدرجة أقل، بينما كانت المؤسسات الحكومية والكثير من الشركات الخاصة والمصنعين يمارسون أعمالهم في المدينتين الرئيسيتين دمشق وحلب.
[40] لن يتطرق هذا المقال إلى ديناميات العمل في مناطق الإدارة الذاتية شمالي وشرقي سوريا.
[41] جوزيف ضاهر، "التعددية المفقودة في الانتفاضة السورية، كيف ابتعدت المعارضة عن مطالبها الجذرية الاحتوائية"، مؤسسة القرن، ٧ أيار ٢٠١٩، https://bit.ly/3fXCHCk
[42] بيرتس، الاقتصاد السياسي لسوريا تحت حكم الأسد، ٣٩.
[43] في عام ١٩٧٤، تم دمج الاتحاد التعاوني في الاتحاد العام للفلاحين.
[44] شمل ذلك أعضاء في الحزب العربي الاشتراكي بقيادة أكرم الحوراني والحركات الشيوعية المتحالفة مع الفلاحين الأكراد في الجزيرة ومنطقتي هورن وصافيتا. جون غالفاني، "سوريا وحزب البعث"، تقارير مشروع الشرق الأوسط للبحوث والمعلومات، (٢٥)، ١٠.
[45] أسس النظام البعثي تعاونيات لمحاولة كسب الفلاحين المحليين بعد أعماله القمعية. جون غالفاني، "سوريا وحزب البعث"، ص ١٠.
[46] المصدر السابق.
[47] ميشيل سورا، الدولة المتوحّشة ١٩٧٩-١٩٨٢ (بالفرنسية)، المنشورات الجامعية الفرنسية، بروش أورينت، ٢٠١٢، ١٠٠.
[48] ميدل إيست ووتش، سوريا بلا قناع: قمع حقوق الإنسان من جانب نظام الأسد، منشورات جامعة ييل، ١٩٩١، ١٤.
[49] بيرتس، الاقتصاد السياسي لسوريا تحت حكم الأسد، ١٧٤-١٧٨.
[50] نذير ماضي، "التمهيد للأزمة: التدهور السياسي للزراعة في سوريا"، تقرير مشروع بحثي، (فلورنسا: معهد الجامعة لأوروبية، مسارات الشرق الأوسط، زمن الحرب ما بعد الصراع في سوريا، كانون الأول ٢٠١٩)، https://bit.ly/329zFG3
[51] المصدر السابق.
[52] هذه الأرقام مبالغ بها على الأرجح. الجبهة الوطنية التقدمية، "الاتحاد العام للفلاحين"، ١٩ أيلول ٢٠١٧، https://bit.ly/2CRGBhM
[53] نقابة المحامين في الجمهورية العربية السورية، "المحامي نذير علي سكيف"، ٦ تموز ٢٠٢٠، https://bit.ly/2D6apHB
[54] المدن، "من هم أعضاء اللجنة الدستورية"، ٢٤ أيلول ٢٠١٩، https://bit.ly/3gTJ228
[55] Sy-٢٤، "إنشاء لجنة لمراقبة منشورات "المحامين" المتعلقة بالنظام السوري"، ٢٢ أيار ٢٠٢٠، https://bit.ly/3hqFJjg
[56] الجمهورية العربية السورية، مجلس الشعب، "عضو مجلس الشعب: غياث القطيني"، ٦ تموز ٢٠٢٠، https://bit.ly/38wsPgf
[57] الجمهورية العربية السورية، مجلس الشعب، "عضوة مجلس الشعب: فاديا ديب"، ٦ تموز ٢٠٢٠، https://bit.ly/2O5OceV؛ الاقتصادي، "من هي فادية ديب"، ٦ تموز ٢٠٢٠، https://bit.ly/2ZIhHcf
[58] وفاء كيشي، معلومات مسترجعة في ٦ تموز ٢٠٢٠، فيسبوك، https://bit.ly/2DiEHHv
[59] الاقتصادي، "أحمد صالح إبراهيم"، ١ تموز ٢٠٢٠، https://bit.ly/2ZuCnED
[60] الاقتصادي، "خالد خزعل"، ٢ تموز ٢٠٢٠، https://bit.ly/2NShlKs
[61] لونغنيز، "التصنيع ومعناه الاجتماعي"؛ بيرتس، الاقتصاد السياسي لسوريا تحت حكم الأسد، ١٧٦.
[62] لونغنيز، "التصنيع ومعناه الاجتماعي".
[63] الجبهة الوطنية التقدمية، "الاتحاد العام لنقابات العمال"، ١٩ أيلول ٢٠١٧، https://bit.ly/2B8fQoN
[64] إعلام البعث، "استئناس اللاذقية... ١٥ اسماً جديداً ورغبة أكبر في التجديد!!"، ٢٧ حزيران ٢٠٢٠، https://bit.ly/2ZrRTlH
[65] شبكة اللاذقية الرياضية، معلومات مسترجعة في ١٣ آذار ٢٠١٩، فيسبوك، https://bit.ly/2DxFvIm
[66] خلف الحنوش، معلومات مسترجعة في ٩ حزيران ٢٠٢٠، فيسبوك، http://bit.ly/3eOwYP4
[67] الجمهورية العربية السورية، مجلس الشعب، "عضو مجلس الشعب برهان العبد الوهاب"، ١٣ تموز ٢٠٢٠، https://bit.ly/3gUi3DE
[68] الجمهورية العربية السورية، الاتحاد العام لنقابات العمال، " الرفاق رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي في الاتحاد العام لنقابات العمال للدورة النقابية ٢٦"، ٢٧ كانون الثاني ٢٠١٥، https://bit.ly/3fvlP6i
[69] المصدر السابق.
