مقدّمة
مع تراجع حدّة الحرب في سوريا، التي أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص، وتسبّبت بتدمير معظم البنى التحتية، تبدو مصادر الثروة والدخل المحلي ضعيفةً ومتفرّقة. وفي ظلّ غياب قطاعاتٍ منتجةٍ قادرةٍ على قيادة عجلة النمو في المدى المنظور، تبدو إعادة الإعمار الحلّ الاقتصادي الأمثل للنظام.
الواقع أن الدمار الذي لحق بمعظم القطاعات الإنتاجية والمناطق الصناعية السورية، أدّى إلى اهتمامٍ مضاعفٍ بسوق العقارات في دمشق، وجعل هذه الأخيرة مركز التجمّع الأكبر لرجال الأعمال السوريين الموالين للنظام. وإذا أصبحت دمشق قبلةً رئيسةً للاستثمارات، كما توحي على الأقلّ الخطط الحكومية الموضوعة للمناطق التنظيمية، فلأنّ مؤسسات الدولة تتركّز فيها، عدا عن ارتفاع أسعار عقاراتها مقارنةً بالمناطق السورية الأخرى، حيث لم يُعلَن بعد عن مخطّطاتٍ تنظيميةٍ جديدة. كما أن مركزية دمشق السياسية-الاقتصادية ساهمت بحالةٍ من الاستقرار الأمني النسبي، التي يستند إليها النظام للتسويق لإمكانية الاستثمار الآمن في سوق عقارات دمشق.
تبدو هذه السوق اليوم، ولا سيما تلك القائمة على مشاريع مدن حديثة، مثل "ماروتا" و"باسيليا"، مصدر الريع الأكبر في حال أمكَنَ استقطابُ التمويل الخارجي لها. فمع استعادة الاستقرار الأمني، تشكّل إتاحة مساحاتٍ هائلةٍ في دمشق ومحيطها القريب مقابل أسعار أراضٍ ومقاسم مُخفَّضة مقارنة بالمناطق الاستثمارية في الدول العربية، ويدٍ عاملةٍ رخيصة، أكثر من فرصةٍ مغريةٍ لشركات البناء والاستثمارات الخارجية، خصوصاً بعدما أُحيطَت ببنيةٍ تشريعيةٍ متكاملة؛ وإن قدّمت هذه البنية تسهيلاتٍ هائلةً للمستثمرين على حساب مصادرة أملاك السكان الأصليين.
ضمن هذا التوجّه المركّز على سوق العقارات، برزت طبقةٌ جديدةٌ من رجال الأعمال السوريين المُقرَّبين من النظام، تمثّلُّ حالةً مُحيّرةً. هؤلاء يصبّون اهتمامهم أيضاً على العقارات خارج مشاريع المدن التنظيمية، باحثين عن عقارات تملكها مؤسسات الدولة لإعادة استثمارها، ولو تسبّب ذلك بنقض عقود تأجيرٍ نظاميةٍ يدعمها القضاء.
أَضِف إلى ذلك أن النظام يراهن على أن إعادة افتتاح بعض السفارات الخليجية في دمشق، ستتبعها عودةٌ للاستثمارات[2]. وبالفعل، لقد بدأت وفودٌ استثماريةٌ من الصين وروسيا، وبعض الدول الخليجية بزيارة دمشق[3]، بحثاً عن فرصٍ في سوق العقارات السورية، في حين يشكّل رجال أعمال سوريين وفوداً[4] لزيارة بعض الدول المجاورة، بهدف حثّ المستثمرين فيها على حجز مقاعد لهم في مرحلة إعادة الإعمار.
بيد أن إعادة العلاقات السياسية مع النظام قد لا ترتبط مباشرةً بمشاركة الدول الخليجية في تمويل إعادة الإعمار، بعد الموقف الأوروبي والأميركي الحذر والمشترط تغييراً سياسياً مقابل الانفتاح الاقتصادي. فقد خضع مؤخّراً جميع رجال الأعمال المنخرطين في "ماروتا سيتي"، وشركاتهم المتعاقدة مع شركة دمشق الشام القابضة، للعقوبات الأوروبية بسبب الأرباح الكبيرة التي يجنونها بفضل علاقاتهم بالنظام، ومساعدتهم في تمويل هذا الأخير عبر مشاريع مشتركة مع شركات الدولة لتطوير الأراضي المُصادَرة[5].
تستند هذه الورقة إلى المعلومات المتوافرة في وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، وإلى مقابلات أجراها الباحث مع رجال أعمال واقتصاديين سوريين، وباحثين في الشأن الاقتصادي السوري. وهي تسعى إلى الإجابة على الأسئلة التالية: كيف يطوّع النظام السوري القوانين والمنظومة التشريعية بما يتناسب مع مرحلة إعادة الإعمار؟ وكيف تخضع هذه العملية للتجريب بحثاً عن التمويل وتشريع مصادرة العقارات؟ ما الذي تطالعنا به سوق العقارات حالياً، وخصوصاً مشروع "ماروتا سيتي"، عن رجال الأعمال الجدد وعلاقتهم بالنظام؟ في دمشق، هل من قطاع خاص حقيقي ناشط في قطاع العقارات، خارج إطار شريحة المستثمرين المقربين من النظام؟
الجزء الأول: أيّ نموذج رياديّ لإعادة الإعمار؟
نصّ المرسوم 66/2012 على "تطوير مناطق المخالفات والسكن العشوائي وفق الدراسات التنظيمية التفصيلية المُعَدّ لهما من محافظة دمشق"، "وفق القوانين والأنظمة النافذة"[6]، ووفّر الإطار القانوني والمالي لإنشاء منطقتَين تنظيميّتَين في نطاق محافظة دمشق: المنطقة الأولى 101، وهي تنظيم منطقة جنوب شرق المزة من المنطقتين العقاريتين مزة وكفرسوسة، والتي باتت تُعرَف باسم "ماروتا سيتي"، أي السيادة بالآرامية، وتمتدّ على مساحة مليونين و149 ألف متر مربع؛ والمنطقة الثانية 102، وهي تنظيم منطقة جنوبي المتحلق الجنوبي من المناطق العقارية مزة، وكفرسوسة، وقنوات، وبساتين، وداريا، وقدم[7].
لقد وضعت مقالات ودراسات عدة[8] المرسوم 66 في سياق تطوير البيئة التشريعية والقانونية المُرافِقة لإقامة مشاريع المدن الحديثة على أطراف دمشق، على أنقاض عشوائياتٍ دمّرتها قوات النظام وطردت سكانها. لكن ما غاب عن كثيرٍ من تلك الدراسات هو كيف أصبحت آليات استملاك العقارات ومصادرتها، والشركات القابضة التابعة لمجالس الوحدات الإدارية، والبحث عن مصادر التمويل، المحرّكات الخفيّة لإصدار المراسيم والقوانين المتعاقبة ذات الصلة. فقد نُقِلَت بالفعل بعض أعمال إعادة التطوير الجارية بموجب المرسوم 66، مباشرةً من خطة تطوير حضري لدمشق صادرة في العام 2007[9].
شركة دمشق الشام القابضة
تمثّل شركة دمشق الشام القابضة المساهمة المغفلة الخاصة، المحرّك الرئيس لمشاريع إعادة الإعمار، التي يخطّط لها النظام في دمشق، وهي خلاصة التزاوج بين القطاعين العام والخاص في سوريا ما بعد الحرب، ضمن صيغةٍ تتيح لشركةٍ خاصةٍ إدارة أملاك الدولة. كما تمثّل الشركة معبراً إجبارياً لرجال الأعمال الراغبين في التعاقد لإنشاء عقارات ضمن المناطق التنظيمية المُعلَنة في دمشق ومحيطها القريب.
أطلقت محافظة دمشق الشركة في العام 2016، استناداً إلى المرسوم 19 للعام 2015[10]، الذي وُضِع لحلّ أزمة تمويل مدينة "ماروتا" وغيرها من المشاريع التنظيمية. فالمرسوم رقم /201266 كان ألقى على عاتق المحافظة مهام هائلةَ لتطوير المناطق التنظيمية كـ"ماروتا سيتي"، غير أن التحدّي الأساسي بقي البحث عن تمويلٍ لهذه المشاريع. وبالتالي نصّت المادة 20 منه على إحداث صندوق خاص لكلّ منطقة تنظيمية في المحافظة، يُموَّل من الاعتمادات السنوية اللازمة التي تُرصَد في الموازنة المستقلّة، وعبر قروضِ من المصارف المُعتمَدة. وقد تمكّنت مديرية تنفيذ المرسوم 66 من الحصول على قرضٍ مبدئيّ بقيمة 20 مليار ليرة سورية (45 مليون دولار) من المصرف التجاري السوري الخاضع للعقوبات، لتنفيذ البنى التحتية في "ماروتا سيتي"[11]. مع ذلك، ظلّت أزمة التمويل والتنفيذ قائمة. فقد بلغ إجمالي النفقات في مشروع خطة الموازنة المستقلة لمحافظة دمشق للعام 2018، ملياراً و100 مليون ليرة سورية (2.44 مليون دولار)[12]، في حين أن إجمالي موازنتها بلغ 11 مليار ليرة سورية (24.44 مليون دولار)، يُنفَق أكثر من نصفها على تقديم الخدمات لمناطق العشوائيات[13].
وهكذا، أتاح المرسوم 19 إنشاء شركة سورية قابضة مساهمة مغفلة خاصة تتولّى إدارة واستثمار أملاك الوحدة الإدارية أو جزء منها، ومنحَها الحقّ في تأسيس شركات أموالٍ أو المساهمة فيها وإدارتها. وفي سابقةٍ خطيرة، بات من حقّ شركة قابضة خاصة استيفاء الرسوم والأقساط، ومنح التراخيص، والتعاقد مع شركاتٍ أخرى بشكلٍ مستقلّ، إضافةً إلى تولّي مهام صناديق المناطق التنظيمية المُحدَثة، وتحصيل الأقساط، ومتابعة سداد القروض وفوائدها. ثم جاء قانون التشاركية بين القطاع العام والخاص [14] ليرأب الصدع بين الشركة القابضة الخاصة، وبين المحافظة أو الوحدة الإدارية العامة، ويمكّن القطاع الخاص من المشاركة في المشاريع العائدة ملكيّتها إلى القطاع العام. بيد أن القانون أتاح للقطاع الخاص قابلية الهيمنة على هذا الأخير، مُعطياً الشركات الخاصة الحقّ في حيازة أكثر من 51 في المئة من أسهم أيّ مشروع شراكةٍ مع القطاع العام، ناهيك عن أن الشركة القابضة الخاصة لا تُلزَم بدفع أي مستحقّاتٍ للدولة نتيجة بيعها حصصها في المشروع المشترك [15].
وتملك شركة دمشق الشام القابضة رأسمالٍ قدره 60 مليار ليرة سورية (133 مليون دولار)[16]. وقد نُقِلَت ملكية العقارات التي تعود للمحافظة في "ماروتا سيتي"، إلى الشركة لتستثمر فيها بدلاً من بيع عقاراتها بالمزاد العلني، بما يسهم في توفير السيولة النقدية لتنمية المنطقة التنظيمية[17]. لكن الأمور على الأرض تبدو مبهمةً، إذ تصعب معرفة الفروق الدقيقة بين حدود صلاحيات محافظة دمشق ومديرية تنفيذ المشروع 66 التابعة لها، وبين تلك العائدة إلى شركة دمشق الشام القابضة، في ما يتعلّق بعمليات الاستملاك والتنفيذ. هذا ناهيك عن أن المحافظ هو أيضاً رئيس الشركة القابضة الخاصة المعنيّة بإدارة أملاك المحافظة.
