Home page

يمكن تنزيل منشورات المشروع لأغراض البحث الشخصية فقط. إن أيّ استنساخٍ إضافيّ لأغراض أخرى، سواء على شكل نسخ مطبوعة أم إلكترونية، يتطلّب موافقة المؤلّفين.
أما في حال الاستشهاد بالنص أو اقتباسه، فيجب الإشارة إلى الأسماء الكاملة للمؤلّفين والمحرّرين، إضافةً إلى العنوان، والسنة التي نُشِر فيها، والناشر.

التدخل التركي في شمال سوريا: استراتيجية واحدة وسياسات متباينة

  • الكاتب: خير الله الحلو
  • التاريخ: الإثنين, 21 كانون الأوَّل 2020
  • تحرير: دكستريم

تحميل الملف pdf

ملخّص تنفيذي

اعتمدت تركيا على القوة العسكرية لتحقيق هدفها الاستراتيجي المتمثل في تطويق نشاط وحدات حماية الشعب الكردية، والتي تنظر إليها بوصفها الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني. وشنّت تركيا ثلاث عمليات عسكرية بين ٢٠١٦ و٢٠١٩ في ريف حلب الشمالي وعفرين وريف الرقة الشمالي وغرب الحسكة.

وبينما بقي الهدف الاستراتيجي واحداً خلال تلك العمليات، إلا أن السياسة التركية تجاه تلك المناطق تباينت على عدة مستويات. فعلى المستوى الأمني، فقد أظهرت القوات التركية قسوة شديدة للغاية في منطقة عفرين ("غصن الزيتون")، في حين كانت لينة في منطقة ريف حلب الشمالي ("درع الفرات")، مع تباين واضح في سياستها بين مدينتي تل أبيض ورأس العين رغم وقوعهما في منطقة عمليات واحدة ("نبع السلام"). كما أطلقت تركيا يد الفصائل الموالية لها ضد السكان الأكراد، ولا سيما في عفرين، في حين أبدت الفصائل درجة انضباط أعلى في بقية المناطق. كذلك ميّزت السياسة التركية بين المناطق على المستوى الخدمي مثل الإمداد بالكهرباء وصيانة شبكات الطرق. كما مارست تركيا عمليات استهدفت تغيير التركيبة السكانية لمنطقة عفرين خصوصاً، حيث أسكنت عائلات النازحين والمقاتلين الموالين لها في منازل الأكراد المهجّرين، ونقلت النازحين التركمان من حمص واللاذقية إلى المناطق المتاخمة للحدود السورية-التركية.

ويعود هذا التباين في السياسات إلى هاجس الأمن القومي التركي المتصاعد، والذي يتمحور حول تفكيك مشروع الإدارة الذاتية الكردية وتأمين شريط حدودي بعمق ٥ كم داخل الأراضي السورية، ومن هنا تحظى المدن والتجمعات الواقعة على هذا الشريط بأهمية كبيرة وأولوية الحصول على الخدمات بهدف ترغيب السوريين بالإقامة فيها. أما تشابهات السياسة التركية عبر مناطق النفوذ الثلاث فشملت التمركز في معسكرات كبيرة محدودة ونقاط حراسة متقدمة لمواجهة مقاتلي وحدات حماية الشعب. كذلك تم اتباع التقسيم الإداري التركي نفسه في المناطق الثلاث على حساب أشكال الحكم والقوانين التي عملت بها الحكومة السورية المؤقتة التابعة للمعارضة، ليجري تقديم الخدمات عبر المؤسسات التركية نفسها وإن بمعايير وحسابات مختلفة. ويعود هذا التشابه إلى رغبة أنقرة بضبط المنطقة أمنياً وإدارياً عبر نموذج مألوف ومنع الحكومة المؤقتة من لعب دور يتجاوز المصالح التركية.

مقدمة

مع انسحاب النظام السوري من مساحات واسعة شرقي البلاد في ربيع ٢٠١٢، بدأ حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي – وجناحه المسلح المتمثل في وحدات حماية الشعب – ببناء مشروع حكم خاص به في شمال شرق سوريا وعفرين. وبعدما حاول المقاتلون الأكراد السيطرة على بلدة رأس العين الحدودية أواخر ٢٠١٢، ردّت تركيا بدعم فصائل من الجيش السوري الحر وفصائل إسلامية أخرى لطردهم،[1] معلنةً بذلك معركة طويلة سيطر في نهايتها المقاتلون الأكراد على المدينة في تموز ٢٠١٣. ومنذ ذلك الحين، بدأت تركيا تتحسس خطر نشوء كيان كردي على حدودها الجنوبية، وهو الخطر الذي تفاقم مع انهيار المفاوضات مع رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم في أنقرة، ومن ثم انهيار عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني في ٢٠١٥، وأخيراً اعتماد الولايات المتحدة على وحدات حماية الشعب كشريك رئيسي في حربها ضد داعش، الأمر الذي انتهى بسيطرة مقاتلين أكراد على منبج في آب ٢٠١٦. كل ذلك جعل استراتيجية أنقرة في سوريا محصورة بتطويق وحدات حماية الشعب، لتشنّ ثلاث عمليات عسكرية في ثلاث مناطق سورية في أوقات وسياقات مختلفة.

تباينت المواقف الدولية من التدخل العسكري التركي في كل عملية مرة تبعاً لتوتر العلاقة مع أنقرة: فقد رحّبت الولايات المتحدة بعملية "درع الفرات" ضد داعش في منطقة ريف حلب الشمالي (آب ٢٠١٦-آذار ٢٠١٧) واعتبرتها تصبّ في مصلحة الأمن القومي الأميركي، ووافقتها ألمانيا وفرنسا، فيما أعلنت روسيا تحفّظها على التدخل التركي.[2] أما عملية "غصن الزيتون" ضد المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين (كانون الثاني-آذار ٢٠١٨) فقد تفهّمتها واشنطن ولندن وموسكو، فيما عبّرت باريس وبرلين عن قلقهما من أن العمليات العسكرية لا تساعد على الاستقرار والحل في سوريا، ونوّهتا بنجاح المقاتلين الأكراد في محاربة داعش.[3] أخيراً، حظيت عملية "نبع السلام" ضد قوات سوريا الديمقراطية في المنطقة الحدودية بين تل أبيض ورأس العين (تشرين الأول-تشرين الثاني ٢٠١٩) بتفهّم من جانب روسيا، التي عدّتها خطوة نحو إضعاف القوات الكردية الحليفة للغرب، فيما حذّرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من العملية.[4] أما محلياً فقد رحّب الائتلاف السوري المعارض بالعمليات التركية الثلاث واعتبر أنها تحقق طموح السوريين للخلاص من الإرهاب،[5] فيما اعترض النظام وقوات سوريا الديمقراطية على ما وصفوه بالاحتلال التركي لشمال البلاد.[6]

ونتيجةً للمواقف الغربية الرافضة، امتنعت المنظمات الدولية عن تقديم المساعدة الإنسانية في منطقة نبع السلام بعد عام على السيطرة التركية عليها، حيث فضّلت تقديم المساعدة من دمشق بدلاً من غازي عنتاب وحمّلت بذلك أنقرة عبء تقديم الخدمات الإنسانية في هذه المنطقة كما فعلت من قبل في عفرين. وقد سعت تركيا لدعم المعارضة السورية في بناء هياكل حكم محلي فور انتهاء العمليات العسكرية، وذلك بإشراف الولايات التركية الحدودية المتاخمة لمناطق العمليات، حيث تشرف ولايتا كلّس وغازي عنتاب على منطقة ريف حلب الشمالي، وولاية هاتاي على منطقة عفرين، وولاية أورفة على منطقتي تل أبيض ورأس العين. كذلك تقدم أنقرة الخدمات الأساسية في المناطق الثلاث.

تحاول هذه الورقة الإجابة عن سؤال ما إذا كانت هناك استراتيجية موحدة في مناطق التدخل التركي الثلاث، وما هي أوجه الاختلاف والتشابه بين السياسات المتّبعة في هذه المناطق. تبدأ الورقة بتحليل السياسات العسكرية، بما في ذلك الوجود العسكري التركي المباشر والأدوار الأمنية الموكلة إلى فصائل الجيش الوطني السوري. بعد ذلك، تشرح الورقة أوجه الانخراط التركي في البيئة السورية المحلية، سواء عبر سياسات الإحلال والتغيير الديموغرافي أو عبر فرض نموذج إدارة محلية تابع للإدارات التركية. وأخيراً، تتناول الورقة سياسات تقديم الخدمات والأوضاع الاقتصادية في مناطق النفوذ التركي.

