Home page

يمكن تنزيل منشورات المشروع لأغراض البحث الشخصية فقط. إن أيّ استنساخٍ إضافيّ لأغراض أخرى، سواء على شكل نسخ مطبوعة أم إلكترونية، يتطلّب موافقة المؤلّفين.
أما في حال الاستشهاد بالنص أو اقتباسه، فيجب الإشارة إلى الأسماء الكاملة للمؤلّفين والمحرّرين، إضافةً إلى العنوان، والسنة التي نُشِر فيها، والناشر.

الفوسفات والتجذّر الروسي في سوريا

  • الكاتب: عزام العلاف
  • التاريخ: الإثنين, 16 تشرين الثَّاني 2020

تحميل الملف pdf

ملخّص تنفيذي

تربط روسيا علاقة وثيقة وقديمة بسوريا تعزّزت استراتيجياً بين الاتحاد السوفياتي ونظام الرئيس السوري السابق حافظ الأسد في سبعينيات القرن الفائت، ثم أصبحت متينةً مع نظام نجله، الرئيس الحالي بشار الأسد، على أثر تفعيلها في الحرب السورية. فبعد أن فقد الأسد الابن، منذ بداية الانتفاضة السورية في العام ٢٠١١، السيطرة على مناطق واسعة من البلاد، جاء التدخّل العسكري الروسي لصالح النظام السوري في أيلول ٢٠١٥ ليغيّر موازين القوى. وقد أفضى هذا التدخّل إلى استثمار الشركات الروسية في قطاعات مهمّة من الاقتصاد السوري المتهالك بفعل الحرب، أبرزها مناجم الفوسفات.

الواقع أن للاستثمار الروسي في الفوسفات بُعداً جغرافياً ومناطقياً في سوريا، حيث يُظهِر اقتصاد الفوسفات الحضور الروسي على شكل مثلّث، ضلعُه الأول مناجم الفوسفات قرب تدمر في حمص، والثاني معمل الأسمدة قرب قطينة في حمص، والثالث مرفأ طرطوس، الذي يُصدَّر الفوسفات والأسمدة منه إلى الخارج. تدير روسيا جميع مفاصل مؤسسات الفوسفات، ويبدو أن استثمارها في المناجم بلغ حدّ الانخراط في المجتمع المحلي السوري، داخلاً في تركيبة التقسيمة المناطقية في الساحل والداخل، ناهيك عن أن الحضور الروسي في المناجم ربَطَ البحر الأبيض المتوسط بالصحراء السورية.

وما كان هذا الحضور الروسي في الاقتصاد السوري ليكون ممكناً لولا الشراكة مع النظام السوري. فهذا الأخير يتواجد أمنياً وإدارياً في الاستثمار الروسي للفوسفات عبر الشراكة المباشرة وغير المباشرة بين الجانب الروسي والفرقة الرابعة التابعة للواء ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري. والشراكة المباشرة أمنيّة، تتكفّل بموجبها شركات الترفيق التابعة لرجال أعمال محسوبين على الفرقة الرابعة، نقل وحماية شحنات الفوسفات الخام الخارجة من المناجم إلى معمل الأسمدة في حمص، ثم مرفأ طرطوس. أما الشراكة غير المباشرة فتتمثّل في الوجود الإداري للفرقة الرابعة بواسطة شركة خاصة تدعى صدى لخدمات الطاقة، وهي شركة وسيطة بين الإدارة الروسية والعاملين السوريين، والوكيل القانوني للشركة الروسية "ستروي ترانس غاز" المستثمرة في المناجم، ومعمل الأسمدة، ومرفأ طرطوس. 

لكن على الرغم من استثمار "ستروي ترانس غاز" في القطاع عبر عقودٍ مع الحكومة السورية لاستخراج الفوسفات، وإنتاج الأسمدة، وتصديرهما عبر المرفأ، لا تزال تعترض الإدارة الروسية للمؤسسات السورية عقباتٌ ومشاكل عدّة. ففي الفترة الأولى من الاستثمار الروسي، الذي يُفترَض أن تدوم لنصف قرن قادم، تعاني إدارةُ الشركة الروسية "إس تي جي إنجينيرينغ"، المستثمرة لمعمل الأسمدة ومرفأ طرطوس، والتابعة لـ"ستروي ترانس غاز"، حالةً من الارتباك والتخبّط، جرّاء المشاكل الناجمة عن الهيكلية الإدارية الضعيفة للمؤسسات السورية التي تديرها، والتفشّي الكبير للفساد فيها. وتتفاقم هذه المشاكل أكثر بفعل العقوبات الغربية على النظام السوري، والعلاقة المتوتّرة بالعاملين والموظّفين السوريين في تلك المؤسسات، ما يعيق إنتاج الشركة.

مقدمّة 

توصَف العلاقات بين روسيا وسوريا بالتاريخية، إذ يرتبط البلدان بشراكةٍ قديمةٍ على الصعيد الدبلوماسي والعسكري والأمني والاقتصادي.  دخل الحضور الروسي في البحر المتوسط، والذي يعود إلى سبعينيات القرن الماضي عبر مرفأ طرطوس، مرحلةً جديدةً بعد تدخّل روسيا العسكري في سوريا في العام ٢٠١٥. كان الهدف الأساسي لهذا التدخّل من وجهة نظر الكرملين هو فَرمَلة الغرب على الصعيد الجيوسياسي، وتحديداً السياسة الأميركية. كذلك سَعَت روسيا بتدخّلها هذا إلى إظهار مدى قدرتها على التأثير على الوضع في الشرق الأوسط، وإبراز دورها بوصفها لاعباً لا غنى عنه في المنطقة.[1]  ثم أصبح لهذا الحضور بعدٌ اقتصاديٌّ أتاح للشركات الروسية إبرام عدة عقودٍ مربحةٍ وطويلة الأمد مع الحكومة السورية، خصوصاً في مجال الطاقة. وهو ما يفسّر الدعم الروسي لسياسة الاستثمار في سوريا من دون شروط مُسبَقة. وقد استحصلت روسيا، بغية زيادة منافعها الاقتصادية إلى الحدّ الأقصى على عقود تفضيلية في قطاعات اقتصادية أساسية، وأبرمت اتفاقات مُسبَقة مع دمشق.[2]   وكان أبرز استثمارات الشركات الاقتصادية الروسية في قطاع الفوسفات، حيث حازت الشركات عقوداً حديثةً في مناجم الفوسفات، ومعمل الأسمدة، ومرفأ طرطوس.

في حين تركّز العديد من الدراسات على حقيقة أن روسيا تستولي على الموارد الطبيعية، ومنها الفوسفات، يبقى السؤال حول كيفية إدارتها واستثمارها لهذه الموارد، وحول نقاط قوة المستثمر الروسي في مؤسسات الفوسفات، والعقبات التي تواجهه. وفي ضوء المشاكل الإنتاجية والإدارية التي تعترض عمل المستثمر الروسي في قطاع الفوسفات السوري، تحاول الورقة الإجابة على الأسئلة التالية: ما جدوى هذا الاستثمار لروسيا؟ وإذا كانت الشراكة الروسية-السورية في إدارة مؤسسات الفوسفات تبدو غير مفيدةٍ للمستثمر الروسي، بسبب ضعف بنية المؤسسات السورية، وتغلغل الفساد والبيروقراطية فيها، فكيف يواصل شراكته الأمنية والإدارية مع النظام؟ ولماذا تضع روسيا ثقلها العسكري والأمني والإداري في استثمار الفوسفات؟

تبدأ الورقة بوصف العلاقات الروسية-السورية التاريخية على صعيد الاقتصاد، والمصلحة الروسية في الفوسفات السوري، ثم تتناول واقع المستثمر الروسي وآلية عمله بما في ذلك مراحل الإنتاج في قطاع الفوسفات، والحماية الأمنية الروسية المشدّدة، والشراكة مع الفرقة الرابعة لنقل الفوسفات إلى التصدير. كما تعرض الورقة هيكلية الإدارة الروسية-السورية لكلّ من المناجم، ومعمل الأسمدة، ومرفأ طرطوس، وأوضاع العاملين والموظّفين السوريين فيها مع التركيز على عقود العمل والرواتب والشكاوى التي أدّت إلى الاحتجاجاتٍ المالية ضد إدارة المستثمر الروسي.

تستند الدراسة إلى مصادر عدّة كالمقالات والأبحاث إضافة إلى بيانات أولية تم الحصول عليها من خلال عشر مقابلات مع عاملين وموظّفين وعسكريين في المناجم، معمل الأسمدة والمرفأ، وذلك في الفترة بين حزيران وأيلول ٢٠٢٠. [3] 

الجزء الأول: روسيا في سوريا

العلاقات الاقتصادية التاريخية

تعود العلاقات الروسية-السورية دبلوماسياً إلى العام ١٩٤٤، حين كان الاتحاد السوفياتي من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال سوريا، وأقامت علاقات دبلوماسية معها. أما على الصعيد السياسي، فيُعَدّ النظام السوري شريكاً إقليمياً لروسيا في منطقة الشرق الأوسط منذ سبعينيات القرن الماضي. وفضلاً عن الدعم العسكري الذي قدّمه الاتحاد السوفياتي لسوريا، قامت بينهما شراكةٌ ثقافيةٌ وتعليميةٌ منذ عشرينيات القرن الماضي.

لقد كان الاتحاد السوفياتي تاريخياً الشريك الاقتصادي الأجنبي الرئيسي لسوريا، حتى انهياره في العام ١٩٩٠، إذ قدّم ما يناهز الـ ١٣،٤ مليار دولار أميركي على شكل قروض مُيسَّرة لتمويل التنمية الاقتصادية والأسلحة.[4] وفي التسعينيات، أصبحت العلاقات الاقتصادية الروسية-السورية مقيّدة، إلى أن تولّى فلاديمير بوتين سدّة الرئاسة في العام ١٩٩٩، فأعادها إلى سابق عهدها. وفي كانون الثاني ٢٠٠٥، وقّع البلدان على اتفاقية تاريخية لتسوية الديون بينهما، أسّست لمرحلة جديدة يُرجَّح أن تستمرّ طويلاً. فقد وافقت موسكو على إلغاء ٧٣ في المئة من ١٣،٤ مليار دولار مستحقّ على سوريا، وإعادة جدولة المبلغ المتبقّي، والبالغ ٣،٦١ مليار دولار.[5] ويبدو أن إلغاء الديون تمّ مقابل موافقةٍ سوريةٍ على دخول روسيا كمستثمر اقتصادي في مجالات عدّة، وهو ما يفسّر تمكّن الشركات الروسية، قبل الانتفاضة السورية في العام ٢٠١١، من كسب العديد من العقود الحكومية في مجال الطاقة. فالاتفاقية نصّت على استخدام جزءٍ من الأموال المتبقّية في إقامة مشاريع مشتركة في سوريا أو روسيا، وذلك في قطاعات النفط، والغاز، والمياه، والصناعة.