ترأّس مجلس إدارة الشركة[18]، بشر الصبان، منذ تأسيسها حتى إقالته من منصبه كمحافظ دمشق في تشرين الثاني 2018، بموجب مرسومٍ جمهوري[19]. عزلُ الصبان، وهو سنّي دمشقي، جاء متزامناً مع المرسوم الجمهوري 360/2018 القاضي بتغيير وزراء في الحكومة، ما يشير إلى أهمية الصبان التي تتخطّى كونه محافظاً. فهو المحافظ الوحيد الذي أُعفي من منصبه عقب انتخابات الإدارة المحلية في نهاية العام 2018، ويُعتبَر عميد المحافظين بعد أن أمضى أطول مدّة لمحافظٍ في منصبه، وهي 12 عاماً[20]. ويُعتقَد أن إعفاءه جاء بسبب العقوبات الأوروبية عليه، خشية إعاقة العمل بمشروع "ماروتا سيتي"، وإخافة المستثمرين الراغبين في التعاقد مع شركة دمشق الشام[21]. وكان الصبان وُضِع على قوائم العقوبات الأوروبية منذ العام 2016 لدوره في قمع السوريين[22]، وهو مُقرَّب من الإيرانيين، إذ زار طهران مرّات عدّة حيث أدلى بتصريحاتٍ مثيرةٍ للجدل[23]. ويُتَّهم الصبان بمحاولة تغيير النسيج العمراني لدمشق، وتدمير بعض المواقع الأثرية المهمة، لصالح مشاريع يُقال إن إيران تقف خلفها[24]. وقد اضطّلع أيضاً بدور محوري في تشكيل شركة دمشق الشام، ويُعتقَد أنه كان أحد أهم مهندسي علاقتها بمحافظة دمشق، علماً أنه يملك مقاسم عدّة في "ماروتا سيتي"، اشتراها قبل إعلان المشروع التنظيمي فيها[25].
مصادرة العقارات واستملاكها
يكشف مشروع "ماروتا سيتي" كيفية استيلاء محافظة دمشق، وبالتالي شركة دمشق الشام القابضة، على العقارات في مخطّطها التنظيمي. وإذا كانت صيغٌ قانونيةٌ جديدةٌ قد ظهرت كالقانون 10/2018[26]، وتعديلاته في القانون 42/2018[27]، فإنها استندت إلى قانون مصادرة واستملاك الأراضي الرقم 20 للعام 1983، الذي يعطي تلك الأراضي صفة النفع العام بما يبرّر الاستملاك لتنفيذ منشآت خاصة بحزب البعث والمنظمات الشعبية. كما أنها استندت إلى القانون الرقم 60 للعام 1979، الذي يبيح الاستملاك لتنفيذ مشاريع سكنية شعبية أو تجمّعات سكنية للعسكريين أو أُسَر الشهداء[28]، وبيعها لهم، ما يناقض فكرة النفع العام المُبرِّرة للاستملاك[29]. وهكذا، أتاح القانون 10/2018 للوحدة الإدارية وضعَ يدها على الأملاك العامة، فيما لم يتطرّق القانون 42/2018 إلى صحة المصادرة والاستملاك، بل مدّد مهل القانون 10 الزمنية لإثبات حقّ الملكية لأصحاب العقارات، مُتيحاً لأقاربهم ادّعاء حقّ الملكية لأصحابها، وللمعترضين حقّ اللجوء إلى المحاكم.
يُذكَر أن لمحافظة دمشق عقاراتٍ قديمةً ضمن مشروع خلف الرازي "ماروتا سيتي"، تبلغ 30 في المئة من المساحة، وما تبقّى هو عبارة عن أملاك خاصة بعضها لسكان هذه المنطقة العشوائية[30]. وقد صنّفت المادة الثالثة من المرسوم 66 هذه العقارات ملكاً شائعاً مشتركاً مع أصحاب الحقوق، في حين منعت مادته الرابعة إجراء معاملات البيع والشراء بكلّ أنواعها[31]. كما نصّت المادة السابعة على تقدير قيمة العقارات تقديراً عادلاً "يراعي القيمة الحقيقية"، من "قبل لجنة يشكّلها المحافظ وتضمّ قاضٍ بمرتبة مستشار يسمّيه وزير العدل رئيساً"، وخبيرين اثنين في التقييم العقاري"، وخبيرين اثنين يمثلان المُلّاك". بيد أن تعيين الخبراء الأربعة جرى من دون استشارة أصحاب العقارات، أو إعلامهم، خلافاً لما نصّ عليه المرسوم. هذا ولم تكن عملية تخمين العقارات خاضعةً لحقّ النقض أمام المحاكم العادية، بحسب المرسوم 66، ولا صيغته الأشمل في القانون 10/2018، لجميع الوحدات الإدارية في سوريا[32].
والواقع أن العقود المُبرَمة بين الأهالي والجهة المنفّذة في "ماروتا سيتي"، تجرّد الأهالي من حقّ الملكية بعد الإعمار، وتعطيهم صفة شاغلي العقار الجديد لا مالكيه[33]. وقد سبقت إصدار المرسوم 66 بفترةٍ قصيرةٍ عمليات شراءٍ كثيفة للعقارات، قيل إن أصحاب مكاتب عقارية مُقرَّبين من أعضاء في محافظة دمشق، ومسؤولين كبار، ورجال أعمال، كانوا خلفها[34]. هذا ورافق استملاك المحافظة للعقارات تلاعبٌ بتوزيع حصص الأسهم على أصحابها، وتوصيف العقارات ومواقعها على الأرض، خصوصاً بعد الهدم وإزالة الركام[35]. هذا التغيير في الخرائط لموقع العقارات غير المثبتة بدقة في السجلات العقارية، يسبّب تغييراً بقيمة أسهمها، وفقاً لتوزيع المقاسم وقربها وبعدها عن مركز مدينة "ماروتا"[36].
إضافةً إلى ذلك، عمد بعض أصحاب المقاسم الخاصة في المشروع، المُقتدِرون مالياً، إلى الحصول على تراخيص للمخطّطات الهندسية لأبنيتهم الجديدة من محافظة دمشق ونقابة مهندسي دمشق[37]. في المقابل، باشرت مديرية تنفيذ المرسوم 66 في المحافظة منذ شباط 2019، تسليم دفعةٍ جديدةٍ من بدلات الإيجار للمستحقّين من السكان الذين جرى إخلاؤهم من بيوتهم في "ماروتا"، وجزءاً من قيمة إيجارت منازل خارج "ماروتا" لأصحاب العقارات الأصليين، ريثما يجهز السكن البديل المُخصَّص لهم فيها، بما يتناسب مع مساحة العقار الذي كانوا يملكونه[38]. وقد بلغت قيمة بدلات الإيجار مليار ليرة سورية (2.2 مليون دولار) منذ بداية العام 2019، و7.5 مليار ليرة سورية (16 مليون دولار) منذ انطلاق المشروع[39]. لكن توزيع بدلات الإيجار يشهد تأخيراً دورياً، ويشوبه الكثير من الاعتراضات من قبل المواطنين[40].
الشراكات في "ماروتا سيتي": بيع الوهم
يتضمّن مشروع "ماروتا سيتي" بناء 12 ألف وحدة سكنية، ومراكز تجارية وسياحية وترفيهية[41]، فضلاً عن إنشاء مبنى جديد لمجلس الشعب. أما عملية الترخيص للمشروع فتتمّ عبر موافقة محافظة دمشق على مخطّطات الأبنية[42]، في مقاسم جرى فرزها بعدما حصل أصحابها على التراخيص لها من المحافظة ونقابة مهندسي دمشق [43]. وفي هذا الإطار، يُلاحَظ حصول عمليات تداولٍ بالأسهم وبيعها على صفحات فايسبوك مُخصَّصةٍ لهذا الغرض، في حين يترواح حالياً سعر السهم الواحد ما بين 5 و7 ليرات سورية[44]. ولا تزال مدينة "ماروتا" مُتخيَّلةً، يظهر شكلُها في الرسومات الحاسوبية ثلاثية الأبعاد، وبرامج المحاكاة الإلكترونية، فيما يصل إجمالي عدد الأبنية التي سيتم تشييدها إلى 232 مقسماً برجياً، 165 منه للمواطنين، و67 مرفقاً خدماتياً للمحافظة. ويُقدَّر أن سعر شراء المتر الواحد في الشقة السكنية منها، سيبدأ من ثلاثة ملايين ليرة سورية (6 آلاف دولار)[45].
لا يبدو حتى اللحظة أن عملية إعادة الإعمار انطلاقاً من "ماروتا سيتي" قد دخلت حيّز التنفيذ، إذ لم تخصّص الموازنة السورية للعام 2019 سوى 50 مليار ليرة سورية (111 مليون دولار) لهذا الغرض[46]. كما أن كلفة إعمار الجزء السكني من "ماروتا" لوحده ليست ملحوظةً في الميزانية العامة للحكومة بل مُوكَلة للقطاع الخاص، وتتجاوز الـ100 مليار ليرة سورية (222 مليون دولار) بحسب الأرقام الرسمية[47]. وبينما لا تزال الجرافات تعمل على تمهيد الأرض في المنطقة[48]، أشارت تقديرات رسمية إلى إنجاز حوالي 80 في المئة من الأنفاق التخديمية، متوقّعةً إنجاز البنى التحتية بالكامل في أيلول 2019.[49]
جدير ذكره أن رياض شاليش، ابن عمة الرئيس بشار الأسد والمدير التاريخي لمؤسسة الإسكان العسكرية، كان قدّم عرضاً، أثناء وضع الحجر الأساس لـ"ماروتا سيتي" في آذار 2016، تمثّل باستعداد المؤسسة لتنفيذ البنية التحتية للأعمال المشتركة في المشروع، بنسبةٍ أقلّ بـ20 في المئة من أقلّ عرضٍ آخر مُقدَّم للمحافظة[50]. صحيح أن مؤسسة الإسكان العسكري مؤسسة عامة تنفّذ الإنشاءات المدنية والعسكرية على السواء، إلا أنها تمثّل أحد أبرز أشكال الزبائنية في مؤسسات الدولة. فرياض شاليش يديرها كأنها ملكيّته الخاصة[51]، على الرغم من تقاعده رسمياً منها في العام 2012، لا بل هو يتحكّم بتعيين المدراء الذين يخلفونه، موظّفاً جزءاً كبيراً من وسائل المؤسسة وأدواتها العامة لتنفيذ أعمال شركاته الخاصة.
ويبدو أن القرض الذي حصلت عليه محافظة دمشق من المصرف التجاري السوري بقيمة 20 مليار ليرة سورية ( 45 مليون دولار)، استُخدِم لتنفيذ الأعمال المشتركة، في حين تبقى ماهية الأعمال والجهة التي نُفّذَت لصالحها غير واضحتَين[52]. إن المبنى الوحيد الذي أُنجِز تشييده في مدينة "ماروتا" هو مقرّ شركة دمشق الشام الفاخر، الذي وقّعت فيه الشركة 6 عقود لمشاريع مشتركة في "ماروتا" مع مستثمرين من القطاع الخاص، تعهّدوا بتقديم التمويل مقابل تقديم الشركة الأرض لهم لتطويرها.