استند البحث إلى مقابلات خاصة مع فاعلين في المجالس المحلية، بينهم رؤساء مكاتب وموظفون عاديون، ومع وجهاء محليين عرب وأكراد، وقادة وضباط في الجيش الوطني السوري، ونشطاء حقوقيين ومدنيين وإعلاميين، بالإضافة إلى فاعلين اقتصاديين – تجار ومزارعين – استفادوا أو تضرروا بشكل مباشر من تغير السيطرة العسكرية. أُجريت المقابلات بين حزيران وتشرين الثاني ٢٠٢٠، ولجأ الكاتب لأشخاص إضافيين تحديداً في منطقتي رأس العين وعفرين، نظراً لصعوبة جمع المعلومات هناك، كما حرص على إيجاد مصادر غير متحزّبة ولا تمثل جزءاً من الصراع أو الانتهاكات بحق المدنيين. قام الكاتب بمقاطعة المقابلات مع المعلومات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف التحقق من صحتها. وتم التحفظ عن الأسماء الصريحة لبعض الشخصيات حفاظاً على سلامتها وعدم تعريضها لمضايقات أو أذى من جانب قوى الأمر الواقع.

 

خريطة ١: مناطق العمليات العسكرية التركية 

المصدر: المؤلف، تصمیم: أيوب لهويوي، كانون الأَوَّل ٢٠٢٠

 

الجزء الأول: شكل القوات العسكرية والأمنية في المناطق الثلاث

اعتمدت تركيا على الحضور العسكري المباشر لطرد الوحدات الكردية من حدودها الجنوبية، فبنت عدداً كبيراً من القواعد ونقاط الحراسة لمواجهتها، كما لجأت إلى هيكلة الفصائل العسكرية وتنظيمها ضمن الجيش الوطني السوري، مع إنشاء جهاز شرطة مدني، وأخيراً أوكلت إلى الفصائل السورية تنفيذ سياستها الأمنية العنيفة ضد الأكراد في كل من عفرين وإلى درجة أقل رأس العين.

الحضور التركي المباشر

بعد انتهاء العمليات العسكرية الثلاث، تمركزت القوات التركية في نقاط عسكرية داخل الأراضي السورية. ففي ريف حلب الشمالي، توجد حوالي ٢١ نقطة عسكرية موزعة قرب المدن الرئيسية وقرب خطوط التماس مع كل من قوات سوريا الديمقراطية في منبج وتل رفعت وقوات النظام السوري في تادف.[7] وتعتبر قاعدة جبل الشيخ عقيل المُطِلّة على مدينة الباب كبرى القواعد التركية في ريف حلب الشمالي، وهي تضم مهبطاً للطائرات المروحية.

أما في منطقة عفرين فقد سيطرت تركيا على مقرات وحدات حماية الشعب، والتي تتركز قرب المدن والبلدات الرئيسية في المنطقة. وأنشأت في هذه المنطقة ١٢ قاعدة عسكرية تركية رئيسية، أبرزها في بلبل وراجو وشيخ الحديد وجنديرس وعفرين وبراد وجلبل وشوارغة وشرانلي وكفرجنة، وتحتوي القاعدة الأخيرة على مهبط للطائرات المروحية أيضاً.[8] تضاف إلى ذلك عشرات النقاط على خط التماس مع قوات سوريا الديمقراطية.

وتنتشر القوات التركية في نقطتين عسكريتين في مدينة رأس العين[9] وثلاث في تل أبيض،[10] إضافة لعدة نقاط مراقبة ولا سيما قرب الطريق الدولي M4.[11] كما توجد قاعدتان عسكريتان رئيسيتان في منطقة تل أبيض هما كرمازة على طريق الرقة-تل أبيض (٢٥ كم جنوباً)، وهي قاعدة متأخرة تشرف على النقاط المتاخمة لطريق M4 وتعتبر الأقرب إلى بلدة عين عيسى التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، وقاعدة بير عاشق على طريق تل أبيض-سلوك.

بالإضافة إلى ما سبق، تشهد المناطق الثلاث انتشاراً لقوات الجيش التركي في عدة معسكرات، وتتخذ المخابرات التركية من مقرات الشرطة المدنية مقرات لها، إلا أن حضور الجيش والمخابرات التركية أكثر وضوحاً في منطقتي عفرين وريف حلب الشمالي، حيث تتعدد مستويات الحضور وتكثر الزيارات الرسمية إلى المنطقتين. وتعتبر تدخلات المخابرات التركية المباشرة قليلة للغاية في المناطق الثلاث، إذ تعتمد تركيا على الجيش الوطني السوري لتعقّب وقمع خصومها، وقد أوعزت له بتأسيس سجون خاصة لهذا الهدف بحيث تحمي نفسها من التورط المباشر في الانتهاكات. وتعتمد المخابرات على محقّقين من "قوات الشرطة والأمن العام الوطني السوري" مرتبطين مباشرة بالجهاز الأمني التركي في عفرين أو رأس العين.

 

خريطة ٢- توزّع القوات العسكرية والأمنية في المناطق الثلاث

المصدر: المؤلف، تصمیم: أيوب لهويوي، كانون الأَوَّل ٢٠٢٠

 

تنظيم قوات المعارضة السورية أمنياً وعسكرياً

أ. الجيش الوطني السوري

سعت تركيا منذ بدء تدخلها في سوريا عام ٢٠١٦ لبناء جيش موحد للمعارضة السورية، ونجحت في ضم عدة فصائل تحت اسم الجيش الوطني السوري المؤلف من ثلاثة فيالق.[12] تضم هذه الفيالق كل التشكيلات العسكرية النشطة في الشمال السوري، إضافة إلى فصائل المعارضة المهجّرة من دمشق وريفها وحمص وحماه. نظرياً، يتبع الجيش الوطني السوري لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، وهي الجناح التنفيذي للائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة،[13] إلا أن الجيش الوطني يتلقى الدعم اللوجستي والمادي والتدريبي من الجيش التركي. وكانت ثلاثة من فصائل في منطقة درع الفرات (فرقة الحمزة، ولواء المعتصم، واللواء 51) تتلقى دعماً من برنامج التدريب والتسليح التابع لوزارة الدفاع الأمريكية  قبل توقف الدعم نتيجة مشاركتها في معركة عفرين عام ٢٠١٨.

باستثناء الجبهة الشامية في أعزاز،[14]  فإن معظم فصائل الجيش الوطني تشكلت بالتزامن مع عملية درع الفرات ضد داعش، ومنذ ذلك الحين يجري التنسيق بين الجيش التركي والجيش الوطني السوري على أعلى المستويات. ويمكن وصف العلاقة بين الجيشين بالطيبة. وتمتلك الفصائل التركمانية نفوذاً خاصاً في الجيش الوطني، خصوصاً فرقتا السلطان مراد والحمزة المدعومتان بشكل كبير من السلطات التركية.[15] واستغلت تركيا علاقتها بالفصائل السورية لتجنيد مئات العناصر وإرسالهم للقتال وراء الحدود عبر شركة سادات الأمنية التركية،[16] سواءً إلى جانب قوات حكومة الوفاق في ليبيا[17] أو إلى جانب أذربيجان ضد أرمينيا في إقليم قرة باخ.[18]

وبخلاف ادعاء هيكلة الجيش الوطني السوري وإعطاء أفضلية القيادة للضباط المنشقين، يقود الفيلق الثالث قائد الجبهة الشامية أبو أحمد نور، وهو شخصية مدنية، ويقود الفيلق الثاني محمود الباز، وهو خريج جامعي. فقط الفيلق الأول يقوده ضابط منشق هو قائد جيش النخبة العميد معتز رسلان. ويعتبر الفيلق الثاني مجرد واجهة لفرقة السلطان مراد، إذ لا يستطيع قائده ضبط قادة الفصائل الأخرى المنضوية تحت لواء الفيلق، ولا سيما قائد فرقة السلطان سليمان شاه محمد الجاسم (المعروف بـ"أبو عمشة")، والذي ينفذ عمليات سلب واستيلاء على الأراضي وأشجار الزيتون دون رادع، والأمر نفسه ينطبق على قادة الشرطة العسكرية في جميع مناطق النفوذ التركي.

كذلك يؤخذ على الجيش الوطني السوري أنه لم يخض أية معركة مع النظام السوري في أي من المناطق الثلاث، وأنه ملتزم بالمعارك التي تقررها تركيا سواء في الداخل السوري أو في بلدان أخرى، ما يجعله أشبه بحارس الحدود التركية الجنوبية وحامي مصالح الأمن القومي التركي. وتخص تركيا الفصائل المقرّبة منها بمحاور قتال في القرى الكردية بهدف تحقيق السيطرة الأمنية عليها ووضع يدها على أملاك سكانها الهاربين.

