مقدمة
في ٢٦ أيار ٢٠٢١، شهدت سوريا انتخابات رئاسية هي الثانية منذ اندلاع الصراع في عام ٢٠١١. وبينما أُجريت انتخابات ٢٠١٤ حين كان النظام السوري يسيطر على ٣٠ بالمئة من البلاد،[1] جاءت الانتخابات الأخيرة بعد توسع سيطرة النظام لتشمل أكثر من ٦٥ في المئة من مساحة البلاد.[2] كما أن هذه الانتخابات جاءت وسط أزمة اقتصادية عميقة وفقر متفاقم وأوضاع معيشية متدهورة. وقد واجه بشار الأسد في هذه الانتخابات، التي رفضتها الدول الغربية بوصفها "غير حرة وغير نزيهة"،[3] مرشحَين غير معروفَين لعموم السوريين،[4] ليفوز بشكل متوقع بولاية رابعة مدتها سبع سنوات ويحصل على أكثر من ٩٥ بالمائة (أكثر من ١٣ مليون صوت).[5] ورغم ما يثيره هذا الرقم من شكوك،[6] إلا أنه يُعد بالنسبة للنظام أكثر من مجرد رقم حتى لو كان ملفقاً فهو يوجّه الهزيمة المطلقة للمعارضة الداخلية، ويمنح انتصار الأسد تتويجاً شرعياً معلناً، وينطوي على رسالة ضمنية إلى المجتمع الدولي مفادها عدم توقّع أية تنازلات سياسية.
كانت انتخابات 2021 التي شهدتها مناطق سيطرة النظام في جوهرها، امتحاناً لشبكاته. فعلى الرغم من تزايد اعتماده على جهات خارجية - تحديداً روسيا وإيران - للنجاة والاحتفاظ بالسلطة، إلا أنه لا يزال بحاجة للتأكد من حضور وفعالية شبكات الولاء والدعم الخاصة به. كما أن هذه الشبكات المتداخلة، والمتشكّلة من سماسرة سلطة متنافسين يعملون داخل وخارج مؤسسات الدولة، تحتاج بدورها إلى استعراض قدرتها على الحشد ودفع السكان، بالترهيب أو الترغيب، لإظهار الولاء والتعبير عن دعمهم للأسد خلال حملته الانتخابية وفي يوم الاقتراع.
لقد تغيرت وظائف وقدرات شبكات النظام بعد عشر سنوات من الحرب، إلا أنه تمكن تدريجياً من إعادة بناء جزء من شبكات سلطته، على نحو بدأت تتكشف ملامحه منذ انتخابات مجلس الشعب عام ٢٠١٦،[7] حيث دُمجت النخب الناشئة خلال الحرب ضمن المجلس وضمن الإدارات المحلية وغرف التجارة والصناعة والنقابات وحزب البعث. تعتمد فعالية شبكات النظام اليوم بشكل كبير على مدى تغلغلها في المجتمعات المحلية، ففي حالات التغلغل الشديد، يتمتع النظام بسيطرة مطلقة على الموارد وسلوك الأفراد .وفي حالات ضعف التغلغل تنخفض سيطرة النظام ، ما يمنح السكان المحليين درجة من الاستقلال تمنحهم القدرة على إدارة شؤونهم المحلية وحرية التعبير عن موقفهم المناهض للنظام.[8]
سواء اشتد أو ضعُف، يمكن تحديد مستوى تغلغل النظام في منطقة معينة من خلال (١) المسار الذي شهدته المنطقة خلال الحرب؛ (٢) ونمط عودة النظام بالنسبة للمناطق التي خضعت في وقت سابق لسيطرة المعارضة؛ (٣) ودور الجهات الخارجية إزاء محاولات النظام ترسيخ سلطته المطلقة، سواءً عبر تسهيل هذه المحاولات أو تقييدها أو تقويضها. بناءً على هذه العوامل، تبحث هذه الورقة في اختلاف قدرة وفعالية شبكات النظام على التعبئة بين ثلاث مناطق رئيسية: أولاً، مناطق تشهد مستويات تغلغل مرتفعة لشبكات النظام ، وهي تشمل المناطق التي بقيت تحت سيطرته طوال فترة الصراع (مثل مدينة دمشق ومنطقة الساحل) والمناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة واستعادها النظام عبر هجوم عسكري مكثف، بدعم من حلفائه الروس والإيرانيين، ليعيد إحكام قبضته الأمنية (حلب الشرقية والغوطة الشرقية في ريف دمشق)؛ ثانياً، مناطق التغلغل الضعيف لشبكات النظام، وتشمل المناطق التي تقتصر سلطته فيها على مواقع عسكرية، وتنشط فيها جماعات مسلحة تجمعها علاقة مضطربة مع النظام وتتمتع بقدرة على استخدام العنف أو التهديد باستخدامه. سواء كان ذلك في منطقة شهدت اتفاق تسوية (محافظة درعا)، أو نتيجة موقف محايد من الانتفاضة وما تلاها من ثورة مسلحة (محافظة السويداء)؛ ثالثاً، مناطق نفوذ محدود للنظام، و تشهد تواصلاً متقطعاً وبالمستويات الدنيا بينه وبين جماعات متمردة نشطة، تحد من سيطرته وقدرته على ممارسة السلطة (محافظة الحسكة).
تعتمد هذه الورقة على أدلة جُمعت من خلال مراقبة وسائل الإعلام الرسمية السورية ومنصات التواصل الاجتماعي طوال الحملة الانتخابية وفي يوم الاقتراع. كما تعتمد الورقة على بيانات أصلية تم الوصول إليها من خلال مقابلات شبه منظمة مع موظفين حكوميين وناشطين مدنيين وعسكريين في مناطق النظام والمعارضة في كل من المحافظات التالية: دمشق، حلب، إدلب، حماة، ريف دمشق، السويداء، درعا، الحسكة، اللاذقية، طرطوس، وقد أُجريت هذه المقابلات جميعاً بين آذار وحزيران ٢٠٢١. بهدف حماية جميع الأشخاص الذين تمت مقابلتهم داخل سوريا، حُذفت الأسماء والمعلومات الشخصية.
