مقدمة
يُمثّل الخطف من أجل الفدية تحدّياً خطيراً يواجهه السوريون اليوم في مناطق سيطرة النظام والمعارضة. وفي مناطق النظام، يقل انتشار الخطف في الساحل والعاصمة دمشق، حيث السيطرة الأمنية الأعلى، ويزداد حيث تضعف تلك السيطرة كما في السويداء. وقد نمت ظاهرة العصابات في السويداء حتى بات لبعض المدن والقرى عصاباتها الخاصة المعروفة باسمها. وظهر الخطف من أجل الفدية كنشاط جُرمي جانبي مارسته معظم تلك العصابات في مراحل مختلفة، قبل أن يتحوّل إلى مجال عمل رئيسي لعصابات محددة منذ عام ٢٠١٨.[1]
تشير التقديرات إلى أن حوالي ٥٠٠ شخص تعرّضوا للخطف بغرض الفدية بين عامَي ٢٠١٨-٢٠٢٠بمعدل ١٠حالات شهرياً.[2] وتحيط العصابات عالم الجريمة هذا بكثير من السرّية لضمان استمرار أعمالها، بينما يلجأ الناجون من الخطف، الذين عانوا من التعذيب الجسدي والنفسي، للتّكتّم خوفاً من الانتقام.
تتجاوز مخاطر الخطف المخطوفين إلى تهديد سلامة المجتمع بكامله، وتُشكل تحدّياً لِبُناه الأهلية التقليدية العاجزة عن حمايته. وهنا، يكون السؤال: ما هي بنية وآليات عصابات الخطف في محافظة السويداء، وما هو تأثيرها على السّلم الأهلي؟
يعتمد موجز السياسة هذا على جمع بيانات تتعلق بالخطف من أجل الفدية الذي نفّذته العصابات الرئيسية في محافظة السويداء وهي: عصابة شهبا، وعصابة عريقة، وعصابة صَلْخد، وعصابة مدينة السويداء، وبعض العصابات الأخرى الأقل شهرة. اعتمدت الورقة على ١٢ مقابلة مع صحافيين، وناشطين حقوقيين، وموثّقي انتهاكات، ووجهاء اجتماعيين، وشهادات شخصية لناجين من عمليات الخطف أيضاً.
الجزء الأول: مأسسة الخطف
بعد ٢٠١١، وفّرت الظّروف الاستثنائية التي عاشتها محافظة السويداء بيئةً ساعدت على نشأة جماعات أهلية مسلّحة، ومجموعات أمنية، إضافة إلى عصابات إجرامية امتهنَ بعضها الخطف لأجل الفدية.[3]
أظهرت تلك العصابات سمات متشابهة، بحيث يمكن تقسيم مراحل تطوّرها إلى: النشأة، والتنظيم والاستقرار، والمَركَزة، والفوضى. خلال تلك المراحل، تعرّضت بعض عصابات الخطف للتفكيك نتيجة استعدائها المجتمعات المحلية أو الأجهزة الأمنية، في حين استمرَّت العصابات التي أبدت مرونةً عالية في التنظيم، والقدرة على فهم المتغيرات الأمنية والسياسية والتجاوب معها.
منذ ٢٠١٢، تحوّلت محافظة السويداء إلى معبر لتهريب السلاح والغذاء والمحروقات بين ريف محافظة درعا الشرقي وبين بادية الحماد شرقي السويداء، وهما المنطقتان الخارجتان حينها عن سيطرة النظام السوري. وفي محاولة للسيطرة على طرق التهريب، تشكَّلت في السويداء عصابات محلية، بعضها مرتبط بأجهزة الأمن، وغالبية عناصرها إما أعضاء في ميليشيات موالية للنظام أو في مجموعات مسلّحة صغيرة تشكّلت لحماية المنطقة أو الطائفة.
ترافقَ ظهور تلك العصابات مع اتضاح حرص النظام على حياد الدروز في معركته مع المعارضة، وتفضيله الإدارة الأمنية من الخلف للأزمة في السويداء، وتجنّبه التدخل المباشر. لكن منذ عام ٢٠١٤، تراجع مردود أعمال التهريب بسبب ازدياد المنافسة بين العصابات، وفتح طرق تهريب إلى درعا لا تمرّ بالسويداء، ما دفع بعض عصابات السويداء إلى تجريب الخطف مقابل الفدية كبديل اقتصادي عن التهريب.