ب. قوات الشرطة والأمن

حاولت أنقرة هيكلة الشرطة العسكرية، أولاً في ريف حلب الشمالي[19] ولاحقاً في عفرين، بهدف كفّ يد الفصائل ووضع حدّ لعمليات النهب ووقف الانتهاكات الحقوقية. أما في تل أبيض ورأس العين فقد شكلت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة قضاءً عسكرياً وشرطة عسكرية عقب السيطرة على المدينتين.[20] وفيما تكتفي أنقرة باختيار قائد الشرطة، تقوم الفصائل باختيار جميع ضباط وعناصر الشرطة، حيث يقدم كل فصيل عدداً من عناصره دون أن يتلقوا تدريبات خاصة،[21] مع استمرار تبعية العناصر لفصائلها وتقديمها مصلحة الفصيل على حساب المصلحة العامة، وهو ما يفسّر ضعف جهاز الشرطة العسكرية وعجزه عن ضبط الانتهاكات.

أما الشرطة المدنية فقد دعمتها تركيا بعدما بسطت سيطرتها على مناطق ريف حلب الشمالي، حيث افتتحت معسكرات تدريبية في الأراضي التركية ضمّت متطوعين سوريين،[22] وأخرى في مراكز تدريب تابعة لأكاديمية الشرطة التركية في أضنة ومرسين.[23] كذلك درّبت أنقرة عناصر سوريين في مدينتي تل أبيض ورأس العين، وأمدّت الشرطة المدنية بالسلاح والسيارات وكافة المستلزمات اللوجستية.[24] ومن جهة أخرى، أسست تركيا فرقة "الكوماندوز" السورية التابعة لمديرية الأمن العام التركي، والتي نفذت أولى مهامها في عفرين. وتقوم فرقة الكوماندوز بحماية مواكب أعضاء الائتلاف الوطني ووزراء الحكومة المؤقتة، كما تشارك القوات التركية في حماية وتأمين زيارات المسؤولين الأتراك إلى مناطق تل أبيض ورأس العين وريف حلب الشمالي وعفرين.[25]

الأوضاع الأمنية في مناطق النفوذ التركي

يمكن وصف الوضع الأمني في مناطق النفوذ التركي بالهش. ويمكن تمييز هذه الهشاشة على مستويين: أولاً، انتهاكات فصائل الجيش الوطني المتمركزة في كل منطقة، وثانياً الخروقات الأمنية المتمثلة بالاشتباكات والتفجيرات والاغتيالات، والتي أصبحت حدثاً متكرراً في مناطق بعينها. وتختلف انتهاكات الفصائل والخروقات الأمنية من مكان لآخر بحسب الفصائل المسيطرة عليه وتركيبته السكانية.

وحين لا تضم فصائل الجيش الوطني المسيطرة مقاتلين محليين، كما هو الحال في عفرين ورأس العين، تكثر الانتهاكات وتسود الفوضى الأمنية. ففي مدينة رأس العين تسيطر فرقتا السلطان مراد والحمزة التركمانيتان، واللتان لا ينتمي أي من مقاتليها إلى المدينة، الأمر الذي سمح بإطلاق أيديهم دون أي رادع أو مقاومة محلية، فاستولتا على منازل المدنيين، ومنعتا منذ سيطرتهما على المدينة  عودة النازحين.[26] وتقدَّر أعداد المنازل التي استولت عليها الفرقتان بنحو ٨٠٠ منزل، جميعها تعود لأكراد سوريين أو لعرب منضوين في مؤسسات الإدارة الذاتية. من جهتها سهّلت تركيا نقل عائلات مقاتلي تلك الفصائل (من تركمان وعرب) عبر الحدود بهدف توطينهم في المنطقة وإسكانهم في المنازل المستولى عليها.[27] كذلك ارتكبت فيالق الجيش الوطني السوري انتهاكات كبيرة بحق سكان عفرين، ولا سيما الأكراد. وشملت هذه الانتهاكات حالات اعتقال واعتداء وخطف بهدف الفدية وملاحقة إعلاميين وناشطين واستيلاء على أملاك ومنازل مدنيين،[28] بالإضافة لحالات عنف جنسي واغتصاب بحق بعض المعتقلين.[29] ويتحمل قادة الفصائل مسؤولية مباشرة عن هذه الانتهاكات. وقد اتهمت منظمة العفو الدولية القوات العسكرية التركية والفصائل الموالية لها بـ"ازدراء أرواح المدنيين وارتكاب انتهاكات جسيمة وجرائم حرب".[30]

في المقابل، عندما يشكل المقاتلون المحليون عصب فصائل الجيش الوطني السوري، تقل الانتهاكات ويسود الانضباط الأمني، كما هو حال أعزاز التي تسيطر عليها الجبهة الشامية، ومارع التي تسيطر عليها فرقة المعتصم، وتل أبيض التي يسيطر عليها الفيلق الثالث الذي يضم عدداً كبيراً من أبناء البلدة. كذلك تندر الانتهاكات في بلدتي سلوك والمبروكة العربيتين بين تل أبيض ورأس العين، حيث يسيطر تجمع أحرار الشرقية الذي يضم كتائب من محافظة دير الزور وينتمي أغلب مقاتليه لقبيلة العقيدات، ما يربطهم بصلة قرابة بالمنطقة، بالإضافة لعدد كبير من المقاتلين المحليين.[31]

ومن جهة أخرى، تلعب التركيبة السكانية دوراً هاماً في تقرير درجة الأمن والاستقرار. ففي مدينة تل أبيض مثلاً يقيم ١٤٠ ألف مدني، يمثل الأكراد نسبة صغيرة منهم (أقل من ١٠ بالمئة)، مما يقلل من نسبة الانتهاكات ويمنحهم حماية مجتمعية بوصفهم أقلية ضمن محيط عشائري صلب ومتماسك. أما في رأس العين فقد حرصت تركيا على ضرب استقرار المنطقة وتغيير تركيبها السكانية المختلطة، وذلك نتيجة انخراط شريحة واسعة من السكان في مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي، بما في ذلك العشائر العربية، كما في حالة الشيخ محمد حسن عبيد الخليل (أحد أبناء مشايخ عشيرة حرب) والذي عيّنته حكومة الإدارة الذاتية وزيراً للمواصلات.

أما بالنسبة للخروقات الأمنية، فقد توالت الاشتباكات البينية بين الفصائل في جرابلس والباب وأعزاز وعفرين ورأس العين،[32] وغالباً ما يسقط نتيجتها عدد من المدنيين. وتشهد مدينة الباب اضطراباً أمنياً كبيراً، يتمثل في انتهاكات متكررة ترتكبها فرقة الحمزة، وتفجيرات واغتيالات متواترة تقوم بها خلايا داعش التي تنشط لصالح التنظيم بعد انحسار سيطرته على المدينة.[33] وفي مدينة أعزاز، تنحصر الاغتيالات بالعاملين في السلك القضائي والشرطي، وكان آخرها تفجير سيارة القاضي في محكمة الجنايات العسكرية في أعزاز ملحم ملحم.[34] أما في عفرين فتتركز الاغتيالات ضد عناصر الجيش الوطني، والتي تتبناها غرفة عمليات غضب الزيتون الكردية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية. ورغم القبضة الأمنية الشديدة التي تنتهجها تركيا في عفرين، إلا أن غرفة عمليات غضب الزيتون منها نفّذت ١١ اغتيالاً لعناصر الجيش الوطني خلال النصف الأول من ٢٠٢٠،[35] ليصبح مجموع العمليات التي تبنّتها ٤٠ عملية منذ سيطرة القوات التركية والجيش الوطني السوري على عفرين في آذار ٢٠١٨. وترجّح طريقة التصوير الاحترافية للاغتيالات أن منفذيها تابعون لقوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش).

الجزء الثاني: علاقة تركيا بالمجتمعات المحلية

سياسة تركيا الديموغرافية

يبدو أن تركيا أطلقت يد فصائل الجيش الوطني بهدف بعثرة الوجود الكردي وإبعاد خطر قيام كيان كردي بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي – والذي تعتبره الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني – على حدودها الجنوبية. وترى تركيا أن تحطيم الكتلة البشرية الكردية عبر سياسات بعيدة المدى، وخصوصاً في عفرين، سيقضي على مشروع الكيان الكردي، وهي تعتمد على إحلال سكان تركمان وعرب مناوئين للمشروع مكان السكان الأكراد، بما يحمي أمنها القومي في حال سحبت قواتها مستقبلاً.[36] ولا تقتصر الرؤية التركية على منطقتي عفرين ورأس العين، بل تشمل كافة مناطق الشريط الحدودي، بما في ذلك القرى العربية، ومن هنا اعتمادها على فرقة السلطان مراد التركمانية لتأمين الشريط الحدودي بمسافة تتراوح بين ٣ و١٥ كم.