وقد جاء الاستثمار الروسي هذا نتيجة التعاون مع النظام السوري في مجال بيع السلاح، إلى جانب استثمارات أخرى. فوفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، شكّلت روسيا ٧٨ في المئة من مشتريات سوريا من الأسلحة بين العامَين ٢٠٠٧ و٢٠١٢. كذلك وصلت مبيعات الأسلحة الروسية إلى سوريا، بين العامَين ٢٠٠٧ و٢٠١٠، إلى ٤،٧ مليارات دولار، أي أكثر من ضعف الرقم المُسجَّل في السنوات الأربع التي سبقتها. إضافةً إلى هذه المبيعات، كانت استثمارات الشركات الروسية عشية الانتفاضة السورية قد بلغت ٢٠ مليار دولار، ولا سيما في قطاع الطاقة.[6] لكن لا بدّ من الإشارة إلى أن روسيا لم تكن المستثمر الاقتصادي الوحيد ما قبل الانتفاضة، إذ جاء توقيع هذه العقود وفقاً لحسابات النظام، بغية إقامة نوع من التوازن بين الشركات الأجنبية، حيث وُقّعَت في المرحلة نفسها عقودٌ مهمةٌ مع شركات بريطانية، وهولندية، وفرنسية، وكندية، كانت الشركات الوطنية السورية المشغّل الأكبر فيها.

مصلحة روسية قديمة في الفوسفات

إن الاهتمام الروسي بالفوسفات السوري ليس بجديد، فالاتحاد السوفياتي السابق كان أول دولة تُعلِن عن وجود الفوسفات في سوريا، بعد الدراسات الموسّعة التي أجرتها بعثة سوفياتية في العام ١٩٥٨، وأكّدت على أثرها وجوده في البادية السورية، وتحديداً في مناطق ثلاث هي خنيفيس، والمنطقة الشرقية (الصوانة)، ووادي العوابد (الرخيم). يُعَدّ الفوسفات السوري ثروة اقتصادية، حيث حلّت سوريا في المرتبة الخامسة عالمياً على قائمة الدول المُصدّرة له حتى العام ٢٠١١. فقد بلغت قيمة الفوسفات المُصدَّر في العام ١٩٨٨ حوالى ٢٠ مليون دولار، ثم وصلت إلى ٨٤ مليون دولار تقريباً في العام ٢٠٠٦،[7] علماً أن كميات التصدير تتوافق مع كميات الإنتاج،[8] حيث بلغ التصدير أعلى كمية له في العام ١٩٨٨، ثم في العام ٢٠٠٥.[9]

كميات إنتاج الفوسفات وتصديره بين العامَين ١٩٩٠ و٢٠٠٦

التصدير (ألف طنّ)

الإنتاج (ألف طنّ)

السنة

١٤٠١

١٦٣٢

١٩٩٠

١٤٣٨

١٥٩٨

١٩٩٥

١٦٢٢

٢١٢٦

١٩٩٩

١٩١٧

٢١٦٣

٢٠٠٠

١٨٠٨

٢٠٤٣

٢٠٠١

٢٢٦٠

٢٤٨٣

٢٠٠٢

٢١٦١

٢٤٠١

٢٠٠٣

٢٦٢٧

٢٨٨٢

٢٠٠٤

٢٦٨٨

٢٩٢٥

٢٠٠٥

٢٠٧٢

٢٣٨٤

٢٠٠٦


المصدر: أحمد سعيد إبراهيم، "الفوسفات السورية ودورها في التنمية الاقتصادية"، مجلة جامعة دمشق، المرجع السابق

تُعَدّ كميات الفوسفات المُستخرَجة في سوريا متدنيّة، حيث لم تتجاوز في أوج ذروتها بين العامَين ٢٠٠٦ و٢٠١٠ الـ ٣،٥ ملايين طنّ، أي إنها لم تَزِد عن ٠،١٧ في المئة من الاحتياطي، وهي أقلّ النسب العالمية للإنتاج. يعود انخفاض الكميات المستخرجة إلى أسباب كثيرة منها تدنّي المستوى التقني والإمكانات الإنتاجية المحدودة، فضلاً عن ضآلة رؤوس الأموال المستثمرة في القطاع، والفشل الإداري الذي أدّى إلى فجوةٍ بين الخطط الموضوعة للإنتاج، والكميات المستخرجة فعلياً.[10] 

في ظلّ هذا الضعف في الإمكانات السورية في كثير من القطاعات الاستخراجية، باشرت الشركات الأجنبية بعد العام ٢٠٠٥ استثماراتها في سوريا، وكانت للشركات الروسية حصّة من تلك الاستثمارات، خصوصاً في مجال الطاقة. وكانت شركة "ستروي ترانس غاز" من أبرز الشركات الروسية التي بدأت العمل في سوريا في العام ٢٠٠٥، وذلك تزامناً مع توقيع اتفاقية تسوية الديون. لقد نجحت هذه الشركة آنذاك في إبرام صفقات عدّة لبناء محطّتين لمعالجة الغاز قرب تدمر، في المنطقة الجنوبية الوسطى، والمنطقة الشمالية الوسطى للغاز، ولبناء القسم السوري من خط الغاز العربي. وقد استمرّت الشركة في عملها حتى العام ٢٠١١.

وفي العام ٢٠١٢، الذي شهد عسكرة الأطراف المتنازعة، أُعلِن عن توقّف الشركات الروسية عن العمل في سوريا. ومع ذلك، واصلت "ستروي ترانس غاز" عملياتها بشكل متقطّع حتى عام ٢٠١٥، رغم المشاكل التي واجهتها، إلى أن توقّفت عن العمل عقب استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مصانع الغاز ومناجم الفوسفات، إثر دخوله مدينة تدمر ومحيطها في أيار ٢٠١٥.[11] بقيت مناجم الفوسفات تحت سيطرة تنظيم داعش لمدة عامين، على الرغم من استعادة النظام مدينة تدمر في آذار ٢٠١٦، ثم خسارته لها مجدداً لصالح التنظيم بعد ثمانية أشهر. وقد بدأ النظام السوري وحليفاه، روسيا وإيران، الدخول إلى تلك المنطقة والسيطرة عليها عسكرياً، إلى أن جاء التدخّل العسكري الروسي في العام ٢٠١٥ ليقلب ميزان القوى العسكري لصالح النظام السوري. فاستطاع هذا الأخير، مدعوماً من الحليف الإيراني، شنّ حملة عسكرية في ريف حمص أوائل العام ٢٠١٧، أفضَت إلى استعادة السيطرة على منجمَي خنيفيس والشرقية من تنظيم داعش الذي انسحب من المنطقة. أدّت تلك السيطرة إلى توقيع اتفاق إيراني-سوري أثناء زيارة رئيس الحكومة السورية آنذاك، عماد خميس، في طهران في كانون الأول ٢٠١٧، قضى بالحصول على خطّ ائتماني جديد بقيمة مليار دولار، على أن تُعطى إيران الحقّ في التنقيب والإصلاح الزراعي في مساحة قدرها ألف دونم. 

وعلى هامش هذا الاتفاق، وُقّعَت مذكرات تفاهم، من بينها مذكّرة لاستثمار إيران في حقول الفوسفات،[12] ولكن في خطوة مفاجئة، لم تُحوَّل المذكرة إلى عقدٍ نافذ، بل عمدت الحكومة السورية بعد ستة أشهر إلى منح شركة "ستروي ترانس غاز" الروسية عقداً حصرياً لاستثمار الفوسفات، سرعان ما أصبح عقداً نافذاً.[13] فقد كان سائداً آنذاك عقد الاتفاقات الأوّلية التي لم تتحوّل إلى عقود ملزمة بين النظام السوري وإيران، نظراً إلى الصعوبات التي واجهتها هذه الأخيرة في سوريا بسبب العقوبات التي تشلّ اقتصادها. ويُرجَّح أنّ منح استثمار الفوسفات لروسيا يعود إلى سببَين، أوّلهما التنافس الروسي-الإيراني على الموارد الاقتصادية السورية، حيث استطاعت موسكو إخراج طهران من مناجم الفوسفات بعد السيطرة عسكرياً على كلّ من تدمر ومحيط المناجم في آذار ٢٠١٧. أما السبب الثاني فهو أن منحَ روسيا الاستثمار في الفوسفات جرى بالتفاهم بينها وبين إيران والنظام، مقابل قطع النظام وعوداً لإيران باستثماراتٍ أخرى.

في آذار ٢٠١٨، أصبحت مناجم الفوسفات السورية رسمياً تحت السيطرة والاستثمار الروسيَّين، عقب توقيع عقدٍ لاستخراج الفوسفات لمدّة ٥٠ عاماً بين المؤسسة العامة للجيولوجيا وشركة "ستروي ترانس غاز". وقد اتفّق الطرفان على تقاسم الإنتاج بحصّة ٣٠ في المئة منه للمؤسسة العامة للجيولوجيا، و٧٠ في المئة للشركة الروسية، مع دفع القيمة المستحقّة للدولة في الكميات المُنتَجة.[14] وفي شباط ٢٠١٩، حصلت الشركة الروسية على عقد استثمار معمل الأسمدة في حمص لمدّة ٤٠ عاماً، ثم حازت في نيسان من العام نفسه على عقد تشغيل مرفأ طرطوس لمدّة ٤٩ عاماً. وهكذا، أصبح للوجود الروسي الدبلوماسي والعسكري والأمني في سوريا بُعدٌ اقتصاديٌّ مرتبطٌ باستراتيجية استثمار طويلة الأمد في استخراج الفوسفات وصناعته وتصديره. كما أضحت شركة "ستروي ترانس غاز"، وهي على ما يبدو المستفيد الرئيسي من الدعم العسكري والدبلوماسي الروسي لدمشق، ولا سيما منذ التدخّل الروسي العسكري، رمزاً رئيسياً للنفوذ الاقتصادي والسياسي المتنامي لروسيا في سوريا.[15]  

الجزء الثاني: مناجم الفوسفات ومعمل الأسمدة والمرفأ

بعد تولّي شركة "ستروي ترانس غاز" الروسية استثمار مناجم الفوسفات، أصبح الحضور الروسي الأمني العسكري هو الطاغي داخل المناجم وفي محيطها، سواء عبر قوات روسية، أم عبر قوات سورية محسوبة عليها، مثل الفيلق الخامس. وتلك الحماية الأمنية الروسية المشدّدة إنما تشي بالأهمية الكبرى التي يوليها المستثمر الروسي لمنطقة المناجم، حيث يُستخرَج الفوسفات الخام في مرحلة أولى وأساسية من الإنتاج، ثمّ في مرحلة ثانية، يُرسَل قسمٌ منه إلى معمل الأسمدة، وآخر للتصدير إلى خارج البلاد، عبر مرفأ طرطوس. وقد اعتمدت الإدارة الروسية خلال شراكتها مع النظام السوري، على شركات وسيطة محلية تابعة للفرقة الرابعة لضمان نقل الفوسفات من المناجم إلى المعمل والمرفأ.