تنامى الخطف من أجل الفدية بين عاميْ ٢٠١٥- ٢٠١٨، مستهدفاً الميسورين من النازحين إلى السويداء. كما تنامى الخطف المتبادل بين درعا والسويداء ضمن عمليات الخطف والخطف المضاد،[4] مهدّداً أكثر من مرّة بحدوث نزاعات ذات طابع طائفي.[5] استغلّت بعض عصابات السويداء ذلك التوتّر، فنفّذت كثيراً من عمليات الخطف المضاد المزعومة، واستهدفت بشكل عشوائي النازحين إلى السويداء وأغلبهم من محافظتي ريف دمشق ودرعا. جرت أكثر عمليات الخطف تلك على حواجز أقامتها العصابات على طريق دمشق-السويداء،[6] ما تسبب بخلو المحافظة من النازحين تدريجياً، وعودتهم إلى مناطقهم الأصلية التي عقدت فيها قوّات المعارضة اتفاقيات مصالحة مع النظام بين ٢٠١٦-٢٠١٨.
منذ ٢٠١٨، بدأ الخطف في السويداء يتحوّل إلى عمل داخلي منظّم، تمارسه عصابات مختصّة لها بنية واضحة. ترافَقَ هذا التحوّل الكبير مع حدثين بارزين:
الحدث الأول هجوم تنظيم الدولة الإسلامية على ريف السويداء الشرقي في ٢٥ تموز ٢٠١٨، والذي أسفر عن مقتل مئات المدنيين وخطف عشرات النساء والأطفال. رفع هذا الهجوم منسوب رُهاب الغرباء في المجتمع الدرزي، خاصة أن جزءاً من المهاجمين كانوا من عشائر بدو السويداء. وقد استغلّت العصابات هذا المزاج الشعبي الغاضب والخائف، لتقود هجماتٍ ضدّ البدو والنازحين، وتنفّذ عمليات خطف ارتُكبت فيها انتهاكات كبيرة.[7] ومما ساهم في ذلك انتشار السلاح بشكل غير مسبوق في السويداء، وإقبال الجماعات الأهلية المسلحة والعصابات الإجرامية على شرائه، معتمدين على أموال التبرعات من دروز لبنان وفلسطين.[8]
أما الحدث الثاني فكان تغيُّر مقاربة النظام الأمنية للوضع في السويداء، وذلك من سياسية الجفاء مع الجماعات الأهلية المسلحة إلى سياسة الاحتواء. فالمزاج الشعبي الدرزي انقلب بعد المجزرة بشكل حادّ ضد النظام، خاصة بعدما تبيّن أن بعض عناصر التنظيم المشاركين في الهجوم، هم ممّن تم إجلاؤهم من مخيم اليرموك المحاصر بدمشق إلى بادية السويداء الشرقية.[9] لتدارك الوضع، تولّى اللواء كفاح الملحم رئاسة فرع المخابرات العسكرية في المنطقة الجنوبية، نهاية عام ٢٠١٨، وقاد سياسة التقارب مع مختلف الجماعات الدرزية المسلحة.[10] وقد طوى الملحم، بذلك، مرحلة الجفاء التي سادت في عهد سلفه اللواء وفيق ناصر، المتّهم باغتيال مؤسس وقائد حركة رجال الكرامة الشيخ وحيد البلعوس عام ٢٠١٥.[11] أسهم هذا التقارب في احتواء أبرز العصابات، وإجراء أفرادها تسويات أتاحت لها استخدام بطاقات أمنية والتنقل عبر الحواجز.[12] مع ذلك، لم تتوقف عمليات الخطف، بل شهدت تنظيماً أعلى، وباتت تستهدف تجاراً وأثرياء يتم استدراجهم من بقية المحافظات، إضافةً إلى الأثرياء الدروز. ضمن هذا السياق، ارتفع مستوى الجريمة بشكل ملحوظ، بما في ذلك قتل مخطوفين غير دروز فشلت عائلاتهم بدفع الفدية، والتعذيب الممنهج لجميع المخطوفين.[13]
في عام ٢٠٢١، انهارت عصابتا عريقة وشهبا المسيطرتان على طريق دمشق-السويداء. إذ تم تفكيك عصابة عريقة بعد حملة أمنية شاركت فيها قوات من الجيش النظامي السوري في أيلول ٢٠٢١. وسبق لهذه العصابة أن أجرت أكثر من تسوية أمنية، لكنها ظلّت تمارس الخطف ضد الغرباء بشكل علني.[14] كذلك طُرد عناصر عصابة شهبا عبر انتفاضة شعبية في تموز ٢٠٢١، وذلك بعد اغتيالها علناً لأحد النشطاء المعروفين في البلدة.[15] ونتيجة ذلك الفراغ، باتت عصابة مدينة السويداء الأقوى حالياً، بعدما ورثت شبكة علاقات العصابات المُنحلّة. كما باتت هذه العاصة بمثابة شريكة الأمر الواقع للأجهزة الأمنية في ضبط الأمن وملاحقة المطلوبين بعض الأحيان.