وبينما تشير التصريحات الرسمية التركية إلى عودة أكثر من ٤٠٠ ألف لاجئ سوري من مختلف الولايات التركية إلى الشمال السوري،[37] إلا أن هذه الأرقام لا تشمل إحصاءً دقيقاً لضحايا الترحيل القسري إلى سوريا بذريعة عدم امتلاكهم بطاقة حماية تركية (كِملِك) أو ارتكابهم مخالفات قانونية. من جهة أخرى، أصبحت مناطق النفوذ التركي بين ٢٠١٦ و٢٠٢٠ الملجأ الوحيد للنازحين قسرياً من مناطق خفض التصعيد، أي ريف دمشق وجنوب سوريا وريف حمص الشمالي وإدلب. كما استقبلت هذه المناطق نازحين من دير الزور والرقة فرّوا من المعارك بين داعش وقوات سوريا الديمقراطية في ٢٠١٧-٢٠١٨. وتمثل هذه المناطق خياراً أفضل من إدلب غير الآمنة والمهددة دوماً بخطر هجوم النظام والقصف الجوي الروسي.

في عفرين، قامت تركيا بإسكان مهجّري الغوطة وحمص الشمالي، إضافة إلى عائلات المقاتلين التركمان، في منازل الأكراد الهاربين من العمليات العسكرية. وفي المقابل منعت وحدات حماية الشعب المدنيين الأكراد الذين فروا إلى مناطق ريف حلب الشمالي القريبة من العودة إلى منازلهم. وقد أدى ذلك لتراجع عدد السكان الأكراد في عفرين من ٥٠٠ ألف قبل الهجوم التركي إلى حوالي ١٥٠ ألف في نيسان ٢٠١٩. ويرجَّح أن عدد الأكراد الحالي لا يتجاوز ١٠٠ ألف بعدما فضل عدد كبير من الأهالي الهرب من تجاوزات فصائل الجيش الوطني.[38]

وكرّرت تركيا السياسة الديموغرافية نفسها في رأس العين، والتي كان يقطنها سكان أكراد وشركس وشيشان وعشائر عربية. كان مجموع سكان المدينة قبل عملية نبع السلام حوالي ٢٩ ألف نسمة، والسكان الأكراد حوالي ٥ آلاف.[39] ولم يعد إلى المدينة بعد انتهاء العمليات العسكرية سوى ١٢٪ من السكان السابقين،[40] معظمهم من العشائر العربية التي نزحت موقتاً، بالإضافة إلى النشطاء والمطلوبين من قبل قوات سوريا الديمقراطية ممن كانوا يقيمون في تركيا. بالمقابل، انتقلت حوالي ٢,٠٠٠ عائلة من عائلات مقاتلي الجيش الوطني من ريف حلب الشمالي إلى رأس العين عبر الأراضي التركية، وأُسكنت في الأحياء الكردية شرق وجنوب البلدة، وكانت معظم هذه العائلات قد نزحت من حماة وحمص ودير الزور وحلب وريف دمشق.[41] ويزعم المجلس المحلي الحالي في رأس العين وجود حوالي ١٠٠ عائلة كردية و٤٠ عائلة مسيحية،[42] فيما يؤكد نشطاء أن العائلات الكردية أقل من عشرين، والسريانية أقل من عشر. وتقطن حي الحوارنة شرق المدينة، والمعروف بالكردية باسم "زور أفا"، أقل من عشر عائلات كردية مقابل المئات من عائلات مقاتلي فصائل الجيش الوطني السوري.[43]

أما في منطقة تل أبيض – والتي تضم مدينة تل أبيض وناحية سلوك – فقد بلغ عدد السكان عام ٢٠١٠ أكثر من ٢٥٠ ألف نسمة. وبحسب المجلس المحلي لمدينة تل أبيض فإن عدد السكان المدنيين الحالي ١٤٠ ألف، منهم نحو ٦ آلاف نازح من محافظات أخرى.[44] وبالكاد سُجّلت عودة بعض العائلات من تركيا ، بخلاف التصريحات التركية التي زعمت عودة ٢٠٠ ألف سوري إلى مناطق نبع السلام بعد عام على انتهاء العملية.[45]

وتسعى تركيا لإعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا بعد فشلها في الضغط على الاتحاد الأوربي وتحصيل المزيد من المساعدات. ولكن ظروف الاضطراب الأمني والعمليات العسكرية، ناهيك عن تردي الوضع الخدمي والاقتصادي، تحول دون عودة اللاجئين المقيمين في تركيا إلى سوريا.  يمكن وضع جهود أنقرة لتشجيع عودة اللاجئين ضمن ثلاثة أهداف رئيسية: أولاً تخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهلها، خصوصاً في ظل تراجع الاقتصاد التركي؛ وثانياً تخفيف الضغط السياسي عن الرئيس التركي وحزبه من قبل المعارضة التي ترفض وجودهم؛ وثالثاً وهو الأهم استغلال العائدين لتحقيق عملية تغيير ديموغرافية تنتهي بتوطينهم في عفرين ورأس العين وعلى طول الشريط الحدودي. وتعتقد تركيا أن توطين غير الأكراد في المناطق الكردية سيقضي على احتمال نشوء الحكم الكردي[46] مع الاحتفاظ بنفوذ سياسي كبير بين أطراف المعارضة السورية. ولتحقيق الهدف الأخير على المدى القصير والمتوسط، يتعيّن على تركيا أن تبقى لاعباً أساسياً قادراً على التحكم بالتطورات الميدانية في الداخل السوري، والطريقة الوحيدة لذلك هي زيادة الوجود العسكري.[47] ويبدو أن الهدف المضمر لهذا الوجود إنشاء أقاليم تابعة في عمق الأراضي السورية، تكون مرتبطة أمنياً واقتصادياً بأنقرة دون إلحاق رسمي سيشكّل مخالفة للقانون الدولي ويُدخل تركيا في مواجهة مع الجميع.

اختيار "ممثلين" في المجالس والمؤسسات المحلية

بعد انتهاء العمليات العسكرية، قدمت تركيا الدعم للمجالس المحلية لإدارة شؤون المدن والقرى ضمن مناطق نفوذها. وبخلاف مناطق ريف حلب الشمالي التي لم تُبد تركيا اكتراثاً إدارياً بها، تدخلت بشكل كبير في عفرين وتل أبيض ورأس العين لضمان تشكيل مجالس محلية موالية لها وإبعاد أي معارضين أو حتى محايدين. ورغم أن المجالس المحلية تتبع نظرياً للحكومة المؤقتة التي يرأسها رئيس الائتلاف الوطني الأسبق والتركماني المقرّب من أنقرة عبد الرحمن مصطفى، إلا أن وزارة الداخلية التركية تشرف بشكل مباشر على المجالس الجديدة، دون أن تلعب الحكومة المؤقتة أي دور فعلي. ومع استنساخ التقسيم الإداري التركي من خلال تأسيس مجالس محلية في المدن الكبرى ومجالس صغيرة تابعة لها في البلدات والقرى المحيطة، على غرار البلديات الكبرى والصغرى في تركيا، فرضت أنقرة نفوذها في المجالس المحلية من خلال ربط كل منطقة بالولاية التركية المجاورة لها.

 

خريطة ٣- إشراف الولايات التركية على المناطق الحدودية
 المصدر: المؤلف، تصمیم: أيوب لهويوي، كانون الأَوَّل ٢٠٢٠

 

وتوجد ١٠ مجالس محلية في منطقة درع الفرات، تشرف عليها ولايتا غازي عنتاب وكلّس، وهي مجالس الباب وجرابلس وأعزاز والراعي ومارع وأخترين وصوران وقباسين وبزاعة والغندورة، بالإضافة لمجالس فرعية صغيرة تتبع لها. وقد عيّنت السلطات التركية في كل من هذه المجالس شخصاً ينوب عنها ويلعب دور صلة الوصل بين المجلس والولاية التركية ذات الصلة، يُطلَق عليه محلياً اسم "الوالي التركي" رغم أنه يحمل الصفة الرسمية "مساعد الوالي".[48]

أما في عفرين، وبعد "مؤتمر إنقاذ عفرين" في مدينة غازي عنتاب في نيسان ٢٠١٨ الذي حضرته عشرات الشخصيات الكردية الموالية لتركيا،[49] تشكلت أربعة مجالس محلية رئيسية،[50] أضيفت لها ثلاثة لاحقاً ليصبح المجموع سبعة مجالس في النواحي الإدارية السبع. وتشرف ولاية هاتاي التركية بشكل مباشر على مجالس منطقة عفرين عبر "مساعد الوالي" وست مساعدين له.