إسم الشركة | تاريخ العقد | رأسمال الشركة | توزيع الحصص | المستثمر |
أمان الشام المساهمة | تموز 2017 | 312 مليون دولار | 51 في المئة لمجموعة آمان القابضة، و49 في المئة لشركة دمشق الشام القابضة | سامر فوز |
شركة المول الرئيسي | كانون الأول 2017 | 250 مليون دولار | 51 في المئة لترزي، و49 في المئة لشركة دمشق الشام القابضة | مازن الترزي |
المطوّرون المساهمة الخاصة | كانون الثاني 2018 | 20 مليون دولار | 51 في المئة لشركة أكسيد للتنمية والاستثمار المحدودة المسؤولية، و49 في المئة لشركة دمشق الشام القابضة | حيان قدور ومعن هيكل |
ميرزا | كانون الثاني 2018 | 51 مليون دولار | 25 في المئة لشركة طلس للتجارة والصناعة، و75 في المئة لشركة دمشق الشام القابض | أنس طلس |
بنيان دمشق المساهمة المغفلة الخاصة | آذار 2018 | 33.7 مليون دولار | 40 في المئة لشركتَي تميز والقمة، و60 في المئة لشركة دمشق الشام القابضة | أجمد جمال الدين وابنه نظام |
روافد دمشق المساهمة المغفلة الخاصة | آذار 2018 | 57.5 مليون دولار | 51 في المئة لشركات الأجنحة، وراماك للمشاريع التنموية، والعمار، وألتيميت للتجارة، و49 في المئة لشركة دمشق الشام القابضة | رامي مخلوف |
منحت هذه العقود المستثمرين الحقّ في بناء العديد من المشاريع السكنية والتجارية، إذ حازت شركة أمان دمشق المساهمة في أيلول 2017، على حقّ بناء ثلاث ناطحات سحاب باسم "لاند مارك"، وخمسة مجمّعات سكنية بمساحة 60 ألف متر مربّع[53]، وهي مشاريع كلفتها 150 مليار ليرة سورية (333 مليون دولار)[54].
في المقابل، سيتولّى رجل الأعمال مازن الترزي بناء 6 مقاسم تجارية واستثمارية بمساحة 26 ألف متر مربّع، إضافةً إلى شركة المول الرئيسي أو "ماروتا مول" على مساحة 120 ألف متر مربّع، كما تعهّد بشراء 5 مقاسم وتطويرها بكلفة 70 مليون دولار. سيكون هذا المشروع "بمثابة الوسط التجاري الجديد للعاصمة دمشق"[55].
أما شركة المطوّرون المساهمة الخاصة، التي أُعلِن عن تأسيسها في مقرّ شركة دمشق الشام[56]، فستشيّد برجَين سكنيَّين، ومبنى تجاري واستثماري متخصّص ببيع مواد البناء والأرضيات وملحقاتها[57]، بعدما حصلت على موافقة اللجنة الفنية في "ماروتا سيتي"، على أن تدفع شركة أكسيد 40 في المئة عند التأسيس، والباقي خلال 3 سنوات.
وبينما ستتولّى شركة ميرزا تشييد أربعة مقاسم للسكن والتجارة، تبلغ مساحتها الطابقية 60 ألف متر مربّع، حصلت شركة طلس على حصّةٍ نسبتها 25 في المئة لقاء أسهمٍ نقديةٍ بقيمة 5.7 مليار ليرة سورية (12.6 مليون دولار)، يُدفَع منها 40 في المئة عند التأسيس، والباقي خلال 3 سنوات[58].
إضافةً إلى ذلك، ستقيم شركة بنيان دمشق المساهمة المغفلة الخاصة مقسمين بمساحة 30 ألف متر مربّع[59]. أما شركة روافد دمشق المساهمة المغفلة الخاصة، فستبني مقاسم سكنية واستثمارية بمساحة طابقية تساوي حوالى 38 ألف متر مربّع، علماً أن حصّة شركات رامي مخلوف فيها تبلغ 49 في المئة لقاء أسهمٍ نقديةٍ يُدفَع منها 40 في المئة عند التأسيس، والباقي خلال ثلاث سنوات[60].
تجدر الإشارة إلى أن شركة دمشق الشام القابضة قدّمت، في جميع تلك العقود، حصصاً عينيّةً من الأرض، بما يعادل نسبتها من الشركة المشتركة. وكانت حصص بعض المستثمرين أكبر من حصّة دمشق الشام، ما يعني وجود ممثّلين أكثر للمستثمرين في مجلس إدارة الشركة المشتركة مع دمشق الشام، ما يرجّح قرار المستثمر في حال النزاع مع هذه الأخيرة.
لقد وُضِعَت إذاً الأُسُس التشريعية للاستجابة للمسائل المتعلّقة بطريقة تمويل المشاريع التنظيمية واستملاك الأراضي فيها. بيد أن ما تمّ التوافق على بنائه في "ماروتا" هو مدينة ترفيهية فاخرة، تعهّد بإقامتها رجال أعمالٍ معظمهم غير معروفٍ سابقاً، في حين أن المخطّطات التي تعاقدت لإقامتها شركة دمشق الشام مع شركاتهم، لا تشبه أيّ صيغةٍ محتملةٍ لإعادة الإعمار، بل هي مُصمَّمةٌ بشكل أساسي لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
الجزء الثاني: رجال أعمال أم مدراء تنفيذيّون؟
لا يبدو أن آليات صعود رجال أعمال القطاع الخاص في سوريا، في المرحلة التالية للثورة والحرب، قد اختلفت عمّا قبلها، ذلك أن المحسوبية والزبائنية لا تزالان من أهمّ سمات الاقتصاد السوري. وإذا كان دور رجال أعمالٍ بارزين مُقرَّبين من النظام قبل العام 2011، تراجَعَ لصالح أسماء جديدةٍ، فهذا لا يعني تبديلاً في آليات الصعود إلى قمة الهرم الاقتصادي، بل هو دليلٌ على أن الزبائنية هي الطريق الإجباري لاحتكار أكثر الأعمال ربحيّة.
نظرة عامة على تحوّلات رجال الأعمال في دمشق
أقام نظام حافظ الأسد منذ العام 1970، تحالفاً اقتصادياً مع رجال الأعمال الدمشقيين السُنّة، الذين دعموه إبّان أحداث الثمانينيات مع الإخوان المسلمين. ويتميّز رجال الأعمال هؤلاء، بأنهم، رغم دعم النظام، ظلّوا يمثّلون قمة هرم القطاع الخاص، وحافظوا على نوعٍ من الاستقلالية تجاه النظام، متعاملين معه بندّيةٍ أحياناً.
ومع مرحلة النمو السريع في السبعينيات، تضخّم القطاع العام، واتّسم الاقتصاد السوري بالريعية والتوزيعية، اللتين وظّفهما النظام لتوسيع شبكة الزبائنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتطوير آليات الاستيعاب والسيطرة[61]. هذه العلاقة الزبائنية بين رجال الأعمال والنظام تكرّست علناً مع إقرار الشراكة بين القطاعَين الخاص والعام، في ما عُرِف بالقطاع التشاركي، وإقرار قانون الاستثمار الرقم 10 للعام 1990. فالفساد الذي ضرب جذوره في مؤسسات الدولة البعثية، وهيمنة الأجهزة الأمنية والعسكرية على مختلف نواحي الحياة، تُرجِما عملياً ببروز طبقة رجال أعمالٍ من أبناء كبار موظّفي الدولة والأمن والحزب، حظيت بعقود أعمالٍ مُحابيةٍ مع القطاعات العامة ومؤسسات الدولة، المشغّل الأكبر في سوريا.
مع اعتلاء بشار الأسد سدّة الرئاسة في العام 2000، بدا أن التحالف الاقتصادي مع رجال أعمال دمشق قد دخل مرحلةً من الصعوبات، مع بروز فئةٍ من رجال الأعمال المعروفين باسم "المئة الكبار"، الذين تركّزوا بشكلٍ خاص في شركتَي الشام القابضة وسوريا القابضة، ما بين العامَين 2005 و2011. فكان أن شكّلت الشركتان ما يشبه الكارتيل الذي احتكر مع الوقت معظم الأعمال الربحية الكبيرة في البلاد. وقد تولّتا بناء واستثمار أهم مشاريع التطوير العقاري، والفنادق والمشاريع الخدماتية، في الفترة الممتدّة بين منتصف العقد الماضي وبداية الانتفاضة السورية في العام 2011. لكن بعض أهم المشاريع، مثل فندق روتانا في المزة[62]، ومشروع "أبراج سوريا" في البرامكة[63]، لا يزال غير مُنجَزٍ على الرغم من مرور سنواتٍ على انتهاء مهله القانونية.
تجلّت العلاقة الزبائنية في تلك الفترة تجليّاً واضحاً مع صعود رجال أعمالٍ جددٍ ازداد نفوذهم الاقتصادي إثر تقرّبهم من دائرة النظام الضيّقة. وبدا الصعود السريع لبعض رجال الأعمال المحسوبين على النظام، مثل رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد، وإلى حدّ ما محمد حمشو المُقرَّب من ماهر الأسد، تقاسماً للنفوذ الاقتصادي بين أركان السلطة.
في المقابل، حاول بعض رجال الأعمال، الذين ازدهرت أعمالهم خلال العقد الأول من القرن الماضي، البقاء على مسافةٍ من النظام بعد اندلاع الثورة. هذا الأمر أدّى إلى فرض حجزٍ على أملاكهم، وتصفية أعمالهم، ووضع اليد عليها أو شرائها بأسعار منخفضة، مثلما حدث مع رجل الأعمال الدمشقي عماد غريواتي. هذا الأخير كان من أشهر رجال الأعمال قبل العام 2011، ورئيساً لغرفة صناعة دمشق، ووكيل أهمّ شركات السيارات والمنتجات الإلكترونية، ولديه حصص في أبرز المصارف والمصانع السورية[64].
قد يدلّ ذلك كلّه على العلاقة الزبائنية عندما تدخل طورها الإقصائي. فالعلاقة بين دائرة النظام الضيّقة ورجال الأعمال المُقرَّبين منها، لا تمثّل حالةً من الندّية، بل نوعاً من الاستتباع والتوظيف السياسي للاقتصاد. ويكتسب هذا النوع من الزبائنية قدراتٍ سحرية، في بلدٍ تكبر فيه الثروة كلما اقترب صاحبها من مراكز القوة في النظام. لذا، تحمل هذه الزبائنية المُفرَطة، التي لدائرة النظام الضيّقة اليد العليا فيها، شكلاً جديداً يشبه التوكيل لرجال الأعمال للقيام بأنشطةٍ اقتصاديةٍ محدّدةٍ تعود بالنفع على الطرفَين. إن الأمر أشبه بقيام رجال الأعمال المُقرَّبين من النظام بدورَين مزدوجَين، فيكونون رجال أعمالٍ مُنتَمين شكلياً إلى القطاع الخاص، وفي الوقت نفسه مدراء تنفيذيّين لأنشطةٍ اقتصاديةٍ عائدةٍ إلى رجال دائرة النظام الضيّقة.