الخريطة ١ :أعداد المعلنة لمراكز االقتراع لالنتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢١
المصدر: جرائد سانا وتشرين
الجزء الأول: الشبكات والتعبئة في معاقل النظام
بالاعتماد على سياسة مزدوجة اشتملت على التحفيز والتهديد، سعت المؤسسات الحكومية والأجهزة الأمنية وحزب البعث والمنظمات التابعة له إلى تعبئة الجماهير خلال الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع. ففي المدن الكبرى (دمشق، حلب، اللاذقية) وبلدات ريف دمشق، قامت المؤسسات الحكومية بتحسين تدريجي منذ آذار ٢٠٢١ لأعمالها الخدمية، حيث انخفضت مستويات تقنين المياه والكهرباء،[9] وتوفرت المواد الغذائية المدعومة عبر البطاقة الذكية، وأزيلت القمامة والأنقاض من بعض الشوارع والساحات بشكل منتظم. وبالتزامن مع ذلك، قام أعضاء من فرع دمشق لحزب البعث وأعضاء مجلس محافظة دمشق بجولات ميدانية للتواصل مع الأهالي والاستماع إلى مطالبهم وتحفيزهم على المشاركة في الانتخابات.
كان التشجيع على التصويت مصحوباً بتهديدات بالعقاب، خاصة لعمال القطاع العام والموظفين والطلاب. على سبيل المثال، ونظراً لأن القوى العاملة في الدولة تشكل كتلة كبيرة من الأصوات،[10] فقد أومأ عملاء النظام إلى تدابير قسرية ووعود بالانتقام، بما في ذلك الاعتقال والفصل وخصم الرواتب، بهدف ضمان المشاركة في الحملة. في حلب على سبيل المثال، نشط حزب البعث في حلب، وكذلك النقابات المهنية ووحداتها المنتشرة في مؤسسات القطاع العام، والتي يعمل فيها أكثر من ١٠٠ ألف موظف، في حشد الأعضاء والموظفين والعمال للمشاركة في المسيرات والاحتفالات المؤيدة للأسد.[11] كما أُجبر طلاب الجامعات والمعاهد على التصويت، فقد تعمّدت وزارة التعليم العالي إجراء امتحانات في يوم الانتخابات، فارضةً على الطلاب التصويت كشرط مسبق لتقديم الامتحان.[12]
بالإضافة إلى ذلك، عمل رجال الأعمال وقادة الميليشيات الموالية للنظام - هاتان الفئتان غالباً ما تتداخلان وتتقاطعان - جنباً إلى جنب مع رجال الدين في تعبئة الجماهير والتنافس في إظهار الولاء لبشار الأسد. ويعتمد الجيل الجديد من رجال الأعمال لتكديس ثرواتهم بشكل شبه كامل على النظام، والذي سمح لهم بالاستفادة من الظروف التي خلقتها الحرب لمراكمة الأرباح بالشراكة مع ضباط الأجهزة الأمنية والعسكرية. قام هؤلاء بتجديد ولائهم للنظام من خلال تمويل حملة الأسد الانتخابية، وساهموا في تزويد الأسواق بالسلع الغذائية والوقود المدعوم، وضخوا كميات كبيرة من العملات الأجنبية في السوق، ضمن سياسة منسّقة مع المصرف المركزي، لضبط سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، والذي استقر على ٣,٢٠٠ ليرة طيلة الحملة الانتخابية.[13]
كذلك عزز رجال أعمال بارزون نشاطهم خلال حملة الأسد الانتخابية، سواءً في الخفاء مثل سامر فوز ووسيم القطان ومازن الترزي ومحمد حمشو وإيهاب مخلوف، أو علناً مثل العديد من أعضاء مجلس الشعب الذين تم (أو أعيد) انتخابهم في تموز ٢٠٢٠.[14] على سبيل المثال، في مدينة حلب، افتتح حسام قاطرجي، صاحب شركة القاطرجي الدولية، ٣٠٠ نقطة لتوزيع الصور واللافتات والأعلام، فضلاً عن توزيع وجبات الطعام قرب "خيم الوطن'' والمنصات الاحتفالية. وفي الغوطة الشرقية، لعب عامر خيتي، رجل الأعمال الثري، دوراً بارزاً بشكل خاص في الترويج للانتخابات في مدينة دوما، فقد موّل حفلاً موسيقياً قبل ثلاثة أيام من يوم الانتخابات، وشارك في تنظيم زيارة لبشار الأسد وزوجته إلى مركز الاقتراع في مجلس مدينة دوما في يوم الانتخابات، بحضور خضر علي الطاهر، أحد أكثر رجال الأعمال نفوذاً في سوريا اليوم.[15]
بالإضافة إلى ذلك، قدم أعضاء غرف التجارة والصناعة مساهمة كبيرة في جهود التعبئة، خاصة في حلب ودمشق.[16] فقد شكلت غرفة تجارة حلب ما يشبه غرفة عمليات لتنظيم حملة الأسد الانتخابية تحت شعار "جيشك الاقتصادي"، وأشرفت على الاحتفالات التي أقيمت في ناديَي الاتحاد والجلاء وفي فندق الشهباء وقلعة حلب، وتكفّلت بالقسم الأكبر من مصاريف الحملة، ووزّعت مساعدات وسلالاً غذائية في بعض أحياء حلب الشرقية.[17] كما قامت غرفتا التجارة والصناعة في دمشق بتمويل العديد من الفعاليات الانتخابية، وجال أعضاؤهما على التجار والصناعيين لحثّهم على التصويت.[18] وشجّعت غرف التجارة والصناعة أصحاب المؤسسات التابعة لهما على المشاركة في حملة الأسد الانتخابية. وهدّد الكثير من أصحاب الشركات وأرباب العمل عمّالهم بالفصل إذا امتنعوا عن التصويت، كما حدث في بعض مصانع الأدوية في مدينة حلب،[19] وذلك إما دفعاً للشبهات الأمنية التي قد ينتج عنها ابتزاز مالي لاحقاً، أو طمعاً بالتقرّب من مسؤولي النظام. وفي محافظة اللاذقية، برز رئيس غرفة السياحة حسن كوسا في تنظيم فعاليات مختلفة في مدينة اللاذقية وعدة قرى في ريف المحافظة.[20]
أما الميليشيات التي يرعاها النظام وحلفاؤه، والتي طغى حضورها على القوات العسكرية والأمنية خلال السنوات الماضية، فقد لعبت دوراً كبيراً في عملية التعبئة، وساهم قادتها في جهود الدعاية والإكراه. وينطبق هذا على وجه الخصوص على قوات الدفاع الوطني وكتائب البعث، اللتين تتمتعان بقيادة مركزية في دمشق وبموارد كبيرة نسبياً في مختلف مناطق سيطرة النظام. ففي محافظة حماة، ساهم قادة الدفاع الوطني من مختلف الطوائف في تأمين المراكز الانتخابية، وفي إلزام عناصرهم بالخروج في مسيرات التأييد وعلى المشاركة في احتفالات "خيم الوطن".[21] كما دأبوا على حثّ المجتمعات المحلية في ريف حماة الشمالي، الذي كان خاضعاً لسيطرة المعارضة، على التصويت، الأمر الذي تجاوب معه فلاحو المنطقة وسط خشيتهم من التضييق الأمني خلال موسم الحصاد.[22] وفي ريف دمشق، اعتمد النظام على قادة الدفاع الوطني من الناشطين في تجارة المخدرات، مثل أحمد خلوف في منطقة عسال الورد، ومحمد عبود حمود في مدينة يبرود،[23] والذين موّلوا حملة الأسد الانتخابية ودعوا المسؤولين الحكوميين والأمنيين والحزبيين إلى ولائم رمضانية. وفي اللاذقية وطرطوس، نظمت كتائب البعث مسيرة وفاء إلى ضريح حافظ الأسد في القرداحة بحضور قائدها باسم سودان.[24] أخيراً، احتلت الميليشيات المحلية الموالية لإيران جزءاً بارزاً من المشهد الانتخابي في الأحياء الشرقية لمدينة حلب. فقد نصب لواء الباقر أكبر "خيمة وطن" في حي البلورة، ودعا إليها شيوخ ووجهاء العشائر وأقام فيها ولائم واحتفالات.[25] علاوة على ذلك، ساهم فيلق المدافعين عن حلب، أحد أذرع حزب الله السورية، في تنظيم المسيرات والوقفات. وفي يوم الاقتراع، شوهد مسلّحوه يرافقون الناس للتصويت، كما سُجِّلت عمليات اعتقال نفّذها الفيلق في أحياء الفردوس والمعادي لأشخاص قيل إنهم رفضوا المشاركة في الانتخابات.[26]