مراحل الإنتاج المختلفة

عقب السيطرة العسكرية الروسية على المناجم، باشرت شركة "ستروي ترانس غاز" أعمال الصيانة وإعادة التأهيل في مناجم الشرقية وخنيفيس، في حزيران ٢٠١٧، ثم عمدت إلى تقديم خدمات الحماية والإنتاج والنقل، مستعينةً بكوادر وخبرات ويد عاملة سورية، تحت إشرافٍ روسيّ كامل.[16]

لكن على الرغم من عودة العمل إلى المناجم، لم يرقَ الإنتاج إلى مستوى التوقّعات، إذ تُقدَّر كمية الفوسفات المُنتَج والمُصدَّر بين العام ٢٠١٧ وأوائل العام ٢٠٢٠، بحوالى مليونَي طنّ سنوياً، في حين أن الإنتاج كان وصل، قبل العام ٢٠١١ إلى ٣،٣ ملايين طنّ سنوياً. ويُعزى هذا التراجع إلى الأضرار الكبيرة التي لحقت بتلك المنشآت جرّاء المعارك،[17] خصوصاً منجم خنيفيس، ناهيك عن هجمات داعش المتفرّقة التي أتت على أجزاء من البنية التحتية، والشبكتَين الكهربائية والمائية. فما كان من الإدارة الروسية إلا أن وضعت خطةً لزيادة الإنتاج وإصلاح الأضرار، بالتعاون مع الحكومة السورية، وشركة يارا السورية المنفّذة لأعمال التأهيل، وهي إحدى شركات القطاع الخاص المختصّة بإعادة تأهيل المصانع المدمّرة في مناجم الفوسفات.[18]  

في آذار٢٠٢٠، وصلت نسبة إعادة تأهيل مصانع الفوسفات المتضرّرة إلى نحو ٧٠ في المئة، بعد أن جرى ترميم مصنع خنيفيس، والمجفّفات، والسيالات الناقلة إلى وحدة التحميل، حيث يُنقَل الفوسفات المُنتَج عبر القطارات أو الآليات إلى مرفأ طرطوس. هذا وجرى التركيز على العمل في مصانع تجفيف الفوسفات، لتحويل الرطب منه إلى جاف كي يصير مُعَدّاً للتصدير إلى الأسواق الخارجية. وفي حزيران ٢٠٢٠، بدأت أولى مراحل إعادة تأهيل الشبكات الكهربائية في خنيفيس، بإشراف الشركة العامة لكهرباء حمص، سعياً إلى زيادة الإنتاجية في استخراج الفوسفات.[19]

الخريطة ١: مراحل الإنتاج على شكل مثلث من مناجم الفوسفات إلى معمل الأسمدة وإلى مرفأ طرطوس

المصدر: المؤلف (بناءً على المقابلات أجريت مع عاملين وموظفين)

أما معمل الأسمدة التابع للشركة العامة للأسمدة في قطينة، في ريف حمص، فيُعَدّ أكبر مجمّع صناعي كيميائي في سوريا، ويتألّف فعلياً من ثلاثة معامل متجاورة تنتج الأسمدة الآزوتية والفوسفاتية، وهي معمل الأمونيا يوريا، ومعمل الكالنترو، ومعمل السماد السوبر فوسفاتي. وكانت الشركة تؤمّن بالكامل حاجة القطاع الزراعي السوري منذ تأسيسها في سبعينيات القرن الماضي، وحتى أوائل العام ٢٠١١، علماً أن إنتاجها تواصل حتى العام ٢٠١٥ على الرغم من بعض الانقطاعات، ثم توقّف تماماً لمدة عامين بسبب انقطاع الغاز، قبل استئنافه تدريجياً اعتباراً من العام ٢٠١٧.

في شباط ٢٠١٩، صادق مجلس الشعب السوري على العقد الموقّع بين المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية وشركة "إس تي جي إنجينيرينغ" الروسية، التابعة لشركة "ستروي ترانس غاز"، لاستثمار المعامل الثلاثة، بحيث تبلغ حصة الشركة السورية من الأرباح ٣٥ في المئة، مقابل٦٥ في المئة للشركة الروسية.[20] وبموجب العقد، يقوم الجانب الروسي بإعادة صيانة المعامل، ملتزماً بالحفاظ على إنتاجيتها، وإيصالها إلى الطاقة التصميمية خلال عامَين.

بيد أن معمل الأسمدة شهد في العام ٢٠٢٠ تراجعاً في الإنتاج، الذي بلغ حوالى ٤٠٠ طنّ من الأسمدة يومياً، بالمقارنة مع حوالى ١٠٠٠ طنّ يومياً قبل العام ٢٠١١. ويعود ضعف الإنتاج هذا إلى أسباب عدّة، منها قلّة قطع الصيانة وتَلَف الآلات. فالدولة السورية كانت ملأت مستودعات المعمل بقطع الصيانة قبل ٢٠١١، إلى أن أصبح المعمل في يد الإدارة الروسية،[21] التي استخدمت ما تبقّى من القطع الموجودة في المستودعات لتعزيز الإنتاجية والصيانة، من دون استيراد قطع جديدة، ما أثّر على الإنتاج. على الرغم من هذه الصعوبات، تسعى الإدارة الروسية إلى زيادة الإنتاج، عبر خطة وضعتها لصيانة الآلات وتحديثها. هذا ويبدو أن ضآلة الإنتاج لا تثبط الشركة الروسية عن مواصلة إنتاجها للأسمدة السورية، لأنها ملائمة لطبيعة التربة والمزروعات في الأراضي الروسية، بفضل الغاز الطبيعي السوري الذي يدخل في معالجتها.[22]

جدير ذكره أن الدولة السورية اضطّرت إلى استيراد السماد، نظراً إلى أن حصّتها من إنتاج المعمل، والبالغة ٣٥ في المئة، لا تغطّي حاجة الأراضي الزراعية السورية، الأمر الذي أدّى إلى رفع سعره بأكثر من ٤٠ في المئة منذ آذار ٢٠٢٠، وأثار موجة سخط كبيرة من المزارعين السوريين، وأصحاب الأراضي الزراعية.[23]

إضافةً إلى المناجم ومعمل الأسمدة، باشرت شركة "إس تي جي إنجينيرينغ" الروسية، في حزيران ٢٠١٩، استثمار مرفأ طرطوس حيث يتمّ التصدير إلى الخارج، بعد تصديق مجلس الشعب السوري على عقد استثمار مدّته ٤٩ عاماً بينها وبين الشركة العامة لمرفأ طرطوس.[24] وتبلغ حصة الشركة الروسية من إيرادات المرفأ ٦٥ في المئة، مقابل ٣٥ في المئة للشركة السورية.

الواقع أن علاقة روسيا بمرفأ طرطوس، وهو الأكبر في سوريا، استراتيجيةٌ وقديمة، تعود إلى العام ١٩٧١ حينما سُمِح لموسكو باستخدامه بموجب اتفاقيةٍ، مقابل تزويد سوريا بأسلحة متطوّرة.[25] ويُعتبَر المرفأ التواجد الوحيد لروسيا في البحر المتوسط، وقد اقتصر عمل الروس فيه بدايةً على تقديم الدعم اللوجستي للأسطول الروسي. وفي أيلول ٢٠٠٨، أصدرت الحكومة السورية قراراً يتيح لروسيا بناء قاعدة بحرية دائمة، كما وقّعت في كانون الثاني ٢٠١٧ اتفاقية تنصّ على توسيع مركز الإمداد المادي والتقني التابع للأسطول البحري الروسي في طرطوس. ومنذ العام ٢٠١٨، تتولّى الشركة الروسية نقل حوالى ثلثَي الفوسفات الخام من المناجم لتصديره إلى الخارج عبر المرفأ، فيما يُنقَل حوالى الثلث المتبقّي إلى معمل الأسمدة. على الرغم من ذلك كله، لا يبدو أن الهدف الذي توخّته الدولة السورية من منح الشركة الروسية استثمار مرفأ طرطوس قد تحقّق. فكلام وزير النقل السوري، علي حمود، عند استلام الروس إدارة المرفأ، عن زيادة عائدات الدولة السورية، وفكّ الحظر عن المرفأ بسبب العقوبات الغربية، إضافةً إلى زيادة التصدير من سوريا إلى الخارج، وتوسيع المرفأ من قبل الإدارة الروسية خلال ستّ سنوات كما ينص عليه العقد، كان وعوداً لم تُنفَّذ إلا بنسبة قليلة. فمعظم العائدات تعود بالنفع على الشركة الروسية، ناهيك عن أن الأولوية تبقى لما تصدّره روسيا إلى الخارج على حساب الدولة السورية.[26]

ويبقى أهمّ الصادرات الروسية عبر مرفأ طرطوس الفوسفات السوري، الذي تصدّره الشركة الروسية من المناجم في حمص إلى المرفأ منذ أيلول ٢٠١٧، بمشاركة الحكومة السورية وإشرافها، وذلك بعد صيانة القسم الخاص بالتفريغ، وتأهيل الصوامع المُخصَّصة للفوسفات. ومذّاك الوقت حتى العام ٢٠٢٠، لم تتوقّف عمليات تحميل الفوسفات وتفريغه على يد العمّال السوريين في المرفأ، عبر رصيفَين مُخصَّصَن لهذا الغرض بطول ٥٤٠ متراً، وتجهيزه للتصدير بواسطة السفن الروسية إلى مكان غير معروف، وذلك تحت الإشراف اليومي والدقيق للإدارة الروسية.[27]

الجهات الفاعلة المشاركة في الحماية الأمنية لمناجم الفوسفات

تتمّ الحماية الأمنية والعسكرية لمناجم الفوسفات في ريف حمص، في دائرتَين، أولاهما روسيةٌ داخل المناجم وفي محيطها، تنتشر فيها القوات الأمنية والعسكرية من عناصر روسية وسورية، على مسافة حوالى ١٠٠ كيلومتر، لحماية محيط مناجم الشرقية وخنيفيس. تخضع هذه القوات لإدارة ضبّاط من الجيش الروسي، ويتبعوا مباشرةً لقاعدة حميميم، حيث توجد نقاط حراسة وتفتيش، ودوريات مراقبة داخل المنشآت وحولها. ويتألّف عناصر الحماية من مقاتلين روس تابعين لشركة فاغنز، وهي شركة عسكرية أمنية روسية خاصة تضمّ مقاتلين روس مرتزقة، يتولّون الحماية الأساسية لمحيط المناجم من أيّ هجوم أمني أو عسكري.[28] وفضلاً عن الوجود الروسي، ثمة نقاط أمنية وعسكرية تابعة لقوات الجيش السوري، أبرزها الأمن العسكري، وهو أحد الفروع الأمنية للنظام السوري، التابعة لشعبة المخابرات العسكرية. 