تزامن ذلك مع ظهور حالات خطف في مدينة السويداء تقف وراءها عصابات جديدة. المقلق في الأمر أن هذه العصابات مُؤلّفة بشكل رئيسي من مراهقين ومدمني مخدرات، عَمِلَ بعضُ تجار المخدرات المحليين على تنظيمهم خلال الشهور الأخيرة من عام ٢٠٢١ من أجل توريطهم في أعمال جرمية متعددة، منها الخطف. لكن بعض هذه العصابات بدأت بالتشكل والتنظيم ذاتياً، من دون رؤوس مُدبّرة خلفها، مدفوعةً بالفراغ الأمني وغياب الرادع الأهلي.[16] في الحالتين، تُظهر هذه العصابات سمات عنفيّة وجُرمية، وتمارس الخطف بشكل عشوائي، ولا تتورّع عن قتل المخطوفين.
وفي الربع الأخير من عام ٢٠٢١، دخل النظام مرحلة جديدة من التعامل مع السويداء، وسط صراع بين بعض أجنحة الأجهزة الأمنية للسيطرة على المنطقة.[17] ولا يبدو النظام جديّاً في محاربة عصابات الخطف، رغم تركيز مسؤوليه على أولوية ضبط الأمن. في تشرين الثاني ٢٠٢١، وسط وعود من دمشق بتحسين الخدمات وضبط الوضع الأمني، تمَّ تَعيين نُمير مخلوف محافظاً جديداً للسويداء.[18] ترافق ذلك مع وصول تعزيزات من الشرطة وقوات حفظ النظام، التابعة لوزارة الداخلية، إلى بعض المواقع الرسمية في السويداء. وعلى خلفية اعتقال شاب من السويداء في دمشق في ١٩ كانون الأول ٢٠٢١، توتّرت الأوضاع في مدينة السويداء واندلعت اشتباكات بين مجموعات أهلية وعصابات بعضها محسوب على شعبة المخابرات العسكرية، وبين التعزيزات الأمنية الجديدة، سقط فيها قائد مجموعة مسلحة من السويداء. في ٢١ كانون الثاني ٢٠٢٢، هاجمت بعض الجماعات الأهلية المسلحة، وعناصر من بعض العصابات، مبنى قيادة الشرطة وسط المدينة، واستهدفته بالرشاشات والحشوات الصاروخية، ما تسبب بمقتل عنصر في الأمن السياسي.[19]
مطلع شباط ٢٠٢٢، تسبب قرار رئاسة الوزراء باستبعاد بعض الشرائح السكانية في سوريا من الدعم الحكومي لبعض السلع الرئيسية، كالخبز والمحروقات، باندلاع احتجاجات شعبية واسعة في السويداء،[20] فأرسلت دمشق تعزيزات أمنية غير مسبوقة إلى المحافظة لاحتواء الموقف، مع الحرص على عدم حدوث صدامات مسلحة. أسهم استعراض القوة ذاك في انكفاء الحركة الاحتجاجية. واللافت أن إرسال تلك التعزيزات جاء بذريعة تفعيل دور الضابطة العدلية وملاحقة العصابات.[21] وليس واضحاً بعد إن كانت تلك التعزيزات هي السبب في التراجع الذي سجلته عمليات الخطف خلال شباط ٢٠٢٢ إلى ٣ عمليات فقط.[22]
الخريطة ١: محافظة السويداء
المصدر: المؤلف
الجزء الثاني: عصابة الخطف
شكّل الخطف واحداً من المصادر المهمة لتمويل العصابات، إلى حد نشوء ميدان عمل تحتكره عصابات محدّدة مُختصّة به. ويتطلب تنفيذ عملية خطف ناجحة القيام بمهام معقدة ومتزامنة، مثل الرصد والتعقب والاستدراج والإخفاء، ما يفوق في أحيان كثيرة إمكانيات عصابة منفردة. لذا طوّرت العصابات شبكات إجرامية متكاملة تستفيد من موارد ونقاط قوة كل عصابة على حِدَة.
ينتمي بعض قادة وأعضاء عصابات الخطف الرئيسية لعائلات درزية كبيرة، وينشطون في مناطق انتشار عائلاتهم، مثل آل عزّام في عريقة وآل الطويل في شهبا.[23] بشكل غير مباشر، يؤمِّن ذلك لأعضاء العصابات ما يشبه حماية عائلية ضدّ أي انتقام قد تقوم بها عائلات أخرى.
من جانب آخر، النسبة الأكبر من قادة العصابات غير حائزين على أي نوع من التعليم العالي، وكانوا قبل عام ٢٠١١ من أصحاب المهن الحرّة والحرفية أو عاطلين عن العمل. نسبة كبيرة منهم انضمّت في مرحلة من المراحل إلى أحد التشكيلات المسلحة الأهلية، أو إلى المليشيات الموالية للنظام أو الجيش النظامي، ما وفَّرَ لهم تدريباً عسكرياً ومعرفة باستخدام السلاح. ومعظم هؤلاء القادة في العقد الثاني والثالث من العمر، وأغلبهم يتعاطون المخدرات. ويرتبط بعض أعضاء العصابات باتفاقيات تسوية مع بعض الأجهزة الأمنية. وتنشط هذه العصابات في مجالات جرمية أخرى منها تهريب وتجارة المخدرات وسرقة السيارات.