وبعد انتهاء عملية نبع السلام، تأسس المجلس المحلي لتل أبيض في أواخر تشرين الأول ٢٠١٩ بحضور ومباركة رسمية تركية، فيما تأسس المجلس المحلي لرأس العين في ٧ تشرين الثاني ٢٠١٩، ويتبع كلا المجلسين لولاية أورفة التركية. ويسمّى مساعد الوالي لشؤون منطقة نبع السلام محلياً "والي نبع السلام"، ويتبع له مسؤولان تركيان هما "والي" تل أبيض و"والي" رأس العين، وكلاهما يمتلك صلاحيات أمنية ومدنيةعلى غرار الصلاحيات الممنوحة للولاة في النظام الإداري التركي.[51]

وفي معظم مناطق الشمال الخاضعة للنفوذ التركي، يوجد منسّق تركي في كل مجلس محلي يشرف على أعماله ويحل المشاكل العالقة مع الجانب التركي، بالإضافة لمنسّقين أتراك آخرين على مستوى أدنى في مكاتب المجلس المحلي، وموظفين أتراك إداريين وتقنيين يقدمون الاستشارات ويساعدون على اتخاذ القرار. كذلك عيّنت عدة وزارات تركية (التعليم، الصحة، الطاقة، التجارة، الشباب والرياضة، المواصلات والبنية التحتية) مندوبين عنها في كل من مناطق النفوذ التركي الثلاث بهدف التنسيق بين هيئات الوزارات العاملة في هذه المناطق.[52] وتتلقّى المجالس المحلية في كل منطقة ميزانياتها المالية شهرياً من الولاية المشرفة عليها، تمثِّل حصتها المالية من عائدات المعابر بعد تقاسمها مع الجيش الوطني السوري، وهي مخصّصة لتغطية رواتب الموظفين وترميم البنية التحتية وتقديم الخدمات البلدية، وسط غياب أي دور فعلي للحكومة السورية المؤقتة.

وفي حين حاولت تركيا إظهار التنوع في هذه المجالس وتمثيل مختلف الشرائح السكانية في المدن التي تعمل بها، مستوعبةً شخصيات كردية وتركمانية وعربية ومسيحية وعلوية كأعضاء، إلا أنها اشترطت الولاء المطلق لتركيا. ولهذا السبب أقصت عدداً من الشخصيات لمجرد شكّها بولائها، وحتى أقالت مجالس كاملة بهذه الذريعة، كما جرى مع مجلسَي معبطلي وشيخ الحديد. ويتعرض العاملون في المجالس المحلية إلى اعتقالات تعسّفية من جانب المخابرات التركية وقوات الشرطة، وهو ما حصل مع أعضاء مجلس معبطلي نفسه في تشرين الأول ٢٠٢٠،[53] ومجلس جنديرس في أيلول ٢٠٢٠،[54] الأمر الذي يشير إلى تدخل أمني كبير في عمل الإدارات المحلية السورية، ولا سيما في المناطق الكردية، في حين لم تُسجَّل حالات اعتقال بحق أعضاء مجالس ريف حلب الشمالي. في الوقت نفسه يتم تهميش دور الحكومة السورية المؤقتة في اختيار الممثلين في المجالس المحلية، فرغم محاولتها إجراء انتخابات في بعض المجالس الفرعية في ريف حلب الشمالي في تشرين الأول ٢٠٢٠،[55] إلا أن مراسم تسليم المجالس الجديدة جرت بحضور وإشراف الولاة الأتراك.[56]

أدت سياسة تقديم الولاء على الكفاءة إلى صعود شخصيات هامشية إلى قيادة معظم المجالس، وهي شخصيات مؤهّلُها الوحيد أنها مدعومة من الجيش الوطني السوري أو من تركيا. عدد قليل فقط من المجالس تمكن من الاحتفاظ بوضعه السابق نتيجة دعم الفصائل العسكرية المحلية له، مثل مجلس أعزاز الذي تدعمه الجبهة الشامية. كذلك أدى شرط الولاء المطلق لتركيا إلى استبعاد أغلب التكنوقراطيين والفاعلين المحليين، بالإضافة لهيمنة أطراف سياسية على بعض المجالس، كما حصل في مجلس رأس العين الذي سيطرت عليه شخصيات تابعة أو مقرّبة من جماعة الإخوان المسلمين، فيما استحوذ أقارب رؤساء مكاتب المجلس وبعض المقاتلين القادمين من مناطق أخرى على أغلب الوظائف الخدمية، دون مراعاة الخبرة والكفاءة، الأمر الذي زاد من حدّة التوتّر بين الأهالي وقيادة المجلس.[57]

الجزء الثالث: السياسات الخدمية والتنموية التركية

خدمات أساسية واجتماعية موجّهة

في ظل غياب المنظمات الدولية في معظم المناطق الثلاث وعجز الحكومة المؤقتة عن لعب دور فاعل، تتولى تركيا تقديم الخدمات الأساسية على كافة الأصعدة، من تعليم وصحة واتصالات وكهرباء ومياه، وإن بشكل متفاوت.

وتشمل الخدمات الأساسية المقدمة إلى المدنيين في مناطق الشمال السوري صيانة شبكات المياه، وتشغيل الأفران، ومدّ أبراج الاتصالات والإنترنت، وكذلك ترميم المشافي في المدن الرئيسية وتجهيزها بالمعدات والأجهزة اللازمة. كما قامت الحكومة التركية بترميم المدارس وإعادة تشغيلها، فعلى سبيل المثال تعمل في رأس العين ١٤٦ مدرسة،[58] وفي تل أبيض ٢٧٠ مدرسة،[59] ناهيك عن افتتاح فروع لجامعات تركية في الشمال السوري، والسماح لطلاب هذه المناطق إكمال دراستهم في تركيا وفق نظام المنح. الجدير بالذكر أن تركيا ألغت المناهج التعليمية التي كانت تفرضها قوات سوريا الديمقراطية واعتمدت بدلاً عنها مناهج الحكومة السورية المؤقتة.

على الصعيد الإغاثي، تبذل المنظمات التركية جهداً كبيراً في الشمال السوري، وخاصة منطقة عفرين ومناطق نبع السلام اللتين امتنعت المنظمات الدولية مثل المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) ومنظمة الهدف (GOAL) عن العمل بهما لأسباب تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان. كما أن الأمم المتحدة غير قادرة على إيصال المساعدات الإنسانية الى تل أبيض ورأس العين لأسباب قانونية.[60] ومن أبرز المنظمات الفاعلة وكالة الكوارث والطوارئ التركية (AFAD)، وهيئة الإغاثة الإنسانية التركية ((IHH، ومركز الدعم والتنسيق لسوريا التابع لولاية أورفة (SUDKOM)، والهلال الأحمر التركي، بالإضافة إلى منظمات طبية مثل الجمعية الطبية السورية الأمريكية (SAMS) واتحاد منظمات الرعاية والإغاثة الطبية (UOSSM). ولا تملك أغلب المنظمات السورية التي تتلقى دعماً غربياً صلاحية العمل في رأس العين وتل أبيض وعفرين، وذلك نتيجة معارضة المانحين الغربيين للعمليات التركية فيها، في حين أنها تعمل في مناطق درع الفرات وإدلب.

كذلك افتتحت تركيا فروعاً لمؤسسة البريد التركية (PTT) في أعزاز والراعي وجرابلس وعفرين والباب وتل أبيض،[61] وتقدم هذه الفروع خدمات بنكية وخدمات التحويل المالي والشحن البريدي، كما تحصر تركيا تسليم رواتب الموظفين عن طريقها، سواء العاملين في المجالس المحلية أو في منظمات سورية مسجلة في تركيا وترسل حوالات إلى موظفيها في سوريا. كما ساعدت تركيا في تفعيل مديريات السجل العقاري والسجل المدني الذي يصدر بطاقات شخصية للسكان،[62] بالإضافة لدوائر المواصلات التي تسجّل السيارات والآليات وتمنحها لوحات مرقمة .