أخيراً، شارك رجال دين من مختلف الأديان والطوائف في المسيرات والتجمعات العامة التي أقيمت لدعم بشار الأسد. على وجه الخصوص، ركزت وسائل الإعلام الرسمية على رجال الدين السنّة، والذين جددوا مبايعتهم للأسد خلال صلاة عيد الفطر في الجامع الأموي بدمشق في ١٣ أيار. هذا الدور الذي حظي بتغطية إعلامية كبيرة يثير عدة تساؤلات حول أهميتهم الحالية بالنسبة للنظام، ولا سيما بعد تهميش دورهم في مناطق "المصالحة" مثل ريف دمشق في أعقاب اتفاقات المصالحة وانتخابات مجلس الشعب في تموز ٢٠٢٠.[27] ووسط ما يقال عن خضوعهم المتزايد لأجهزة المخابرات،[28] نجحت وزارة الأوقاف خلال السنوات الماضية في إحكام سيطرتها على الفضاء الديني السنّي،[29] ولعبت دوراً قيادياً في تعبئة رجال الدين السنّة، ووجّهت خطباء المساجد للتأكيد على ضرورة المشاركة في الانتخابات باعتبارها "من متمّمات الإيمان"،[30] ونظّمت لقاءات حاشدة لرجال الدين السنة ونشطاء دينيين في دمشق وحمص وحماة وحلب. وعلى نطاق أوسع، شارك جميع رجال الدين في المسيرات والتجمعات العامة الداعمة للأسد في الشوارع والساحات، في محاولة لإظهار الشعب السوري موحّداً خلفه بكل مكوّناته الدينية. وفي دمشق، نظمت الوزارة في ٢٤ آيار لقاءً دينياً حاشداً في الجامع الأموي الكبير تحت عنوان "الوفاء للرئيس الأسد"، ضمّ أبرز علماء ورجال الدين الإسلامي والمسيحي، بالإضافة لمعلّمات القرآن الكريم. وفي الساحل السوري ذي الأغلبية العلوية، حثّ رجال دين علويون الناس على انتخاب بشار الأسد، وترأسوا مجموعات من الناخبين في يوم الاقتراع.[31]
في المدن الكبيرة والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية، مثل دمشق واللاذقية وطرطوس، سعى النظام إلى استعراض قوته واستخدام كل شبكات التعبئة المتاحة لديه. ففي المناطق التي استعادها عسكرياً بعد ٢٠١٦ حاول تأكيد هيمنته على المجتمعات المحلية، مع اهتمام خاص بالأحياء الشرقية من مدينة بحلب وريف دمشق، بالمقارنة مع البلدات القليلة التي استعادها في دير الزور وإدلب ذات الكثافة السكانية المنخفضة. وأظهر تصويت بشار الأسد المتعمد في مدينة دوما أهميتها الرمزية، حيث أعاد فيها تأكيد انتصاره وإظهار "الفرح بالخلاص من الإرهاب" و"العودة إلى حضن الدولة".[32] يشار إلى أن مدينة دوما - التي تخضع لسيطرة "فرع الخطيب" التابع لجهاز أمن الدولة والخاضع للنفوذ الروسي - تعرضت لدرجات أعلى من الإكراه المباشر وغير المباشر. فبالإضافة للانتشار الأمني والعسكري الضخم لضمان إظهار دوما "المستسلمة" وليس "الثائرة"،[33] كان التلويح بقطع المساعدات الإنسانية،[34] والترهيب بالاعتقال، والتعهد بإلحاق الأذى بالمعتقلين، ومراجعة الأنشطة المعارضة السابقة على "المصالحة"، وهدد المخبرون الأمنيون بتقديم تقارير كيديةكلها من الأسباب التي دفعت دفع شرائح كبيرة من السكان للمشاركة في يوم الانتخابات وإظهار ولائهم، وإن دون حماس يُذكر.
الخريطة ٢ :دوما، محافظة ريف دمشق
الجزء الثاني: اللامبالاة المدنية والمقاومة في جنوب سوريا
في جنوب سوريا، ساهم وجود جماعات مسلحة تستخدم العنف أو تُهدِّد باستخدامه، بالإضافة لسيطرة النظام الاسمية على مساحات شاسعة من الأراضي، في منح السكان المحليين هامشاً أوسع للمناورة للتعبير عن أشكال مختلفة من اللامبالاة والمقاومة ضد الانتخابات الرئاسية. واقتصرت شبكات التعبئة الفعالة لحملة الأسد على جيوب صغيرة في هذه المناطق، في حين كانت المشاركة خارج هذه الجيوب محدودة، مع إضرابات وهجمات مسلحة ملحوظة سُجِّلت في يوم الاقتراع.[35]
في محافظة السويداء، بدا السكان الدروز - الذين بدوا أقرب إلى الحياد حيال الانتفاضة السورية عام ٢٠١١ وما تلاها من تمرّد مسلح - غير مبالين بالانتخابات الرئاسية وغير معنيين بنتائجها. ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى عاملين: اليأس من قدرة السياسات الحكومية الاقتصادية على إحداث أي تغيير إيجابي في الظروف المعيشية المتدهورة، والفوضى الأمنية التي تعصف بالمحافظة. وقد باتت نسبة كبيرة من الدروز مقتنعة بأن النظام بدّد مجمل موارد الدولة لتمويل الحرب، وبأن مسؤوليه غير مهتمين بإيجاد حلول لأزمات الناس اليومية الخانقة.[36] علاوة على ذلك، زاد انتشار العصابات، التي ترتبط بشكل أو بآخر بالأجهزة الأمنية، من لامبالاة الناس أو رفضهم للعملية الانتخابية برمتها. لذلك فقد استهدفت جهود التعبئة والدعوة للمشاركة في يوم الاقتراع بشكل أساسي البعثيين المستفيدين والموظفين الحكوميين، وانحصرت إلى حد كبير في مراكز ثقل النظام في المحافظة وهي مدن السويداء والشهباء وصلخد. أما خارج المراكز الانتخابية القليلة المقامة في هذه المدن الثلاث، فلم تشهد عشرات المراكز الأخرى إقبالاً كبيراً، وقد لوحظ ذلك خصوصاً في البلدات والقرى الكبيرة نسبياً، فيما شهدت القرى الأصغر نسب مشاركة أعلى بكثير وبتناسب عكسي مع عدد السكان، حيث شهدت القرى الأصغر نسب إقبال أعلى بسبب خوف الأهالي من تقارير كيدية تُرفع للأجهزة الأمنية.