وربما يعود جزءٌ من سبب اختفاء عددٍ كبيرٍ من رجال الأعمال المُقرَّبين من النظام، ممَّن برزوا في العقد الأول من القرن الماضي، من المشهد الاقتصادي الحالي، إلى العقوبات الغربية التي تعرّضوا وشركاتهم لها بعد العام 2011. فكان أن صعدت شريحةٌ جديدةٌ من رجال الأعمال، تمثّل نوعاً من الزبائنية الجديدة، بما تخلّلها من أزماتٍ كتقاسم المصالح الاقتصادية لأجنحة مختلفةٍ مُتصارعةٍ أحياناً ضمن النظام.
مَن هم رجال أعمال "ماروتا سيتي"؟
يمثّل رجال أعمال "ماروتا سيتي" هذا النوع من الزبائنية، فأغلبهم لم يكن معروفاً سابقاً في بيئة الأعمال الدمشقية، علماً أن القاسم المشترك بينهم هو أنهم من السنّة، ما عدا رامي مخلوف. وباستثناء مخلوف وفوز لا تُعرَف عن المستثمرين في "ماروتا سيتي" خبرةٌ سابقةٌ في قطاع العقارات[65].
وعلى الرغم من إدراجهم جميعاً على قائمة العقوبات الغربية، وكذلك شركاتهم المتعاقدة مع شركة دمشق الشام القابضة، لا يزال الغموض يلفّ خلفيّاتهم الاجتماعية. فالمعلومات الموثوقة عنهم شحيحة، باستثناء مخلوف وفوز، ما يجعلهم أشبه بالأشباح، على الرغم من استثمارهم في أهم مشروعٍ عقاري في دمشق. قد يدلّ هذا الغموض، الذي يبدو مُتعمَّداً، إلى رغبة النظام في إبقاء هذه الشريحة من رجال الأعمال في الظلّ، ربما للحؤول دون الكشف عن مصادر ثرواتهم، وشبكة علاقاتهم، وبالتالي معرفة مَن يقف خلفهم.
سامر فوز
كُتِبَ الكثير عن سامر فوز، وصعوده السريع ليصبح أهمّ رجال الأعمال السوريين في فترةٍ وجيزة، وعن تقرّبه الكبير من بشار الأسد حتى صار يُلقَّب بـ"رامي مخلوف الجديد". وفوز سنّي من اللاذقية، أسّس والده زهير مجموعة أمان في العام 1988، التي نشطت في تجارة مواد البناء وتوزيعها في الساحل السوري، والتي أصبحت في العام 2010 مستورداً رئيساً للإسمنت من تركيا، وموزّعاً رئيساً لإنتاج معمل "لافارج" الفرنسي من الإسمنت في الشمال السوري[66]. لكن ذلك لا يفسّر فعليّاً ارتقاءه السريع بعد العام 2015، مع أنه ليس من عائلة الأسد، ولا من الطائفة العلوية، ما يرجّح كونه واجهةً لأحد أقوى رجال النظام[67]. وقد يكون استحواذه على معامل ومصانع خاصةٍ برجال أعمالٍ سوريين مغضوبٍ عليهم من قبل النظام، النموذج الأوضح لطريقة ارتقائه السريعة. فمجموعة أمان القابضة نوّعت استثماراتها خلال أقلّ من 3 سنوات، من استيراد وتجارة المواد الغذائية والمشتقّات النفطية، إلى إقامة واستثمار معامل سيارات، ومصاهر حديد، ومصنع سكر، ومطاحن قمح، ومصانع أدوية، وشركة طيران، وخدمات فندقية، والاستحواذ عليها، هذا عدا عن استثمارات فوز الخارجية في الإمارات وتركيا.
ويبدو أن لفوز دوراً أكبر من مجرّد متعاقدٍ مع شركة دمشق الشام في "ماروتا سيتي"، إذ اشترى أواخر العام 2018، عبر شركة أمان الشام، حصصاً في بنك البركة-سوريا بنسبة 1.18 في المئة من إجمالي الأسهم[68]، فضلاً عن حصصٍ في بنك سوريا الدولي الإسلامي بنسبة 7.63 في المئة[69] من الأسهم الإجمالية للبنك الخاضع لعقوباتٍ أميركيةٍ بسبب علاقاته القوية بالمصرف التجاري السوري[70]. والمصرفان يُعَدّان من أكبر المصارف الخاصة السورية التي تتبع لمؤسساتٍ أُمّ في الخليج العربي[71]. كما أن دخول فوز في مجلس إدارة المصرفَين قد يساهم في دفعهما إلى تقديم قروضٍ سهلةٍ لرجال أعمال "ماروتا سيتي" الآخرين. ويدعم هذا الاستنتاج أن دمشق الشام وبنك البركة بحثتا مطلع العام 2018، إطلاق أوّل شركة تمويل عقاري مساهمة لـ"مساعدة المواطنين على تمويل بناء عقاراتهم"[72].
مازن الترزي
مازن الترزي رجل أعمال سوري، تتركّز استثماراته الأساسية في الكويت في مجال الإعلانات، وهو المؤسّس والرئيس التنفيذي للمجموعة التسويقية للدعاية والإعلان والنشر والتوزيع، وشركة دار الهدف الصحفية[73]. يظهر اسم الترزي في "وثائق بنما" المُسرَّبة عن شركة "موساك فونسيكا" المعروفة بالتهرّب الضريبي، كما يرتبط بشركة "فيرست كينغستون" للاستثمارات، ومقرّها الكويت، ويبدو أن الترزي صاحب كامل أسهمها[74].
لم يكن الترزي معروفاً في سوريا حتى العام 2014، عندما قدّم طائرةً خاصةً لنقل سوريين من الكويت إلى سوريا للمشاركة في التصويت لبشار الأسد في انتخابات الرئاسة، ثم أطلق حملةً لمساعدة الشباب بتكاليف العودة إلى سوريا[75]. دعمُه غير المحدود للنظام ساهم في حصوله على استثماراتٍ ومشاريع اقتصاديةٍ منذ العام 2015، فاشترى فندق ومنتجع شيراتون صيدنايا[76].
الترزي هو أيضاً مدير عام الشركة الوطنية للطيران المحدودة المسؤولية، التي أطلقها أواخر العام 2017، وشريك مؤسّس فيها، بحصّةٍ نسبتها 85 في المئة[77]. الجدير ذكره أن الحصول على رخصةٍ لشركة طيران أمرٌ نادرٌ وصعبٌ في سوريا، وإنما يدلّ على أن لصاحبها علاقاتٍ قويةً بأشخاص متنفّذين ضمن النظام، أو أنه يتصرّف كواجهةٍ لأحدهم[78]. كذلك، أسّس الترزي في أيلول 2018، شركة "غروب فور" محدودة المسؤولية في مدينة دمشق، لإدارة المطاعم والمقاهي، وتجارة مواد البناء"[79].
أنس طلس
على عكس الظهور الإعلامي المتوالي لمازن الترزي منذ العام 2014، يحافظ رجل الأعمال السوري أنس طلس على الغموض، وهو ليس معروفاً في أوساط رجال الأعمال السوريين، حتى بعد توقيعه العقد مع شركة دمشق الشام في "ماروتا سيتي". بنى طلس ثروته في الخليج، إذ تركّز نشاط شركته "طلس غروب" على إنتاج الأغذية وتوزيعها في دولة الإمارات، وليس له أيّ نشاط في قطاع العقارات[80]. وتأسّست "طلس غروب" في العام 1993، وأُطلِقَت ماركتها "توليدو" في العام 2002[81].
حيان قدور ومعن هيكل
أسّس كلٌّ من حيان قدور ومعن هيكل شركة أكسيد للتنمية والاستثمار قبل فترةٍ قصيرةٍ من توقيعها عقد الشراكة مع دمشق الشام القابضة. وتعود ملكيّة الشركة إلى حيان قدور بحصّةٍ نسبتها 67 في المئة، بقيمة 670 ألف ليرة سورية (1500 دولار)[82]، وإلى معن هيكل بحصّةٍ نسبتها 33في المئة[83]، أي أن رأسمال الشركة بالكامل مليون ليرة سورية (2200 دولار)، وهو رأسمال شديد التواضع مقارنةً بحصّتها في شركة المطوّرون، شركتها المتعاقدة مع دمشق الشام، والتي بلغت 10.4 مليون دولار. قدور وهيكل لم يكونا معروفَين قطّ في أوساط رجال الأعمال السوريين قبل العام 2011[84].
أحمد جمال الدين ونجله نذير
يُضاف إلى الغموض الذي يلفّ رجال أعمال "ماروتا سيتي"، المشروع المشترك بين دمشق الشام وشركتَي القمة لتطوير المشاريع وتميز محدودتَي المسؤولية. تأسّست الأولى مطلع العام 2018 لصاحبيها أحمد جمال الدين ونجله نذير، برأسمال قدره 5 ملايين ليرة سورية (11.5 ألف دولار)، علماً أن للأخير نسبة 90 في المئة من أسهمها. ونذير هو أيضاً مدير شركة أعيان للمشاريع والتجهيزات، حيث يملك نسبة 33.3 في المئة، بقيمة 38 ألف دولار[85]، وشريك مؤسّس في شركة منازل للمشاريع والتجهيزات، وتبلغ حصّته فيها 90 في المئة، بقيمة 4.5 مليون ليرة سورية (10 آلاف دولار). كذلك، عمل نائباً لرئيس مجلس الأعمال السوري العماني، الذي أُسّس مطلع العام 2011[86]، ولم يجرِ تفعيله قطّ. إنها مسيرة اقتصادية متواضعة، من متجرٍ للأدوات الصحية ومواد البناء في دمشق، وصولاً إلى شركة العربية للمشاريع والتجهيزات التي تختصّ باستيراد وبيع وتوزيع الأدوات الصحية. إنما يشير رأسمال شركات نذير وأحمد المتواضع، مثله مثل شركات قدور وهيكل، إلى وجود حلقةٍ ناقصةٍ بخصوص استثماراتهما في "ماروتا سيتي".
رامي مخلوف
كان رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد، آخر المتعاقدين حتى اليوم مع دمشق الشام القابضة. ومخلوف أغنى وأشهر رجال أعمال النظام ومحظيّيه، صعد بأعماله واستثماراته سريعاً خلال السنوات العشر الأولى من عهد بشار الأسد. تنوّعت استثماراته للغاية في تلك الفترة، وتمثّلت بالسيطرة على أهم المشاريع في قطاعات العقارات والاتصالات وشركات الطيران، والنفط والغاز، والتعليم والتجارة. يملك مخلوف أكبر حصّةٍ في شام القابضة، ثاني أكبر شركة قابضة في سوريا قبل العام 2011، وهو رئيس شركة "سيريَتل" للاتصالات الخلوية.
في السنوات القليلة الماضية، حاول مخلوف الابتعاد عن المشهد الإعلامي السوري، مُعلناً انسحابه من الأعمال المالية وتفرّغه للعمل الخيري. وكانت "سيريَتل" أعلنت في آذار 2013، أنه تنازل عن معظم حصّته فيها، إلا أنه فعلياً تنازل عنها لصالح شركاتٍ أخرى يملكها، مثل شركة راماك للتنمية والمشاريع الإنسانية[87]. جدير ذكره أن معظم مؤسساته وشركاته تخضع للعقوبات الأميركية والأوروبية بسبب تمويله ودعمه النظام[88].