في مجال الكهرباء، تعاملت تركيا مع كل مدينة بشكل مختلف، ففي جرابلس استقدمت الكهرباء من قرقميش التركية بواسطة شركة Akenerji التركية الخاصة،[63] وفي أعزاز والباب كلّفت هذه الشركة وشركة أخرى هي ET Energy بتأمين الكهرباء عبر مولدات ضخمة،[64] أما عفرين فلم تصلها الكهرباء حتى ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٠[65] عبر الشركة السورية-التركية للطاقة الكهربائية (STE)،[66] وهي فترة متأخرة جداً بالمقارنة مع مناطق أخرى خاضعة للنفوذ التركي. أخيراً، تعتمد منطقة تل أبيض ورأس العين على الكهرباء القادمة من سد تشرين ومحطات التوليد الحرارية الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وقد جرت عملية مقايضة بين الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية، بحيث يضخ الأول المياه الصالحة للشرب إلى الحسكة من مناطق سيطرته في محطة علوك في رأس العين، مقابل تزويد الأخيرة لتل أبيض ورأس العين بالكهرباء. يُذكر أنه في آب ٢٠٢٠ انقطعت المياه عن الحسكة لعدة أسابيع، وتبادلت قوات سوريا الديمقراطية والمجلس المحلي في رأس العين الاتهامات حول الطرف المتسبّب بعطش نحو نصف مليون مدني.[67]

بوجه عام، يمكن القول إن الخدمات التي تقدمها تركيا قاصرة عن تلبية حاجات السكان. لكن الأهم أنها موجهة وتمييزية بحق الأكراد، فجرابلس التابعة لولاية غازي عنتاب أو الراعي التابعة لولاية كلّس تحظى بخدمات أفضل من عفرين مثلاً، والتي تأخر وصول الخدمات إليها حتى أصبح الأكراد أقلية مقارنةً بالعرب والتركمان. وكذلك هو الحال بين تل أبيض العربية ورأس العين الكردية. يضاف إلى ذلك انتقائية هذه الخدمات وإهمالها للمناطق البعيدة عن الحدود التركية، وتركيزها على المناطق القريبة أو الملاصقة للشريط الحدودي، مثل جرابلس والراعي، وذلك لسهولة دعمها وانخفاض كلفة إيصال الخدمات إليها، ولكن أيضاً لوقوعها ضمن المجال الحيوي للأمن القومي التركي.

أخيراً، لا تقوم هذه الخدمات على سياسة تمكين الحكومة المؤقتة، والتي يبدو الدعم الشحيح المقدم لها مقصوداً بهدف إبقائها على قيد الحياة دون أي فاعلية. في المقابل، يظهر دور الولاة الأتراك في التنمية وتقديم الخدمات واضحاً، ولا سيما والي أورفة عبد الله إيرين الذي يزور منطقة تل أبيض ورأس العين بشكل أسبوعي، ويقدم التسهيلات للمنظمات السورية،[68] ويبذل جهداً لافتاً في حشد الدعم من جمعيات عربية وإسلامية لمساعدة المنطقة.[69]

اقتصاديات المناطق

تعتمد اقتصاديات مناطق النفوذ التركي الثلاث على موردين أساسيين: المعابر الحدودية والتجارة من جهة، والزراعة من جهة أخرى. ومنذ حزيران ٢٠٢٠، اعتمدت مناطق الشمال السوري الليرة التركية لتخفيف تكاليف المعيشة في ظل استمرار انهيار الليرة السورية.[70]

تعد المعابر الحدودية الستة مع تركيا أهم مورد مالي للمناطق الثلاث، بالإضافة إلى المعابر المشتركة مع النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية في ريف حلب الشمالي، حيث يدخل عبرها كل ما تحتاجه المنطقة من غذاء وسلع استهلاكية ومواد إغاثة. لكن لا توجد معابر مشتركة بين مناطق قوات سوريا الديمقراطية في الحسكة والرقة ومناطق نبع السلام، باستثناء معابر تهريب قرب عين عيسى ينشط فيها مهربون على علاقة مع قادة الجيش الوطني ومسؤولي الإدارة الذاتية، وهو ما يجعل مناطق نبع السلام مغلقة ويحدّ من حركتها التجارية ويتسبّب بنقص في السلع وفارق كبير في بعض الأسعار.[71] على سبيل المثال، يبلغ سعر طن الإسمنت في منطقة نبع السلام ٤٢ دولار، فيما يصل سعره في الرقة إلى ١٠٠ دولار، والعكس هو الصحيح بالنسبة لمنتجات الوقود، حيث يبلغ سعر برميل البنزين في منطقة نبع السلام ٨٤ دولار وفي الرقة ٤٠ دولار، ويعزى ذلك لوفرة النفط نسبياً في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.[72] وقد ذكر رئيس المجلس المحلي في تل أبيض أنه طالب عبر وسطاء أتراك وروس بفتح معبر بين الرقة وتل أبيض، ولكن قوات سوريا الديمقراطية رفضت.[73] ودعمت تركيا تشكيل غرف صناعة وتجارة في مدن أعزاز والباب وعفرين[74] وتل أبيض بهدف تنشيط حركة الاقتصاد.[75] وتسير الحركة التجارية في المناطق الثلاث باتجاه واحد من تركيا إلى سوريا، مع نشاط تجاري ملحوظ مع مناطق النظام في حلب ومناطق قوات سوريا الديمقراطية في منبج.

 

خريطة ٤- المعابر الحدودية والمعابر الداخلية

المصدر: المؤلف، تصمیم: أيوب لهويوي، كانون الأَوَّل ٢٠٢٠

 

وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في ريف حلب الشمالي ١٠٠ ألف هكتار، منها ٧٥ ألف هكتار مخصصة لزراعة القمح و٢٥ ألف لزراعة الخضروات،[76] بالإضافة لمئات آلاف الأشجار المثمرة ولا سيما الفستق الحلبي والزيتون. ويعتمد أهالي عفرين بشكل رئيسي على زراعة الزيتون والصناعات المرافقة لها كالمَعَاصر ومعامل الصابون.[77] وتقوم فصائل الجيش الوطني السوري بفرض إتاوات كبيرة على هذه الأعمال، بالإضافة لمصادرة بساتين الزيتون أو جرف قسم منها بذرائع أمنية.[78] أما أهالي منطقة نبع السلام فيعتمدون بشكل رئيسي على محصولي القمح والشعير، وتُبدي تركيا اهتماماً خاصاً بالقطاع الزراعي في هذه المنطقة،[79] حيث تشتري محصول القمح من المزارعين لصالح مؤسسة الحبوب التركية (TMO) عبر وسطاء محليين.[80] كما يشير المجلس المحلي في تل أبيض إلى عدة مشاريع محلية سيتم افتتاحها قريباً كالمعامل والمداجن ومعاصر الزيتون، بعضها تشرف عليه شركات تركية.

خاتمة

شكلت الإدارة الذاتية الكردية  في شمال وشرق سوريا منذ انطلاقها هاجساً تركياً، حيث رأت فيها أنقرة تهديداً لأمنها القومي، وتخشى أن يؤدي مشروع الحكم الخاص بها إلى تحريض أكراد تركيا على الانفصال، خصوصاً بسبب محاذاته القسم الأكبر للحدود الجنوبية مع تركيا وامتداده من الحدود العراقية وحتى عفرين غير البعيدة عن البحر المتوسط. وقد تلخص الهدف الاستراتيجي للسياسة التركية بتحطيم الكيان الكردي بالقوة، والتعامل مع التحدي الأمني الناجم عن ذلك كأولوية مطلقة، من دون بناء سياسة متكاملة لسد الاحتياجات وتأمين الخدمات الأساسية.

وخلال العمليات العسكرية الثلاث التي شنّها الجيش التركي شمال البلاد، اتبعت أنقرة سياسات أمنية وخدمية متباينة بين منطقة وأخرى بحسب العلاقة مع المكوّن الكردي، فقد أظهرت القوات التركية قسوة شديدة للغاية في منطقتي عفرين ورأس العين، وأطلقت يد الجيش الوطني السوري ضد الأكراد، بالإضافة إلى تقييدها وصول الخدمات إلى هذه المناطق.

أما على الصعيد العسكري والإداري فقد بدت السياسات التركية متشابهة، حيث حافظت على انتشار المعسكرات الكبرى في قلب المناطق الخاضعة لنفوذها، مع دعم نقاط حراسة متقدمة لمواجهة وحدات حماية الشعب، فيما أوكلت إلى الولايات التركية الإشراف على المناطق السورية المجاورة لها، وفرضت على المجالس المحلية نموذجاً يشبه النموذج التركي القائم على البلديات الكبرى والبلديات الفرعية الملحقة بها، مع اعتبار "الوالي تركي" صاحب السلطة العليا في المنطقة السورية التي يشرف عليها.

 

* خير الله الحلو: باحث سوري يعمل ضمن المشروع البحثي "زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا" في برنامج مسارات الشرق الأوسط، الذي يشرف عليه مركز روبرت شومان للدراسات العليا في الجامعة الأوروبية في فلورنسا. يركّز الحلو عمله على مناطق شمال سوريا.

 

[1] مقابلة عبر سكايب مع قائد عسكري سابق في لواء صقور الجبل، ١١ حزيران ٢٠٢٠

[2] مرصد الشرق الأوسط، "التدخل التركي في سوريا ينال دعم الولايات المتحدة ويغضب موسكو" (بالإنكليزية)، ٨ أيلول ٢٠١٦، https://bit.ly/38VNtZK؛ وكالة الأناضول، "أولاند: نتفهم دوافع تركيا لشن ’درع الفرات‘"، ٢٥ آب٢٠١٦   https://bit.ly/36KIoAJ؛ روسيا اليوم، "تباين المواقف من عملية ’درع الفرات‘"، ٢٤ تشرين الأول ٢٠١٦، https://bit.ly/2HcWbak.