[70] الاتحاد الدولي للنقابات، "المسح السنوي في ٢٠١٢ لانتهاكات الحقوق النقابية - سوريا"، ٦ حزيران ٢٠١٢، https://bit.ly/2N8zofj
[71] سبوتنيك العربية، "رئيس اتحاد العمل السوري".
[72] استبعدت النقابات المهنية جميع الأعضاء الذين شاركوا في الحركة الاحتجاجية.
[73] سانا، "٢٠٠ عريس وعروس بالعرس الجماعي الأول في مجمع صحارى"، ٣٠ أيلول ٢٠١٨، https://bit.ly/39yArja
[74] سبوتنيك عربي، "رئيس اتحاد العمل السوري"، سانا، "اتحاد العمال يطلق مبادرة" البيع بالتقسيط" للعاملين في الدولة - فيديو"، ٢٩ آب ٢٠١٧، https://bit.ly/2D7bWNR
[75] سبوتنيك عربي، "رئيس نقابات عمال سوريا: تعويضات لأصحاب المهن المتعطلين بسبب حظر التجوال"، ٤ نيسان ٢٠٢٠، https://bit.ly/2URDE7b
[76] سانا، "المنتدى النقابي الدولي الثالث ينطلق تضامناً مع الشعب والعمال السوريين"، ٨ أيلول ٢٠١٩، https://bit.ly/32XCwUh
[77] سانا، "مجموعات قسد تواصل منع عمال شركة الكهرباء ومؤسسة الحبوب في الحسكة من تقديم الخدمات للمواطنين"، ٨ تموز ٢٠٢٠، https://bit.ly/39xqaU9؛ الوطن أونلاين، "لليوم الرابع عشر، يواصل العاملون في الشركة العامة للكهرباء في الحسكة اعتصامهم"، ٨ تموز ٢٠٢٠، https://bit.ly/3elpJNn
[78] وبدعم من روسيا، طُرد قدري جميل من البرلمان عام ٢٠١٥ بعد مقاطعته الانتخابات الرئاسية عام ٢٠١٤.
[79] سناك سوري، "اتحاد نقابات العمال يمنع جريدة من حضور اجتماعه!"، ٢٧ أيار ٢٠١٩، https://bit.ly/2AJcJUe.
[80] السويداء ٢٤، معلومات مُسترجعة في ٢٤ أيار ٢٠٢٠، فيسبوك، https://bit.ly/3egVrff؛ السويداء ٢٤، معلومات مسترجعة في ٤ حزيران ٢٠٢٠، فيسبوك، https://bit.ly/2YhcxDA
[81] جهاد يازجي، " لا عودة إلى الوراء: لماذا اللامركزية هي مستقبل سوريا؟" (بالإنكليزية)، موجز سياسة (المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ٦ أيلول ٢٠١٦)، ٤، https://bit.ly/2B3dyHO.
[82] الشركة العامة للأسمدة هي أكبر مجمع صناعي كيماوي في سوريا وتؤمن احتياجات القطاع الزراعي من جميع أنواع الأسمدة.
[83] ذا سيريا ريبورت، "تزايد عدد الإضرابات يسلط الضوء على خطورة الأوضاع الاقتصادية"، ٥ نيسان ٢٠١٩، http://bit.ly/2YIKjl5
[84] الخبر، "في أول أسابيع عملها، إشكال بين عمال ميناء طرطوس وشركة الروسية المستثمرة"، ٢٤ تشرين الأول ٢٠١٩، https://bit.ly/2UTrL0p؛ سناك سوري، "مشاكل بين الشركة الروسية وعمال مرفأ 'طرطوس'... العمال خائفون على حقوقهم"، ٢٤ تشرين الأول ٢٠١٩، https://bit.ly/2ABDudn
[85] الوطن، "مشكلة جديدة بين عمال ميناء طرطوس والشركة المستثمرة..."، ٤ تموز ٢٠٢٠، https://bit.ly/2Z0SLO0
[86] الاقتصادي، "الاتحاد العام يؤكد التشاركية لكن بشروط"، ٩ أيلول ٢٠١٩، https://bit.ly/2YvLyFq
[87] وزارة الصناعة السورية، معلومات مسترجعة في ١٦ أيار ٢٠١٩، فيسبوك، https://bit.ly/2N9BN9j
[88] سناك سوري، "دون أن يؤمن ثمن وجبة للعمال… "القادري" رئيساً لاتحادهم من جديد"، ١٧ شباط ٢٠٢٠، https://bit.ly/2CzoXiC