قبل عام ٢٠١٨، كان يمكن لعصابة واحدة تنفيذ عملية الخطف ضمن منطقة نفوذها، وذلك يشمل اختيار الهدف، والاستدراج، ونصب الكمائن، وتنفيذ الخطف، وحجز المخطوف، والتفاوض على دفع الفدية مع ذوي المخطوف. بعد عام ٢٠١٨ تبلورت شبكة تضم مجموعة من العصابات وتتشارك عملية الخطف الواحدة وتتقاسم الأدوار فيما بينها.
غالباً، تستدرج مجموعة نسائية المستهدف بدعوى إقامة علاقات جنسية، أو بعروض لشراء سيارات، أو لُقى ذهبية وآثار، أو من خلال الابتزاز. عند الاتفاق على موعد، يُنصَبُ الكمين، ويكون غالباً على طريق دمشق-السويداء، أو في مدينة السويداء، ثم تعترض مجموعة مسلحة المستهدف وتخطفه. بعدها، يُنقَل المخطوف إلى موقع محدد في منطقة نفوذ عصابة ما، يسمّى مركز إيداع، ويكون تحت الحراسة، ثمّ يأتي دور مجموعات مختصة بالتعذيب، تُصوِّر مقاطع فيديو خادشة ومؤذية تُرسَل إلى ذوي المخطوف لإجبارهم على دفع الفدية، ليأتي بعدها دور الوسطاء الذين يديرون عملية التفاوض مع ذوي المخطوف، ويوصِلون الفدية إلى العصابة لقاء تحريره.
يشغلُ الإيداع مكانة مركزية في عملية الخطف، وذلك حسب أهمية المخطوف، ودرجة الحراسة المطلوبة عليه، أو مدى الحاجة لإخفاء هوية الجهة الخاطفة. في حالات كثيرة، يمكن للخاطفين أن يودعوا المخطوف لدى طرف ثالث غير معروف مقابل مبلغ مالي، بينما باتت بعض مراكز الإيداع عمومية، يمكن لأي طرف استخدامها مقابل حصة من الفدية. ولمراكز الإيداع العمومية ما يشبه نظام السجون: فهناك سجّانون، ونظام حراسة، ووجبات إطعام ضمن مواعيد، فيما تتحمل الجهة الخاطفة تكاليف كل ذلك. على سبيل المثال، حوّلت عصابة عريقة بعض منازل البدو المُهجَّرين قسرياً إلى مركز إيداع.
من جهة ثانية، لكل عصابة وسيط محدد، ليس من دائرة الوجهاء الاجتماعيين المعروفين، بل من الوجوه الاجتماعية المغمورة نسبياً والطامحة للعب دور اجتماعي. غالباً ما توجِّهُ العصابة الخاطفة ذوي المخطوف إلى وسيطها، أو تدفع طرفاً ثالثاً للتواصل مع ذوي المخطوف وتوجيههم إلى ذلك الوسيط.
معظم هؤلاء الوسطاء من أعضاء العصابات، أو من يعملون معها لقاء نسبة من الفدية. وفي هذه الحالة، يأخذ الوسيط حصته من العصابة لا من ذوي المخطوف، لأن دوره يقوم على التظاهر بالمساعدة في تحرير المخطوف، مستغلاً صلاته ومعارفه ومتذرّعاً بالحفاظ على كرامة العائلة والطائفة.
غير أن بعض العصابات تجاوزت الوسطاء وفاوضت بشكل مباشر. مثال ذلك عصابة بلدة عريقة في مراحلها الأخيرة قبل تفكيكها، والتي بلغت من القوة والبطش ما ألغى حاجتها للوسطاء. في المقابل، يعمل أحد الوجهاء مع عصابة في السويداء، ويقوم شخصياً بالتفاوض وتسلّم الفدية، وتحرير المخطوف وتسليمه لذويه.