وعلى الرغم من قبضة النظام الأمنية في السويداء، إلا أنه جرى تمزيق صور بشار الأسد في الشوارع الرئيسية للمدينة على مرأى من الأجهزة الأمنية، والتي لم تقم بالرد خوفاً من تصعيد محتمل. وفي بعض المواقع التي تنشط فيها ميليشيات غير موالية، أُلقيت قنابل صوتية على بعض مراكز الاقتراع، وعُثر على قنابل أخرى مزروعة في أحد مراكز الاقتراع غربي المحافظة. وقبل موعد الانتخابات، انتشرت أنباء بأن الفرقة الرابعة قد تعيد نشر قواتها بذريعة "حماية المحافظة من هجمات إرهابية متوقعة وفكّ الاشتباكات الأهلية في الأماكن غير المستقرة أمنياً". وجاء ذلك في إطار حملة التهديدات الأمنية القديمة والمتواصلة بإمكانية استخدام القوة العنيفة لإنهاء حالة الحياد في المحافظة.[37]
في محافظة درعا المجاورة، أدى "خليط" الاستراتيجيات التي اتبعها النظام لاستعادة السيطرة، بما في ذلك الحملة العسكرية والمفاوضات التي قادتها روسيا بين ممثلي النظام والمعارضة المسلحة، إلى إنهاء حكم المعارضة في صيف ٢٠١٨.[38] وقد أدى التنفيذ المتوازي وغير المترابط للعمليتين إلى تقييد سلطة النظام في أجزاء من المنطقة، ما ساهم في تجدد حالات العنف. وحتى الآن، تشكّل رغبة روسيا في الحفاظ على الوضع الراهن عقبة رئيسية أمام استكمال سيطرة النظام، وتمنح السكان المحليين في العديد من المناطق هامشاً استمروا من خلاله في إظهار أشكال عديدة من المقاومة السلمية والمسلحة ضد النظام. [39]
على عكس مناطق "المصالحة" الأخرى، شكّلت درعا هاجساً للنظام خلال التحضيرات للانتخابات الرئاسية. ففي مطلع ٢٠٢١، رفضت لجان المصالحة المركزية طلباً روسياً بتهيئة الأجواء للانتخابات الرئاسية مقابل وعود بالإفراج عن معتقلين. [40] كما رفض وجهاء مدينة بصرى الشام - مقر اللواء الثامن[41] - طلباً مماثلاً بالسماح بالاقتراع في المدينة. ومع اقتراب يوم الانتخابات الرئاسية، انتشرت ملصقات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، مع تهديدات ومحاولات اغتيال ضد كل من يروّج للانتخابات أو يفتح مراكز انتخابية، بما في ذلك رؤساء البلديات ورؤساء أفرع حزب البعث (الخريطة ٣). وقد فضّل النظام السوري إغلاق العديد من المراكز الانتخابية، خاصة في شرق درعا، بسبب تصاعد التهديدات وعجزه عن توفير الأمن لمساحات شاسعة من الأراضي.[42]
الخريطة ٣: الإضرابات والاحتجاجات المسجّلة في درعا يوم الانتخابات الرئاسية
المصدر: المؤلفون
كشفت العملية الانتخابية في درعا مرة أخرى ضعف سيطرة النظام الأمنية والعسكرية والفشل الذريع لمسؤوليه المحليين في تهدئة وحكم أهالي درعا أو تعبئة السكان فيها بشكل فعال. فطوال الحملة الانتخابية وفي يوم الاقتراع، تركزت القاعدة الشعبية لشبكات النظام بشكل أساسي في مدن إزرع والصنمين ودرعا (مع استثناء درعا البلد)، حيث نجحت ميليشيا كتائب البعث وحزب البعث في تنظيم احتفالات وحشد أنصارها بشكل فعال للانتخابات.[43] لكن القوات الروسية غابت عن المشهد، رغم تعهدها سابقاً بتسيير دوريات للشرطة العسكرية حفاظاً على الأمن ومراقبة الطرق ومراكز الاقتراع، ربما لعدم لفت الانتباه إلى التشرذم الأمني في الجنوب. وقد مثلت الاحتجاجات والإضرابات المدنية (التي سُجّلت في ٣٠ منطقة على الأقل) وكذلك الهجمات المسلحة التي نفّذها مسلحون مجهولون حالة من السخط العام. وأعاقت موجات المقاومة السلمية والمسلحة افتتاح مراكز انتخابية في أكثر من ٨٠ بالمئة من المحافظة، وأخرجت أصوات أكثر من ٦٠٠ ألف نسمة (حوالي ٦٥-٧٠ بالمئة من السكان) تماماً من العملية الانتخابية.[44] وبالتوازي مع ارتفاع معدل الاعتقالات بحق أهالي المحافظة، والتي بدأت بُعَيد إعلان نتائج الانتخابات، سيستمر النظام في المناورة للتملّص من نتائج مفاوضات ٢٠١٨ وتشديد قبضته الأمنية والعسكرية في عدة مناطق بالتعاون مع حليفه الإيراني.