[3] بي بي سي عربي، "عفرين: مواقف دولية متباينة من اجتياح القوات التركية لها"، ٢٢ كانون الثاني ٢٠١٨، https://bbc.in/3kELX0h.

[4] وكالة سبوتنيك، "الكرملين: بوتين وأردوغان لم يتفقا على محادثة هاتفية جديدة بشأن الوضع في سوريا"، ١٠ تشرين الأول ٢٠١٩، https://bit.ly/3pO0aMf؛ الجزيرة، "مواقف دولية جديدة.. ما مستقبل عملية ’نبع السلام؟‘"، ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩، https://bit.ly/3lMPLOf/

[5] موقع الائتلاف السوري، "ملتزمون بمحاربة الإرهاب وتحرير سورية"، ٨ تشرين الأول ٢٠١٩،https://bit.ly/38Wwerc

[6] صفحة وزارة الخارجية السورية على فيسبوك، ١٠ تشرين الأول ٢٠١٩، https://bit.ly/2UFBnLS؛ وكالة رويترز، "قوات سوريا الديمقراطية: أمريكا سحبت قواتها من الحدود مع تركيا"، ٧ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/3kKmuSU

[7] مركز حرمون للدراسات، "القواعد العسكرية التركية في سوريا"، ٦ آذار ٢٠١٩، https://bit.ly/32VdlB9

[8] خير الله الحلو، "عفرين بعد السيطرة التركية: تحوّلاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية"، تقرير مشروع بحثي، (فلورنسا، إيطاليا: مشروع "زمن الحرب وما بعد الصرع في سوريا"، معهد الجامعة الأوروبية)، ١٠ تموز ٢٠١٩ https://bit.ly/3pJT8bk.

[9]  مقابلة مع ناشط إعلامي من مدينة رأس العين، بتاريخ ٢٧ تشرين الأول ٢٠٢٠.

[10] مكالمة مع عنصر من الجيش الوطني في مدينة تل أبيض، ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٠.

[11] وكالة الأناضول، "الدفاع التركية تعلن إنشاء نقاط مراقبة في مناطق ’نبع السلام‘"، ١ كانون الأول ٢٠١٩ https://bit.ly/2IPCSo9. حتى مطلع شهر تشرين الثاني ٢٠٢٠، أنشات تركيا خمس نقاط مراقبة شمال طريق M4، هي كفيفة وعين رمانة وتينة، والرابعة على الطريق الواصل بين عين عيسى واستراحة صقر، والأخيرة غرب بلدة عين عيسى. الشرق الأوسط، "أنقرة تقيم قاعدة شمال الرقة... وواشنطن تعزز قواتها في دير الزور"، ٦ تشرين الثاني ٢٠٢٠، https://bit.ly/32WtKFw

[12] نوار شعبان، "الجيش الوطني السوري: التشكيل والتحديات والمظهر العام" (بالإنكليزية)، مركز جنيف للسياسات الأمنية، ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٠، https://bit.ly/33wYMUK

[13] بي بي سي عربي، "الجيش الوطني السوري: من هم حلفاء تركيا الذين يقاتلون في سوريا؟"، ١٦ تشرين الأول ٢٠١٩، https://bbc.in/3kI1Ene

[14] تعتبر الجبهة الشامية الفصيل الوحيد في قوات درع الفرات الذي سبق تشكيله التدخل التركي العسكري في سوريا، وهي مكون محلي يضم أبناء منطقة ريف حلب الشمالي، بالإضافة لمقاتلين من ريف الرقة وخصوصاً تل أبيض. وتحظى الجبهة الشامية بثقل كبير وتعتبر أقوى فصائل الشمال السوري على الإطلاق.

[15] عمر أوزكيزليجيك، "الجيش الوطني السوري: الهيكل والأدوار وثلاثة سيناريوهات للعلاقة مع دمشق"، مركز جنيف للسياسات الأمنية، ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٠، https://bit.ly/2Job2zU

[16] الشرق الأوسط، "تقرير غربي يكشف دور ’سادات‘ التركية في حرب ليبيا"، ٩ حزيران ٢٠٢٠، https://bit.ly/3eH5qfd

[17] نورديك مونيتور، "الأمم المتحدة تطلق تحقيقاً في تجنيد المقاتلين السوريين في ليبيا من قبل الحكومة التركية وشريكتها الأمنية سادات"، ١٨ آب ٢٠٢٠، https://bit.ly/3p9kuY4

[18] مقابلة عبر الهاتف مع عنصر من الجيش الوطني، ١٥ تشرين الأول ٢٠٢٠. انظر أيضاً: إليزابيث تسوركوف، "المرتزقة السوريون الذين يقاتلون حروباً خارجية لصالح روسيا وتركيا" (بالإنكليزية)، نيويورك ريفيو أوف بوكس، ١٦ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/34njjvc

[19] سيريا نيوز، "تشكيل محكمة وشرطة عسكرية في منطقة ’درع الفرات‘"، ٢٠ شباط ٢٠١٨، https://bit.ly/32XqkC7

[20] تويتر، صفحة نبع السلام، وزارة الدفاع تشرف على تشكيل محكمة عسكرية في رأس العين، ٤ تشرين الثاني ٢٠١٩، https://bit.ly/3lKSOX4

[21] اتصال مع عنصر من الجيش الوطني في مدينة تل أبيض، ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٠.

[22] عروة سوسي، "قوات الأمن والشرطة في جرابلس.. هيكليتها، مهامها، ورواتب عناصرها"، اقتصاد، ٢٩ كانون الثاني ٢٠١٧، https://bit.ly/390TnJ7.

[23] ديلي صباح، "تركيا.. تخريج دفعة من عناصر الشرطة السورية للعمل في عفرين"، ١٩ آيار ٢٠١٨، https://bit.ly/3fa0yQb

[24] وكالة الأنباء التركية، "بدعم تركي جهاز الأمن والشرطة يباشر مهامه في منطقة “نبع السلام"، ٢٢ كانون الثاني ٢٠٢٠، https://bit.ly/36QITt1

[25] مقابلة عبر الهاتف مع ناشط إعلامي من رأس العين، ٢٧ تشرين الأول ٢٠٢٠.

[26] هيومن رايتش ووتش، "سوريا: انتهاكات بحق المدنيين في ’المناطق الآمنة‘، إعدامات خارج القانون، ومنع العودة من قبل جماعات مسلحة تدعمها تركيا"، ٢٧ تشرين الثاني ٢٠١٩، https://bit.ly/36s8Fok

[27] مقابلة عبر الهاتف مع ناشط إعلامي من أبناء رأس العين، ٢٩ تشرين الأول ٢٠٢٠.

[28] العربي الجديد، "فلتان أمني بمناطق النفوذ التركي في سورية: أسباب وتداعيات"، ٢ آيار ٢٠٢٠، https://bit.ly/3fbXW45

[29] تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، ٢٨ آب ٢٠٢٠، https://bit.ly/36fNB39

[30] منظمة العفو الدولية، "سوريا: أدلة دامغة على جرائم الحرب والانتهاكات التي ارتكبتها القوات التركية والجماعات المتحالفة معها"، ١٨ تشرين الأول ٢٠١٩، https://bit.ly/32VfFYT.

[31] مقابلة عبر الهاتف مع أحد نشطاء رأس العين، ٢٩ تشرين الأول ٢٠٢٠.

[32] العربي الجديد، "محاولة الاستيلاء على منازل مدنيين تخلّف اشتباكات عنيفة في رأس العين السورية"، ٢١ نيسان ٢٠٢٠، https://bit.ly/2Km1Ax6

[33] وكالة الأناضول، "ارتفاع ضحايا تفجير الباب إلى ١٤ قتيلاً و٥٠ جريحاً"، ٦ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/3pFGVnU؛ مقابلة عبر الهاتف مع ناشط مدني في مدينة الباب، ١٦ تشرين الأول ٢٠٢٠.

[34] نقابة المحامين الأحرار في سوريا، بطاقة تعزية، ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٠، https://bit.ly/3lKstIL

[35] مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، "الاغتيالات في مناطق المعارضة خلال الفترة الممتدة من كانون الثاني حتى ٢٠٢٠"، ١ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/2UFFoQn.