الفدية، وهي السبب الرئيسي وراء الخطف، تتراوح بين مليوني ليرة سورية (٦٠٠ دولار) إلى ٧٠ مليون ليرة (٢٠ ألف دولار). هذا التباين الكبير في القيمة يتعلق بأهمية المخطوف والعصابة الخاطفة. غالباً تميل العصابات الصغيرة، التي لا تملك مراكز إيداع خاصة، إلى التخلص من المخطوف بسرعة مقابل فدية قليلة. أما العصابات الكبيرة فتحدّد هدفها بعناية، وتطلب فيه فدية تعتقد أن أهله سيعملون على جمعها مهما كانت كبيرة. في حساب تقريبي لعوائد عمليات الخطف المالية، يمكن إيراد شهادة مخطوف احتُجِزَ في سجن ضمن مزرعة خاصة، برفقة ثمانية مخطوفين آخرين، منتصف عام ٢٠٢١. استرق المخطوف السمع إلى حوار دار بين اثنين من السجّانين، اشتكى أحدهما من تقاضيه مليون ونصف مليون ليرة (بحدود ٤٠٠ دولار) شهرياً، بينما تمكن من إحصاء ٢٠٠ مليون ليرة دُفعت حصيلة الفديات خلال شهر واحد من استخدام مركز الإيداع إياه. في شهادة ثانية لمخطوف احتُجِز لشهر، نهاية ٢٠٢١، ذكر أن عائلته دفعت ١٧ ألف دولار، جُمع جزء منها كتبرعات.[24]
الجزء الثالث: الخطف والسلم الأهلي
هدّد الخطف لأجل الفدية السلم الأهلي أكثر من مرة في السويداء، وكاد أن يتسبب بحدوث نزاعات واسعة النطاق. في المقابل، طوّرت العصابات مهارات في التنكر وإخفاء ضلوعها في الجريمة، وذلك من أجل تفادي الضغط الاجتماعي، وتحييد الوساطات الأهلية والدينية، ومنع حدوث خطف مضاد في حال انكشاف الفاعلين. كذلك، يكشف الخطف عن محدودية دور الوجهاء التقليديين ورجال الدين وزعماء العائلات في التصدي له وحماية المجتمع من تداعياته.
تنفيذ الخطف من دون كشف الفاعلين أمر شديد الحيوية في عملية الخطف، لكنه يتطلب إمكانيات كبيرة للتخفي في مجتمع صغير يعرف أفراده بعضهم. فمعرفة الخاطفين، في حالة الخطف الداخلي لدروز، ستقود إلى تحرك عائلة المخطوف للضغط اجتماعياً على عائلات الخاطفين، ما سيدفع بدوره وجهاء عائلات الخاطفين للتبرؤ من الجناة، ورفع الغطاء عنهم وإجراء صلح عشائري، أو تسليمهم للقضاء، خاصة إن كانوا من أفراد العصابات الهامشية ومدمني المخدرات.[25] لذلك باتت العصابات الكبيرة من الاحتراف بحيث لا تترك أثراً خلفها. وتلجأ العصابات، أحياناً، إلى إرسال معلومات مُضلِّلة بأن المخطوف بِيعَ إلى عصابة في درعا أو البادية، ما يُسرّعُ من عملية التفاوض ودفع الفدية نتيجةَ ما يثيره البيع من رعب. كذلك تنحصر معرفة الناجين من الضحايا بزنازين احتجازهم، في حين يخشى آخرون الانتقام إن تكلموا. عملياً، لم يتم كشف أي عملية خطف لدروز نفّذتها عصابات السويداء أو شهبا أو عريقة، على الأقل منذ عام ٢٠١٨. وجميع العمليات التي كُشفت وتمّ تحرير المخطوف، بالضغط الاجتماعي أو بالقوّة، كانت من تنفيذ عصابات صغيرة أو غير محترفة ارتكبت أخطاءً قادت إلى كشفها.[26]
من جانب آخر، كان لانحصار نشاط قادة العصابات في مناطق انتشار عائلاتهم، الكبيرة عددياً، أن وفّر لهم بشكل غير مباشر ما يشبه الحماية العائلية ضدّ بقية العصابات، وأحياناً ضدَّ العائلات الأخرى الساعية للانتقام. في الوقت ذاته، تفادَت العصابات الرئيسية خطف أفراد من عائلات درزية كبيرة تجنباً لحدوث تداعيات وخطف مضاد في حال انكشاف العملية. مثلاً، لم يُخطَف أحد من عائلة رضوان في مدينة السويداء، أو عائلة الأطرش في عموم المحافظة. كذلك، طوَّرت العصابات الرئيسية أسلوباً دفاعياً، بحيث تتألف المجموعة الخاطفة من أفراد عائلات مختلفة من قرى ومناطق متنوعة، فإن كُشفت العملية، يضيع رد عائلة المخطوف بين العائلات.[27] وهنا تتشابه العصابات الرئيسية مع العصابات الناشئة التي ظهرت مؤخراً، وإن لأسباب مختلفة، فالعصابات الناشئة تضم أيضاً أفراداً من مختلف العائلات الدرزية الصغيرة المهاجرة من الريف إلى مدينة السويداء.