لم تكن مناورات مخلوف للابتعاد عن المشهد الاقتصادي كاملة. ففي العام 2015، حصلت "سيريَتل" ونظيرتها "أم تي أن سوريا"، على ترخيصٍ جديدٍ لمدّة 20 عاماً، بشروطٍ مُحابيةٍ جداً لهما[89]. كما أن مخلوف يملك فعلياً شركة طيران أجنحة الشام التي صدر من أجلها مؤخّراً قرارٌ مُحابٍ من وزارة النقل للحدّ من المنافسة لها[90]. وقد أسّس في العام 2017 شركة مدينة التطوير العقاري الخاصة ش.م.ع. للاستثمار في العقارات، برأسمالٍ قدره 100 مليون ليرة سورية (222 ألف دولار). وفي العام 2018، أسّس شركة نور للتمويل الصغير ومتناهي الصغر، برأسمالٍ قدره 2.3 مليون دولار[91]. والمُلفِت في هذه الشركة أن لجمعية البستان الخيرية، التي يملكها مخلوف[92]، حصّةً فيها تساوي 30 في المئة، علماً أن للجمعية الخاضعة للعقوبات الأميركية[93]ذراعاً ميليشياويّاً مسلّحاً في سوريا، يُعرَف باسم جمعية البستان[94]،
ويبدو أن إعادة التموضع التي نفّذها رامي مخلوف مع بداية الحرب، لم تخرج عن إطار المناورة في الموقع نفسه، إذ بقي رجل الأعمال الأكثر نفوذاً وارتباطاً بالنظام. ومع احتفاظه بأبرز قطاعاته الاستثمارية الربحيّة، وانفتاحه على المزيد من الأعمال، لا يبدو أنه في وارد التراجع عمّا أنجزه في فترة ما قبل الحرب، على الرغم من بروز منافسٍ جديدٍ هو سامر فوز. فهذا الأخير، وإن لم يكن من العائلة الحاكمة، تمتّع حتى وقتٍ قريبٍ بأفضليةٍ على مخلوف لعدم إدراجه على قائمة العقوبات الغربية.
لا يمكن وضع رجال أعمال "ماروتا" جميعهم تحت خانةٍ واحدة، بل يمكن تصنيفهم وفق أدوار ومهام ووظائف مختلفة. فعلى عكس فوز ومخلوف، لم يكن المستثمرون الباقون في "ماروتا سيتي" معروفين سابقاً في بيئة رجال الأعمال السوريين، وجميعهم باتوا مشمولين بالعقوبات الأوروبية أو الأميركية. وبينما يملك طلس وترزي والفوز استثمارات خارج سوريا، يبقى جمال الدين وحده الدمشقي من بين جميع رجال أعمال "ماروتا"، وكلّهم من السنّة عدا مخلوف. وباستثناء مخلوف والفوز، تخلو سجلات الآخرين من الأعمال العقارية، أي أنهم مستجدّون على هذا النوع من الاستثمارات مرتفعة التكاليف، في بيئةٍ شديدة الخطورة على الاستثمار. وقد حصل جميعهم باستثناء جمال الدين وطلس، على حصصٍ أكبر من حصّة دمشق الشام، في حين أن الغموض يحيط بكيفية تمويل جمال الدين، وهيكل وقدور، مشاريع عقودهم، نظراً إلى تواضع أصول شركاتهم ورأسمالها الأصلي. وباستثناء طلس، لا يبدو أيٌّ منهم مستعجلاً للبدء بتنفيذ مشروعه[95].
والواقع أن إقامة مشاريع أبراج ومقاسم سكنية وتجارية، قد لا تبدو مغريةً لرجال أعمالٍ من القطاع الخاص، ما لم يتمكّنوا من بيع نسبةٍ كبيرةٍ من مشاريعهم على المخطّطات. فالبيع أو ضمان وجود مُشترين على الأقلّ هما أهمّ دوافع القطاع الخاص لخوض تجربةٍ استثماريةٍ بهذا الحجم[96]. الاستثمار في بيئة غير آمنةٍ أمنياً وسياسياً، من دون وجود مُشترين حقيقيّين، إنما يدلّ على أن هذه المشاريع السياحية والترفيهية العملاقة الباذخة، وسيلةٌ لاستقطاب رؤوس أموالٍ محليةٍ وخارجية.
فعلياً، لا يبدو معظم المستثمرين قادرين على تنفيذ عقودهم مع شركة دمشق الشام استناداً إلى إمكاناتهم الذاتية. ما يجمع رجال الأعمال الستة هؤلاء هو أنهم يمثّلون تمهيداً لحالةٍ يحتاج إليها النظام بشدّة، أي عودة الاستثمارات الخليجية والأجنبية. لذا، يبدو الاستثمار في "ماروتا" الآن مشروعاً سياسياً أكثر منه اقتصادياً. والغموض الذي يحيط بهؤلاء الرجال، وغياب الخلفيّة الاستثمارية العقارية من سجلّ معظمهم، يشيان بوجود مَن يقف خلفهم من النظام.
ما وراء" ماروتا"، العقارات أيضاً
لا يبدو المشهد الاقتصادي في دمشق خارج "ماروتا" مختلفاً جداً، فالقطاع العقاري مُهيمِن هناك أيضاً، ناهيك عن أن الغموض الذي رافق خلفيات وآليات صعود رجال الأعمال في مشاريع المدن التنظيمية، هو نفسه خارجها، خاصةً مع نقض مؤسسات الدولة لاتفاقاتٍ ساريةٍ لصالح مستثمرين جددٍ. كما أن أنشطة بيع الأنقاض والردميات وترحيلها من مناطق المعارضة المُهدَّمة، شكّلت فرصةً ثمينةً لبعض رجال الأعمال لمزاولتها، على الرغم من الشكوك حول شرعيّتها.
رجل مراكز التسوّق والفنادق، وسيم القطان
في كانون الثاني 2019، حاز رجل الأعمال وسيم القطان على عقد استثمار "مجمّع يلبغا" وسط العاصمة[97]، بإيجارٍ سنويّ قدره مليار و750 مليون ليرة سورية (1.6 مليون دولار)[98]. ستتولّى شركة نقطة تقاطع التي يملكها القطان تجهيز واستثمار المبنى، الذي تملكه وزارة الأوقاف[99]، وهو قيد الإنشاء منذ العام 1974، وسيحوَّل إلى مجمّع تجاري سياحي يضمّ فندقاً ومطاعم، ومركزاً تجارياً لمواد البناء، وصالات مفروشات[100].
لم يكن القطان، الدمشقي السنّي، معروفاً من قبل، ولكنه أصبح خلال العامَين الأخيرَين من أبرز مستثمري دمشق. قبل العام 2011، تولّى القطان منصباً إدارياً في شركة "سيريَتل"[101]، أما اليوم فيقال إنه مُقرَّب من ماهر الأسد[102]، شقيق الرئيس بشار الأسد، والضابط العسكري الأقوى في سوريا حالياً[103]. كما أنه أسّس مجموعةً متنوّعةً من الشركات التي سرعان ما فازت بعقود استثمارٍ متنوّعةٍ مع جهاتٍ حكومية. فمجموعة مروج الشام للاستثمار والسياحة تأسّست في آذار 2018، وحازت على عقد استثمار "مول قاسيون" في تموز 2018، وشركة آدم للتجارة والاستثمار محدودة المسؤولية تأسّست في نيسان 2018، واستثمرت "مول ماسا بلازا" في آب 2018.
فضلاً عن ذلك، عُيّن القطان في شباط 2018، رئيساً للجنة تصريف أعمال غرفة تجارة مدينة ريف دمشق، إذ إن جزءاً من شركاته التجارية مُسجَّلٌ في هذه الغرفة، مع أنه من مدينة دمشق. وتلقائياً، جرى تعيينه خازناً لاتحاد غرف التجارة السورية[104]. وكان اسم القطان بدأ بالظهور في أوساط رجال الأعمال الدمشقيين في تموز 2017، حين رسا عليه مزاد علنيّ نظّمته وزارة التجارة الداخلية لإعادة استثمار "مول قاسيون"، مقابل مليار و20 مليون ليرة سورية (2.7 مليون دولار) كإيجارٍ سنوي، ضمن التوجّه الحكومي لإعادة تخمين أجور أملاك الجهات العامة كافة وفقاً للأسعار الرائجة[105]. وتفوق قيمة الإيجار السقف الذي وضعته الوزارة والمُقدَر بحوالي 300 مليون ليرة سورية (666 ألف دولار).
يُذكَر أن مستثمر مركز التسوّق السابق كان أبرم مع الوزارة عقداً لاستئجار صالاتٍ كانت مستودعاً للمؤسسة العامة الاستهلاكية، لإنشاء مركز تجاري، على أن تبقى الإنشاءات المُشيَّدة على حساب المستأجر ملكاً للوزارة في نهاية العقد، بعد ثلاثين عاماً على تاريخ التوقيع. وعلى الرغم من صدور قرارٍ قضائي بوقف التنفيذ، استعادت وزارة التجارة المركز[106]. هذه الآلية نفسها اتُّبِعَت في "مول ماسا بلازا" في المالكي، عندما سلّمته محافظة دمشق للقطان بغياب ممثّل شركة حكيم إخوان صاحبة عقد الاستثمار السابق[107].
في حزيران 2018، حصل القطان على عقد استثمار فندق الجلاء في دمشق، مقابل مليارين و250 مليون ليرة سورية (5 ملايين دولار) سنوياً ولمدة 45 عاماً[108]. المشروع الذي يتضمّن تشييد فندق 5 نجوم مع فعالياته الخدماتية[109]، ستنفّذه شركة مروج الشام التابعة للقطان خلال 4 أعوام، اعتباراً من تاريخ منح رخصة البناء[110].
هذا ويبدو أحد مصادر ثروة القطان مرتبطاً بأنشطةٍ تجاريةٍ غير شرعية، في فترة حصار الغوطة الشرقية. ففي تشرين الأول 2017، دار الحديث عن اتفاقٍ بين القطان وقوات النظام، بقيمة 10 مليارات ليرة سورية (22.2 مليون دولار)، لإدخال 5 آلاف طنّ من المواد الغذائية إلى الغوطة الشرقية المُحاصرَة آنذاك، لتصبح الإتاوة المفروضة على كل كيلوغرامٍ من المواد الغذائية حوالى ألفَي ليرة سورية (4.4 دولار)[111].
إزالة الأنقاض: محمد حمشو
تشكّل تجارة الردميات وعمليات ترحيل الأنقاض وفرزها لإعادة تدويرها، أهمّ الأعمال التي يتناوب عليها عشرات المقاولين، حتى أن معارك عنيفةً قد تندلع أحياناً بين ميليشياتٍ عسكريةٍ يموّلها رجال أعمال النظام، نتيجة الصراع على الأنقاض[112].