الجزء الثالث: الرفض والاحتواء في شمال شرق سوريا
في حين حملت التعبئة الانتخابية معنى رمزياً يفوق قيمتها السياسية في معاقل النظام، حملت المراكز الانتخابية في شمال شرق سوريا رسائل سياسية مهمة إلى جمهور داخلي وخارجي. كانت الرسالة الأولى موجهة إلى أنصار النظام في هذه المنطقة، والذين يشعرون بالتهديد في مناطق الهيمنة الكردية. أما الرسالة الثانية فكانت موجهة إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وحلفائها الغربيين، وذلك عبر استعراض قدرة النظام على اختراق أراضي الإدارة الذاتية وعلى حشد شبكاته وتأكيد سيادته الاسمية على المناطق الشمالية الشرقية من البلاد. فقد أصرّ النظام على المضيّ قدماً وإجراء الانتخابات في الجيوب الخاضعة لسيطرته، وهي المربع الأمني في مدينة الحسكة، ومربع أمني آخر يضم مؤسسات حكومية في مدينة القامشلي، إضافة إلى المطار وبعض الجيوب الصغيرة المتناثرة في المحافظة (انظر الخريطة رقم ٤).
الخريطة ٤: مناطق سيطرة النظام في محافظة الحسكة
المصدر: المؤلفون
في مناطق سيطرة قسد في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور وحلب، رفضت الإدارة الذاتية المدعومة من قوات التحالف، والتي يهيمن عليها حزب الاتحاد الديمقراطي، المشاركة في أي انتخابات رئاسية. وبحسب بيان صدر في ٢٤ أيار ٢٠٢١، أعلن مجلس سوريا الديمقراطية أنه "غير معني بأية انتخابات لا تحقق أهداف السوريين … ولن يكون طرفاً ميسراً لأي أجراء انتخابي يخالف روح القرار الأممي ٢٢٥٤".[45] وأعيد التأكيد على قرار مقاطعة الانتخابات بعد زيارة وفدَين أميركيَّين، دبلوماسي وعسكري في يومَي ١٨ و٢٢ أيار. كما تعزّز الموقف الكردي بعد قيام وحدات حماية الشعب بطرد الميليشيات الموالية للنظام من حيَّي طي وحلكو، أكبر الأحياء العربية في القامشلي، نهاية نيسان ٢٠٢١.[46]
عمل النظام السوري على إثارة المخاوف العربية من الأكراد وتحشيد العشائر. إلا أنه فشل في جذب معظم شيوخ العشائر لِلَعب دور مهم خلال الحملة الانتخابية. فقبيلة طيء مثلاً، والتي اصطف الكثير من أبنائها إلى جانب النظام، كانت مشاركتها ضعيفة للغاية.[47] ويمكن أن يُعزى ضعف هذه المشاركة إلى الإحباط الذي خلّفه عجز النظام عن ردع القوات الكردية، وعدم مساندته لمواليه في المواجهة الأخيرة ضد الوحدات الكردية في الحي الذي يحمل اسم القبيلة (طي) وفي حي حلكو في مدينة القامشلي، على الرغم من الوعود المتكررة التي أطلقها بعض قادته، مثل كلام قائد اللجنة الأمنية والعسكرية في المنطقة الشرقية اللواء معين خضور لقيادات الدفاع الوطني حول قرب انطلاق المعركة ضد القوات الكردية في الحسكة. وأغلقت قسد يوم الانتخابات معظم الطرق بين مناطق سيطرتها وجيوب سيطرة النظام، مما ساهم أيضاً في انخفاض نسبة المشاركة،[48] حيث أعاق هذا الإغلاق حركة أنصار النظام في مدينة القامشلي وحصر الاحتفالات في الساحات ضمن المربع الأمني من دون أن تجول في شوارع المدينة. ونتيجة لذلك، لم يتمكن النظام من فتح أكثر من ٤٠ مركزاً انتخابياً من أصل ١٥٧ كان قد أعلن نيته فتحها، لتقتصر المشاركة في الاقتراع على موظفي المؤسسات الحكومية وعناصر الأمن والشرطة.[49]
خاتمة
بحسب ما رسمته المسارات التي شهدتها مختلف المناطق زمن الحرب، وأنماط عودة النظام في حالة المناطق المستعادة، والدور الذي تلعبه الجهات الخارجية بين منطقة وأخرى، خلقت سنوات الحرب في سوريا تفاوتاً مكانياً في قدرات شبكات النظام على تعبئة الجماهير. ففي المناطق التي شهدت مجتمعاتها تغلغلاً شديداً من جانب النظام، سواءً كانت تحت سيطرته طوال فترة الصراع أو كانت تحت سيطرة المعارضة واستعادها النظام بدعم من حلفائه الروس والإيرانيين، أظهرت شبكاته قدرة على تعبئة قطاعات واسعة من السكان. على سبيل المثال، في دمشق وحلب والساحل، اعتمدت حملة بشار الأسد الانتخابية على أدوات التعبئة الرسمية المتمثلة في حزب البعث والمؤسسات الحكومية وغرف التجارة والصناعة والجيش والمخابرات، بالإضافة للأدوات غير الرسمية مثل الميليشيات الموالية وأمراء الحرب، والذين يشغل بعضهم مناصب في حزب البعث والمؤسسات الحكومية. ومع التلويح بحوافز محددة، ركزت التعبئة الجماهيرية بشكل أساسي على السكان الذين يمكن ضبط سلوكهم ومراقبة حضورهم في العملية الانتخابية (مثل الموظفين الحكوميين وطلاب الجامعات).
من جهة أخرى، عكس ضعف تغلغل النظام في مناطق أخرى قدرة ضعيفة ومحدودة على التعبئة الجماهيرية. وهو ما عزّزه حضور جماعات مسلحة تجمعها علاقة مضطربة مع النظام وتتمتع بقدرة على استخدام العنف أو التهديد باستخدامه. هذه الجماعات المسلحة - التي نشأت في ظروف تحول الصراع في درعا أو استمدت سلطتها أساساً عبر الإصرار على الحياد في السويداء - منحت السكان المحليين هامشاً واسعاً للتعبير عن اللامبالاة وكذلك المقاومة السلمية والمسلحة ضد النظام. أما في المناطق التي تقع تحت سيطرة المتمردين المدعومين من الغرب في شمال شرق سوريا، فقد رفضت الإدارة الذاتية أن تكون جزءاً من أي انتخابات رئاسية، وعرقلت وقيّدت جهود النظام في التعبئة في مناطق نفوذه المحدودة في محافظة الحسكة.
باختصار، أظهرت الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢١ هذا التناقض، وعكست "التقسيم" الذي تعرضت له سوريا بحكم الأمر الواقع بين عدة مناطق نفوذ وسيطرة. وهو ما يطرح تساؤلات حول قدرة النظام على الحفاظ على قدرات تعبئة فعالة في معاقله وسط افتقاده لأي حلول واقعية لإخراج السوريين من أزمتهم المعيشية الخانقة. يبدو شعار الحملة الانتخابية للأسد، "الأمل بالعمل"، وعداً غير عقلاني ومنفصلاً عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية الحقيقية التي يعيشها السوريون.