أما الدائرة الثانية فهي المنطقة المحيطة بالدائرة الأولى الروسية، والواقعة في ريف حمص، وريف تدمر، والسخنة والشرقية، وطريق تدمر دير الزور، حيث تنتشر الحواجز العسكرية والأمنية كل ٧ كيلومترات حول القرى، وعلى الطرق الرئيسية والفرعية كافّة المؤدّية إلى المناجم. تتولّى هذه الحواجز مهمّة صدّ أيّ هجوم محتمل قرب المناجم، منعاً لوصوله إلى الدائرة الأولى الروسية. وتتولّى هذه الحماية بشكل أساسي قوات الفيلق الخامس، الأكثر عدداً وانتشاراً في تلك المنطقة من قوات الجيش السوري، وبشكل ثانوي حواجز عسكرية وأمنية تابعة للنظام. وبينما تقع على عاتق الضبّاط والعسكريين السوريين مسؤولية حماية الدائرة الثانية جغرافياً حول المناجم، تقف قوات الفيلق الخامس على الحواجز ونقاط التثبيت، والمحاور المؤدّية إلى مناطق مناجم الفوسفات، وحقول الغاز.[29]

الخريطة ٢: دائرتين تمثّل الجهات الفاعلة في حماية المناجم ومحيطها، الأولى روسيّة والثانية سورية

المصدر: المؤلف (بناءً على مصادر متواجدة في تلك المنطقة)

فضلاً عن ذلك، تنتشر على الطرق العامة والأوتوسترادات الدولية، وخصوصاً على طريق حمص تدمر دير الزور، حواجز للجيش السوري، تابعة للفرقة الرابعة، والأمن العسكري، والفرق العسكرية المتواجدة أصلاً هناك. وتقوم مهمّة هذه القوات على التفتيش والمراقبة، ولكن يوجد إلى جانب كل حاجزٍ منها حواجز تابعة للفيلق الخامس في المناطق القريبة من المناجم، في القرى وعلى الطرق الفرعية. 

يعود هذا الحضور الأمني الكثيف إلى حرص المستثمر الروسي على الإشراف الكامل على استخراج الفوسفات الخام في مرحلته الأولى. ولكن يُلاحَظ أيضاً من انتشار قوات النظام أن الفرقة الرابعة لا تتواجد في محيط المناجم كالأجهزة العسكرية والأمنية الأخرى، بل يقتصر تواجدها في الدائرة الثانية، أي على أوتستراد حمص تدمر دير الزور، حيث ينتشر إضافةً إلى القوات الروسية والفيلق الخامس، لواءُ القدس التابع لإيران. بمعنى آخر، يبدو أن الحضور الروسي هو الحضور الرئيسي في محيط مناجم الفوسفات، بالشراكة مع قوات النظام السوري المقرّبة منه، أما خارج المناجم فتوجد شراكة أمنية وعسكرية روسية مع الفرقة الرابعة المقربّة من إيران.

رغم مشاركة قوات الفيلق الخامس في المعارك التي نشبت حول منطقة المناجم، في العام ٢٠١٧، إلا أن هذه المشاركة بقيت محدودةً عسكرياً، ومحصورةً بتمشيط المنطقة، ووضع نقاط تثبيت وحواجز، في أعقاب دخول قوات النمر، وهي أولى القوات العسكرية التي تدخل المنطقة. ومنذ السيطرة العسكرية الروسية على محيط مناجم الفوسفات وحقول الغاز، وحتى العام ٢٠٢٠، شنّ تنظيم داعش هجمات متفرّقة وسريعة على محيط المنطقة في البادية السورية، في ريف حمص،[30] ذهب ضحيّتها عسكريون وضبّاط روس وسوريون تابعون للفليق الخامس، وقوات النظام السوري. بيد أن الهجمات بقيت بعيدةً عن طوق النفوذ الروسي الأول المحيط بالمناجم، بعد أن حالت قوات الفيلق دون وصولها إليه. بعد تلك الهجمات، ولاسيما في شباط وآذار ونيسان ٢٠١٩،[31] حيث قُتِل عددٌ من العناصر الروس والسوريين في كمينَين في بادية السخنة، في ريف حمص.[32] وحتى العام ٢٠٢٠، لم يَعُد الضبّاط والعسكريون الروس من الفيلق يقومون بالإشراف المباشر على نظرائهم السوريين التابعين للفيلق في تلك المنطقة.

الشراكة مع الفرقة الرابعة للعبور من حمص إلى الساحل

ما لبث المستثمر الروسي أن باشر استثماره للمناجم في العام ٢٠١٨، حتى سارع إلى تصدير الفوسفات. وقد ارتفع هذا التصدير من ٣٢٨ ألف طنّ في ذلك العام، إلى ٤٦٠ ألف طنّ في العام ٢٠١٩. في البداية وقبل الاستثمار في مرفأ طرطوس، كانت الإدارة الروسية تشرف على إرسال شحنات منتظمة من الفوسفات السوري إلى ميناء طرابلس اللبناني وتصديرها إلى الخارج.[33] وبعد الاستثمار في مرفأ طرطوس، أصبح التصدير أكثر سهولة، خصوصاً في أيلول ٢٠١٧ بعد تولّي الحكومة السورية إصلاح وصيانة الخط الحديدي للقطار المتّجه من مناجم الفوسفات في خنيفيس والصوانة إلى منطقة شنشار في ريف حمص، ثم منها إلى محافظة طرطوس، ومرفئها على البحر المتوسط.

ومع تزايد نشاط نقل الفوسفات عبر القطار والشاحنات، احتاجت الإدارة الروسية إلى تأمين المرافقة لتلك القوافل وحمايتها، فتمّ الاتفاق مع النظام السوري على ترفيق الفوسفات بعناصر سورية. وهكذا عقدت الإدارة الروسية في العام ٢٠١٧ شراكةً مع شركات ترفيق تابعة لمكتب أمن الفرقة الرابعة لمرافقة قوافل الفوسفات وحمايتها أثناء انتقالها من المناجم إلى كلّ من المرفأ ومعمل الأسمدة.[34]

تجدر الإشارة إلى أن الترفيق كان موجوداً قبل العام ٢٠١١، ثم أصبح أكثر تنظيماً في العام ٢٠١٥ حينما اضطّلعت به شركات تجارية وأمنية خاصة تنتشر مكاتبها في المحافظات ويملكها رجال أعمال مقرّبون من النظام. وبحلول العام ٢٠١٨، تمكّن أمن الفرقة الرابعة من الهيمنة على تجارة الترفيق بعد إقصاء منافسيه الرئيسيين العاملين في المجال، ولا سيما جمعية البستان الخيرية، والدفاع الوطني، مُستعيناً بأوامر رسمية صادرة عن السلطات الأمنية والعسكرية. وممّا ساعده في تعزيز هيمنته هذه اضطّلاعُه بمسؤولية حماية المرافئ، والانتشار على المعابر الداخلية.[35]

بيد أن خلافاً جعل الإدارة الروسية تفكّر في تغيير الشراكة مع شركات الترفيق التابعة للفرقة الرابعة. ففي تموز ٢٠١٩، أعلنت وزارة النقل السورية تعرّض قطار شحن الفوسفات في ريف حمص الشرقي لهجوم وصفته بالإرهابي،[36] حيث تسلّل مسلّحون وزرعوا عبوةً ناسفةً على خط سير القطار القادم باتجاه مناجم الفوسفات في منطقة خنيفيس. أسفرت الحادثة عن خلاف بين الإدارة الروسية وشركات الترفيق التابعة للفرقة الرابعة، بسبب عدم حماية قوافل الفوسفات،[37] فانفرط عقد تلك الشراكة بضعة أشهر، إلى أن أعاد المستثمر الروسي تعاونه مع الفرقة في أوائل العام ٢٠٢٠.

في العام ٢٠٢٠، أصبحت الفرقة الرابعة تشرف على ترفيق الفوسفات عبر طرفَين تابعَين لها، أحدهما شركة ترفيق تابعة لرجل الأعمال السوري خضر علي طاهر والمعروف بأبو علي خضر، والمحسوب على الفرقة الرابعة.[38] أما الطرف الثاني فهو شركة تُدعى سند الأمن العسكري للحراسات والخدمات الأمنية المقرّبة من روسيا.[39] تأسّست هذه الشركة في العام ٢٠١٧ تحت اسم سند للحراسة والخدمات الأمنية، مع العلم أن خضر طاهر كان شريكاً فيها. اندمجت هذه الشركة لاحقاً مع قوات سند الأمن العسكري التي تتواجد في منطقة شبه صحراوية متنوّعة بالقرب من معمل الفوسفات في خنيفيس وتدمر وفي الطريق الواصل بين تدمر ودير الزور.[40]

يشير الترفيق إلى مدى ارتكاز العلاقة بين روسيا والنظام السوري على المصالح المشتركة، حيث يتواجد النظام إدارياً وأمنياً في جميع الاستثمارات الروسية. وبالنظر إلى شراكة المستثمر الروسي مع الفرقة الرابعة، المقرّبة من إيران عبر الترفيق، فلا يبدو أن الحضور الروسي يتعارض مع الحضور الإيراني وإن كان لا وجود للإيرانيين أو للفرقة الرابعة داخل المناجم وفي محيطها، نظراً إلى رغبة المستثمر الروسي في الإشراف الكامل على مصدر الفوسفات في المناجم. كما أنه لا يوجد مشكلة في الشراكة مع إيران عبر الفرقة الرابعة لنقل الفوسفات وتصديره، في دلالةٍ على معرفة النظام السوري أكثر من الطرف الروسي بالوضع اللوجستي على الأرض في سوريا، خصوصاً في المناطق حيث يجري فيها ترفيق الفوسفات من ريف حمص وصولاً إلى طرطوس.   

الجزء الثالث: الإدارة السورية-الروسية والعلاقات المعقّدة مع العاملين والموظّفين السوريين 

تصبّ الإدارة الروسية تركيزها من حيث التوظيف والرواتب على مناجم الفوسفات، لأنها مرحلة الإنتاج الأولى ولأن المادة الخام الأساسية تأتي منها. وتبدو مشاكل العاملين والموظّفين السوريين تحت الإشراف الروسي الكامل في المناجم أقلّ منها في المعمل والمرفأ. لذا اعتمدت الإدارة الروسية على شراكة إدارية غير مباشرة مع النظام من خلال التعاقد مع شركة صدى لخدمات الطاقة المحسوبة على الفرقة الرابعة. تقوم هذه الشركة بالتوسّط بينها وبين العاملين والموظّفين السوريين. ومع ذلك تفاقمت مشاكل العمّال الذين نفّذوا احتجاجات على الإدارة الروسية في كلّ من معمل الأسمدة ومرفأ طرطوس. 