تهدد بعض عمليات الخطف السلم الأهلي، وقد نشبت أحياناً نزاعات أهلية على خلفية عمليات الخطف، حتى ضمن العائلة الواحدة.[28] في منتصف عام ٢٠١٩، مثلاً، أقدمت عصابة خطف في بلدة الجنينة التابعة لمنطقة شهبا شمال شرقي السويداء على خطف اثنين من بدو عشائر السويداء المقيمة في المنطقة، وأخفتهما في مقابر البلدة. تتكوّن بلدة الجنينة، وبعض القرى المجاورة، بشكل رئيسي من عائلة الصحناوي الدرزية، وجزء من شبابها مُنضَوٍ في مجموعة أهلية مسلحة تابعة لحركة رجال الكرامة. وقد نفّذت هذه المجموعة حملة مداهمات لبعض بيوت المشتبه بهم، وأغلبهم من عائلة الصحناوي ذاتها، وتطورت الأمور إلى اشتباكات مسلحة، انقسمت فيها عائلة الصحناوي بين الطرفين، قبل أن يتم تحرير المخطوفَين بالقوة.
قد يحدث الخطف بين العصابات المتنازعة لاستهداف من فشلوا في تنفيذ التزاماتهم المالية، أو لعقد صفقات سلاح أو مخدرات، أو للإتجار الآثار. وقد ينقلب ذلك إلى اقتتال أهلي بين بلدات متجاورة. في حزيران ٢٠١٦، نصبت عصابة من بلدة شقا حاجزاً لخطف أحد أفراد عصابة مدينة شهبا المجاورة، وذلك بسبب خلاف على مستحقات مالية عالقة من عملية تهريب أسلحة بين الطرفين. عملية الخطف فشلت وقُتِلَ على أثرها المخطوف. وقد نشبت إثرَ ذلك اشتباكات مسلحة وعمليات خطف متبادل بين العصابتين، وتم تطويق المشكلة بعد تدخل وجاهات أهلية ضغطت على القاتل لتسليم نفسه إلى الشرطة. في تشرين الأول عام ٢٠٢٠، أُطلِقَ سراح القاتل بعد انتهاء محكوميته بجريمة القتل غير العمد، الأمر الذي رفضته عصابة شهبا وعائلة القتيل، فتجدّدت عمليات الخطف وأخذت طابعاً ثأرياً بين العصابتين، كما طالت مدنيين بشكل عشوائي من البلدتين، موقعةً قتلى وجرحى، ومتسبّبةً باشتباكات استُخدمت فيها رشاشات متوسطة.[29]
لكن الحدث الأبرز الذي هدّد السلم الأهلي وقع في نيسان عام ٢٠١٩، عندما خطفت عصابة مدينة صلخد عضواً في "لجنة فك النزاعات" المحلية الأهلية من مدينة السويداء، وهو مُحامٍ من عشائر بدو مدينة السويداء.[30] على إثر ذلك، تحركت عصابة السويداء، التي تَعتبر بدو مدينة السويداء تحت حمايتها، واعتدت على مسافرين دروز في كراجات السويداء-صلخد. وفي الرّدّ، هاجمت عصابة صلخد معاقل عصابة السويداء، في مدينة السويداء، لكنها وقعت في كمين أسفر عن سقوط قتيل.[31] تطورت القضية إلى قطع طرقات بين أكبر مدينتين في محافظة السويداء، وحدثت عمليات خطف متبادلة بين العصابتين. وبسبب تطوّر الموقف إلى نزاع مسلح هدَّدَ بانقسام المجتمع واندلاع حرب بين المدينتين، تدخّل وجهاء وزعامات دينية للتهدئة، ما أسفر عن إطلاق سراح المخطوفين من الطرفين.[32] بيد أن الحادثة أسست فعلياً لنهاية عصابة صلخد، التي رفضت التسوية الأمنية فتعرّضت لحملة قادتها عصابات تهريب المخدرات ومجموعات تابعة لأجهزة الأمن، ما أدى إلى تفكيكها وقتل أبرز رموزها.[33]
خاتمة
في الوقت الذي تعاني فيه محافظة السويداء من انكفاء الدولة عن مهامها في حفظ الأمن ومكافحة الجريمة المنظمة، يُعرّي الخطف لأجل الفدية البنى الأهلية التقليدية ويكشف هشاشتها. ويشكل هذا المأزق تحدياً كبيراً لمجتمع دروز السويداء، الذي يعاني أيضاً من انتشار حادّ للفقر، ما يجعل من العمل في عصابة فرصة ثمينة لجيش العاطلين عن العمل.
كما يبدو إغراق المحافظة بالمخدرات الرخيصة، وتسهيل تحويلها إلى خط لتهريب المخدرات إلى الأردن، تكميلاً لحالة الفوضى الراهنة ونتيجة لها في الوقت ذاته. فأية محاولة لضبط الحدود مع الأردن ووقْف تدفّق المخدرات إليها من السويداء ستصطدم بذريعة الفوضى وعدم القدرة على ضبط العصابات.
أمام هذه التحديات الكثيرة، يبدو المجتمع الدرزي متروكاً لحاله، عاجزاً عن ضبط أبنائه الخارجين عن القانون والعرف، في حين تنجح عصابات الخطف في تطوير أدواتها والعمل كشبكة إجرامية منظمة.