قد يحاول بشار الأسد بعد انتصاره فرض سيطرة أمنية أكثر صرامة على المجتمعات التي ما تزال تقاوم النظام. يظهر ذلك بجلاء في زيادة الاعتقالات والتعزيزات العسكرية في درعا، والأنباء المتداولة عن نية الفرقة الرابعة إحكام القبضة الأمنية على السويداء، والتصعيد العسكري المباشر في سهل الغاب وجبل الزاوية، جنوب مناطق سيطرة المعارضة في إدلب. إلا أن قدرة النظام على تحقيق ذلك تعتمد بشكل كبير على قدرته العسكرية على فتح عدة جبهات مختلفة، وكذلك على الدور الذي يمكن أن يلعبه حلفاؤه الروس والإيرانيون.
* يقدّم مشروع “زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا” تحليلاتٍ عمليةً واستراتيجيةً للآفاق، والتحدّيات، والتوجّهات، وخيارات السياسة العامة في زمن الحرب، وفي إطار التحضير لمرحلة ما بعد الصراع في سوريا. يركّز المشروع على المواضيع المتعلّقة بالسياسات العامة والاستجابات، بما في ذلك الجهات الفاعلة الرئيسة والديناميكيات في الحوكمة المحلية؛ واقتصاد الحرب وأثره على إعادة الإعمار في سوريا مستقبلاً؛ وتجزّؤ الجيش والمشهد الأمني، والخيارات لإعادة تشكيل الأُطُر الأمنية؛ والتدخّلات الإقليمية وأثرها على الديناميكيات الاجتماعية-السياسية.
[1] ذا إيكونوميست، "من يسيطر على سوريا؟" (بالإنكليزية)، ٢٦ أيار ٢٠٢١، https://econ.st/3gtKxXl
[2] فابريس بالونش، "فشل نظام الأسد في استعادة السيادة الكاملة على الأراضي السورية"، معهد واشنطن، ١٠ شباط ٢٠٢١، https://bit.ly/2T4Pa1j
[3] فرانس ٢٤، "الانتخابات الرئاسية السورية لن تكون ’حرة ولا عادلة‘ بحسب تحذير الولايات المتحدة وأوروبا" (بالإنكليزية)، ٢٥ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/34KjbWz
[4] هما عبدالله سلوم عبدالله (وزير سابق ومرشح حزب الوحدويين الاشتراكيين) ومحمود أحمد مرعي (رئيس الكتلة الديمقراطية "المعارضة"). الوطن، "القبول الأولي.. ثلاثة مرشحين لانتخابات رئاسة الجمهورية"، ٣ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/3pwcO2J
[5] سانا، "الدكتور بشار الأسد رئيساً للجمهورية العربية السورية بحصوله على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين"، ٢٧ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/3zoPPL8
[6] يعيش ما يقرب من ٦.٦ مليون لاجئ سوري حول العالم. راجع: المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، "حالة الطوارئ في سوريا" (بالإنكليزية)، آخر تحديث في ١٥ آذار ٢٠٢١، https://bit.ly/3xc8vfe. تم تنظيم تصويت السوريين في الخارج في ٢٠ أيار ٢٠٢١ في السفارات والقنصليات في حوالي ٤٠ دولة - مع رفض تركيا وألمانيا السماح بالانتخابات على أراضيهما - دون أن تتوفر نتائج مفصلة للتصويت في الخارج. كما لم يتم التصويت في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام (حيث يعيش حوالي ٣ ملايين شخص في المنطقة الخاضعة للسيطرة الكردية في الشمال الشرقي، وأكثر من ٤ ملايين في إدلب وفي مناطق متاخمة للحدود التركية). بحسب تقديرات الأمم المتحدة، يقدَّر عدد السكان في المناطق الحكومية بحوالي ١٢ مليون نسمة، ٤٠ بالمئة منهم دون سن الثامنة عشرة.
[7] زياد عواد وأغنيس فافييه، "انتخابات مجلس الشعب السوري ٢٠٢٠: نحو انكماش القاعدة الاجتماعية للنظام"، مشروع تحديات الانتقال في سوريا، مركز جنيف للسياسات الأمنية ومعهد الجامعة الأوروبية - مسارات الشرق الأوسط، تقرير مشروع بحثي رقم ٢، تشرين الأول ٢٠٢٠، https://bit.ly/3vUEnnJ
[8] عبد الله الجباصيني، حزب البعث ووجهاء محليين ومبادرات الاستجابة المجتمعية لفيروس كورونا في جنوب سوريا" (بالإنكليزية)، تقرير مشروع بحثي (فلورنسا: معهد الجامعة الأوروبية، مسارات الشرق الأوسط، زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا، أيار ٢٠٢٠)، https://bit.ly/2SKkcYS
[9] على سبيل المثال، تناقص عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي إلى ساعتين أو ثلاث ساعات يومياً في معظم المناطق، بعدما كانت تنقطع لأكثر من ١٦ ساعة في اليوم.
[10] في عام ٢٠١٩، تم تسجيل ٢.٢ مليون شخص في مؤسسة الضمان الاجتماعي، نصفهم موظفون حكوميون (١,٠٧٨,٠٠٠). ذا سيريا ريبورت، "بيانات جديدة تسلط الضوء على انخفاض هائل في القوى العاملة السورية" (بالإنكليزية)، ٢٧ شباط ٢٠١٩، https://bit.ly/34SdYLt
[11] مقابلة مع موظف حكومي في مدينة حلب، ٢٧ أيار ٢٠٢١.
[12] في العاصمة دمشق ومدينة حلب والمنطقتين الوسطى والساحلية، حيث تتوزع ست جامعات حكومية من أصل سبع، حقق حزب البعث واتحاد الطلبة التابع له معدل تعبئة مرتفعاً في أوساط الطلاب يوم الانتخابات. على سبيل المثال، وُضع ٧٠ صندوقا انتخابياً في فروع جامعة دمشق، وعشرات المراكز والصناديق في الجامعات أخرى مثل جامعتي البعث وتشرين. للمزيد حول إجبار الطلاب على التصويت، انظر: جلال بكور، "أمن النظام يلاحق السوريين لإجبارهم على المشاركة في الانتخابات الرئاسية"، العربي الجديد، ٢٥ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/3zbZtB3
[13] مقابلة سكايب مع مصدر مطلع على ديناميات المصرف المركزي، ٨ حزيران ٢٠٢١. الليرة اليوم، "مصرف سورية المركزي يرفع السعر الرسمي لصرف الدولار إلى الضعف ويحدده بـ٢٥١٢ ليرة"، ١٥ نيسان. ٢٠٢١، https://bit.ly/3vGdfZw
[14] لمزيد من المعلومات حول خلفية رجال الأعمال هؤلاء، راجع عواد وفافييه، "انتخابات مجلس الشعب السوري ٢٠٢٠: نحو انكماش القاعدة الاجتماعية للنظام".