منذ منتصف العام 2018، أُعِدَّت المنطقة الصناعية في القابون، في دمشق، بعد أن استعادتها قوات النظام، للتنظيم وبالتالي الهدم. لكن صناعيّي المنطقة رفضوا قرار تنظيمها، وامتنعوا عن نقل أعمالهم إلى مدينة عدرا الصناعية. فقام محمد حمشو، رجل الأعمال المعروف بزيارتهم ناقلاً لهم رسالةً بضرورة التحضير للانتقال، ومؤكّداً عدم منحهم موافقاتٍ لترميم منشآتهم المُدمَّرة[113]. وكانت ورشات تابعة لحمشو بدأت بعمليات هدم الأبنية وترحيل الأنقاض من القابون ومدينتها الصناعية، قبل أن تتم إزاحتها لصالح ورشات اللواء رياض شاليش[114].
ومحمد حمشو رجل أعمال برز، منذ العام 2000، في قطاعات العقارات، والاتصالات، والفنون، والتجارة، والإعلام، ويشغل حالياً منصب أمين سرّ غرفة تجارة دمشق، وأمين سرّ اتحاد غرف التجارة السورية، وعضو مجلس الشعب عن دمشق. وهو خاضع للعقوبات الأميركية منذ العام 2011[115]، وقد استطاع رفع العقوبات الأوروبية عنه أواخر العام 2014، قبل أن يُعاد فرضها في العام 2015[116]. حصلت شركته جوبيتر للاستثمار في العام 2017، على عقدَين بقيمة 1.4 مليون دولار من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لتنفيذ أعمال بناء وصيانة وخدمات[117]. حمشو هو أيضاً رئيس مجموعة حمشو الدولية الخاضعة للعقوبات، ورئيس مجلس الأعمال السوري الصيني. ويُقال في أوساط رجال الأعمال السوريين إنه مسؤولٌ عن إدارة استثمارات ماهر الأسد. ويتشارك حمشو في شركته الشهباء للاتصالات مع خالد قدور، أحد المساعدين الاقتصاديّين لماهر الأسد، بنسبة 33.5 في المئة[118].
يُذكَر أن مليشيا مسلّحة يموّلها حمشو كانت استولت بالقوة، مطلع العام 2017، على معمل الكابلات الكهربائية في ضواحي دمشق، التابع لرجل الأعمال عماد غريواتي المغضوب عليه من قبل النظام. ولم تنسحب المليشيا من الموقع إلا بعدما تدخل سامر فوز، الذي سرعان ما اشترى المعمل من غريواتي[119].
أما أبرز مناصب حمشو، فكانت رئاسته القصيرة للمجلس السوري للمعادن والصلب المُؤسَّس في العام 2015[120]، والذي تمتّع بحقّ التملّك، والبيع والشراء، والتقاضي، والرهن، وقبول التبرّعات والهبات، وعقد القروض[121]، إضافةً إلى تنظيم أسعار بيع وشراء المعادن والصلب في السوق، وحماية هذه الأخيرة[122]. لكن المجلس أُلغي في آب 2016، من دون توضيح الأسباب[123]، ما قد يشير إلى وجود صراعٍ بين جهاتٍ متنافسةٍ ضمن قطاع التعدين السوري.
قد يعود أيضاً سبب تعيين حمشو القصير في ذلك الموقع، إلى أنه يملك شركة سوريا للصناعات المعدنية[124]، وإليها يُنقَل جزءٌ من الحديد المُستخرَج من الردميات، وفق عقود ترحيلٍ مع المكتب الاقتصادي للفرقة الرابعة[125]، إن كان من مدينة القابون الصناعية أو غيرها من مناطق التنظيمات. هذا علماً أن قانون إزالة أنقاض الأبنية المتضرّرة[126]، أتاح لمتعاقدين ورجال أعمال دخول هذا الميدان الاقتصادي وسط منافسةٍ قويةٍ تدعمها الميليشيات النافذة على الأرض، في ظلّ شكوكٍ حول تغيير طبيعة المناطق المُعرّضة للهدم والترحيل، والتلاعب بإثباتات ملكيّتها[127].
يُعَدّ محمد حمشو حالياً الوجه الاقتصادي السوري الأبرز لمخاطبة وجذب رجال الأعمال السوريين والأجانب في الخارج. فهو كان على رأس الوفود الاقتصادية السورية التي زارت مؤخّراً طهران، والأردن، والإمارات العربية، حيث يُعتقَد أنه اضطّلع بدورٍ لتذليل الصعوبات أمام شركاء اقتصاديّين خارجيّين مُحتمَلين في مرحلة إعادة الإعمار[128]. في زيارة حمشو الأخيرة إلى أبو ظبي في الإمارات العربية، رافقه وفد رجال أعمال سوريين، كان أبرزهم وسيم القطان. وعرض الوفد تجربة "شركة دمشق الشام القابضة" للتعريف بمناخ الاستثمار السوري والقانون الجديد، أمام رجال الأعمال الإماراتيين، بغرض تحفيزهم لاستكمال أعمالهم المتوقفة في سوريا، أو البدء باستثمارت جديدة[129].
تشير حالتا القطان وحمشو، وهما من خارج إطار المستثمرين في "ماروتا سيتي"، إلى استمرار الغموض حول الخلفية الاستثمارية ومصدرها، كما في حالة القطان، وحول شرعية الأعمال وارتكازها إلى اقتصاد الحرب، كما في حالة حمشو. ويشي ارتقاء القطان السريع، وفوزه باستثمار أكثر العقارات ريعيّةً في دمشق، ولو على حساب أحكام القضاء، بشكلٍ عدوانيّ من الزبائنية المُفرَطة. أما حمشو، وإن كان يمثّل نوعاً من الاستمرارية لزبائنية ما قبل الحرب، فقد انتقل إلى شكلٍ جديدٍ من الأعمال، تدعمه قوّةُ ميليشيا مسلّحة حيناً، وعلاقاتٌ واسعةٌ بميليشيات النظام في تجارة الأنقاض أحياناً أخرى.
خاتمة
قد تكون لرجال الأعمال الجدد في دمشق مصالح اقتصاديةٌ حقيقية، إلا أنهم يمثّلون زبائنيةً يحظون فيها بوصولٍ كبيرٍ إلى مصادر الثروة، والمشاريع الأكثر ربحيّة، والتسهيلات المصرفية، وتُسخَّر فيها قدرات مؤسسات الدولة لصالحهم. هذه الزبائنية هي أشبه بعلاقةٍ غير شرعيةٍ بين القطاعَين العام والخاص، علاقة مبنيّة على المحاباة والاحتكار بين رجال الأعمال ورجال الدولة، مقابل حصّةٍ تزيد أو تنقص من الأرباح.
إن هذا النوع من الزبائنية في الاقتصاد السوري القائم على الريع العقاري، يتركّز اليوم تركُّزاً أساسياً في مشاريع إعادة الإعمار، كما يظهر في "ماروتا سيتي". فالمُقرَّبون من النظام يحظون بعقودٍ مُغرية، على الرغم من الشكّ في قدرتهم على تنفيذها. وتحوّلُ بعض رجال الأعمال المشكوك في مصادر ثرواتهم، إلى أبرز المستثمرين في قطاع العقارات، يشير إلى احتمال قيامهم بوظيفةٍ مزدوجةٍ، حيث هم رجال أعمال، وفي الوقت نفسه مدراء تنفيذيّون للأعمال الاقتصادية العائدة إلى أقطاب السلطة في النظام.
لكن العقوبات الأوروبية الأخيرة بحقّ رجال أعمال "ماروتا" وشركاتهم، قد تتسبّب باختفاء هذه الوجوه الجديدة من المشهد الاقتصادي بعد فترةٍ قصيرة، على غرار ما حدث بعد العام 2011، نظراً إلى انتفاء الجدوى من دورها الوظيفي إثر عرقلة العقوبات لأعمالها. لذا، قد يسعى النظام إلى إنتاج شريحةٍ جديدةٍ من رجال الأعمال المُقرَّبين منه، وذلك من خارج الأسماء الموضوعة مؤخّراً على قائمة العقوبات. وإن تمّ هذا الأمر، فسيكون أشبه بتبديل النظام للمدراء التنفيذيّين، مقابل استمرار الأعمال في "ماروتا" وغيرها.
[1] محمود اللبابيدي: باحث سوري يعمل ضمن المشروع البحثي "زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا" في برنامج مسارات الشرق الأوسط، والذي يشرف عليه مركز روبرت شومان للدراسات العليا بالجامعة الأوروبية في فلورنسا. يركز عمله على اقتصاد الحرب في سوريا، ومناطق سيطرة النظام.
[2] "سيريا ريبورت" (2018) "شركات إماراتية تظهر اهتماماً متزايداً في سوريا"
(UAE Companies Showing Growing Interest in Syria)، 24 كانون الأول، https://goo.gl/B15ZRz
[3] "سيريا ريبورت" (2018) "دمشق الشام القابضة تحوز على أراض، وتسعى إلى جذب مستثمرين أجانب لمشروع ’ماروتا سيتي ‘" (Damascus Cham Holding Acquires Lan, Seeks to Attract Foreign Investors for its Landmark Marota City Project)، 17 كانون الأول، https://goo.gl/NXvMqA
[4] عنب بلدي (2019) "برئاسة محمد حمشو.. رجال أعمال سوريون يزورون الإمارات"، 11 كانون الثاني، https://goo.gl/YwHeVT
[5] مجلس الاتحاد الأوروبي (2019) "سوريا: الاتحاد الأوروبي يضيف 11 رجل أعمال وخمسة كيانات إلى قائمة العقوبات"
(Syria: EU adds eleven businessmen and five entities to sanctions list)، 21 كانون الثاني، https://goo.gl/NwMgJD
[6] مجلس الشعب السوري (2012) "المرسوم التشريعي 66 لعام 2012 إحداث منطقتين تنظيميتين في نطاق محافظة دمشق"، 18 أيلول، https://goo.gl/mH3KMr
[7] سانا (2017) "مشروع تنظيم 66 خلف الرازي.. تجربة رائدة على طريق إعادة الإعمار"، 26 كانون الأول، https://goo.gl/3iuK5a
[8] ضاهر، جوزيف (2018) "المرسوم 66 وتأثيره على التوسّع الوطني"
(Decree 66 and the Impact of its National Expansion)،” أتلانتك كاونسيل “، 7 آذار، https://goo.gl/ZfoLXs
هيومان رايتس ووتش (2018)، "سؤال وجواب: قانون الملكية السورية الجديد" (Q&A: Syria’s New Property Law)، 29 أيار، https://goo.gl/VXGMo1
يحيَ، مهى (2018) "إعادة الإعمار كسلاح"، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 14 أيار، https://goo.gl/43MfYY
[9] رولينز، توم (2017) "المرسوم التشريعي 66: مخطط الأسد لإعادة بناء سوريا؟"، إيرين، 20 نيسان، https://goo.gl/JuZYvR
[10] سانا (2015) "الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بجواز إحداث شركات سورية قابضة مساهمة مغفلة خاصة"، 3 أيار، https://goo.gl/qxL2s4
[11] مع أن تكلفة الأبنية السكنية البديلة في المنطقتَين التنظيميّتَين هي وحدها 450 مليار ليرة سورية (مليون دولار). الاقتصادي (2013) "تكلفة مشروع إنشاء الأبنية البديلة في المنطقتين التنظيميتني بدمشق 450 مليار ليرة وستؤمن 400 ألف فرصة عمل"، 27 تموز، https://goo.gl/npQbKP
[12] سمير، بشرى (2018) "مليار و100 مليون موازنة محافظة دمشق للعام الحالي"، تشرين، 31 آذار، https://goo.gl/kgmSjy
[13] دمشق الآن (2018) "محافظة دمشق: العشوائيات تستنزف أكثر من نصف ميزانية المحافظة.. وتشكل عبئاً تخديمياً"، 15 تشرين الأول، https://goo.gl/pAo38x
[14] رئاسة مجلس الوزراء (2016) "القانون 5 لعام 2016 حول التشاركية بين القطاعين العام والخاص"، 10 كانون الثاني، https://goo.gl/cJC5Xs
[15] مقابلة أجراها الباحث مع اقتصادي سوري، في أيار 2018.