[36] حفريات، "٤ ركائز تحدد معالم استراتيجية تركيا التمددية في سوريا"، ٦ تموز ٢٠٢٠، https://bit.ly/35IB6xT

[37] تلفزيون سوريا، "صويلو: أكثر من ٤٠٠ ألف سوري عادوا إلى بلادهم"، ١٥ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/3olYlEJ

[38] مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، "التغيير الديمغرافي في عفرين"، ١٧ تموز ٢٠١٩، https://vdc-nsy.com/archives/20694. نقل المركز في تقريره من تقرير لمنظمة باكس بعنوان "السيطرة التركية على عفرين تفاقم التوتر العرقي"، ٢١ أيار ٢٠١٩، https://cutt.us/LKrmH

[39] مركز الشرق العربي، "دراسة التوزع السكاني في محافظة الحسكة"، دراسات التجمع العربي، ٢ آب ٢٠١٣، https://bit.ly/33yJmPC

[40] عنب بلدي، "برسم المحاسبة.. انتهاكات ’ممنهجة‘ تطال الملكيات العقارية في رأس العين"، ٢٦ أيلول ٢٠٢٠، https://bit.ly/3ltQJOB.

[41] مقابلات عبر واتسآب مع نشطاء من رأس العين، ومع عنصرين من الجيش الوطني ومن جيش الإسلام التابع للفيلق الثاني، أيلول ٢٠٢٠ ومقابلة عبر الهاتف مع إعلامي في مدينة رأس العين، ٢٧ تشرين الأول ٢٠٢٠.

[42] مقابلة عبر الهاتف مع مدير المكتب الإعلامي في مجلس رأس العين المحلي، ١٦ أيلول ٢٠٢٠.

[43] مقابلة عبر الهاتف مع ثلاثة نشطاء عرب من مدينة رأس العين، أيلول ٢٠٢٠.

[44] مقابلة عبر الهاتف مع أحد رؤساء مكاتب المجلس المحلي في تل أبيض، ٢٧ أيلول ٢٠٢٠.

[45] وكالة الأناضول، "عام على ’نبع السلام‘.. إنجازات تركيا في المنطقة الآمنة بسوريا"، ٩ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/3pJ5MXI

[46] غونول تول، "غايات تركيا النهائية في سوريا" (بالإنكليزية)، فورين أفيرز، ٩ تشرين الأول ٢٠١٩، https://fam.ag/3pBSAUR

[47] مايكل يونغ، "ما الأهداف الأبعد لتركيا في سورية؟"، مركز كارنيغي، ١٩ تشرين الأول ٢٠١٧، https://bit.ly/2Hdgrsq

[48] خالد الخطيب، "’درع الفرات‘: حكومات محلية تدعمها تركيا"، المدن، ١ تموز ٢٠١٨، https://bit.ly/2UGV1aa

[49] عنب بلدي، "مؤتمر لـ’إنقاذ عفرين‘ يخرج بـ١٧ بنداً"، ١٨ آذار ٢٠١٨، https://bit.ly/3pHPCOo

[50] حسن برهان، "تشكيل مجلس محلي في مدينة عفرين شمال حلب"، وكالة سمارت، ١٤ نيسان ٢٠١٨، https://bit.ly/35JklCO

[51] مقابلة عبر الهاتف مع أحد رؤساء المكاتب في المجلس المحلي في تل أبيض بتاريخ ٢٧ أيلول ٢٠٢٠.

[52] المصدر السابق.

[53] مركز توثيق الانتهاكات، "السلطات التركية تشن حملة اعتقالات جديدة لأعضاء المجالس المحلية في عفرين"، ١٤ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/2Vw7NJ3

[54] كاجين أحمد، "حملة الاعتقالات مستمرة ضد الكرد في عفرين من قبل الاستخبارات التركية"، خبر24، ٩ أيلول ٢٠٢٠، https://bit.ly/2UK0KMl

[55] فيسبوك، المركز الإعلامي العام، ٥ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/2KlaJGd

[56] فيسبوك، المركز الإعلامي العام، ٢ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/2INJvrk

[57] مكالمة مع أحد أعضاء مجلس رأس العين، ٢٧ تشرين الأول ٢٠٢٠.

[58] مقابلة عبر الهاتف مع مدير المكتب الإعلامي في مجلس رأس العين المحلي، ١٦ أيلول ٢٠٢٠.

[59] مقابلة عبر الهاتف مع رئيس المجلس المحلي في تل أبيض، ٢٧ أيلول ٢٠٢٠.

[60] ينص القرار رقم ٢٥٣٣ لعام ٢٠١٩ على تجديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود عبر معبر واحد هو معبر باب الهوى ولمدة سنة واحدة، لذلك لا يمكن إدخال المساعدات إلى تلك المنطقة من معبر تل أبيض، ولا يمكن إيصال المساعدات من باب الهوى لأن المنطقة بين ريف حلب الشمالي وتل أبيض غير متصلة ببعضها.

[61] وكالة الأناضول، "مؤسسة البريد التركية تفتتح فرعاً في تل أبيض السورية"، ٢٤ كانون الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/32Z1VMu

[62] عربي بوست، بطاقة شخصية بالعربية والتركية، ١٠ آب ٢٠١٨ https://bit.ly/38VTK7K

[63] ترك برس، "تركيا تبدأ بتزويد جرابلس السورية بالكهرباء والماء"، ١٠ أيلول ٢٠١٦، https://bit.ly/2UDR6Ln

[64] حسام جبلاوي، "بكلفة معقولة.. ريف حلب ينتظر الكهرباء عبر شركتين تركية وسورية"، تلفزيون سوريا، ٢٣ نيسان ٢٠١٩، https://bit.ly/2IM3SFa

[65] فيسبوك، المجلس المحلي في عفرين، ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢٠، https://bit.ly/3pJazIG

[66] فيسبوك، المجلس المحلي في عفرين، تركيب عدادات كهرباء، ١ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://cutt.us/oJMVz

[67] بي بي سي عربي، "الحسكة عطشى: موجة غضب وتضامن بسبب انقطاع المياه عن سكان المنطقة"، ٢٢ آب٢٠٢٠، https://bbc.in/36MDy63

[68] مقابلة عبر سكايب مع أحد مدراء المنظمات السورية العاملة في المنطقة، ٢١ آب ٢٠٢٠.

[69] فيسبوك، مركز الدعم والتنسيق لسوريا، ٢٧ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/35h5IXn

[70] محمد كساح، "الليرة التركية تنتشر في أعزاز.. من الذي بدأ الضخ؟"، موقع اقتصاد، ١٠ حزيران ٢٠٢٠، https://bit.ly/3pGQFhO

[71] مقابلة مع أحد سائقي الشاحنات، ٢٥ تشرين الأول ٢٠٢٠.

[72] خضر خضور ومنهل باريس، "حدود سائبة"، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، ٦ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/3pFKTwO

[73] مقابلة عبر الهاتف مع رئيس المجلس المحلي في تل أبيض، ٢٧ أيلول ٢٠٢٠.

[74] فيسبوك، المجلس المحلي في عفرين، ٢٠ شباط ٢٠١٩، https://bit.ly/3pFywRc

[75] أوطان بوست، "غرف صناعة وتجارة تبدأ أعمالها في مدينة تل أبيض… وافتتاح مركز للتسويق مجاني"، ١٧ كانون الثاني ٢٠٢٠، https://bit.ly/38U2NWB

[76] معن طلاع وآخرون، التعافي المبكر في سوريا، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ٢٠١٩، https://bit.ly/3nBKzgJ.

[77] خير الله الحلو، مصدر سابق.

[78] بي بي سي عربي، "زيتون عفرين تحوّل إلى ’مصدر دخل‘ للجماعات المسلحة"، ٢٠ كانون الثاني ٢٠١٩، https://bbc.in/3lJVaWm

[79] فيسبوك، المجلس المحلي في رأس العين، ١٩ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/3pJ8yfA

[80] فيسبوك، المجلس المحلي في رأس العين، ١٥ تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/3pHRVRy

من نحن

  •  

    أسَّسَ مركز روبرت شومان للدراسات العليا في معهد الجامعة الأوروبية برنامج مسارات الشرق الأوسط في العام ٢٠١٦، استكمالاً للبرنامج المتوسّطي الذي وضع المعهد في طليعة الحوار البحثي الأورومتوسّطي بين العامَين ١٩٩٩ و ٢٠١٣.

    يطمح برنامج مسارات الشرق الأوسط إلى أن يصبح جهة مرجعية دولية للأبحاث التي تتعلّق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تنظر في التوجّهات والتحوّلات الاجتماعية-السياسية، والاقتصادية، والدينية. ويسعى البرنامج إلى تحقيق هدفه هذا من خلال تشجيع البحث متعدّد التخصّصات بناءً على نتائج العمل الميداني، والتعاون مع باحثين من المنطقة. ويفيد البرنامج من خبرة باحثين ناطقين بلغات المنطقة الرئيسة، بما فيها العربية الفصحى والعامية، والفارسية، والطاجيكية، والتركية، والروسية.

    للمزيد ...
Funded by the European Union