[15] وردت أنباء عن مشاركة كبيرة لأعضاء مجلس الشعب من شريحة رجال الأعمال في حملة الأسد في عدد من المحافظات الأخرى. ففي إدلب، تحمل فؤاد علداني، الواجهة الاقتصادية للعميد سهيل الحسن، تكاليف نقل وإطعام الموظفين والمشاركين في مسيرة تأييد شعبية في مدينة خان شيخون. كما قام الشيخ أحمد جميل عقرين، الوجيه من ريف معرة النعمان، بدعوة عمال ونقابيين إلى وليمة إفطار في نهاية شهر رمضان، بمناسبة عيد العمال، واستخدمها للتعبئة للانتخابات الرئاسية. وفي مدينة دير الزور، نظّم تاجر النفط مدلول عمر العزيز حفلات موسيقية وموّل طباعة ونشر عشرات آلاف الملصقات والصور للأسد. أما عضو مجلس الشعب عن مدينة الرقة وتاجر النفط بشار المخسور فلم يكن نشيطاً فقط في التعبئة بين تجمعات النازحين من الرقة في مدينتي حماة وحمص، بل أجرى أيضاً بزيارة إلى لبنان حيث يعمل كثير من أبناء الرقة، لتشجيعهم على التصويت في السفارة السورية في بيروت. مقابلات مع مدنيين مقيمين في هذه المناطق وصفحات فيسبوك الخاصة بأعضاء مجلس الشعب هؤلاء.
[16] جوزيف ضاهر، "غرف التجارة السورية في العام ٢٠٢٠: صعود نخبة جديدة من رجال الأعمال"، تقرير مشروع بحثي (فلورنسا: معهد الجامعة الأوروبية، مسارات الشرق الأوسط، مشروع زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا)، ١٣ تشرين الثاني ٢٠٢٠، https://bit.ly/2U40Gdi
[17] مقابلة واتسآب مع الصحفي خالد الخطيب، ٢ حزيران ٢٠٢١. برز بين أعضاء المكتب التنفيذي لغرفة تجارة حلب خلال الحملة الانتخابية رجلا الأعمال محمود عاصي، الذي تربطه علاقات وثيقة مع الفرقة الرابعة، وهاروت قره جامجيان.
[18] ركزت وسائل الإعلام الرسمية في يوم الانتخابات على التاجر الدمشقي البارز راتب الشلاح، الذي قدم من بيروت للتصويت في المركز الانتخابي المقام في مقر غرفة التجارة، في رسالة ولاء قدّمها تجار دمشق للنظام. الوطن، "بحضور الشلاح.. تُجّار دمشق أدلوا بأصواتهم: وضع البلد يتحسن"، ٢٧ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/3gxz87L
[19] مقابلة مع صيدلي يعمل في مصنع للأدوية غرب حلب، ٢٣ أيار ٢٠٢١.
[20] الفوج السابع البحري لكشاف اللاذقية، “موكب في اللاذقية”، ٢٥ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/ 353deUK
[21] من أمثلة ذلك عضو مجلس الشعب فاضل وردة، قائد الدفاع الوطني في سلمية ذات الأغلبية الإسماعيلية، وسيمون الوكيل قائد الدفاع الوطني في محردة ذات الأغلبية المسيحية، ونابل العبد الله في السقيلبية ذات الأغلبية المسيحية أيضاً، وعوض الخليل في طيبة الإمام ذات الأغلبية السنّيّة. مقابلة على واتسآب مع ناشط سياسي معارض من طيبة الإمام، ٢٩ أيار ٢٠٢١.
[22] في مدينة دير الزور، نظم قادة الدفاع الوطني احتفالات داعمة للأسد، ونقلوا جرحى من الميليشيات وقوات النظام إلى مراكز الاقتراع.
[23] صوت العاصمة، "ريف دمشق: الحملات الانتخابية بين التعليمات الأمنية و’تمسيح الجوخ‘" ، ٢٣ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/3g818jm
[24] كتائب البعث في سوريا، “مسيرة في القرداحة”، فيسبوك، ٢١ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/35ensBv؛ في القرداحة، لعب قائد ميليشيا سرايا العرين المنحلّة، يسار طلال الأسد، دوراً في رعاية بعض الاحتفالات الكبرى في المدينة. وهو ما فعله في طرطوس رجل الأعمال علي مهنا، القائد السابق لفوج السحابات المنحلّ.
[25] كذلك رفع عناصر لواء الباقر صور بشار الأسد والقائد السابق لفيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله. مقابلة واتسآب مع الصحفي خالد الخطيب، ٢ حزيران ٢٠٢١.
[26] مقابلة واتسآب مع الصحفي خالد الخطيب، ٢ حزيران ٢٠٢١.
[27] مازن عزي، "مصالحات ريف دمشق: هل من تمثيل باقٍ للمجتمعات المحلية؟"، تقرير مشروع بحثي (فلورنسا، إيطاليا: مشروع "زمن الحرب وما بعد الصرع في سوريا"، معهد الجامعة الأوروبية)، ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٠، https://bit.ly/2SWTbo6؛ عواد وفافييه، "انتخابات مجلس الشعب السوري ٢٠٢٠: نحو انكماش القاعدة الاجتماعية للنظام".
[28] تطالب أجهزة المخابرات رجال الدين والعاملين في المساجد برفع ملخص عن أنشطتهم الدينية العامة كل أسبوع. لقاء مع خطيب جامع من مدينة دير الزور، ٨ حزيران ٢٠٢١.
[29] توما بييريه وليلى الرفاعي، "الحوكمة الدينية خلال التشرذم الإقليمي" (بالإنكليزية)، مركز كارنيغي للسلام الدولي، ٧ حزيران ٢٠٢٠، https://bit.ly/3vctCNk
[30] فعل ذلك حتى بعض الخطباء المعروفين الذين يتمتعون بقدر من المكانة والاحترام، مثل خطيب جامع الرضوان في حي الشهباء بمدينة حلب الشيخ عبد الهادي بدلة. لقاء مع أحد مصلي الجمعة في مسجد الرضوان في حلب، ٢٥ أيار ٢٠٢١.
[31] مقابلات مع شخصين من بلدتي بكسا وبسنادا، ٢٨ و٢٩ أيار ٢٠٢١.