[16] سانا (2016) "برأسمال 60 مليار ليرة محافظة دمشق تطلق شركة دمشق الشام القابضة"، 17 كانون الأول، https://goo.gl/74fszC
[17] أحمد، مالك (2018) "دمشق الشام القابضة عجز أم التفاف؟"، قاسيون، 6 أيار، https://bit.ly/2HuQ2Vr
[18] يضمّ أربعة أعضاء مُنتخَبين من قبل مجلس محافظة دمشق، وأربعة مُعيَّنين من قبل المحافظ.
[19] سانا (2018) "مرسوم بانهاء تعيين بشر الصبان محافظاً لدمشق وتعيين عادل العلبي بدلاً منه"، 26 تشرين الثاني، https://goo.gl/o99dky
[20] الاقتصاد اليوم (2016) "ماذا يجري مع محافظ دمشق؟"، 25 تشرين الثاني، https://goo.gl/inEPgE
[21] مقابلة أجراها الباحث مع صحفي من دمشق، في آذار 2019.
[22] الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي (2016) "تطبيق قرار المجلس 1897/2016"
(Council Implementing Decision (CFSP) 2016/1897، 28 تشرين الأول، https://goo.gl/LhTqgE
[23] إيرنا (2017) "محافظ دمشق: مستعدون لاستقبال الزائرين الإيرانيين في مدة أقصاها 3 شهور"، 13 تشرين الثاني، https://goo.gl/hrgZWD
[24] علي، ناصر (2015) "محافظ دمشق: مسيرة حافلة بالبطش وطمس الملامح السنّية لدمشق"، أورينت نت، 18 نيسان، https://goo.gl/nGjzcp
[25] المقابلة السابقة.
[26] رئاسة مجلس الوزراء (2018) "القانون رقم 10 لعام 2018"، 2 نيسان، https://goo.gl/QNQfKV
[27] سانا (2018) "الرئيس الأسد يصدر قانوناً بتعديل بعض مواد القانون 10 لعام 2018"، 11 تشرين ثاني، https://goo.gl/tKKb4g
[28] جاء قانونا الاستملاك والمصادرة 60/1979 و20/1983 على خلفية ما يُعرَف بأحداث الثمانينيات في سوريا، التي بدأت كانتفاضة شعبية وسرعان ما تحوّلت إلى مواجهات عنيفة بين قوات النظام وتنظيم الإخوان المسلمون. وانتهت تلك الحقبة بانتصار النظام بعد تدميرٍ ممنهجٍ لمدينة حماة وأحياء في حلب، ما تسبّب بمقتل عشرات آلاف السوريين. قوانين المصادرة جاءت لتكريس انتصار حزب البعث على خصومه، ومصادرة ملكيّاتهم.
[29] مبادرة الإصلاح العربي (2018) "قانون 10 حول إعادة الإعمار: قراءة قانونية لاستملاك جماعي منظم"، 28 حزيران، https://goo.gl/AF9FEj
[30] إعمار سوريا (2018) "شركات روسية عملاقة تستعد لتشييد ناطحات سحاب في ماروتا سيتي"، 14 كانون الأول، https://goo.gl/M1aVu6
[31] مجلس الشعب السوري (2012) "المرسوم التشريعي 66 لعام 2012 إحداث منطقتين تنظيميتين في نطاق محافظة دمشق"، 18 أيلول، https://goo.gl/mH3KMr
[32] مقابلة أجراها الباحث مع مصدر خاص، في كانون الأول 2018.
[33] الخطيب، مجد (2018) "باسيليا وماروتا: مخططات مدن ثلاثية الأبعاد على ركام دمشق"، المدن، 30 آذار، https://goo.gl/dTT4RN
[34] مقابلة أجراها الباحث مع مصدر خاص، في كانون الأول 2018.
[35] سانا (2018) "الرئيس الأسد يصدر قانوناً خاصاً بإزالة أنقاض الأبنية المتضررة"، 13 شباط، https://goo.gl/GxNHE7
[36] مقابلة أجراها الباحث مع مصدر خاص، في كانون الأول 2018.
[37] فايسبوك (لا تاريخ)، صفحة "تنظيم شرقي المزة"، https://goo.gl/ozfgMU؛ وفايسبوك (2019) "تم اليوم تسديد رسوم نقابة المهندسين كاملة"، صفحة "تنظيم شرقي المزة"، 9 كانون الثاني، https://goo.gl/5rwAmA
[38] سانا (2018) "معالم (ماروتا سيتي) بدأت تتوضح.. ودراسات السكن الجديد باتت جاهزة"، 5 حزيران، https://goo.gl/DXKRFG
[39] فايسبوك (2019) "تسليم دفعة جديدة من بدلات الإيجار"، صفحة "تداول الأسهم في منطقة تنظيم المزة خلف الرازي"، 8 آذار، https://goo.gl/okzaRs
[40] فايسبوك (2018) صفحة "تنظيم شرقي المزة"، 17 كانون الثاني، https://goo.gl/EnJMR6
[41] مدينة مخصّصة للرفاهية كما يصفها موقع "شركة دمشق الشام"، https://goo.gl/ZrrJUo
[42] فايسبوك (لا تاريخ)، صفحة "تنظيم شرقي المزة"، https://goo.gl/cs5MCb
[43] فايسبوك (2018) صفحة "تداول الأسهم في منطقة تنظيم المزة"، 7 كانون الأول، https://goo.gl/UJ5V82
[44] فايسبوك (2018) صفحة "تداول الأسهم في منطقة تنظيم المزة"، 19 تشرين الأول، https://goo.gl/L4YbDG
[45] عبد الجليل، مراد (2018) "تحالف شركات يستحوذ على تنظيمات دمشق"، عنب بلدي، 1 نيسان، https://goo.gl/Dn24dv
[46] حداد، وجيه (2018) "موازنة 2019 السورية: إعادة الإعمار بـ115 مليون دولار"، المدن، 9 تشرين الثاني، https://goo.gl/uEXdzj
[47] "سيريا ريبورت" (2018) "ماروتا سيتي أكثر مشروع استثماري مثير للجدل في سوريا"
(Factsheet: Marota City, Syria’s Most Controversial Investment Project)، 1 حزيران، https://goo.gl/gYRy5n
[48] في مقابلات أجراها الباحث في كانون الأول 2018، قال شهود عيان من المنطقة إنه باستثناء عمليات تسورية الأرض وتمهيدها، وبعض أعمال البنى التحتية المشتركة، لم تشهد المنطقة إعماراً حقيقياً بعد مضيّ سنتَين على توقيع العقود الأولى.
[49] الاقتصادي (2018) "دمشق القابضة وبنك البركة يبحثان إطلاق أول شركة تمويل عقاري"، 8 شباط، https://goo.gl/xG8eL7
[50] مقابلة أجراها الباحث مع رجل أعمال سوري، في نيسان 2018.
[51] المقابلة السابقة.
[52] مقابلة أجراها الباحث مع محلّل اقتصادي سوري، في كانون الأول 2018.
[53] شركة دمشق الشام القابضة (لا تاريخ)، "أمان دمشق"، https://goo.gl/T5zu4J
[54] "سيريا ريبورت" (2017)، "سامر فوز يحصل على حقوق بمئات ملايين الدولارات في بساتين الرازي"
(Samer Foz Acquires Rights over Hundreds of Millions of Dollars in Basatin Al-RaziProject)، 21 تشرين الثاني، https://goo.gl/heCwf2
[55] شركة دمشق الشام القابضة، "شراكة .. تبني وطن"، https://goo.gl/aVPGhu
[56] شركة دمشق الشام القابضة، "اجتماع الهيئة التأسيسية لشركة المطورون"، https://goo.gl/7hgjW2
[57] الاقتصادي (2019)، "المطورون تحصل على الموافقة لتصميم برجها التجاري في ماروتا سيتي"، 2 كانون الثاني، https://goo.gl/JHHgvp
[58] شركة دمشق الشام القابضة (لا تاريخ)، "دمشق الشام القابضة توقع عقد شراكة مع شركة طلس للتجارة والصناعة بقيمة 23 مليار ليرة"، https://goo.gl/6xizr8
[59] أسّس أحمد جمال الدين ونجله نظام شركة القمة في العام 2018، في حين أن صاحب شركة تميز ليس معروفاً. "سيريا ريبورت" (2018)، "ماروتا سيتي أكثر مشروع استثماري مثير للجدل في سوريا"
(Factsheet: Marota City, Syria’s Most Controversial Investment Project)، 1 حزيران، https://goo.gl/gYRy5n
[60] شركة دمشق الشام القابضة (لا تاريخ)، "توقيع عقد شركة روافد دمشق المساهمة المغفلة الخاصة"، https://goo.gl/JXwenz
[61] باروت، محمد جمال (2012) العقد الأخير في تاريخ سوريا، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ص 35.
[62] كيالي، مروان (2018) "شركة إماراتية استأنفت بناء روتانا دمشق"، درج، 6 تموز، https://goo.gl/uyTCnT
[63] العبد، علام (2017) "مشروع أبراج سوريا حبر على ورق.."، تشرين، 4 تشرين الأول، https://goo.gl/YRMgwB
[64] "سيريا ريبورت" (2017) "أصول غريواتي جُمّدت لتقييد المستثمرين أكثر"
(Ghreiwati Asset Freeze Likely to Restrain Investors Further)، 17 تشرين أول، https://goo.gl/ALa1qJ
[65] "سيريا ريبورت"، المرجع السابق.