الإدارة الروسية-السورية وشركة صدى

تختلف الإدارة الروسية-السورية في شكلها من مؤسسة إلى أخرى، ولكن هذه الفروقات تبقى بسيطة بين مناجم الفوسفات وكلّ من المعمل والمرفأ. أما القاسم المشترك فيتمثل بإشراف المستثمر الروسي على مؤسسات الفوسفات كافّة من خلال وجود إدارة عامة مركزية تُشرِف على الإدارة السورية. وتتفرّع من الإدارة العامة الأقسام الرئيسية التالية: قسم الإنتاج، القسم المالي والقسم القانوني، وهي تحت إدارة روسية وسورية مشتركة كما يبيّن الشكل التالي:

وفي ما يتعلّق بالمناجم فهناك إدارتان واحدة روسية وأخرى سورية. بينما تشرف الإدارة الروسية بشكل كامل على التفاصيل الإدارية والإنتاج، تنحصر مهمّة الإدارة السورية بالإشراف المباشر على سير عمل العاملين ولكن تحت إشراف الإدارة الروسية ومراقبتها.[41] أما معمل الأسمدة، فيتبع إدارياً للشركة الروسية ويتولّى إدارته مدير عام روسي يُشرِف على مدير عام سوري، في حين يتوزّع مدراء الأقسام الرئيسية بين روس وسوريين. يبلغ عدد المدراء الروس خمسة، وهم من ذوي الاختصاصات المختلفة ويتولّون الإشراف على سير العمل وعلى عمل المدراء والموظّفين والعاملين السوريين. في المقابل، تقتصر وظيفة المدراء السوريين على تسيير العمل. يضمّ المعمل أيضاً عمّالاً تقنيّين وفنّيين وعمّال صيانة وموظّفين ومهندسين، جميعهم سوريون. أما المسؤولية الأمنية عن المعمل مثل الحراسة والحماية، فيتولّاها الروس.[42]

عند استلام الشركة الروسية المعمل، كان هذا الأخير يشهد فوضى إدارية وتنظيمية، لذلك اتّسم أسلوب الإدارة الروسية في المرحلة الأولى بالمواجهة والتصادم مع العاملين والموظّفين السوريين. وشهدت تلك الفترة تخبّطاً في القرارات الإدارية وفرضَ الإدارة الروسية لوجهة نظرها على السوريين. فأحد العمّال يقول „إن الروس يمتازون بالدقّة والانضباط في العمل، ولا يقبلون عموماً ما يوجد من فوضى وفساد وتسيّب في مؤسسات الدولة السورية، إلا أن معظم العمّال يشتكون من أسلوب فرض الإدارة الروسية لرأيها في التفاصيل كافّة.[43]

في المقابل، يدير مرفأ طرطوس مجلس إدارة روسي-سوري مؤلّف من ستة أعضاء: ثلاثة منهم ينتمون إلى الشركة السورية الخاصة بالمرفأ ويعملون في الشؤون الإدارية والقانونية والمالية، وثلاثة إلى الشركة الروسية ويعملون في الشؤون الإدارية والمالية، بمَن فيهم رئيس المجلس والذي يتمتع بسلطة وضع التعرفة المرفئية. لكن كلمة الفصل في المرفأ تعود إلى الإدارة الروسية التي تحاول منذ تولّيها إيّاه إعادة هيكلته إدارياً. بيد أن العمّال السوريين يشتكون من تقصير هذه الإدارة في التواصل معهم بسبب حاجز اللغة. فالتحدث معهم عبر مترجم لا ينقل للروس شكاواهم ومشاكلهم. فالإدارة الروسية وإن أقامت دورات في اللغة الروسية للموظّفين في أقسام المرفأ الإدارية لتسهيل التواصل، لكنه لم يتم إتاحة هذه الدورات للعمّال.[44]

مع تزايد المشاكل في معمل الأسمدة والمرفأ جرّاء ضعف البنية الإدارية لمؤسسات النظام وتفشّي الفساد فيها، اضطّر المستثمر الروسي إلى إقامة إدارة مشتركة مع النظام السوري لتسوية شؤون العاملين والموظّفين السوريين والتواصل معهم. فتعاقدت الشركة الروسية مع شركة قانونية وسيطة بينها وبينهم، هي شركة صدى لخدمات الطاقة، التي كان أول ظهور لها في معمل الأسمدة في حمص، في العام ٢٠١٩. أوكلت الإدارة الروسية إلى صدى مهمّة فهم الآلية الإدارية والقانونية للمؤسسات السورية في ما يتعلّق بالتوظيف. وشركة صدى سورية خاصة، تمتلك مكتباً للإدارة العامة في دمشق، وآخر إدارياً في طرطوس، وتعود مُلكيّتها إلى رجل الأعمال خضر علي طاهر.[45]

أوضاع العاملين والموظّفين السوريين

تشرف الإدارة الروسية على ما يقارب الخمسة آلاف عامل وموظّف سوري في مؤسسات الفوسفات التي تستثمرها في المناجم والمعمل والمرفأ، علماً أن عدد العاملين في المناجم يبلغ ألف عامل، وفي معمل الأسمدة ١٥٠٠، وفي مرفأ طرطوس ٢٥٠٠. وتبرز أوضاع العاملين الصعبة خصوصاً في مجال التوظيف والعقود.

ينحدر معظم العاملين في مناجم الفوسفات من سكان المناطق المحيطة مثل تدمر والسخنة ومناطق القريتين ومهين وحوارين في ريف حمص. وهي مناطق أغلب سكانها من المعارضين للنظام بعد انتفاضة العام ٢٠١١.  يشمل موظّفو المناجم كلا من عمّال تحميل وتنزيل وفنّيّي آلات ومحاسبين. كان عددهم في الصوانة وخنيفيس حوالى ٢١٠٠ موظّف قبل سيطرة تنظيم داعش على المناجم، في العام ٢٠١٥، إلا أن ٨٠ في المئة منهم، ومعظمهم من ذوي الخبرات التي اكتسبوها من عملهم في تلك المناجم لسنوات، نزحوا إلى مناطق سيطرة التنظيم ومناطق الجيش الحرّ، وإلى تركيا. وكانت الإدارة الروسية قد أعادت قسماً كبيراً منهم إلى العمل عبر المصالحات وتسوية أوضاعهم عند استلامها استثمار المناجم، وذلك لحاجتها إلى خبرتهم ومعرفتهم.[46] على سبيل المثال، يروي أحد موظّفي المناجم قبل العام ٢٠١١ أنه خرج مع أهل منطقته المجاورة للمناجم في تظاهرات ضدّ النظام عند اندلاع الانتفاضة السورية وأصبح مطلوباً لأحد الفروع الأمنية، فتوقّف عن الذهاب إلى العمل. ومع نشوب المعارك العسكرية في تلك المنطقة، نزح إلى الشمال السوري مع عائلته وبقي هناك إلى أن تواصلت معه الإدارة الروسية للمناجم لتسوية وضعه عبر وسيط تابع للنظام، فعاد إلى العمل في العام ٢٠١٨ بضمانةٍ روسيةٍ تقضي بعدم ملاحقته من فروع النظام الأمنية.[47] 

أما في معمل الأسمدة، فكان عدد العاملين والموظّفين السوريين قبل مجيء الشركة الروسية حوالى ٣ آلاف، ثم انخفض بعد تولّيها الإدارة إلى ١٥٠٠ تقريباً في العام ٢٠٢٠. فبعد مرور ثلاثة أشهر على تسلّمها المعمل، قامت الشركة بعملية إعادة هيكلة وخفض عدد العاملين الفائضين عن الحاجة وفرزهم عن العاملين المتفانين في عملهم. وقد اعتمدت الشركة على بعض المدراء والمهندسين السوريين ذوي الخبرة الطويلة والكفاءة في العمل ليتوسّطوا بينها وبين العاملين السوريين، ويتفاوضوا مع أصحاب الخبرات منهم، سعياً إلى حلّ المشاكل المرتبطة بالعقود الوظيفية.[48] فعلى سبيل المثال، طلب مديرٌ ذو كفاءة وخبرة لمدة خمسة عشر عاماً في المعمل، من الإدارة الروسية أن تعيد التعاقد مع عشرات العاملين المُسرّحين لحاجة المعمل إليهم، فوافقت على طلبه بعد إدراكها أن اقتراحه كان مفيداً لسير الإنتاج بشكل أفضل.

ومن الصعوبات التي واجهتها الإدارة الروسية أيضاً البطالة المقنّعة[49] لبعض الموظّفين الذين عُيّنوا سابقاً بسبب المحسوبيات والفساد. فقد اشتكى مثلاً أحد العمّال إلى الإدارة الروسية عن وجود بعض الموظّفين في المعمل الذين ينالون راتبهم الشهري من دون أن يعملوا يوماً واحداً، وهم أشخاص وظّفهم أحد المسؤولين السوريين. استجابت الإدارة لهذه الشكوى وشكاوى مماثلة، فعمدت إلى فصل أو تسريح أو نقل الموظّفين الذين يشكّلون فائضاً وعبئاً مالياً على المعمل.[50] وهكذا نُقِل معظم الموظّفين إلى معامل أخرى تابعة لوزارة الصناعة، مع الإشارة إلى أن عدداً منهم انتقل إلى تلك الوظائف سعياً وراء تعويض التقاعد والتأمينات الاجتماعية، اللذين لم يوفّرهما لهم العقد مع الإدارة الروسية.[51] كذلك سرّحت الشركة العديد من الموظّفين منذ أوائل العام ٢٠٢٠ بحجّة أن المعمل لا يحتاج إليهم حسب الخطة الإنتاجية، كما أوقفت التوظيف منذ أوائل العام نفسه.