وإذا كان ضبط الأمن والفوضى ذريعة التعزيزات الأمنية التي يتم استقدامها إلى السويداء، فليس واضحاً إن كان لدى النظام الرغبة، أو القدرة، على تفكيك عصابات الخطف وملاحقة رؤوسها، إذ لا تُمثّل ملاحقة هذه العصابات أولوية لديه خلال المرحلة الراهنة على الأقل.
أما بالنسبة للمجتمع المحلي فتمثّل هذه العصابات تحدياً مُلحّاً، حيث قد يشهد المستقبل القريب صدامات، قد تكون مسلحة، بين هذه العصابات ومجموعات أهلية مسلحة. وفي تلك الحالة سيكون لصراعات أجنحة القوى الأمنية دوراً مؤثّراً للغاية على اتجاه هذه الصدامات.
* نزار الأحمد باحث سوري. يعمل الأحمد ضمن المشروع البحثي "زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا"، في برنامج مسارات الشرق الأوسط، الذي يشرف عليه مركز روبرت شومان للدراسات العليا التابع للجامعة الأوروبية في فلورنسا. يركز أبحاثه على الديناميات الاجتماعية لمرحلة ما بعد النزاع في مناطق سيطرة النظام.
[1] في هذه الورقة، العصابة مجموعة من الأعضاء المسلحين، بعضهم من عائلة واحدة، لديهم قيادة محددة وتنظيم واضح، ومنطقة نفوذ. تقوم العصابة بنشاطات عنيفة ذات طابع إجرامي، بهدف الحصول على المال. بعض العصابات مرتبط بجهات أمنية، لكنها تعمل بدافع مصلحتها الخاصة.
[2] من الصعب الحصول على أرقام دقيقة لعمليات الخطف بغرض الفدية، لكنها بحسب التقديرات تُمثّلُ حوالي نصف عمليات الخطف في السويداء ما بين ٢٠١٨-٢٠٢١. يصعب أحياناً التمييز بين أنواع الخطف، كالخطف المضاد والخطف لأسباب أمنية أو شخصية. في كل الأحوال، هذه الدراسة تعتمد على التوصيف النوعي، لا البيانات الكمية.
[3] محمود اللبابيدي، "دروز السويداء: عودة النظام المشروطة بالصراعات الإقليمية والمحلية"، تقرير مشروع بحثي (فلورنسا، إيطاليا: مشروع "زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا"، الجامعة الأوروبية)، ١ آب ٢٠١٩، https://bit.ly/3shWjKv
[4] أول عملية خطف بين المحافظتين كانت في كانون الأول ٢٠١٢، عندما خطفت عصابة مسلحة من درعا، مرتبطة بجبهة النصرة، ١٧ درزياً من بلدة الثعلة غربيّ السويداء، وانقطعت أخبار أولئك المخطوفين حتى عام ٢٠١٥، عندما نفّذت حركة رجال الكرامة عملية خطف مضاد للضغط على فصائل المعارضة في درعا لكشف مصير المخطوفين الدروز. تبين حينها أن جبهة النصرة أعدمت بعضهم، وما زال مصير البقيّة مجهولاً.
[5] منذ اتفاق المصالحة في درعا عام ٢٠١٨، ظلت عمليات الخطف البيني والخطف المضاد محصورة بالمناطق الحدودية بين المحافظتين، وغالباً ما تم تطويقها بتدخل الوجهاء المحليين الدروز ونظرائهم الحوارنة.
[6] جرت بعض العمليات بتسهيل من ضباط أمن مقابل نسبة من الفدية. مقابلة واتسآب مع ناشط حقوقي، ١٥ كانون الثاني ٢٠٢٢.
[7] يامن الشوفي، "السويداء: رأس مقطوع لبدوي في مسجد"، المدن، ١٠ اب ٢٠١٨، https://bit.ly/3HqOfMB
[8] تخلصت فصائل درعا المُعارضة من سلاحها وباعته في السويداء بأسعار رخصية بعد اتفاق المصالحة. يامن الشوفي، "السويداء: سوق لتصريف الأسلحة..والفتنة"، المدن، ٢٤ آب ٢٠١٨، https://bit.ly/3J8y5YM
[9] عُقد اتفاق بين عناصر تنظيم الدولة الإسلامية وقوات النظام، برعاية روسية، في أيار ٢٠١٨، لإخلاء مخيم اليرموك. مروان كيالي، "السويداء تسأل: من فتح لـ’داعش‘ أبواب المحافظة؟"، درج، ٢٥ تموز ٢٠١٨، https://bit.ly/3rrk0Q6
[10] في ٢٠١٩، أصبح اللواء كفاح الملحم رئيساً لشعبة المخابرات العسكرية في سوريا، وحافظ على اهتمامه بالسويداء التي أصبحت أحد مناطق النفوذ الرئيسية لشعبة المخابرات العسكرية.