[66] "سيريا ريبورت" (2018) "سامر فوز أقوى رجل أعمال سوري (Samer Foz, Syria’s Most Powerful Businessman)، 19 نيسان، https://goo.gl/4HQTHD
[67] "سيريا ريبورت" (2019) "فوز يستثمر أكثر في القطاع البنكي السوري"
(Foz Invests Further in Syrian Banking Sector)، 8 كانون الثاني، https://goo.gl/qKQCp9
[68] المدن (2019) "سامر فوز.. توسيع الهيمنة على السوق"، 6 كانون الثاني، https://goo.gl/Z59Ruu
[69] "سيريا ريبورت" (2019) "فوز يصبح ثاني أكبر حامل أسهم في الإقراض الإسلامي"
(Foz Becomes Second Largest Shareholder in Islamic Lender)، 22 كانون الثاني، https://goo.gl/Cx1tSo
[70] المدن (2018) "سامر فوز.. مصرفي أيضاً!"، 15 كانون الأول، https://goo.gl/HwyN2n
[71] "سيريا ريبورت" (2018) "فوز يتمدّد إلى المصارف" (Foz Expands into Banking)، 11 كانون الأول، https://goo.gl/VEb3b5
[72] الاقتصادي (2018) "دمشق القابضة وبنك البركة يبحثان إطلاق أول شركة تمويل عقاري"، 8 شباط 2018، https://goo.gl/xG8eL7
[73] الاقتصادي (لا تاريخ)، "مازن سمير الترزي"، https://goo.gl/jpuiMe
[74] قاعدة بيانات "أوفشور ليكس"، https://goo.gl/n4E7hL
[75] عنب بلدي (2017) "رجل أعمال يؤسس شركة طيران خاصة ثالثة في سوريا"، 28 كانون الأول، https://goo.gl/9RzJje
[76] السورية نت (2015) "رجل أعمال مقرب وداعم للنظام يطلق حملة ’راجعين يا سورية ‘"، 29 نيسان، https://goo.gl/rGqebk
[77] الاقتصادي (لا تاريخ) "الشركة الوطنية للطيران"، https://goo.gl/vFZyB5
[78] "سيريا ريبورت" (2018) "سوريا تعطي ترخيص شركة طيران جديدة" (Syria Grants New Airline License – Report)، 9 كانون الثاني، https://goo.gl/Vw3dAo
[79] الاقتصادي (2018) "الترزي يشارك بتأسيس شركة لانشاء واستثمار المطاعم"، 16 أيلول، https://goo.gl/EK89MP
[80] "سيريا ريبورت" (2018) "مستثمر سوري يوقع عقداً في مشروع بساتين الرازي"
(Syrian Investor Signs Deal Over Basatin Al-Razi Project)، 16 كانون الثاني، https://goo.gl/e2hYV4
[81] توليدو (لا تاريخ) "قصتنا"، https://goo.gl/TMnbTb
[82] الاقتصادي (لا تاريخ) "حيان قدور"، https://goo.gl/pXy4Ps
[83] الاقتصادي (2017) "المصادقة على النظام الأساسي لشركة أكسيد للتنمية والاستثمار"، 22 تشرين الأول، https://goo.gl/rzE1YQ
[84] "سيريا ريبورت" (2018) "دمشق الشام القابضة توقع عقداً جديداً مع مستثمرين"
(Damascus Cham Holding Signs New Deal with Investors)، 13 شباط، https://goo.gl/jmtNYp
[85] الاقتصادي (لا تاريخ) "محمد نذير جمال الدين"، https://goo.gl/ri5pHU
[86] دام برس (2011) "مجلس الأعمال السوري العماني يعقد اجتماعه التأسيسي الأول"، 9 كانون الثاني، https://goo.gl/PCQEzU
[87] "سيريا ريبورت" (2013) "رامي مخلوف يتنازل عن حصصه في سيريتل لكيان جديد مكرس للعمل الخيري"
(Rami Makhlouf Surrenders Syriatel Shares to New Entity Dedicated to Charity)، 11 آذار، https://goo.gl/wtKxTR
[88] "سيريا ريبورت" (2011) "الولايات المتحدة تعلن عقوبات على رئيس الشام القابضة"
(US Announces Sanctions on President, Cham Holding)، 19 أيار، https://goo.gl/UVWCqb
[89] "سيريا ريبورت" (2015) "تأكيد تفاصيل ترخيص ’سيريَتل’ و’أم تي أن’"
(Details on Syriatel and MTN-Syria Licenses Confirmed)، 18 أيار، https://goo.gl/tBhigV
[90] "سيريا ريبورت" (2018) "ترخيص شركات الطيران للحدّ من المنافسة"
(Airlines Licensing Rules to Limit Competition)، 4 أيلول، https://goo.gl/knDBYg
[91] كيالي، مروان (2018) "خطة للاستيلاء على مدخرات الفقراء: ’شركة نور’ لرامي مخلوف"، المدن، 27 آب، https://goo.gl/wsPLbQ
[92] الاقتصادي (2011) "جمعية البستان الخيرية تدرس خطة وضع أرباح رامي مخلوف في العمل الخيري"، 1 أيلول، https://goo.gl/15RvkK
[93] روزنة (2017) "واشنطن: عقوبات جديدة على أشخاص وكيانات مرتبطين بالنظام"، 17 أيار، https://goo.gl/pDBwjd
[94] الشرق الأوسط (2015) "’جمعية البستان’: ’ميليشيا مسلحة’ تنشط تحت قناع عمل الخير في السويداء"، 30 أيار، https://goo.gl/YTcCw4
[95] محطة أخبار سوريا (2018) "اللجنة الحكومية الخاصة تقف على العقبات وتوجه بحلها"، 12 أيلول، https://goo.gl/9m6ifV
[96] مقابلة أجراها الباحث مع خبير اقتصادي سوري، في كانون الأول 2018.
[97] صُمّم "مجمّع يلبغا" بالأصل ليضمّ مركزاً ثقافياً ومعهداً إسلامياً، ولم تستطع مؤسسة الإنشاءات العسكرية من استكماله لمشاكل تقنية ومالية، فظلّ على حاله مذّاك الحين، على الرغم من تقديم وزارة الأوقاف مناقصاتٍ عدّةً لاستثماره على مرّ السنوات الماضية.
[98] المدن (2019) "’مجمع يلبغا ‘ بيد وسيم القطان: صفقة مشبوهة أخرى"؟، 13 كانون الثاني، https://goo.gl/ByYUZ6
[99] تُعَدّ وزارة الأوقاف من أغنى الوزارات في سوريا بما تملكه من عقاراتٍ ورثتها عن أملاك الأوقاف التاريخية. وهي تسعى كما غيرها من الوزارات، إلى استثمار عقاراتها لإدخال مزيدٍ من الموارد المالية إليها. مقابلة أجراها الباحث مع باحث اقتصادي، في كانون الثاني 2019.
[100] إعمار سورية (2019) "بمتوسط استثمار سنوي 1.7 مليار ليرة مجمع يلبغا رسمياً باستثمار وسيم القطان"، 10 كانون الثاني، https://goo.gl/ThbQs6
[101] الحاج علي، مهند (2018) "لماذا يُلاحق الأسد رجال أعماله"، المدن، 1 حزيران، https://goo.gl/VcKs1K
[102] مقابلة أجراها الباحث مع ناشط ميداني من دمشق، في كانون الثاني 2019.
[103] الصالحاني، رائد (2019) "روسيا تُعيد هيكلة قوات النظام: حان وقت التقاعد!"، المدن، 12 كانون الثاني، https://goo.gl/3w7nhZ
[104] الاقتصادي (لا تاريخ)، "اتحاد غرف التجارة السورية"، https://goo.gl/6yors3
[105] "سيريا ريبورت" (2017) "الحكومة ترى العقارات كمصدر أساسي للريع المالي الإضافي"
(Government Sees Real Estate as Key Source for Additional Fiscal Revenues)، 26 أيلول، https://goo.gl/xJBLYV
[106] السورية نت (2017) "’الغربي ‘ ينجح بمعركة مول قاسيون"، 19 حزيران، https://goo.gl/rAi2n4
[107] الاقتصادي (2018)، "وسيم قطان رفع أجارات أملاك الدولة يدخل مليارات الليرات للخزينة"، 23 آب، https://goo.gl/YfcGdn
[108] اقتصاد مال وأعمال السوريين (2018) "وسيم القطان يبدد أمواله أم يستثمرها؟"، 7 حزيران، https://goo.gl/PQMGS1
[109] صاحبة الجلالة (2018) "وداعاً فندق الجلاء"، 18 آذار، https://goo.gl/RWLsuo
[110] الاقتصادي (2018) "وسيم القطان يفوز بفندق الجلاء"، 19 أذار، https://goo.gl/F9utzg
[111] المنجد، هادي (2017) "الغوطة الشرقية ما بين حصار الأسد والأتاوات"، أورينت، 16 تشرين الأول، https://goo.gl/9i8LBx
الصالحاني، رائد (2017) "الغوطة الشرقية الطريق التجاري لتشغيل معامل المنفوش"، المدن، 24 تشرين الأول، https://goo.gl/q9JcBm
[112] الصالحاني، رائد (2016) "صراعات ’مُعفشي’ البلاستيك والحديد.. برعاية ’الفرقة الرابعة ‘"، المدن، 6 تشرين ثاني، https://goo.gl/BS31UP
[113] كيالي، مروان (2018) "محمد حمشو: عندما يتحدث ماهر الأسد بالاقتصاد"، المدن، 3 تشرين ثاني، https://goo.gl/HFzR76
[114] الصالحاني، رائد (2018) "حين استخدم النظام الحرب لهدم القابون"، المدن، 26 تشرين أول، https://goo.gl/PK2y7p
[115] وزارة الخزانة الأميركية (2011)، "الخزانة تعاقب رجل أعمال سوري بارز"
(Treasury Sanctions Prominent Syrian Businessman)، 8 نيسان، https://goo.gl/HKZ7gJ
[116] "سيريا ريبورت" (2015) "حمشو، أيمن جابر على القائمة السوداء الأوروبية مجدداً" (Hamsho, Ayman Jaber Blacklisted Again by the EU)، 2 شباط، https://goo.gl/NFvC3w
[117] فوروهار، كامبيز (2017) "كيف حصل حلفاء الأسد على 18 مليون دولار من الأمم المتحدة"
(How Assad’s Allies Got $18 Million From the UN)، "بلومبرغ بزنس ويك"، 1 آب، https://goo.gl/r2q64J
[118] "سيريا ريبورت" (لا تاريخ)، "الشهباء للاتصالات" (Al-Shahba Telecommunications)، https://goo.gl/xfg8H5
[119] "سيريا ريبورت" (2017) "مستثمرون نافذون يُدفَعون إلى بيع أصولهم"
(Influential Investors Pushed to Sell their Syrian Assets)، 13 حزيران، https://goo.gl/1Jz3SE
[120] أخبار الاقتصاد السوري (2015) "يديره محمد حمشو.. مجلس سوري للحديد والصلب"، 16 كانون الأول، https://goo.gl/njap2o
[121] الاقتصادي (2015) "إحداث المجلس السوري للمعادن"، 17 كانون الأول، https://goo.gl/3qpj72
[122] اليازجي، جهاد (2015) "اقتصاد سوريا بيد رجال أعمال النظام"، العربي الجديد، 28 كانون الأول، https://goo.gl/38SzhB
[123] سانا (2016)، "مجلس الوزراء يلغي بعض المجالس العليا والخاصة"، 2 آب، https://goo.gl/7HRGFb
[124] موقع شركة سوريا للصناعات المعدنية https://goo.gl/N8A61N
[125] مقابلة أجراها الباحث مع صحفي متخصّص بالاقتصاد من دمشق، في كانون الثاني 2019.
[126] رئاسة مجلس الوزراء (2018) "القانون رقم 3 لعام 2018 الخاص بإزالة الأبنية المتضرّرة"، 12 شباط، https://goo.gl/9ESNqT
[127] مقابلة أجراها الباحث مع صحفي متخصّص بالاقتصاد من دمشق، في كانون الثاني 2019.
[128] كيالي، مروان (2018) "محمد حمشو: عندما يتحدث ماهر الأسد بالاقتصاد"، المدن، 3 تشرين ثاني، https://goo.gl/HFzR76
[129] الاقتصادي (2019) "60 رجل أعمال سوري في ملتقى القطاع الخاص الإماراتي السوري"، 20 كانون الأول، https://goo.gl/Tn3FSZ