ولا يختلف الوضع في المعمل كثيراً عنه في مرفأ طرطوس، حيث تعترض الشركة الروسية مشاكل متواصلة، خصوصاً في ما يتعلّق بالتوظيف. فهي قدّمت في بداية عملها في المرفأ في حزيران ٢٠١٩، عقوداً مجحفةً بحقّ الموظّفين السوريين. فالعقود الجديدة تنهي حقوقهم التي تمنحها مؤسسات الدولة السورية ولا تقدّم أيّ تأمينات. ثم عادت في تشرين الأول ٢٠١٩ وحسّنت تلك العقود ببنودٍ نظامية. ومع ذلك بقيت رواتبهم غير محدّدة، في حين أن منافع الطبابة والتأمينات والمسكن وُجِدَت في العقد ولكن لم يتم تطبيقها على أرض الواقع.[52]

تم تسريح جميع العمّال السوريين في شباط ٢٠٢٠ تمهيداً لتوقيع الادارة الروسية عقوداً جديدة معهم في آذار ٢٠٢٠. بموجب هذه العقود أصبحت شركة صدى الوسيطة والوكيل القانوني للشركة الروسية، مسؤولةً عمّا يناهز الـ٣ آلاف عامل وموظّف سوري. بيد أن ٥٥١ عاملاً غير متعاقد يواجه مشاكل مع شركة صدى. إذ أن ١٧٦ من هؤلاء مطلوبون للخدمة العسكرية الإلزامية، ناهيك عن أن ١٠٠ موظّف في الإدارة العامة للمرفأ لا يستطيعون إبرام عقودٍ مع الشركة الروسية بسبب تفاصيل قانونية غير واضحة في هذه العقود. لذا يرى العمّال أن المسؤولين في الحكومة السورية بعيدين عن مشاكلهم في المرفأ. فقد اشتكوا مثلاً من أن وزير النقل هدّد في كانون الأول ٢٠٢٠ العمال الذين لا يريدون توقيع العقد مع الإدارة الروسية بالطرد، مما أثار غضبهم. لأنهم شعروا بأن الوزارة تريد فرض الشروط التي تناسبها وتناسب الشركة الروسية بلاً من حفظ حقوق العامل السوري.[53] 

الرواتب والشكاوى والاحتجاجات

تولي الإدارة الروسية مناجم الفوسفات اهتماماً كبيراً في ما يتعلّق بموضوع الرواتب، حيث يُلاحظ أن العاملين السوريين وقوات الفيلق الخامس يتقاضوا راتبَين، الأول من الإدارة السورية، والثاني من الإدارة الروسية، فيما يتقاضى العاملون في المعمل والمرفأ راتباً واحداً فقط.[54]

ففي المناجم ومحيطها، يُعَدّ الفيلق الخامس القوة الوحيدة من قوات الجيش السوري التي تتقاضى راتبَين، الأول من إدارة الجيش السوري بالعملة السورية، يتراوح بين ٥٠ ألف و١٠٠ ألف ليرة سورية في الشهر (بين ٢٠ و٤٠ دولاراً أميركياً تقريباً)، بحسب الرتبة على غرار القطع العسكرية الأخرى. أما الراتب الثاني فهو على شكل تعويضات من الفيلق بالدولار الأميركي، حيث يتقاضى العسكري ١٠٠ دولار، والضابط ٣٠٠ دولار.[55] كذلك يتقاضى العاملون في المناجم راتبَين، واحداً من الإدارة السورية للمناجم، وآخر من الإدارة الروسية المستثمرة.[56]

أما في معمل الأسمدة، فقد شهدت رواتب العاملين والموظّفين السوريين انخفاضاً كبيراً في العام ٢٠٢٠ بعد أن كانت مرتفعةً قبل العام ٢٠١١، حيث كان المهندس يتقاضى حوالى ألف دولار شهرياً إضافة للحوافز الكبيرة، وكانت ساعات العمل الإضافية يتم تعويضها للعمّال. يعود تدنّي الرواتب إلى تراجع إنتاج المعمل بنسبة ٣٠ في المئة تقريباً بعد استلام الشركة الروسية الإدارة. فعلى سبيل المثال، كان الدخل الشهري منذ تولّي الشركة الروسية إدارة المعمل وحتى أيار ٢٠٢٠، ٢٥٠ ألف ليرة للمهندس (حوالى ١٢٠ دولاراً)، و١٠٠ إلى ١٥٠ ألف ليرة للعامل (بين ٥٠ و٧٥ دولاراً تقريباً)، من ضمنه الحوافز والإضافات. ومع استمرار انخفاض الإنتاج، أخذت الرواتب في الانخفاض منذ حزيران ٢٠٢٠، حيث أصبح راتب العامل ٨٠ ألف ليرة (حوالى ٤٠ دولاراً)، والمهندس ١٥٠ ألف ليرة (٧٥ دولاراً تقريباً)، كما إن الإضافات على الراتب قد أُلغيَت.[57] 

أما في المرفأ فقد ازداد وضع العمال سوآ، حيث ولّد سوء التنسيق الإداري والمالي بين الإدارتَين الروسية والسورية حالةً من الفوضى والتسيّب منذ توقيع العقود في آذار ٢٠٢٠ حيث عانى العمال السوريين من خصومات من رواتبهم وعدم تلبية حقوقهم القانونية. فانخفض راتب العامل إلى حوالى ٨٠ ألف ليرة (٤٠ دولاراً تقريباً)، وراتب الموظّف إلى ما بين ١٠٠ و١٥٠ ألف ليرة تقريباً (حوالى ٥٠ إلى ٧٥ دولار) تبعاً للمنصب.[58]

على الرغم من محاولة الإدارة الروسية إجراء إعادة هيكلةٍ إداريةٍ وقانونيةٍ للمؤسسات التي تستثمرها، باتّخاذها عدداً من الإجراءات، ومنها التعاقد مع شركة صدى الوسيطة في معمل الأسمدة ومرفأ طرطوس، ظلّت المشاكل الكبرى مع العاملين السوريين قائمة، لا بل تفاقمت بعد التعاقد مع صدى. فقد تضاعفت شكاوى العمّال في معمل الأسمدة بسبب التعامل غير المريح لصدى معهم في العقد الموقّع كونه فرديّ وغير محدّد المدة. كما أن الرواتب قليلة وغالباً ما يُخصَم منها دونما أسباب مقنعة من الشركة الوسيطة. فعلى حدّ قول أحد العمّال „ثمّة غموضٌ يلفّ شركة صدى، إذ إنها لا تمتلك سجلّاً تجارياً ولا حتى رقم تأمينات. والعامل يحتاج أن يعرف قانونياً مَن هي الجهة التي يتعامل معها، والتي يُفترَض أن تكون مسؤولةً عن حقوق العامل السوري بصفتها شركة سورية وسيطة مع الإدارة الروسية”.[59] وتنسحب الشكاوى إزاء عقود صدى أيضاً على العديد من عمّال مرفأ طرطوس السوريين،[60] حيث يقول أحدهم إنه عمل في القطاع المشترك مع شركات أجنبية عدّة تعاقدت معها وزارة النفط السورية في الماضي، لكنها لم تُوقَّع عقوداً بين العاملين وطرف ثالث مثل صدى، بل كان التعامل مباشراً مع الشركة الأجنبية. ويروي العامل أنه قصد أكثر من مرّة مكتب شركة صدى في طرطوس مع مجموعة من العمّال ليطالبوا بتفسير واضح لنقاط مبهمة في العقد تتعلّق بحقوقهم، إلا أن إدارة صدى لم تستقبلهم أو تُجِب على تساؤلاتهم، حتى إن موظّفيها تعاملوا معهم بفوقية، طالبين منهم توجيه شكواهم إلى الإدارة الروسية.[61]

الواقع أن العاملين السوريين اصطدموا بموظّفي شركة صدى أكثر من مرّة، وطلب معظمهم أن تكون الإدارة الروسية على تواصلٍ مباشرٍ معهم من دون وساطة شركة صدى لأنها تظلمهم بدلاً من أن تحصّل حقوقهم.[62] فالشركة الروسية تدفع لصدى رواتب العاملين والموظّفين السوريين بالدولار الأميركي، وبدورها تدفعها صدى لهم بالليرة السورية، ولكن بسعر صرف المصرف المركزي السوري، الذي يعادل نصف سعر السوق السوداء تقريباً.[63] على سبيل المثال، من المفروض أن يتقاضى المهندس السوري ٢٥٠ دولاراً من الإدارة الروسية، أي ما يعادل تقريباً ٥٥٠ ألف ليرة إلى ٦٠٠ ألف، إلا أن شركة صدى تأخذ المبلغ وتدفع للمهندس حوالى ٢٥٠ ألف ليرة (١٢٠ دولاراً تقريباً)، أي بحسب سعر المصرف، وبذلك يذهب الفرق (ما يقارب النصف) إلى صدى. ويُذكَر أن العقد الموقّع بين صدى والعمّال السوريين ينصّ في المادة الخامسة منه تحديداً، على أن الراتب الشهري غير محدّد، وأن شركة صدى تتحمّل الضرائب المقرّرة على أجر العمّال، والتعويضات، والحصّتَين التأمينيّتَن لكلّ من العامل ورب العمل.[64] لم تتوقّف الشكاوى العلنية للعاملين والموظّفين في معمل الأسمدة والمرفأ إزاء إجحاف صدى بحقّهم، بل كثرت في العام ٢٠٢٠ مطالباتُهم بالتعامل مباشرةً مع الشركة الروسية من دون شركة وسيطة. وقد عمد هؤلاء إلى التظاهر والاحتجاج علناً على الإدارة الروسية، إلا أنهم لم يلقوا إجابةً واضحةً من هذه الأخيرة، التي لا تزال تعتبر صدى وكيلها القانوني الذي يساعدها في التواصل معهم.

لم تساعد الإجراءات الإدارية التي اتّخذتها الشركة الروسية في معمل الأسمدة والمرفأ، في حلّ المشاكل مع العمّال السوريين الذين أقاموا احتجاجاً أمام معمل الأسمدة في آب ٢٠١٩، بعد أن أبدوا عدم رغبتهم في التعاقد مع الشركة جرّاء سوء المعاملة، خصوصاً من قبل الشرطة العسكرية الروسية وبسبب البنود المجحفة بحقّهم في العقود في ما يخصّ الرواتب والحوافز. كان رد الإدارة الروسية على الاحتجاجات هو الضغط على البعض منهم لتقديم استقالتهم والقيام بفصل البعض إما لأسباب أمنية أو لعدم تأديتهم الخدمة الإلزامية العسكرية أو بحجة أنهم عمالة فائضة. فالشركة كانت قد أعلنت عن رغبتها في تخفيف أعبائها المالية من خلال تخفيض العمالة والاعتماد على اليد العاملة السورية الخبيرة فقط.[65] ولم تُحَلّ المشكلة إلا بعد أن شكّلت الإدارة الروسية لجنةً قانونيةً في أيلول ٢٠١٩، نظّمت العقود بينها وبين العمّال عن طريق الشركة الوسيطة صدى، وذلك بشروط الشركة الروسية. وعليه، انتقل معظم الموظّفين أو انتُدِبوا إلى مؤسسات أخرى، وجرت تسوية أوضاع بعضهم بكفالةٍ روسيةٍ بعدم التعرّض لهم من قبل الفروع الأمنية السورية، فأُعيد عددٌ قليلٌ من العاملين المتعاقدين إلى العمل، أغلبهم من العمّال لا المهندسين.[66]

ولا تقتصر مشاكل المعمل على الشؤون الإدارية، بل تتعدّاها لتطال البيئة والصحّة أيضاً، حيث تظهر مشكلة التلّوث الناتج عن الغازات والأبخرة السامة، وهي مشكلة قديمة يعاني منها سكان قطينة منذ السبعينيات، وتتسبّب بأمراض تنفّسية عديدة لسكان المنطقة، وضررٍ للأراضي الزراعية، وتلوّثٍ لمياه بحيرة قطينة. وقد ازدادت نسبة التلوّث هذا بعد استلام الإدارة الروسية المعمل، ما دفع سكان قطينة إلى الاحتجاج في تشرين الثاني ٢٠١٩. لكن على الرغم من الوعود التي قطعتها الجهات الرسمية السورية والشركة الروسية بحلّ المشكلة، لا يزال التلوث قائماً. لذا، توصّلت الشركة الروسية في العام ٢٠٢٠، إلى قرارٍ من جملة قرارات جديدة، بالعمل على تأهيل المحطة الغازية التي تنتج المخلّفات المضرّة بالبيئة المحيطة بطرق سليمة تحدّ من التلوّث. 