[32] سانا، "أهالي دوما: مشهد الانتخاب في مدينتنا يعيد مشهد النصر على الإرهاب"، ٢٦ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/3cvMH6B. ونقلت جريدة الوطن الموالية عن "أهالي دوما" قولهم "أكرمنا الله بزيارة الرئيس الأسد". الوطن، "أهالي دوما: أكرمنا الله بزيارة الرئيس الأسد وهي شرف كبير لنا"، ٢٧ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/3z2jcTs
[33] بين ٢٥ و٢٨ أيار، منعت الأجهزة العسكرية والأمنية الدراجات النارية في الغوطة الشرقية، ودعت مكبرات الصوت في المساجد الناس للالتزام بهذا المنع وللتجمع من أجل الخروج في مسيرات داعمة للأسد. وقد ترافق ذلك مع استنفار أمني وعسكري لجميع الحواجز على أطراف الغوطة الشرقية، وسط انتشار عدة دوريات لكتائب البعث في المنطقة. صوت العاصمة، "استخبارات النظام تحظر تجول الدراجات النارية في الغوطة الشرقية"، ٢٦ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/3ip9BQY
[34] مقابلة عبر سكايب مع مصدر حقوقي في ريف دمشق، ١ حزيران ٢٠٢١. سُجِّلت عدة حوادث مماثلة في مناطق أخرى، فقد سُرِّب تسجيل لرئيس بلدية الرستن حسن الطيباني يطالب فيه معتمدي الخبز بالحضور برفقة ١٥ شخصاً للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، مهدّداً بالحرمان من الخبز في حال رفض تنفيذ الطلب. انظر: المرصد السوري لحقوق الإنسان، رئيس بلدية الرستن: "إذا ما في انتخابات ما في خبز"، ٢٦ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/3gmwSjJ
[35] يمكن ملاحظة سمات مشابهة في بلدة كناكر (التابعة لناحية قطنا جنوب غرب دمشق) والتي أبرمت اتفاق "مصالحة" عام ٢٠١٦. وفي حين تضمّن الاتفاق تسليماً للسلاح الثقيل ولم يؤد إلى تهجير قسري لقوات المعارضة، وقعت البلدة تحت السيطرة الاسمية لفرع الأمن العسكري ٢٢٠ المعروف باسم "فرع سعسع". ورغم أن هذه الترتيبات حالت دون أي تعبئة جماهيرية فعالة، إلا أن النظام اختار التغاضي عن شبكات سلطته والمساومة مع السكان لتسهيل عملية الانتخابات. لكن بعد دعوات المقاطعة في البلدة والتي تزامنت مع حالات قطع الطرق وإحراق إطارات، بالكاد شهد المركز الانتخابي أي مشاركة في يوم الانتخابات.
[36] في ٢٣ أيار ٢٠٢١، قام وفد حكومي برئاسة رئيس مجلس الوزراء بزيارة غير مسبوقة إلى السويداء لمناقشة أبرز المطالب الخدمية للأهالي. ولا يبدو أن "الوعد" بتمويل المحافظة بخمسة مليارات ليرة سورية (ما يعادل ١.٩٩ مليون دولار بسعر الصرف الرسمي)، موزعةً على المؤسسات الخدمية المسؤولة عن المياه والكهرباء والزراعة، قد غيّر موقف كثير من السكان. البعث، "على رأس وفد حكومي.. رئيس مجلس الوزراء يبدأ زيارة إلى السويداء"، ٢٣ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/3iuF9Vk
[37] خليل يوسف، "الفرقة الرابعة بالسويداء: هل ترسم الانتخابات الرئاسية خارطة أمنية وسياسية جديدة في الجنوب السوري؟"، الحل.نت، ٢٠ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/3cowTCK
[38] عبد الله الجباصيني، "من حكم المتمردين إلى ما بعد الاستسلام في درعا جنوب سوريا: آثار ونتائج سلوك الثوار أثناء المفاوضات"، ورقة عمل (فلورنسا: معهد الجامعة الأوروبية، مسارات الشرق الأوسط، زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا، كانون الثاني ٢٠١٩)، https://bit.ly/2CDpflK
[39] عبد الله الجباصيني، "رفع المظالم والعودة إلى السلاح في جنوب سوريا"، تقرير مشروع بحثي (فلورنسا: معهد الجامعة الأوروبية، مسارات الشرق الأوسط، زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا، نيسان ٢٠٢٠)، https://bit.ly/34nt2jL
[40] تضم لجان المصالحة المركزية مجموعة من المتمردين السابقين وشخصيات المعارضة المدنية، وقد تأسست في ٣ تموز ٢٠١٨ لضمان تنفيذ نتائج المفاوضات التي رعتها روسيا. عبد الله الجباصيني، "العنف المستشري والتصعيد العسكري ودور الوسطاء في درعا سوريا"، معهد الشرق الأوسط، ١ حزيران ٢٠٢٠، https://bit.ly/3cllq3F
[41]عبد الله الجباصيني، "من متمردين إلى جنود: الفيلق الخامس في درعا، جنوب سوريا"، تقرير مشروع بحثي (فلورنسا: معهد الجامعة الأوروبية، مسارات الشرق الأوسط، زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا، أيار ٢٠١٩)، http://bit.ly/2oTzoXG
[42] مقابلة واتسآب مع ناشط في شرق درعا، أيار ٢٠٢١.
[43] مقابلة مع أحد أعضاء كتائب البعث في درعا، أيار ٢٠٢١،
[44] مقابلة واتسآب مع موظف حكومي سابق في درعا، ٢٧ أيار ٢٠٢١.
[45] مجلس سوريا الديمقراطية، بيان حول الانتخابات الرئاسية في سوريا، ٢٤ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/3jebRux
[46] منهل باريش، "وسط استياء عام في حاضنة الدفاع الوطني: النظام السوري يرفّع عراب خسارته في القامشلي"، القدس العربي، ١ أيار ٢٠٢١، https://bit.ly/2Sh0erU
[47] أعلن الشيخ محمد الفارس شيخ قبيلة طي دعمه لترشح الأسد في آذار ٢٠٢١، لكنه بدا لامبالياً خلال الحملة الانتخابية. سبوتنيك عربي، "قبيلة طيء العربية: ندعم ترشح الأسد للانتخابات الرئاسية ونشكر مواقف روسيا العادلة"، ٢٠ آذار ٢٠٢١، https://bit.ly/3iojgqJ
[48] في محاولة لتضخيم عدد مراكز الاقتراع، وزع النظام عدة صناديق اقتراع في نفس المبنى والطابق والغرفة، معتبراً كل مركز عدة مراكز. مقابلة واتسآب مع أحد المقيمين في منطقة سيطرة النظام في القامشلي، ٢٧ أيار ٢٠٢١.
[49] لا توجد إحصائيات رسمية عن عدد موظفي الحكومة في محافظة الحسكة، لكن مصادر محلية قدرت العدد بحوالي ٢٠-٢٥ ألف موظف حكومي و١,٨٠٠-٢,٠٠٠ من المجنّدين وعناصر القوى الأمنية والشرطة.