[11] اللبابيدي، "دروز السويداء "، مرجع سابق.
[12] التسوية الأمنية تحقيق شكلي مع لجنة أمنية تضم ممثلين عن الأجهزة الأمنية السورية. يكون التحقيق غالباً شكلياً، تُطرح فيه الأسئلة ذاتها لملء الاستمارات. بعد انتهاء التحقيق، تدرس اللجنة الأمنية الملفات، ثم تُصدر بطاقة تفيد بخضوع الشخص المعني للتسوية، وتخوّله المرور عبر الحواجز، وتمنحه تأجيلاً عن الخدمة العسكرية.
[13] مقابلة سكايب مع مصدر حقوقي رفض الكشف عن اسمه، ٢٨ كانون الأول ٢٠٢١.
[14] السبب المباشر خلف الحملة الأمنية كان إقدام العصابة على خطف شقيق ضابط أمن رفيع، وعدم إطلاق سراحه رغم التحذيرات الموجّهة لها. مقابلة سكايب مع ناشط مقيم في فرنسا، ١٤ كانون الثاني ٢٠٢٢.
[15] السويداء ٢٤، "انتفاضة شعبية ضد العصابات الإجرامية في شهبا.. التفاصيل منذ بدايتها" ١٨ تموز ٢٠٢١، https://bit.ly/3rtXcPy
[16] خطفت عصابة من مدمني المخدرات الشاب يوسف نوفل، وقتلته بعد خلاف على ثمن سيارة. "بعد اختطافه منذ يومين.. العثور على جثة الشاب يوسف نوفل مقتولا بريف السويداء"، جسر، ٢٣ كانون الثاني ٢٠٢٢، https://bit.ly/3AYTjW8
[17] مقابلة سيغنال مع محلل أمني، ١٤ كانون الثاني ٢٠٢٢.
[18] تزامن تعيين المحافظ الجديد مع زيادة نفوذ جهاز أمن الدولة في السويداء، برعاية روسيّة.
[19] السويداء ٢٤، "السويداء: هجوم انتقامي على مبنى قيادة الشرطة"، ٢١ كانون الأول ٢٠٢١، https://bit.ly/3pbWBAx
[20] سليمان الخالدي، "تجدد الاحتجاجات بمدينة السويداء الدرزية في سوريا ودعوات إلى مظاهرات الجمعة"، سويس انفو، 10 شباط 2022، https://bit.ly/3LPcxCt
[21] السويداء ٢٤، "السويداء: ما هدف الحشود الأمنية؟"، ١٣ شباط ٢٠٢٢، https://bit.ly/3LNYKMy
[22] السويداء ٢٤، "حصيلة الانتهاكات في شهر شباط فبراير ٢٠٢٢"، ١ آذار ٢٠٢٢، https://bit.ly/3CfsrBR
[23] يتركز وجود بعض العائلات الدرزية في مناطق جغرافية محددة، قد تشمل مدناً وقرى في محافظة السويداء، وتعدُّ تلك المناطق الجغرافية مناطق نفوذ للعائلة المسيطرة عليها.
[24] مقابلة واتسآب مع مخطوف سابق، ٢٣ كانون الأول ٢٠٢١.
[25] مقابلة مع ناشط مقيم في السويداء، ٩ كانون الثاني ٢٠٢٢.
[26] مقابلة سكايب مع مصدر حقوقي مقيم في سوريا، ١٢ كانون الثاني ٢٠٢٢.
[27] مقابلة سيغنال مع صحفي من السويداء، ٣ كانون الثاني ٢٠٢٢.
[28] خطف النازحين والمستدرجين إلى السويداء، ظلَّ أثره ضعيفاً، إذ ليس لذوي المخطوفين من وسيلة لتحريرهم سوى دفع الفدية.
[29] منشور فيسبوك، السويداء 24، "قتيل وجرحى وقطع طرقات بريف السويداء إطلاق سراح القاتل أشعل فتيل الأزمة"، 24 تشرين الأول 2020، https://bit.ly/3orQoQB
[30] سبق ذلك بأيام خطف عصابة بلدة الطيبة لـ٤ تجار دمشقيين جاءوا لشراء التفاح. وبعد يومين من الحادثة، تعرض زعيم العصابة لمحاولة اغتيال اتُهمت بها عصابة مدينة صلخد.
[31] منشور فيسبوك، السويداء ٢٤، "كل الأطراف خاسرة في السويداء إذا حصل اقتتال داخلي، ١٥ نيسان ٢٠١٩، https://bit.ly/3ulPU2m
[32] زين الحلبي، "السويداء وصلخد على خط الاشتباك؟" المدن، ١٦ نيسان ٢٠١٩، https://bit.ly/3J8QVit
[33] بلدي نيوز، "قتلى باشتباكات بين فصيلين محليين بالسويداء"، ٢٣ نيسان ٢٠٢٠، https://bit.ly/3B2Shsa