إضافةً إلى المعمل، تصاعدت الاحتجاجات بشكل ملحوظ في المرفأ أيضاً كنتيجة لاستمرار المشاكل بين العمّال السوريين والإدارة الروسية منذ تشرين الأول ٢٠٢٠، حيث قام هؤلاء بالاحتجاج أربع مرّات على الخصومات المتكرّرة من الرواتب، والمشاكل الإدارية.[67] وقد أضربوا عن العمل أياماً عدّة في حزيران ٢٠٢٠، بعد أن بلغ مجموع الخصومات المتفرّقة من رواتب العديد من العاملين أكثر من ٦٠ إلى ٧٠ مليون ليرة، وهو أمرٌ يتكرّر شهرياً. هذا واصطدم العاملون في المرفأ بالإدارة الروسية وشركة صدى بعد عدم تسوية مشاكلهم، فلجأ قسم كبير منهم إلى نقابة عمّال طرطوس الموجودة في المرفأ كتنظيم نقابي. عزت النقابة هذه المشاكل إلى التباين في وجهات النظر بين الإدارتَين الروسية والسورية للمرفأ، وهي تعمل على تحصيل حقوق العمّال السوريين، وإن كان ذلك لا ينفي الحاجة أيضاً إلى تدخّل وزارة النقل السورية لتوضيح شروط العقد، المتعلّقة بالرواتب والأجور والتعويضات، المبهمة بحسب النقابة التي ترى أنها كان يجب أن تُوضَّح قبل وضع العقد. ولذا، سعياً إلى حلّ المشاكل، تتواصل النقابة مع الجانب الروسي الذي يبدي تعاوناً.[68] 

في تموز ٢٠٢٠، بلغت المشاكل ذروتها حين رفض حوالى ألف عامل سوري قبض رواتبهم بسبب الخصومات، وعدم وجود وصل استلام للراتب، منذ تولّي الإدارة الروسية مسؤولية المرفأ، ولعدم حصولهم على الحوافز بحجّة خللٍ في المنظومة، وتقصير موظّفي الماليّة.[69] وفي التفاصيل أن الشركة الروسية اتّهمت شركة المرفأ السورية بالخصم من الرواتب، في حين أصرّ العاملون السوريون على تحصيل حقّهم من الإدارة الروسية التي أخلّت بالعقد. فهذا الأخير ينصّ على حصول جميع العاملين في المرفأ على رواتب ثابتة، وتعويضات، ووجبة غذائية، على أن يتمّ احتساب الرواتب بواسطة برنامج المحاسبة المُتضمّن بيانات العاملين، والموجود لدى الشركة السورية. بيد أن هذه الأخيرة رفضت تسليم البرنامج للشركة الروسية لاعتبارها إيّاه خاصاً بها، علماً أن شركة صدى طلبت أيضاً الحصول عليه من دون جدوى، ما تسبّب بأخطاء في أرقام رواتب العاملين. على أثر ذلك، تدخّل رئيس نقابة العمّال، فؤاد حربا، فأجرى اجتماعاً مع صدى والإدارة الروسية، جرى فيه التوصّل إلى حلّ عبر تغيير جداول الرواتب، مع أن لغز اختفاء النقود المخصومة من رواتب العمّال لا يزال قائماً.[70] هذا ولا يحصل العاملون على حقّهم في المسكن المذكور في العقد، بل يضطّر معظمهم ممَّن يسكنون في ريف طرطوس إلى دفع نصف راتبهم على المواصلات. كذلك لا ينالون حقّهم في طلب الحصول على قروض،[71]ولا في التأمينات الاجتماعية، المنصوص عليه في العقد. وتسعى نقابة العمّال إلى حلّ مشكلة التأمينات خلال شهرين، إلا أن صدى تحاول تهميش النقابة من خلال إغراء بعض العمّال، واستمالتهم لصالحها.

خاتمة

أطلق استثمار الشركة الروسية، "ستروي ترانس غاز"، في مناجم الفوسفات السوري من خلال عقودٍ الاستثمار مع الحكومة السورية مرحلةً جديدةً للحضور الروسي القائم منذ عقود على الصعيدَين الاقتصادي والجيوستراتيجي لخمسين سنة قادمة. فروسيا أصبحت موجودة في الساحل والداخل السوريَّين، حيث تجري عملية استخراج الفوسفات من المناجم بإشرافها العسكري والأمني، وبالشراكة المباشرة مع النظام السوري. كذلك ترتبط الشركة الروسية المستثمرة بشراكة غير مباشرة مع النظام في معمل إنتاج الأسمدة وفي مرفأ طرطوس الذي يُصدَّر الفوسفات الخام منه إلى الخارج. 

تم هذا الاستثمار الروسي بشراكة مع لاعبين محليين تابعين للنظام أبرزهم الفرقة الرابعة وشركة صدى.  بينما دخلت الفرقة الرابعة في شراكة مع الشركة الروسية في مجال نقل الفوسفات إلى معمل الأسمدة والمرفأ وعبر شركات الترفيق التابعة لها، تلعب شركة صدى الخاصة دور الوسيط بين الشركة الروسية والعمّال السوريين في كل من معمل الأسمدة ومرفأ طرطوس.  وبالرغم من الخلافات القائمة في بعض الأحيان بين الشركة الروسية والفرقة الرابعة، مثل الخلاف حول الترفيق في العام ٢٠١٩، والمشاكل بين شركة صدى والعمّال السوريين، يبدو أن المستثمر الروسي يعلم جيداً أن العمل على أرض الواقع السوري ليس ممكنا من دون الشراكة مع النظام ولا سيما الفرقة الرابعة.

مع ذلك، يواجه المستثمر الروسي العديد من العقبات والمشاكل في سوريا. فبالإضافة للفساد المستشري والمعوقات الإدارية والإنتاجية ومشاكل التوظيف في المؤسسات المرتبطة بقطاع الفوسفات، هناك عوامل سياسية وخارجية تؤثّر على استثمار وإنتاج الشركة الروسية بشكل سلبي. أهم هذه العوامل هي العقوبات الغربية المتواصلة على النظام السوري، واستمرار الحرب وصعوبة الوصول إلى حلّ سياسي في المدى القريب. هذه الظروف تجعل بيئة العمل الاقتصادية غير مستقرّة وغير مربحة للاستثمار الروسي في الوقت الحالي وفي السنوات المقبلة. وهكذا، طالما أن تغييراً لم يُدخَل إلى مفاصل المؤسسات السورية وهيكليتها، عن طريق الحلّ السياسي، والإصلاح الاقتصادي والإداري والقانوني، يبدو أن المستثمر الروسي سيظلّ يصطدم بعوائق تقلّل من العائد المرجوّ من استثماره وربما تُزعزِعُه في السنوات القادمة.

* عزام العلاف كاتب من سوريا، خرّيج كلية الإعلام، جامعة دمشق، عام ٢٠١٠ ومساهم خارجي في المشروع البحثي "زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا"، في برنامج مسارات الشرق الأوسط، الذي يشرف عليه مركز روبرت شومان للدراسات العليا التابع للجامعة الأوروبية في فلورنسا.

[1] فيتولد رودكيفيتش، "سياسة روسيا الشرق أوسطية: الطموحات الإقليمية والأهداف العالمية" (بالإنكليزية)، ص ٦-٧، كانون الأول ٢٠١٧، https://bit.ly/3oD3zNh

[2] سامويل راماني، "عين روسيا على إعادة الإعمار في سورية"، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، ٣١ كانون الثاني ٢٠١٩، https://bit.ly/3jDGqqf

[3] حرصاً على سلامة الأشخاص الذين جرت مقابلتهم، أُغفِل ذكر الأسماء، وفي بعض الحالات حُجِبَت مواقع المصادر بناءً على طلبٍ منها.

[4] "ذا سيريا ريبورت"، "العلاقات الاقتصادية السورية الروسية" (بالإنكليزية)، صحيفة وقائع، ٢٠ نيسان٢٠٢٠، https://bit.ly/3kCEGi1

[5] المرجع السابق.

[6] آنا بورشفسكايا، "مصالح روسيا الكثيرة في سوريا"، معهد واشنطن، ٢٤ كانون الثاني ٢٠١٣، https://bit.ly/2HyoRuP

[7] بعد ارتفاع أسعار الفوسفات بمعدّل أربع مرات فـي الأسـواق العالمية.

[8] أحمد سعيد إبراهيم، "الفوسفات السورية ودورها في التنمية الاقتصادية"، مجلة جامعة دمشق، المجلّد ٢٦، ص ٧٧٤، العدد الثالث والرابع، ٢٠١٠، https://bit.ly/2HCKdXr

[9] صحيح أن الفوسفات يُعَدّ ثروة اقتصادية سورية، إلا أنه يشكّل جزءاً بسيطاً من الدخل القومي السوري. فعلى سبيل المثال، بلغ الدخل القومي ٣٣ مليار دولار في العام ٢٠٠٦.

[10] سقراط العلو، "الصراع على الثروة السورية بين إيران وروسيا: الفوسفات نموذجاً"، مركز الجزيرة للدراسات، ١٨ تموز ٢٠١٨، https://bit.ly/2TxB6Kn

[11] "ذا سيريا ريبورت"، "ستروي ترانس غاز في سوريا"، صحيفة وقائع، ٦ نيسان٢٠٢٠، https://bit.ly/3jEfeHE

[12] بوزورغمير شرف الدين، وإيلين فرنسيس، "الحرس الثوري الإيراني يحصد المكافآت الاقتصادية في سوريا" (بالإنكليزية)، رويترز، كانون الثاني ٢٠١٧، https://reut.rs/3jUhWZU

[13] سنان حتاحت، "روسيا وإيران: التأثير الاقتصادي في سوريا" (بالإنكليزية)، تشاتهام هاوس، ص ٤، آذار ٢٠١٩، https://bit.ly/34yODYl

[14] روسيا اليوم، "صفقة روسية سورية لمدة ٥٠ عاماً لاستخراج الفوسفات من مناجم في تدمر"، ٢٦ آذار ٢٠١٨، https://bit.ly/2HJtS3t

[15] "ذا سيريا ريبورت"، "ستروي ترانس غاز في سوريا"، المرجع السابق.

[16] مقابلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع عامل في أحد المناجم في ريف حمص، ١١ حزيران ٢٠٢٠.

[17] تضرّرت معامل غسيل الفوسفات، والمجفّفات والكسّارات، والآلات، وأنظمة التحكّم.

[18] محطة أخبار سوريا، "تأهيل مصانع الفوسفات المتضررة جراء الإرهاب في مناجم فوسفات خنيفيس والشرقية بتدمر"، ١٢ آذار ٢٠٢٠، https://bit.ly/2HBxmVY

[19] مقابلة مع عامل في أحد المناجم في ريف حمص، المرجع السابق.

[20] عنب بلدي، "عقد استثمار الأسمدة في سوريا من قبل الروس يبدأ حيز التنفيذ"، ٢٦ شباط ٢٠١٩، https://bit.ly/2HMZCnZ

[21] مقابلة مع موظّف فنّي في معمل الأسمدة في مدينة حمص، المرجع السابق.

[22] مقابلة عبر الواتساب مع موظّف فنّي في معمل الأسمدة في مدينة حمص، ١٠ حزيران ٢٠٢٠.

[23] مقابلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع عامل في معمل الأسمدة في مدينة حمص، ١٨ حزيران ٢٠٢٠.

[24] روسيا اليوم، "برلمان سوريا يصادق على عقد إدارة شركة روسية لمرفأ طرطوس"، ١٢ حزيران ٢٠١٩، https://bit.ly/3jBv1ag

[25] جيري فالينتا، وليني فريدمان فالينتا، "لماذا يريد بوتين سوريا" (بالإنكليزية)، مجلة "ميدل إيست كوارترلي"، ربيع ٢٠١٦، https://bit.ly/3jDMwH9

[26] مقابلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع موظّف في مرفأ طرطوس، في مدينة طرطوس، ٤ تموز٢٠٢٠.

[27] مقابلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع عامل في مرفأ طرطوس، في مدينة طرطوس، ٦ تموز ٢٠٢٠.

[28] مقابلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع ضابط يخدم في المنطقة، في مدينة حمص، ٥حزيران ٢٠٢٠.

[29] المرجع السابق.

[30] عنب بلدي، "تنظيم ’الدولة’ يعلن مقتل عناصر للنظام والروس في بادية حمص"، ٢٣ أيلول ٢٠١٩، https://bit.ly/2JccwN7

[31]فرانس ٢٤، "عشرات القتلى من القوات النظامية والموالين لها في هجمات لتنظيم ’الدولة الإسلامية’ بالبادية السورية"، ٢٠ نيسان ٢٠١٩، https://bit.ly/3e5jQp4

[32] روسيا اليوم، "الدفاع الروسية تعلن مقتل ٣ عسكريين روس في سوريا نهاية فبراير الماضي"، ٢٥ آذار ٢٠١٩، https://bit.ly/35M4Ed3

[33] شولي كورنيش، وأسير خطاب، وهنري فوي، "موسكو تجمع غنائم حربها في سوريا الأسد" (بالإنكليزية)، فايننشال تايمز، ١ أيلول ٢٠١٩، https://on.ft.com/2HK3kic

[34] مقابلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع أحد عناصر قوافل ترفيق الفوسفات في مدينة حمص، ٥تموز ٢٠٢٠.

[35] أيمن الدسوقي، "شبكة اقتصاد الفرقة الرابعة خلال الصراع السوري"، مسارات الشرق الأوسط، ١٣ كانون الثاني ٢٠٢٠، https://bit.ly/31Rh6ah

[36] أدّى الاعتداء إلى جنوح قاطرة، وعربة ركاب، وشاحنة معايرة، وصهريجَي فوسفات، واشتعال النيران في قاطرة. روسيا اليوم، "بالصور.. هجوم يستهدف قطار شحن الفوسفات بريف حمص الشرقي"، ٢٢ تموز ٢٠١٩، https://bit.ly/37OWvXD

[37] مقابلة مع أحد عناصر قوافل ترفيق الفوسفات في مدينة حمص، المرجع السابق.

[38] أيمن الدسوقي، المرجع السابق.

[39] مقابلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع أحد عناصر قوافل ترفيق الفوسفات في مدينة حمص، ١٢ آب ٢٠٢٠.

[40] منهل باريش، "الشركات الأمنية الخاصة في سوريا: وكلاء جُدُد في خدمة النظام"، مسارات الشرق الأوسط، ٢٨ تمّوز ٢٠٢٠، https://bit.ly/3muQROt

[41] مقابلة مع عامل في أحد المناجم في ريف حمص، المرجع السابق.

[42] مقابلة عبر وسائل التواصل مع موظّف إداري في معمل الأسمدة في مدينة حمص، ٢٢ حزيران ٢٠٢٠.

[43]مقابلة مع عامل في معمل الأسمدة في مدينة حمص، المرجع السابق.

[44]مقابلة مع موظّف في مرفأ طرطوس، في مدينة طرطوس، المرجع السابق.

[45] مقابلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع مصدر مطّلع ومقرّب من النظام، في مدينة دمشق، ١٣ آب ٢٠٢٠.

[46] مقابلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع موظّف في أحد المناجم في مدينة حمص، ٩ حزيران ٢٠٢٠.

[47] المرجع السابق.

[48] مقابلة مع موظّف إداري في معمل الأسمدة في مدينة حمص، المرجع السابق.

[49] البطالة المقنّعة أو البطالة المخفيّة هي وجود أعداد من العاملين تزيد عن الحاجة الفعلية للمؤسسة. تكثر هذه البطالة في المؤسسات السورية بسبب الفساد، حيث يوجد عاملون يتقاضون رواتب شهرية من دون عمل لأنهم محسوبون على مسؤولين في الدولة.

[50] مقابلة مع عامل في معمل الأسمدة في مدينة حمص، المرجع السابق.

[51] مقابلة مع موظّف فنّي في معمل الأسمدة، في مدينة حمص، المرجع السابق.

[52] مقابلة عبر الواتساب مع عامل في مرفأ طرطوس، وعضو في نقابة العمّال، في مدينة طرطوس، ٧ تموز ٢٠٢٠.

[53] مقابلة مع عامل في مرفأ طرطوس، في مدينة طرطوس، المرجع السابق.

[54] تم حساب رواتب العاملين السوريين بالليرة السورية التي تعادل بين ٢٠٠٠ و٢٤٠٠ ليرة للدولار بحسب سعر السوق السوداء.

[55] مقابلة مع ضابط يخدم في المنطقة في مدينة حمص، المرجع السابق.

[56] مقابلة مع عامل في أحد المناجم في ريف حمص، المرجع السابق.

[57] مقابلة مع موظّف إداري في معمل الأسمدة، في مدينة حمص، المرجع السابق.

[58] مقابلة مع عامل في مرفأ طرطوس، وعضو في نقابة العمّال في مدينة طرطوس، المرجع السابق.

[59] مقابلة مع عامل في معمل الأسمدة في مدينة حمص، المرجع السابق.

[60] للاطّلاع على نسخ من عقد العمل الفردي غير محدّد المدّة بين شركة صدى، بصفتها وكيلاً قانونياً عن الشركة الروسية، وبين العاملين السوريين في مرفأ طرطوس، أنظر صفحة الشركة العامة لمرفأ طرطوس، "إستناداً إلى العقد الموقع بين الشركة العامة لمرفأ طرطوس وشركة أس تي جي إينجينيرنيغ محدودة المسؤولية"، فايسبوك، ١٨ شباط ٢٠٢٠، https://bit.ly/2TzPt0A

[61] مقابلة مع عامل في مرفأ طرطوس في مدينة طرطوس، المرجع السابق.

[62] أكدّ عدد من العاملين في معمل الأسمدة في حمص، ومرفأ طرطوس، في مقابلات عدّة معهم، على تلاعب شركة صدى برواتبهم.

[63] أكّد عاملون في معمل الأسمدة وميناء طرطوس، في مقابلات معهم، أن شركة صدى تتقاضى من الشركة الروسية رواتبهم بالدولار الأميركي، وتعطيهم إيّاها بالليرة السورية بسعر أقلّ من قيمة الدولار الحقيقية.

[64] للاطّلاع على نسخ من عقد العمل الفردي غير محدّد المدّة بين شركة صدى، بصفتها وكيلاً قانونياً عن الشركة الروسية، وبين العاملين السوريين في مرفأ طرطوس، أنظر صفحة الشركة العامة لمرفأ طرطوس، "إستناداً إلى العقد الموقع بين الشركة العامة لمرفأ طرطوس وشركة أس تي جي إينجينيرنيغ محدودة المسؤولية"، المرجع السابق.

[65] مقابلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع عامل في معمل الأسمدة، شارك في الاحتجاجات ضدّ الإدارة الروسية، في آب ٢٠١٩في مدينة حمص، ٢٥ حزيران ٢٠٢٠.

[66] مقابلة مع موظّف إداري في معمل الأسمدة، في مدينة حمص، المرجع السابق.

[67] مقابلة مع عامل في مرفأ طرطوس، في مدينة طرطوس، المرجع السابق.

[68] مقابلة مع عامل في مرفأ طرطوس، وعضو في نقابة العمّال، في مدينة طرطوس، المرجع السابق.

[69] مقابلة مع عامل في مرفأ طرطوس، في مدينة طرطوس، المرجع السابق.

[70] مقابلة مع عامل في مرفأ طرطوس، وعضو في نقابة العمّال، في مدينة طرطوس، المرجع السابق.

[71] مقابلة مع موظّف في مرفأ طرطوس، في مدينة طرطوس، المرجع السابق.

من نحن

  •  

    أسَّسَ مركز روبرت شومان للدراسات العليا في معهد الجامعة الأوروبية برنامج مسارات الشرق الأوسط في العام ٢٠١٦، استكمالاً للبرنامج المتوسّطي الذي وضع المعهد في طليعة الحوار البحثي الأورومتوسّطي بين العامَين ١٩٩٩ و ٢٠١٣.

    يطمح برنامج مسارات الشرق الأوسط إلى أن يصبح جهة مرجعية دولية للأبحاث التي تتعلّق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تنظر في التوجّهات والتحوّلات الاجتماعية-السياسية، والاقتصادية، والدينية. ويسعى البرنامج إلى تحقيق هدفه هذا من خلال تشجيع البحث متعدّد التخصّصات بناءً على نتائج العمل الميداني، والتعاون مع باحثين من المنطقة. ويفيد البرنامج من خبرة باحثين ناطقين بلغات المنطقة الرئيسة، بما فيها العربية الفصحى والعامية، والفارسية، والطاجيكية، والتركية، والروسية.

    للمزيد ...
Funded by the European Union